Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الألواح الشمسية ستمحو الانبعاثات القذرة المتأتية من الوجبات الجاهزة

تحاول"ماكدونالدز" خفضها بأكثر من الثلث لكن بقاء اللحوم محور وجباتها يشكك في تصديها لمشكلات المناخ

هل فكّرت في الثمن الذي تدفعه البيئة مقابل حصولك على هذه الوجبة الشهية؟ (ويكيميديا.أورغ)

أطلقت شركة ماكدونالدز هذا الأسبوع أوّل مطعم لها "من دون نفايات" داخل منتجع "عالم والت ديزني"، وقد زوّدته بألوح شمسية وجدران خضراء عمودية، كي يُشكّل لروّاده عرضاً مشهياً عن الاستدامة.

وقد علمنا أن هذا النموذج الذكي والعصري من مطاعم ماكدونالدز في مدينة أورلاندو، بولاية فلوريدا، يمتاز بإضاءة جيدة وحسن التهوية ويعمل بالطاقة المتجدّدة مئة في المئة. إنه عالمٌ جديد وشجاع، حيث يمكن لمن يتناول الطعام في هذا المطعم أن يتخلص من (السعرات الحرارية التي تخلفها) "الوجبة السعيدة" Happy Meal (الضخمة) عبر التدويس على دراجة شمسية (تسمح بتوفير الطاقة) لإضاءة الأقواس الذهبية التي يتميز بها شعار الشركة.

وتأتي تلك الإضافة الأخيرة لإمبراطورية "ماكدونالدز"، التي تضمّ 38 ألف مطعم، بمثابة "مختبر أفكار"، لتجربة الحلول الممكنة والمتاحة، لتقليل استهلاك الطاقة والمياه. ويشكّل ذلك كلّه جزءاً من الخطة التي تعتمدها السلسلة العملاقة في خفض البصمة الكربونية لكل مطاعمها ومكاتبها بنسبة 36 في المئة مع حلول 2030، بالمقارنة مع مستويات 2015، تحقيقاً لأهداف "اتفاق باريس للمناخ".

وقد تبدو هذه الأرقام مثيرة للإعجاب، لكن من الصعب أن نجزم من الآن إذا كانت طموحة بما يكفي. إذ يستند التخفيض المقترح بموجب الاتفاق الباريسي إلى خطٍ أساس، ينبثق من سلسلة "ماكدونالدز" وحدها، وقدره 9.4 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون. وهذا يشكّل نحو 0.02 في المئة من مجمل انبعاثات المملكة المتحدة التي بلغت 351.5 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون في 2019، أو ما يقلّ قليلاً عن نصف الـ20 مليون طن المنبعثة من فضلات الطعام في المملكة المتحدة سنويّاً.

واستطراداً، من المفترض في تجربة الوجبات السّريعة الخضراء من "ماكدونالدز" أن تحقّق انتصاراً كبيراً للمناخ والقطاع الذي تأثّر بجائحة كورونا وتداعياتها شر تأثير. في المقابل، يُبدي خبراء كثيرون قلقهم من أن تؤول جهود الاستدامة التي تقتصر على مطعم يعمل بالطاقة الشمسية إلى صرف انتباه المستهلكين عن تأثير الأطباق التي يتناولونها في المناخ.

فحسب البروفيسورة جيل أتكينز، رئيسة لجنة الإدارة المالية لدى جامعة شيفيلد، قد تنطوي مثل تلك المبادرات على "تقنيات جيدة في إدارة السمعة والانطباع"، لكنها لا تعكس تغييراً هيكليّاً عميقاً.

وفي حديثٍ لها مع صحيفة "اندبندنت"، أوضحت أتكينز أن "شركة ماكدونالدز تواجه مشكلة واضحة يستحيل التغاضي عنها. ومع ذلك، يتظاهر الأشخاص المعنيون بها بعدم وجودها. ويرجع ذلك إلى أنّ مجال المناورة يضيق في وجه كل شركة أو تجارة تتمحور أعمالها حول تأمين وجبات سريعة، تتألف بشكلٍ أساسيّ من لحم الأبقار والدجاج والسمك".

وأضافت أتكينز، "ثمة اعتراف متزايد بمخاطر إنتاج اللحم البقري، لأسباب متعددة ومتنوّعة. إذ يشكّل غاز الميثان الذي تنفثه المواشي عاملاً رئيساً مساهماً في التغيير المناخي، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الزراعة المكثّفة التي ترتكن بشكلٍ مفرط إلى الموارد الطبيعية، مع احتمال أن يتسبب استخدام المياه والأراضي في تدهور الموائل الطبيعية، وإزالة الغابات والأحراج، لا سيما في البلدان النامية".

بقول آخر، لا تُبشّر كل هذه الحقائق بالخير في ما يتعلق بصناعة الوجبات السريعة التي لا تزال تعوّل على اللحوم في النمو، وجني الأرباح، مع العلم أن الحيوانات المستخدمة في الزّراعة مسؤولة عن 14 في المئة من انبعاثات غازات الدفيئة البشرية المنشأ، والمواشي المخصصة لإنتاج اللحوم والحليب والسماد مسؤولة عن 65 في المئة من مجمل الانبعاثات، وفقاً لـ"منظمة الأغذية والزراعة" التابعة للأمم المتحدة.

وعلى الرغم من ذلك، تشدد شركة ماكدونالدز على أنها تأخذ استدامة منتجاتها البقرية على محمل الجد. وقد نظمت في 2011 طاولة مستديرة حول هذا الموضوع. ومنذها، تعمل الشركة على تّخفيف كثافة الانبعاثات النّاجمة عن وجباتها ومواد التعبئة الخاصة بمطاعمها، على أمل أن تصل إلى نسبة 31 في المئة بحلول 2030 بالمقارنة مع مستويات 2015.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

بالتوازي مع تلك المعطيات، أطلقت شركة برغر كينغ المنافسة لشركة ماكدونالدز هذا الأسبوع وجبة "ووبر" بقري منخفضة الانبعاثات، معدّة من لحوم الأبقار التي تتغذّى على الأعشاب والخضراوات، الأمر الذي من شأنه أن يُخفّف من تركيز الغازات السامة بنسبة 33 في المئة، مثل ما تفعله الأطباق النباتية المتزايدة في قوائم الشركتين على غرار برغر "شبيه اللحم" النباتي من "برغر كينغ" الحاصل على موجة إطراءات وتقييمات إيجابية.

في المقابل، تُعطي هذه الجهود، على الرغم من حصدها العناوين الرئيسة في الإعلام، انطباعاً بأنّ اللحوم، أي الـ"برغر"، تشكّل الركيزة الأساسية لأعمال الشركتين. إذ تشير التقديرات المستمدة من بيانات 2013 إلى أنّ "ماكدونالدز" باعت 2.36 مليار برغر في السنة، كل واحدة منها تمثّل نحو 4 كلغ من انبعاثات الكربون. ولا يبدو أن الرغبة في تناول اللحوم ستزول في وقتٍ قريب. إذ تتوقع منظمة الصحة العالمية أن يرتفع استهلاك اللحوم من 218 مليون طن بين 1997 و1999 إلى 376 مليون طن في 2030.

وفي العام الفائت، مارست شبكة "فاير" Fairr الاستثمارية التي تركّز بصفة خاصة على المخاطر المتمثلة في إنتاج الماشية، ويبلغ رأسمالها زهاء 11 تريليون دولار أميركي (8.7 تريليون جنيه إسترليني)، ضغوطاً على كبرى الشركات المورّدة (لصُنّاع الوجبات السّريعة) كي تخفّض انبعاثاتها. وقد تحدّتها أيضاً أن تضع أهدافاً صعبة، لتقليص انبعاث غازات الدفيئة المتأتية من اللحوم والمنتجات اللبنية، إضافة إلى التقليل من استخدامها للمياه.

لكن، بعد مرور 18 شهراً تقريباً، لا تزال الشبكة غير قادرة على الاقتراب من تحقيق التغييرات المطلوبة من أجل الحفاظ على ارتفاع حرارة الأرض إلى ما دون درجتين مئويتين مع نهاية القرن الحالي.

وتعليقاً على ذلك، أكّدت مديرة "فاير" Fairr التنفيذية ماريا ليتيني أنّ "كمية غازات الاحتباس الحراري المنطلقة من تربية المواشي تفوق تلك المتصاعدة من قطاع النقل. في المقابل، لا ينهض القطاع المعني بها (المواشي) بالعمل المطلوب منه في التوافق مع مقرارات (اتفاق باريس للمناخ)، والحفاظ على الارتفاع في حرارة الأرض ضمن مستوى يقل عن درجتين مئويتين، على عكس القطاعات الأخرى ذات الانبعاثات المرتفعة".

وأضافت، "صحيح أننا نلمس بعض الالتزامات الطّموحة من قِبل شركات كبيرة في مجال تقديم الوجبات السّريعة، وفي طليعتها (ماكدونالدز) التي تُعتبر واحدة من الشركات العالمية القليلة التي وضعت هدفاً علميّاً في تقليص انبعاثاتها، لكنّ المستثمرين يخشون عدم ترجمة هذه الالتزامات إلى أفعال وتحركات في أوساط المزارعين والمورّدين".

"لذا ينبغي على السلاسل العالمية للوجبات السريعة أن تتعاطى مع موضوع انبعاثات غازات الدفيئة بالإلحاح والتركيز نفسه الذي تتعاطى فيه مع كل المخاطر التجارية الأخرى"، أردفت ليتيني.

وفي هذا الأسبوع، اقترحت شبكة "فاير" فرض ضريبة كربونية على المواشي الزراعية. وفي حال تطبيق هذا الاقتراح، من المرتقب أن يخسر كل واحد من الموردين الرئيسيين لـ"ماكدونالدز" و"جي بي إس" و"تايسون"، ثلاثة مليارات دولار (أو ما يُعادل 2.3 مليار جنيه) من أرباحه المحتسبة قبل خصم الضرائب، مع حلول عام 2050، ما لم تتحسّن طرقه في التعامل سبل حماية المناخ.

© The Independent

المزيد من بيئة