Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الغنوشي يترقب طرح الثقة به والتونسيون ينتظرون التكليف برئاسة الحكومة

"مؤسسات الحكم موغلة في المناكفات السياسية على حساب المشكلات الحقيقية التي تعاني منها تونس"

يستعد الغنوشي لمواجهة جلسة طرح الثقة برئاسته للبرلمان (مواقع التواصل)

بعد جدل استمر لأكثر من أسبوع، إثر تقديم عريضة موقعة من قبل 73 نائباً تونسياً لتعيين موعد لجلسة برلمانية عامة، من أجل التصويت على سحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي، حدد مكتب المجلس مساء الجمعة 24 يوليو (تموز) الحالي، يوم 30 يوليو، موعداً لعقد تلك الجلسة.

وكانت أربع كتل برلمانية (الكتلة الديمقراطية، وكتلة تحيا تونس، وكتلة الإصلاح الوطني، إضافة إلى مستقلّين) تقدّمت بلائحة تطلب سحب الثقة من الغنوشي، قبل أن تنضمّ إليها قائمة نواب "الدستوري الحرّ".


اتهام بالفشل


ويتّهم هؤلاء النواب، راشد الغنوشي بالفشل في إدارة البرلمان والتدخل في السياسة الخارجية، وتجاوز أحكام الدستور، والإدلاء بمواقف سياسية في قضايا دوليّة وإقليمية حساسة، لا تنسجم مع المواقف الرسمية للدولة التونسية، إضافة إلى توظيف إدارة البرلمان لخدمة أغراض حزبية، وتهميش دور أعضاء مكتب المجلس.
وكان الغنوشي اتصل برئيس حكومة الوفاق الوطني، فائز السراج، في مايو (أيار) الماضي، لتهنئته باسترجاع قاعدة الوطية العسكرية من "الجيش الوطني الليبي" الذي يقوده المشير خليفة حفتر.
من جهتها، تتهم كتلة "الدستوري الحر" البرلمانية، "حركة النهضة" الإسلامية بالتلاعب بالقانون عند تأسيسها مباشرةً إثر الإطاحة بنظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي. كما تتهم كتلة "الدستوري الحر"، الحركة التي يتزعمها رئيس البرلمان بالانتماء إلى جماعة "الإخوان المسلمين" المحظورة دولياً، وتقدّمت بلائحة لتصنيف "النهضة" حركة "إرهابية" في بداية يوليو الحالي، إلا أنها لم تمرّ إلى الجلسة العامة.
 

الدستوري الحر لن يفك الاعتصام


من جهة أخرى، أكدت رئيسة كتلة "الدستوري الحر" عبير موسي، أنها لن تفك الاعتصام في البرلمان، حتى تحقيق "مطلب الشعب التونسي" بإزاحة راشد الغنوشي عن رئاسة مجلس النواب".

في المقابل، وعقب اجتماع لمكتب المجلس، صرح الغنوشي أنه "واثق من أنها ستكون لحظة لتجديد الثقة به رئيساً للبرلمان وإعادة تزكيته"، مضيفاً "لم آتِ على ظهر دبّابة لرئاسة البرلمان، بل جئت بالانتخاب، ولست منزعجاً من سحب الثقة مني، لذلك قبلنا إعادة اختبار الثقة".

وبحسب النظام الداخلي للبرلمان (الفصل 51)، يتطلب تمرير لائحة سحب الثقة من رئيس البرلمان، توفّر الغالبية المطلقة من الأصوات (أي 109 من مجموع 217 نائباً) .


تمرين ديمقراطي

وفي وقت يبدو جمع عدد كافٍ من الأصوات للاطاحة بالغنوشي غير مؤمَّن بعد، أكد الصحافي التونسي فطين حفصية لـ "اندبندنت عربية" أن "جلسة سحب الثقة من رئيس البرلمان، تشكل تمريناً ديمقراطياً مهماً في تاريخ الجمهورية الثانية". وأضاف أن "هذا الإجراء يؤشر إلى حالة العطالة التامّة التي يشهدها المجلس، خصوصاً في استكمال ارساء المحكمة الدستورية".

ولم يستحسن حفصية، قرار مكتب مجلس النواب، بأن يكون التصويت لسحب الثقة سرّياً، عملاً بمبدأ توازي الإجراءات، متسائلاً عن صدقية هذه المساءلة الديمقراطية، "من دون شفافية ونقاش عام ومطارحات أمام الرأي العام"، معتبراً أن "سحب الثقة من شخصية رئيس المجلس، عنوان كبير للعلو الديمقراطي"، داعياً إلى أن "تكون الجلسة تحت رقابة الشعب التونسي، الذي أعطى البرلمان شرعيته الكاملة، ومن حقه أيضاً معرفة مَن رفض عملية سحب الثقة ومَن أيّد ومَن تحفّظ".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


جلسة على المقاس
 

وأكد حفصية أن مكتب المجلس سطّر الجلسة العامّة تنظيمياً "على المقاس"، بعدم رفع السرّية عن الجلسة والتصويت، معتبراً أنها "عملية تهدر فرصة مراكمة حق الاختلاف والتقييم السياسي الصريح والواضح".

من جهة أخرى، اعتبر الصحافي التونسي أن "رئيس البرلمان فقد زمام المبادرة، على الرغم من تصريحه المتفائل بأنه سيخوض الاختبار الديمقراطي وسينجح فيه، إلا أن المسألة محرجة جداً سياسياً لشخصه ولحزبه، الذي خسر نقاطاً سياسية كثيرة" كان آخرها تكثف الدعوات لإخراجه من أي حكومة مقبلة على الرغم من أنه الحزب الفائز بأكبر كتلة برلمانية.

وختم حفصية بالتأكيد على أن "ما يحدث في البرلمان اليوم، سيكون محدّداً رئيساً لأي تحالف في التشكيل الحكومي الجديد، وكل تحالف سيتم في هذه الجلسة سيسعى إلى قطع الطريق سياسياً أمام التحالف الآخر لمنعه من المشاركة في الحكومة المقبلة".

ويرى مراقبون أن "حركة النهضة" ستقايض عدداً من النواب والكتل بمغازلتهم بمناصب وزارية أو تموقع محدّد، داخل الحكومة المقبلة، في مقابل عدم التصويت لسحب الثقة من الغنوشي.
 

في انتظار رئيس الحكومة الجديد

ويتزامن هذا الجو السياسي مع ترقب التونسيين، إعلان رئيس الجمهورية، قيس سعيد، عن الشخصية التي ستُكلَف رسمياً بتشكيل الحكومة الجديدة، بعدما قدّمت أحزاب عدة مرشحيها لشَغل المنصب.

وأعلنت رئيسة حزب الدستوري الحرّ، عبير موسي، أن حزبها، لن يصوّت لأي حكومة، تضمّ في تشكيلتها وزراء من حركة النهضة، لافتةً إلى أن حزبها قد يدعم الحكومة الجديدة، من دون المشاركة فيها، شرط خلوّها من النهضويين.

وتؤشر حالة البرلمان ووضع الحكومة المستقيلة، إلى أزمة حكم حقيقية في البلاد، حيث أوغلت مؤسسات الحكم (رئاسة الجمهورية، والبرلمان، والحكومة) في المناكفات السياسية والصراع على الصلاحيات على حساب المشكلات الحقيقية التي تعاني منها تونس وشعبها.

المزيد من العالم العربي