Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"ضريبة الدخل" تثير جدلا في السعودية قبل النفي الرسمي

الجدعان: هذا النوع من الضرائب لا يمكن استبعاده منطقياً لكنه ليس خياراً مطروحاً

وزير المالية السعودي محمد الجدعان (أ.ف.ب)

أثار تصريح أدلى به وزير المالية السعودي محمد الجدعان إلى إحدى الوكالات الدولية، حول خيارات التعافي الاقتصادي المحلي من تبعات فيروس كورونا، جدلاً واسعاً بين أوساط السعوديين.

وقال الجدعان، في حوار مع وكالة "رويترز"، ردّاً على سؤال حول ما إذا كان خيار فرض مزيد من الضرائب، خصوصاً ضريبة على الدخل، وارداً في المستقبل القريب، باعتباره خياراً لاستيعاب الركود الاقتصادي الذي تمر به البلاد بعد الخروج من الإغلاق العام، "ضريبة الدخل ستتطلب كثيراً من الوقت للإعداد، لكن لا خطة وشيكة لتطبيقها"، مضيفاً "لكننا لا نستبعد أي شيء".

الأمر الذي أثار جدلاً معارضاً في مواقع التواصل الاجتماعي السعودية، خصوصاً أن الرياض كانت قد بدأت تطبيق الشكل الجديد من ضريبة القيمة المضافة مطلع يوليو (تموز)، بعد رفعها من خمسة في المئة إلى 15 في المئة، لتعويض عجز الميزانية الذي خلّفته فاتورة الإجراءات الاحترازية وبرامج تمويل ودعم المتضررين من الشركات والأفراد من جراء الإغلاق خلال الأشهر الماضية.

الوزير يوضح

وبعد يومٍ من تزايد الجدل، نشر الوزير الجدعان بياناً على حسابه الرسمي في "تويتر"، أعاد فيه شرح تصريحه الذي لم يستبعد تطبيق ضريبة الدخل في السعودية.

وأوضح الوزير، في تغريدته، قائلاً "ما نقلته عني إحدى الوكالات اليوم، كان المقصود منه أن خیار فرض ضريبة دخل لا يمكن استبعاده منطقياً، بوصفه خياراً من الخيارات المتاحة في الممارسات العالمية، لتمويل الميزانية العامة"، مؤكداً أن ذلك لا يمكن أن يفسَّر على أن تطبيقها "بات وشيكاً".

 

وتضمّن البيان تعليقاً نُسِب إلى "مصدر مسؤول" نشرت نسخة منه وكالة الأنباء السعودية، أن الخيار الضريبي المتداول "ضريبة الدخل"، لم يُناقش في مجلس الوزراء أو أي من المجالس واللجان الحكومية إطلاقاً، وليس خياراً مطروحاً للنقاش.

هل "ضريبة الدخل" خيار مناسب؟

لكن وعلى الرغم من النفي، ما زال النقاش حول الخيار الضريبي المتمثل في فرض ضرائب على دخول الأفراد والمؤسسات مثيراً للنقاش على منصات التواصل من قِبل الأفراد والاقتصاديين.

ويدور الحوار حول جدوى الضريبة في تحقيق الأهداف المرجوة في مثل هذه الظروف، وما إذا كانت قادرة على إضافة ما لا يمكن لضريبة القيمة المضافة المعدّلة إضافته.

وحول ذلك يعلّق الاقتصادي خالد الدوسري، في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، قائلاً "بالأساس كان خيار رفع ضريبة القيمة المضافة بالنسبة إليّ خاطئاً. المشكلة الاقتصادية التي خلّفها كورونا تكمن في تعطّل عملية الاستهلاك بسبب الإغلاق، ما أضرّ بالسوق، خصوصاً قطاع التجزئة"، مضيفاً "فرض ضريبة قيمة مضافة على عمليات الشراء سيوفِّر سيولة للميزانية العامة، لكنه سيضر بعملية الاستهلاك".

ويرى الدوسري أن خيار ضريبة الدخل كان أجدى لحظتها "فما دام الهدف هو توفير سيولة للميزانية العامة، فقد كان من الأجدى فرض ضريبة الدخل في حينها، من دون المساس بقدرة السوق على العودة من الإغلاق".

إلا أنّ محمد السويد، المتخصص في إدارة الأصول، لديه رأي آخر في ما يتعلق بأثر الضريبة السلبي في التعافي الاقتصادي قائلاً "من المؤكد أن فرض ضرائب في أثناء الركود الاقتصادي يعتبر قراراً غير صائب، لكن في حالة السعودية الوضع يختلف، فالاقتصاد المحلي يعتمد على الصرف الحكومي السنوي من الميزانية العامة"، والضرر الكبير سيكون في حال قررت الحكومة خفض النفقات لا فرض الضرائب، "فإن قررت السعودية حل المشكلة عن طريق خفض الميزانية، كما حدث في 2016، فالآثار ستكون أسوأ من فرض ضرائب جديدة، أو رفع ضريبة القيمة المضافة الحالية"، لاعتماد الاقتصاد الوطني بشكل مباشر على الصرف الحكومي في انتعاشه وتعافيه.

لكن السويد رغم ذلك لا يؤيد فرض ضريبة دخل في الوقت الحالي "أرى من المبكر تطبيق ضريبة الدخل في الوقت الحالي. توجد حلول لم تُستنفد بعد، مثل خفض الجهاز البيروقراطي، وحجم موظفي الحكومة عن طريق سعودة قطاع التجزئة القادر على استقبال أكبر كم من الموظفين السعوديين بدلاً من المؤسسات العامة"، وهذا ما يمكن أن يقلل من بند المصروفات الحكومية على الأجور التي تشكّل نصف الميزانية العامة.

كورونا غيَّر الحسابات

لم يعبث فيروس كورونا الذي اجتاح العالم مطلع العام الحالي بالقطاع الصحي فحسب، فقد فاقت آثاره الاقتصادية في كثير من دول العالم جوانبه الصحية.

وفي السعودية، أعاد (كوفيد 19) حديث الضرائب الذي كان من المقرر أن لا يثار طوال هذا العام، بعد أن صرَّحت الحكومة نهاية العام الماضي بعدم نيتها فرض ضرائب جديدة خلال العام الجديد.

إذ صرح محمد الجدعان، خلال المؤتمر الصحافي لإعلان الميزانية في ديسمبر (كانون الأول) 2019، بأن "لا نية للحكومة فرض أي ضرائب جديدة خلال 2020"، بعد أن نجحوا في "خفض العجز إلى الناتج الإجمالي المحلي إلى 4.7 في المئة".

وشدد الوزير السعودي على أن هذه الرغبة تأتي مدفوعةً بنجاح الحكومة في خفض التكاليف التشغيلية وكفاءة الإنفاق، وزيادة مشاركة القطاع الخاص في المشروعات العامة، ما قلل من أهمية البحث عن مصادر تمويل أخرى.

إلا أن الأمر تغيّر مع حلول مارس (آذار)، بعد تسجيل الحالات الأولى للفيروس التاجي بالسعودية، إذ كلّفت إجراءات الإغلاق التي اتخذتها بعد ذلك، فضلاً عن المصروفات الصحية، الميزانية العامة مبالغ طائلة، أدّت إلى عودة صانع القرار المالي إلى البحث عن مصادر تمويل ضريبية، تمثلت في رفع ضريبة القيمة المضافة عشرة في المئة، قبل أن يثار موضوع ضريبة الدخل الذي جرى نفيه.

المزيد من اقتصاد