Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مقتل جزائري في بلجيكا يستعيد صرخة "لا أستطيع التنفس"

"يجب تصنيف الحادثة في خانة العنصرية حتى يثبت العكس"

 الشاب الجزائري أكرم يلفظ أنفاسه على يد الشرطة البلجيكية (مواقع التواصل الاجتماعي)

غضب شعبي في الجزائر بعد مقتل أحد أبناء الجالية المقيمة في بلجيكا على يد الشرطة، إذ تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي شريط فيديو يصوّر عملية توقيف الشاب الجزائري أكرم، فقارن كثيرون الحادثة بما تعرّض له الأميركي جورج فلويد، غير أن التعاطي "البائس" مع وفاة أكرم، مقارنة بفلويد، زاد الاحتقان الذي بلغ حدّ الدعوة إلى الاحتجاج أمام السفارة البلجيكية في الجزائر.

وفاة غامضة

توفي الشاب الجزائري رضا عبد الرحمن قادري، المدعو أكرم، البالغ من العمر 29 سنة، بعد توقيفه من قبل رجال الشرطة في إحدى مدن شمال بلجيكا، بطريقة غامضة، إذ لفظ أنفاسه بعد وصوله إلى المستشفى.

وأوضحت الشرطة البلجيكية في تصريحات إعلامية، أن عناصر الأمن تدخّلوا بعد قيام الشاب بمهاجمة أشخاص في مقهى وسط مدينة أنتويرب وتخريب أثاث المقهى، بينما ذكر مكتب الادّعاء العام في المدينة، أن ضباط الشرطة اضطُروا إلى تقييد الشاب، وأنه في لحظة معينة أصبح في وضع صحي غير طبيعي، وتبعاً لذلك وصلت أجهزة الطوارئ، ليُنقل إلى المستشفى في حالة حرجة ولفظ أنفاسه الأخيرة بعد وصوله بساعات.

أما والدة الشاب زليخة زيتوتي، فكشفت عن أن ابنها كان محترماً ومحبوباً ومحبّاً للحيوانات، وكان سعيداً وفي صحة جيدة، والتقته ليلة الحادثة وتناولت العشاء معه برفقة خطيبته. وفي اليوم التالي، أُبلغت أنه في العناية المركزة بالمستشفى، ولاحقاً أخبرتها السلطات بوفاته، مؤكدةً أن وفاة ابنها لم تكن طبيعية ولها علاقة بخلفية عنصرية.

عنصرية حتى يثبت العكس

في المقابل، شدّد البرلماني المكلّف بالجالية الجزائرية في الخارج نور الدين بلمداح، في تصريح مقتضب لـ"اندبندنت عربية"، على أن تصرّف القوات الأمنية البلجيكية مع أحد الرعايا الجزائريين الذي لقي حتفه، يجب تصنيفه في خانة العنصرية حتى يَثبُت العكس.

كما أوضح أستاذ الحقوق سليمان شرقي أنّ جريمة من هذا النوع وبهذه الطريقة، هي جريمة عنصرية إلى أن يُثبِت التحقيق القضائي المستقلّ العكس، مشيراً إلى أن الشاب بحسب والدته، شخص سوي وليس عنيفاً ومتهوّراً كما  وصفته الشرطة لتبرير فعلتها، إضافةً إلى أن الصور المسرّبة تُثبِت وجوده منفرداً أي أنه كان بالإمكان السيطرة عليه حتى على افتراض أنه كان فعلاً في حالة هيستيرية.

وختم في تصريح لـ"اندبندنت عربية" أنه لا يمكن استبعاد السمة العنصرية للحادث، وإن كان يصعب إثبات ذلك بالنظر إلى التستًر الذي أبدته الشرطة المحلية وجملة التلفيقات التي كالتها له أو نُسبت إلى وضعه الصحي.

تحرك جزائري على أعلى مستوى

من جهة ثانية، أوضحت وزارة الخارجية الجزائرية أن السلطات العليا في البلاد تتابع باهتمام بالغ ملف الوفاة، إذ أعطت تعليمات إلى السفارة والقنصلية العامة في بروكسل لمساعدة عائلة الفقيد ومرافقتها، مشيرةً الى أن الجزائر تسهر على تسليط الضوء على هذا الملف وكشف ملابساته. وقالت إنّ هناك اتصالاً مستمراً مع عائلة الفقيد والسلطات الإدارية والأمنية والقضائية في بروكسل، وختمت أن "مصالحنا الخارجية معبّأة لمتابعة تطوّرات الملف ومسار التحقيقات للكشف عن ظروف وفاة الشاب أكرم".

في السياق ذاته، أبرز السفير الجزائري لدى بلجيكا عمار بلاني في تصريحات إعلامية، أن "هناك عناصر في القضية ينبغي توضيحها. في الوقت الحالي من الصعب التعليق على تدخّل ضباط الشرطة والظروف الدقيقة التي اعتُقل خلالها المواطن الشاب أكرم"، مؤكداً أن السفارة الجزائرية تراقب التطوّرات عن كثب.

وأردف "آمل في أن تلقي مقاطع الفيديو، بما في ذلك تلك التي يتم تداولها على الشبكات الاجتماعية، ومراجعتها مع نتائج تشريح الجثة، الضوء على نقاط هذه القضية".

رفض كل تجاوز في حق المغتربين الجزائريين

في المقابل، يرفض مصطفى طيبي، نائب رئيس فيدرالية الجزائريين في المملكة البلجيكية، تصنيف حادثة مقتل "أكرم" في خانة العنصرية.

وقال في حديث لـ"اندبندنت عربية"، إن التصريحات متضاربة والعدالة لم تقل كلمتها بعد، و"نحن بمعيّة السفارة والقنصلية، نتابع القضية عن كثب"، مضيفاً أنه "نعيش مشكلات الجالية يومياً، ولا نسمح بأي تجاوز في حق المغتربين الجزائريين مهما كان المبرّر".

وأوضح أنه بكل أمانة "تقوم السفارة والقنصلية بالدور الذي كنّا نتمناه، والدليل على ذلك التحرّكات الميدانية التي يقوم بها القنصل العام كماس ابراهيم".

من جانبه، رأى رئيس جمعية الشباب الجزائري في فرنسا لطفي غرناوط، في حديث لـ"اندبندنت عربية"، أنه على السلطات التعامل بصرامة مع هذه الحوادث، وذلك كان من بين وعود رئيس الجمهورية قبل انتخابه وبعده في ما يتعلّق بحماية الرعايا الجزائريين والجالية كما ينصّ عليه الدستور.

وأشار إلى أن تزامن مقتل "أكرم"، مع الحادثة التي وقعت في الولايات المتحدة وأثارت موجات احتجاجية عارمة ضد التمييز العرقي والعنصرية، أشعل جدلاً كبيراً وساخناً في فرنسا حول تعامل الشرطة مع المهاجرين، إذ سُجّل  إجماع أكبر الوجوه السياسية على أن مصالح الأمن تتعامل بشكل عنصري مع المهاجرين، بخاصة الجالية المغاربية منهم.

وأردف غرناوط أن السفارة في بلجيكا تقوم بدورها، و"نحن متفائلون بوجود تغيير في تعامل الخارجية الجزائرية مع الجالية، بخاصة بعد مواكبة الممثلية الدبلوماسية الجزائرية في مدينة ليون الفرنسية، لعائلة ضحايا الحادث المأساوي الذي أودى بحياة 5 أطفال جزائريين منذ أسبوع، وتكفّلها بنقل الجثامين".

وختم أن هذا الحضور على الرغم من أنه واجب وإنساني، إلّا أنّه يحمل رسائل للدولة المضيفة بأن الجزائر موجودة لمؤازرة رعاياها.

المزيد من العالم العربي