Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ليبيا بين التوافق الدولي والمؤتمر الجامع... هل ينتظرها واقع جديد؟

لم تكن واشنطن وباريس على وفاق طوال السنوات الماضية في شأن الملف الليبي والفاعلون الدوليون اتجهوا نحو المبادرات العربية للبناء عليها

تساؤلات حول إمكان نجاح الجهود الدبلوماسية للوسيط الدولي اللبناني الفرنسي غسان سلامة رئيس البعثة الأممية في ليبيا (أ.ف.ب)

كشفت الزيارة التي أجراها سفير الولايات المتحدة الأميركية لدى ليبيا بيتر بودي وقائد قوات "الأفريكوم" توماس والدهاوسر إلى العاصمة طرابلس، بعد ساعات من زيارة أجراها وزير الخارجية الفرنسية جون إيف لودريان، عن حراك دولي حثيث قد يهيّء ليبيا لواقع سياسي جديد، وعلى الرغم من أن تصريحات الجانبين تشير إلى تقارب في وجهات النظر في شأن التوصل إلى حل في ليبيا بدعم "إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية قبل نهاية هذا العام" وتأكيد "رفض الحلّ العسكري" إلا أن مسار مواقف الدولتين في ما خصّ شكل الحل في ليبيا يثير أسئلة حول حقيقة ما يجري.

المؤتمر الوطني الجامع

وتزيد أهمية الزيارة الفرنسية الأميركية لتزامنها مع إعلان البعثة الأممية للدعم في ليبيا عن موعد انعقاد المؤتمر الوطني الجامع ما بين 14 إلى 16 أبريل (نيسان) المقبل، وهو المؤتمر الذي من المتوقع أن يضع علامة فاصلة سياسية بين أوضاع البلاد الحالية وما سيفرزه من نتائج تنبني عليها مرحلة انتخابات المقبلة لإنهاء مراحل الانتقال السياسي، لا سيما أن تصريحات رؤساء الوفدين الأميركي والفرنسي من طرابلس حملت في طياتها حديثاً عن دعمها عقد المؤتمر الجامع كأساس لوضع الخطوط العريضة للعملية السياسية المقبلة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ليبيا وصراع الجبابرة

واقعياً، لم تكن واشنطن وباريس على وفاق طوال السنوات الماضية في شأن الملف الليبي، فقد سبق أن استقبل دونالد ترمب رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي في أغسطس (آب) الماضي معلناً تأييده التام المقاربة الإيطالية للحل في ليبيا ودعمها عقد لقاء دولي في باليرمو في تحد واضح للجهود الفرنسية التي كانت انتهت لتوها، من عقد لقاء دوليّ في باريس، ما فُهم ببروز مسار جديد أميركي إيطالي، يعارض مسار باريس، توازياً مع سعي واشنطن إلى فرض تعيين سفيرتها ستيفان ويلبامز كنائبة لرئيس البعثة الأممية للدعم في ليبيا في خطوة نحو محاصرة وإفشال الجهود الدبلوماسية للوسيط الدولي اللبناني الفرنسي غسان سلامة رئيس البعثة.

وبينما توقفت زيارة الوفد الأميركي في طرابلس ولقاء رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فايز السراج، واصل الوزير الفرنسي جولته بزيارة قاعدة الرجمة العسكرية للقاء خليفة حفتر القائد العام للجيش الليبي، قبل أن ينتقل إلى تونس للقاء الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي ليعلن عن نتائج زيارته ليبيا، بتأكيد "وجود عناصر انفراج نحو الدفع بالتسوية السياسية في الأجل القريب لا سيما بعد اجتماع أبو ظبي والاجتماع الوزاري الثلاثي في القاهرة".

البعثة الأممية والتوافق الدولي

ويقول مسؤول من دوائر رسمية دبلوماسية وسياسية في طرابلس إن البعثة الأممية كانت تنتظر توافقاً دولياً لضمان نجاح المؤتمر الوطني الجامع، وهو ما حدث أخيراً لتعلن عن تحديد موعده بعد تمكن الجانبين الأميركي والفرنسي من شرح تصورهما للحل للأطراف الرئيسة في ليبيا.

واعتبر المسؤول نفسه أيضاً أن زيارة الوفد الأميركي الذي حضر فيه في شكل رئيس قائد قوات "الأفريكوم" وأحيطت بحجم كبير من التشدد الأمني على غير العادة، مرتبطة بما شهدته البلاد من حالة ترقب وحذر شديدين إثر إعلان القيادة العامة للجيش أرسالها "أرتالاً عسكرية ضخمة" موضحة أنها "ستذهب إلى المكان المعلوم" من دون أن تحدده، لكن قوات حكومة الوفاق المرابطة في سرت أعلنت النفير في صفوفها الأسبوع الماضي مؤكدة وصول مقدمة قوات الجيش إلى جنوب المدينة.

وضع حد للتأثير الفرنسي؟

ويرى المسؤول الليبي أن الزيارة الأميركية لطرابلس جاءت لوضع حد للتأثير الفرنسي في مجريات الأوضاع الحالية وعدم انفرادها بمقاليد الأمور، إذ إن دخول قوات الجيش سرت يعني وجوداً فرنسياً في الظل بسبب العلاقة المتينة بين حفتر وباريس، وفق المسؤول. واعتبر في سياق متصل، أن واشنطن لا توافق على وقوع كامل منطقة وسط البلاد الغنية بالنفط خارج سيطرة حكومة الوفاق التي تلقت قواتها أثناء قتالها تنظيم "داعش" في العام 2016 دعماً جوياً كثيفاً قدمته قوات "الأفريكوم" لتعزيز سيطرة قوات الحكومة على المدينة.

رسائل الزيارة

ويبدو أن الرسائل التي حملتها الزيارة الأميركية كثيرة، ففي ما يشبه تحذيراً للجيش من دخول العاصمة بقوة السلاح، أعلن السفير الأميركي بيتر بودي تقديم بلاده لحكومة الوفاق منحة مالية لشراء أسلحة لتعزيز قدرة وزارة داخلية الحكومة على فرض الأمن في العاصمة.

وبينما لم تنكشف في شكل واضح ملامح التوافق الدولي الذي كانت تنتظره البعثة الأممية لضمان نجاح نتائج المؤتمر الجامع، يبدو أن الفاعلين الدوليين اتجهوا نحو المبادرات العربية للبناء عليها، فتأكيد لودريان أن "الانفراج" الحالي جاء "بعد اجتماع أبو ظبي والاجتماع الوزاري الثلاثي العربي في القاهرة" ما يعني إفساح المجال لحوار ليبي ليبي لصوغ حل سياسي من دون تدخل خارجي ورفض الحل العسكري، وفق ما جاء في أبو ظبي والقاهرة، ما قد يعني نهاية تنافس الدول الفاعلة في الملف الليبي وتوصلها إلى شكل من التفاهم لحفظ مصالحها.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات