Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

دراما سياسية في الجزائر... أحزاب الموالاة تقفز من السفينة "الغارقة"

لم يكن معاذ بوشارب، منسق القيادة الموقّتة لجبهة التحرير الوطني، محرجاً وهو يعلن تأييد حزبه المسيرات الشعبية ومطالبها

تظاهرة طالبية في العاصمة الجزائرية (رويترز)

شهدت الجزائر، في الساعات الـ 24 الماضية، مشهداً درامياً، تبدلت فيه مواقف أحزاب الموالاة وشخصيات رافقت الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في الحكم طوال العقدين الماضيين، إذ توالت التصريحات الصادرة عن حزبي الغالبية جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي قبل أن تلتحق مؤسسات رسمية ومنظمات بهما.

أمام مئات المشاركين في لقاء مغلق في العاصمة الجزائرية، لم يكن منسق القيادة الموقّتة لجبهة التحرير الوطني محرجاً وهو يعلن تأييد حزبه المسيرات الشعبية ومطالبها. وقال معاذ بوشارب إن حزبه "يساند الحراك الشعبي مساندة مطلقة والشعب قال كلمته والسيادة الشعبية أساس كل شيء".

أضاف بوشارب، الذي سبق أن وصف المتظاهرين بـ "الحالمين"، أن "أشخاصاً يدفعون نحو إلصاق كل المساوئ والتهم بجبهة التحرير الوطني... الجهاز التنفيذي لم يكن في يد الحزب إلا لسنوات"، ملمحاً إلى مداورة الرئيس بوتفليقة قيادة الحكومة بين عبد المالك سلال وأحمد أويحي.

وتجاوز التجمع الوطني الديمقراطي، وهو ثاني أكبر أحزاب الموالاة، يقوده أويحي، موقف جبهة التحرير الوطني بأشواط كبيرة. وقال الناطق الرسمي باسم التجمع صديق شهاب "هناك قوى غير دستورية سيّرت الجزائر خلال السنوات السبع الماضية"، في إشارة إلى تاريخ إصابة بوتفليقة بجلطة دماغية.

ورد شهاب على سؤال هل كانت هذه القوى هي نفسها التي يصفها علي بن فليس، رئيس حزب طلائع الحريات، بـ "القوى غير الدستورية"، قال "هناك قوى تزعجها الأحزاب، وهي قوى غير مهيكلة ويمكننا تسميتها غير دستورية وغير منظمة... موجودة في كل مكان وزمان، والجزائر سُيّرت من قبل هذه القوى في العهدة الأخيرة منذ ست أو سبع سنوات، وتزعجها أحزاب المعارضة والموالاة لأنها تأخذ منها جزءاً من الحكم".

وأكثر ما كان لافتاً في تصريحات شهاب حديثه عن ظروف ترشيح بوتفليقة إلى ولاية خامسة. إذ قال "لقد أخطأنا في ترشيح الرئيس إلى عهدة جديدة، وذلك كان فقدان بصيرة من طرفنا… لقد كانت مغامرة فعلاً". أضاف "لم تكن لنا القوة الكافية للتعبير عما كان يخالجنا بخصوص هذه المسألة".

وأشار شهاب إلى أنه "ليس من الحكمة ترشيح الرئيس إلى عهدة خامسة وهو في هذه الحالة، وخطابنا المؤيد لم يكن عن اقتناع". وأضاف "الخطاب يمليه ظرف معين وهدف وموقع ومصلحة… الحزب كان يسير ضمن فلك التحالف الرئاسي، وهذا التحالف هو السبب في جزء من هذه الأزمة التي تحدث اليوم".

ويشكل موقف التجمع الوطني الديمقراطي محطة مهمة في المسار السياسي للأحداث في الجزائر، خصوصاً أن هذا الحزب قد نشأ بناءً على رغبة عسكريين نافذين في العام 1997، وتمكن بعد ثلاثة أشهر من نشأته من الحصول على غالبية المقاعد البرلمانية. لذلك، ظل يوصف بـ "جهاز الدولة" وليس بالحزب السياسي.

هل يغادر بوتفليقة في 28 أبريل؟

"هرولة" أحزاب الموالاة إلى تعديل مواقفها، والتحاق منظمات جزائرية دعمت بوتفليقة بشدة (مثل المجلس الإسلامي الأعلى واتحاد الزوايا واتحاد الفلاحين الجزائريين) تحمل مؤشراً إلى صدقية سيناريو رحيل بوتفليقة في 28 أبريل المقبل.

ورجحت مصادر مقربة من الرئاسة إعلان انسحاب الرئيس الجزائري من المشهد السياسي في نهاية ولايته الرابعة، إلا أن طريقة هذه المغادرة المحتملة تثير أسئلة، خصوصاً إذا كان بوتفليقة سيدفع بالجزائر نحو فترة انتقالية من دون سند دستوري، بمعنى استكماله ما تبقى من أيام ولايته ثم ترك الحكم من دون أن يكون لأي جهة الحق بتولي قيادة الدولة.

كما يمكن بوتفليقة إعلان استقالته أو عجزه الصحي وفقاً للمادة 102 من الدستور، إذّاك تؤول صلاحية قيادة البلاد إلى عبد القادر بن صالح، وهو رئيس مجلس الأمة، وهذا ما يعني انتظار انتخابات رئاسية في غضون 135 يوماً (45 يوماً لتأكيد العجز أو الاستقالة و90 يوماً لتنظيم الانتخابات).

أما السيناريو الثالث فهو أن يعيد بوتفليقة استدعاء الهيئة الناخبة قبل انتهاء ولايته، لكونه سيحتفظ صلاحياته الدستورية كاملةً إلى ذلك التاريخ، ليتم تنظيم انتخابات رئاسية في غضون 90 يوماً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن رمطان لعمامرة، نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية، أعطى قراءة أخرى للسيناريو المتوقع، قائلاً إن "بوتفليقة سيسلم السلطة إلى رئيس منتخب ديمقراطياً بعد إقرار دستور جديد وعقد مؤتمر وطني". وهذا ما يرجح استمرار بوتفليقة إلى ما بعد نهاية ولايته.

وقال لعمامرة في مؤتمر صحافي مع نظيره الألماني هايكو ماس، في برلين، الأربعاء، إن "الخطة الرامية للخروج من هذا الموقف، والتي طرحها بوتفليقة في 11 مارس (آذار)،  تقضي بعدم ترشح الرئيس إلى أي انتخابات جديدة، على أن تُحدد الندوة الوطنية الجامعة موعد هذه الانتخابات".

أضاف "فور انعقاد هذه الندوة ووضع دستور جديد ستحصل انتخابات رئاسية، وبعدها تنتهي عهدة بوتفليقة ويتم تسليم الرئاسة إلى من انتخبه الشعب".

وزار لعمامرة إيطاليا وروسيا وألمانيا في سياق جولة أوروبية يُعتقد أنها تُروج لورقة الطريق التي يقترحها بوتفليقة للخروج من الأزمة الراهنة. وقال لعمامرة في هذا الشأن إن "الجمهورية الجزائرية حريصة على استمرار المؤسسات الدستورية".  وأضاف "لا شك أن الجزائريين يرغبون في انتقال نوعي إلى نظام أفضل بالتوافق والإجماع… ومن دون صراعات واشتباكات بين القوى الحية في وطننا".

لجنة عقلاء

أعلنت بعض قيادات المعارضة عن مبادرة تحت مسمى "لجنة عقلاء" تضم شخصيات وطنية وناشطين سياسيين.

تجتمع أطراف هذه المبادرة السبت المقبل في مقر جبهة العدالة والتنمية، لتوجيه نداء إلى الرئيس الجزائري السابق ليامين زروال، من أجل الموافقة على ترؤس "لجنة عقلاء"، تقود المرحلة الإنتقالية وتشرف على صوغ دستور جديد للدولة.

وزروال، وهو جنرال سابق في الجيش، قاد الجزائر في مرحلة ما بعد المجلس الأعلى للدولة في العام 1994، ثم انتخب رئيساً سنةً في اقتراع صوت فيه الجزائريون بكثرة، لكنه أعلن انسحابه من رئاسة الدولة في العام 1998، أي قبل عامين من انتهاء ولايته، بعدما أشرف على تعديل دستوري.

ويحظى زروال باحترام قطاع واسع من الجزائريين، إذ يحتفظ له كثيرون بموقف مغادرة الحكم قبل نهاية ولايته مع تنظيمه انتخابات رئاسية مسبقة فاز فيها بوتفليقة، أبريل 1999.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي