Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

شميمة بيغوم "حمقاء صغيرة" قد تمثل أخيراً أمام القضاء

تحليل: بعد إصدارها حكماً بأنه من حق الشابة العودة إلى بريطانيا من أجل خوض معركة قانونية، قالت محكمة الاستئناف إن أسباب وسبل مغادرتها يجب أن تتحدّد من خلال الإجراءات القضائية

"ما عدت تلك التلميذة الحمقاء الصغيرة نفسها ابنة الخمسة عشر عاماً... لست نادمة على قدومي إلى هنا" (رويترز)

في آخر صورة التُقطت لها على التراب البريطاني، تظهر شميمة بيغوم وهي تمرّ عبر البوابات الأمنية في مطار غاتويك، مرتدية سترة زاهية اللون وجاكيتاً عليه نقش جلد النمر.

كانت الفتاة ذات الخمسة عشر ربيعاً على وشك السفر إلى تركيا مع زميلتيها في أكاديمية بيثنال غرين أميرة عباس، وكاديزا سلطانة.

استخدمت بيغوم جواز سفر شقيقتها الكبرى لكي تتمكن من السفر، وارتدت الفتيات الثلاث ثياباً غربية الطابع سمحت لهنّ بالاندماج في صفوف المسافرين لقضاء عطلة منتصف العام الدراسي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن الثلاثي أكمل رحلته من إسطنبول باتجاه  مناطق داعش في سوريا، حيث يقال إنّ سلطانة لقيت مصرعها في قصف جوي روسي.

وما زال موقع عبّاس مجهولاً إنما يُعتقد أنها نجت إلى جانب صديقتهن شارمينا بيغوم (لا تربطها صلة قربى بشميمة) التي سافرت قبلهنّ.

لا يُعرف تماماً ما النشاطات التي اضطلعت بها بيغوم في السنوات التالية.

وقد ادّعت بعض المصادر أنّ بيغوم التحقت بـ"شرطة الآداب" التابعة لداعش، وسعت لتجنيد نساء أخريات حتّى أنها ربطت الانتحاريين بستراتهم المتفجرة.

وهي لم تعترف بأدائها دوراً رسمياً في ما سُمّي "الدولة الإسلامية"، لكنها أخبرت الصحافيين عن زواجها من مقاتل هولندي بعد أيام من وصولها إلى الرقّة في العام 2015. 

وأثارت تعليقات أدلت بها في سلسلة من المقابلات غضباً عارماً في المملكة المتحدة، كما أُدخلت ضمن تقييمات الأجهزة الأمنية المتعلقة بدرجة خطورة الأشخاص.  

وقد أشار أحد هذه التقييمات الذي قُدّم إلى محكمة الاستئناف إلى تصريحات بيغوم لصحيفة التايمز حين تحدثت عن رؤيتها للمرة الأولى رأساً مقطوعة داخل سلة مهملات.

وقالت بيغوم "لم أتأثر على الإطلاق. كان رأس مقاتل أُسر في ساحة المعركة، عدو للإسلام".

وأضافت "ما عدت تلك التلميذة الحمقاء الصغيرة نفسها ابنة الخمسة عشر عاماً التي فرّت من بيثنال غرين منذ أربع سنوات. لست نادمة على قدومي إلى هنا". 

لم يُعرف عن بيغوم شيئاً طوال أربع سنوات، إلى أن وجدها الصحافي آنثوني لويد في مخيّم لعائلات عناصر داعش يديره الأكراد.

كانت في مرحلة متقدمة من الحمل، وقد دفنت طفلين قبل ذلك، كما كانت على وشك أن تفقد أيضاً طفلها الرضيع الذي وضعته في مخيم الهول العام الماضي.

تحرّك ساجد جاويد (وزير الداخلية البريطانية حينها) فوراً لتجريد بيغوم من جنسيتها البريطانية لأسباب تتعلق بالأمن القومي، ممّا ولّد نقاشاً حاداً حول مسؤولية الحكومة وسط دعوات الأكراد لترحيل معتقلي داعش إلى بلادهم.

وهي واحدة من بين عشرات عناصر داعش المزعومين الذين طُبق عليهم الإجراء نفسه، على خلفية محاولة الحكومة منعهم من العودة.

لكن محكمة الاستئناف حكمت بأن لبيغوم الحق بالعودة إلى المملكة المتحدة من جديد لخوض معركة قضائية من أجل استعادة جنسيتها. 

وتحارب وزارة الداخلية من جهتها هذا الحكم غير المسبوق الذي قد يعيد تسليط الضوء على فشل السلطات في الحؤول دون سفر بيغوم وأكثر من 900 شخص غيرها يحملون الجنسية البريطانية إلى العراق وسوريا.

أثار اختفاء "فتيات بيثنال غرين" يوم 17 فبراير (شباط) غضباً شعبياً استهدف إجمالاً جهاز الشرطة، وطرح تساؤلات تتناول كيف تسنى لثلاث مراهقات من المعروف أنهن عرضة للتطرف القيام بهذه الرحلة.

وقال الممثلون القانونيون لعائلة بيغوم إنهم لم يُخبَروا بأن الشرطة استجوبتها حين غادرت شارمينا البلاد متجهة إلى سوريا في شهر ديسمبر (كانون الأول) السابق.

وزعمت التقارير أنّ سبعاً من صديقات شارمينا، منهن بيغوم وعبّاس وسلطانة، خضعن للاستجواب، وربّما جعلتهن هذه المقابلة، يسرعن في تنفيذ خططهنّ بمغادرة بريطانيا.

وسلّمت الشرطة رسالة  تحذيرية إلى الفتيات، وطلاب آخرين في أكاديمية بيثنال غرين إثر مغادرة شارمينا، لكنهن لم يسلمنها لأهاليهنّ. 

ويُعتقد أنّ بيغوم كانت على اتّصال بمجنّدة بريطانية أخرى في داعش اسمها أقصى محمود.

وأدارت الطالبة الجامعية السابقة كثيراً من حسابات المدونات ووسائل التواصل الاجتماعي باسم "أم ليث"، وغالباً ما دعت عبر هذه القنوات الشابات البريطانيات إلى السفر إلى مناطق داعش. 

وقد فُرضت عقوبات دولية على محمود في العام 2015 لقيامها بـ"تجنيد الآخرين، ولا سيما النساء، من أجل الالتحاق بداعش واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي لتقديم نصائح حول سبل السفر إلى سوريا".

وحذّر تقرير أصدرته الأمم المتحدة العام الماضي من أنّ الصورة النمطية عن "عروس داعش" تؤدي إلى استخفاف الأجهزة الأمنية بشكل خطير بالعناصر النسائية في التنظيم.

وجاء في التقرير "تؤدي النساء دوراً هاماً في نشاطات التجنيد، والدعاية لصالح داعش. حتّى لو لم يحاربن، فإن النساء قادرات على نشر الأفكار المتطرفة، وتشجيع الآخرين على تنفيذ هجمات".

وورد في تقييم للأجهزة الأمنية الذي رُفع إلى محكمة الاستئناف أن الأشخاص الذين "جُنّدوا لصالح التطرّف عندما كانوا قاصرين قد يُعتبرون ضحايا" لكن بيغوم تُعد مصدر خطر على المملكة المتحدة. 

وقال محامٍ يمثّل الحكومة إنها انضمّت إلى داعش "بكامل إرادتها"، وظلّت مع التنظيم إلى أن قبضت عليها القوات الكردية، زاعماً أنّها "جنت على نفسها" بما آلت إليه ظروفها الحالية.

لكن في القرار الذي أصدره، قال قاضي محكمة الاستئناف "فلو"، إنه سيشعر "بعدم الارتياح إزاء اتباع مسار يتضمن الجزم فعلياً بأنّ السيدة بيغوم غادرت المملكة المتحدة عندما كانت تلميذة مدرسة لم يتعدّ عمرها 15 عاماً بكامل إرادتها"، بينما هي عاجزة عن التواصل مع المحامين فعلياً. 

واعتبر القاضي أنّه "لا يمكن تحديد الظروف المحيطة بمغادرتها المملكة المتحدة في العام 2015 سوى بعد اتخاذ طلب الطعن مساره العادل والفعال". 

وأشار القاضي فلو، إلى أنّ بيغوم قد تُعتقل فور دخولها بريطانيا، وتوجه إليها تهم الإرهاب إن توفّر الحد الأدنى من الإثباتات ضدها. 

وسواء حصل ذلك خلال الإجراءات الجنائية، أو خلال معركتها القضائية لاستعادة جنسيتها، قد تضطر بيغوم في النهاية إلى تحمّل مسؤولية أفعالها أمام المحكمة.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل