Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هذه هي حظوظ تونس لعضوية المحكمة الجنائية الدولية

مرشّح البلاد لهذا المنصب هو أستاذ القانون العام والقانون الدّولي بكلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية هيكل بن محفوظ

أصبحت تونس، بداية من سبتمبر (أيلول) 2011 عضواً في المحكمة الجنائية الدولية، إثر توقيعها على الوثائق اللازمة، للانضمام رسميّاً إليها، واعترفت تونس، رسمياً بالمحكمة في 24 يونيو (حزيران) 2011، أي بعد ستة أشهر من الإطاحة بنظام بن علي، وهي أوّل بلد من شمال أفريقيا، يخطو هذه الخطوة، والرّابعة، في جامعة الدّول العربية، (بعد كل من جيبوتي، وجزر القمر، والأردن) والدولة رقم 116 المعترفة، بهذه المحكمة، كما وقّعت البلاد معاهدات، وبروتوكولات دوليّة، ضدّ التعذيب، والاختفاء القسري، ومن أجل حماية الحقوق المدنية.

حظوظ وافرة

وتدخل تونس، بكامل الحظوظ، للفوز بمقعد في المحكمة الجنائية الدولية، على مستوى الاختصاص أي القانون الدّولي الإنساني وحقوق الإنسان، ويشهد هذا المقعد منافسة قوية لوجود عدد كبير من المرشّحين من مختلف دول العالم في انتخابات تجديد ثلثي أعضائها، المزمع تنظيمها بمقر الأمم المتحدة، بنيويورك، في ديسمبر (كانون الأول) 2020 .

وتخوض لأول مرّة سباق المنافسة على مقعد في هذه المحكمة الدّولية، للحصول على عضويتها، لعضوية تمتد تسع سنوات، غير قابلة للتجديد، مستندة إلى رصيدها من المنظومة التشريعية والقانونية، التي تعزّزت بعد 2011 بتوقيعها على مختلف الاتفاقيات والبروتوكولات، التي تحمي وتعزّز حقوق الإنسان في شموليّتها، وقدّم أستاذ القانون الدولي العام التونسي، هيكل بن محفوظ، بشكل رسمي ترشحه لهذا المنصب.

وأكدت الحكومة التونسية، دعمها الكامل لأول ترشح تونسي منذ تأسيس المحكمة داعية إلى ضرورة بذل كلّ الجهود الممكنة التي تضمن أوفر حظوظ نجاح المرشّح التونسي.

والمحكمة الجنائية الدولية، هي مؤسسة قضائية، مستقلة، ومحايدة، تخضع في أعمالها للإطار القانوني، المستمدّ من نظام روما الأساسي، وتتمثل مهمتها الرئيسية في المساهمة في إنهاء الإفلات من العقاب، بالنسبة إلى مرتكبي الجرائم الخطرة، التي تمس المجتمع الدولي وهي لا تنتمي إلى منظومة الأمم المتحدة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من هو مرشح تونس؟

مرشّح تونس هو أستاذ القانون العام والقانون الدّولي في كلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية، والمختص في القانون الدّولي الإنساني هيكل بن محفوظ الذي درس في الجامعات التونسية منذ سنة 1996، وهو حائز الدكتوراه في القانون العام، كما مارس مهنة المحاماة، وعمل في عدد من المنظمات الدّولية كخبير، في علاقة بحوكمة الأمن، ودولة القانون، وحقوق الإنسان.

"اندبندنت عربية" التقت مرشح تونس، لهذا المنصب، الأستاذ هيكل بن محفوظ، وأجرت معه حواراً، حول حظوظ تونس للفوز، وما سيضيفه هذا المنصب لصورة تونس وقضائها الوطني، وما يجب على البلاد القيام به من أجل مواءمة القضاء التونسي مع القضاء الدولي.

مبادرة شخصية

وحول إجراءات ترشّحه، أكّد هيكل بن محفوظ أنها مبادرة ذاتية بناء على ما راكمه من تجربة في القانون العام والقانون الدولي الإنساني، وهي نتيجة مسار مهني ثري لمدّة تزيد على 20 سنة، مضيفاً أن عضوية محكمة الجنايات الدولية من طموحاته، وقال إنه قدم ملف ترشحه إلى وزارة الخارجية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 وتم عرض الملفّ بعد دراسته على رئاسة الجمهورية، لأن القرار النهائي يعود إليها مشيراً إلى أن رئيس الجمهورية قيس سعيد، دعم مرشح تونس لهذا المنصب، وأضاف أنه وقّع إيداع ملف الترشح في يناير (كانون الثاني) 2020، وكان أول ترشّح يتم إيداعه بصورة رسمية، هو ترشّح تونس.

تونس باركت ودعمت هذا الترشح

وفي إجابته عن سؤال لـ "اندبندنت عربية" حول ما قدّمته البلاد حتى الآن لمرشحها لهذا المنصب، أكّد بن محفوظ أن الدّولة قدمت الدعم السياسي، لأن الترشح ليس فردياً ولا يمكن تقديم ترشح من دون موافقة الدّولة، مشيراً إلى أن هناك دعماً سياسياً، وأيضاً معنوياً، من السلطات العليا، التي قبلت هذا الترشح وشجعته، ورحّب بالدعم الدبلوماسي، من قبل بعثات تونس الدبلوماسية، خصوصاً في لاهاي، ونيويورك، وأديس أبابا، إضافة إلى سفارات الدول الأعضاء في المحكمة، وأضاف أنه تم الاتفاق عل خطة عمليّة في كل التحركات من أجل حشد الدعم لمرشح تونس مؤكداً الإيمان القوي بقيمة وأهمية الترشح، ودعا إلى المزيد من الدعم السياسي في أعلى المستويات، إضافة إلى الدّعم المادي بسبب وجود لقاءات وحفلات استقبال وإستراتيجية اتصالية كاملة.

لا أنتمي إلى أي حزب سياسي

ونفى بن محفوظ أن تكون هناك جهة سياسيّة تدعمه مشيراً إلى أنه مرشّح تونس، ولا ينتمي إلى أي حزب، بل إلى العائلة الحقوقية، التي تناضل من أجل حقوق الإنسان.

وعن المنافسة حول هذا المنصب، الذي يعتبر من أعلى المناصب القضائية الدوليّة الموجودة، أكد وجود مرشحين منافسين جديين، من أميركا اللاتينية ومن آسيا ومن أفريقيا، مشدّداً على أن عدداً من الدول في العالم، تعتبر أن وجودها في هذه المحكمة له رمزية كبرى، وقال إن البلاد انخرطت في المنظومة القضائية الدولية، واعترفت بها بعدما وقّعت على كل البروتوكولات، مضيفاً أن تونس تحوي منظومة قانونية راسخة ولها تقاليد قانونية عريقة جداً (القانون اللاتيني والرّوماني، والإسلامي...).

ملاءمة القوانين الوطنية مع القانون الدّولي

وعلى الرغم من هذه العراقة، تونس غير ممثلة، في المؤسسات القضائية الدولية، ذلك لأنّ الدول العربية الموجودة قليلة جداً، خمس دول عربية من أصل 123 دولة، ووجود تونس سيعطي إشعاعاً لبقية الدول التي لم تنخرط بعد.

وعن التشريعات الدّولية والقوانين المحلية، أكد مرشح تونس للجنائية الدولية، أن البلاد وبحكم توقيعها على معاهدة روما، مطالَبة بملائمة قانونها مع القانون الدولي الإنساني، مشدّداً على أن القانون التونسي إلى اليوم لا يعاقب على الجرائم ضدّ الإنسانية، وفي المستقبل، ستصبح البلاد قادرة على التعاطي مع مثل هذه الجرائم، بعد أن يحصل تطور تشريعي في منظومتها القانونية.

وقال بن محفوظ إن المحكمة الجنائية الدولية تقوم على مبدأ التكامل مع القضاء الوطني، موضحاً أن المحكمة الجنائية الدولية، لا تتعهّد قضية ما، إلا متى كان القضاء الوطني غير قادر على التتبع، لأسباب عديدة، أو غير راغب في ذلك، وفي حال باشر القضاء الوطني بالتتبع فإن المحكمة الجنائية الدولية لا تتدخل.

ثقافة القانون الدّولي الإنساني

وبخصوص عدم انتشار ثقافة القانون الدّولي الإنساني، عاب بن محفوظ على الجامعات التونسية، التي لم تُعر القانون الدّولي الإنساني، الأهمية التي يستحق، وقال إن اللجنة الوطنية للقانون الدولي الإنساني التي ينظمها، منذ العام 2011 لم تجتمع إطلاقاً بسبب تسارع الأحداث واختلال المنظومة الأمنية، وشدد على ضرورة إعطاء الثقة للقضاء لبناء الديمقراطية على الرغم ممّا يشهده المشهد السياسي من إرباك.

تونس لن تنسحب من المحكمة

على صعيد آخر، أثار تصويت تونس، لفائدة قرار مجلس وزراء الاتحاد الأفريقي، بالانسحاب الجماعي، من عضوية هذه المحكمة، جدلاً واسعاً في تونس، والذي اعتبر توجهاً للانسحاب من عضوية المحكمة الجنائية الدولية، وأكدت تونس، وقتها على لسان وزير الشؤون الخارجية خميس الجهيناوي أن البلاد لن تنسحب من هذه المحكمة موضحاً أن قرار الانسحاب من عدمه، هو قرار فردي لكلّ دولة عضو، في الاتحاد الأفريقي، وليس قراراً جماعياً.

ترحيب بعضوية فلسطين

ورحّبت تونس أخيراً بانضمام دولة فلسطين، كعضو إلى محكمة الجنايات الدّوليّة في لاهاي، وتمتلك المحكمة صلاحيات للنظر، في أخطر الجرائم، على غرار جريمة الإبادة، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب، ولا يمكن للمحكمة ممارسة صلاحياتها في هذه الجرائم إلا إذا تم ارتكابها على أراضي إحدى الدول الأعضاء أو من قبل أحد مواطنيها.

وتحتاج تونس دعماً دولياً وعربياً مكثفاً لضمان حصول مرشحها على مقعد في المحكمة الجنائية الدولية، وهو منصب ينير لتونس، بقعة ضوء في المسار الديمقراطي المتعثر، جرّاء إرباك الفرز السياسي، الذي أنتجته انتخابات 2019، فهل تفلح في حيازة هذا المنصب في ظل منافسة قوية من دول أخرى مستقرة سياسياً؟

المزيد من حوارات