Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مخاوف من عودة ظاهرة الانتقام العشائري لخلفيات سياسية في غزة

مقتل مسؤول فلسطيني في القطاع والفصائل المسلحة قلقة ومساع للمعالجة

فلسطينية تحاول رفع العلم الفلسطيني فوق السلك الشائك الفاصل بين قطاع غزّة وإسرائيل (اندبندنت عربية)

فوجئت القوى الأمنية والشرطية (تسيطر عليها حركة "حماس") في قطاع غزّة، بحادثة مقتل العقيد جبر القيق (موظف في السلطة الفلسطينية)، على يد شبان غاضبين من عائلة بدوية كبيرة، انتقاماً لمقتل والدهم قبل حوالى 32 عاماً، خلال الانتفاضة الأولى عام 1987، وأثارت هذه الحادثة مخاوف من عودة ظاهرة الانتقام العشائري على خلفية قضايا سياسية.

وفي الواقع، كثيرة هي حالات القتل التي حدثت إبان الانتفاضة الأولى وغيرها من الأوقات على خلفيات سياسية أو وطنية بتهمة التخابر مع إسرائيل.

الثأر على خلفية وطنية

وبعد قدوم السلطة الفلسطينية عام 1994، وفي عهد منظمة التحرير الفلسطينية، كان يتمّ التحقيق مع المتخابرين وفقاً للقانون الثوري، ومَن يثبت تورطه مع إسرائيل يتمّ تنفيذ حكم الإعدام به بعد اتخاذ إجراءات قانونية عدة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتكرر كذلك مشهد القتل على خلفية سياسية، في أحداث الاقتتال الفلسطيني عام 2006، عندما سيطرت حركة "حماس" على قطاع غزّة بقوة السلاح، بعد فوزها في الانتخابات التشريعية آنذاك، وراح ضحية ذلك الاقتتال المسلح بين حركتي "حماس" و"فتح" حوالى 300 فلسطيني.

ووصل عدد جرائم القتل في فلسطين منذ عام 2013 حتى 2018 حوالى 166، بدوافع مختلفة وغير مقتصرة على خلفيات سياسية، وكانت عام 2013 حوالى 23 جريمة قتل، وفي 2014 وصلت إلى 31 جريمة، أما عام 2015 فبلغ عددها 42 جريمة قتل، وعام 2016 انخفضت إلى 33 جريمة، وارتفعت مجدداً عام 2017 إلى 37.

غطاء فصائلي

والتخوف الحقيقي، بات يتمثل في فتح ملف قضايا القتلى من قِبل ذويهم، والثأر لهم بارتكاب جرائم قتل جديدة، ما يؤثر سلباً في السلم الأهلي والمجتمعي، ويهدد بإثارة الفتنة والاقتتال الداخلي، لذلك اتفقت الفصائل على إغلاق هذه الملفات ورفع الغطاء العشائري عن أيّ محاولة قتل تتم خصوصاً تلك التي لها دوافع ثأرية.

ويقول رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني صلاح عبد العاطي إن الأخذ بالثأر جرم وفقاً للقانون، ومحرّم في الشريعة الإسلامية، وفي القضية الفلسطينية الكثير من هذه الحالات التي حصلت تحت غطاء الفصائل ولدوافع وطنية، وإذا حاول أهالي القطاع الانتقام فإن ذلك يتسبب بفتنة داخلية.

وفي حقيقة الأمر، فإن منفّذ القتل لم يأخذ القرار بنفسه، بل تلقى تعليمات فصائلية، وفقاً لبيان صحافي أصدرته الجبهة الشعبية، جاء فيه أن كل من كان يُعدم خلال الانتفاضة الأولى ومتورطاً مع إسرائيل، ويثبت ذلك بعد التحقيق معه، يتم إعدامه بقرار وطني.

انتقام عشائري

لكن ما كان معروفاً عند الفلسطينيين، وبالتحديد لدى القبائل البدوية، الأخذ بالثأر، والقاتل يقتل ولو بعد حين، وفي وقت سابق، نفذت أكثر من عملية انتقام عشائري، إذ نفذ أبناء القتلى المتهمين بالتخابر مع إسرائيل أكثر من جريمة قتل، كان معظمها في الضفة الغربية.

لكن القانون الأساسي الفلسطيني جرّم القتل على خلفية الأخذ بالثأر بشكل عام، وكذلك على خلفية الانتقام العشائري عندما يتعلق الأمر بقضايا وطنية، وجرى قتل المتخابر بغطاء فصائلي أو وفقاً للقانون الثوري، واعتبر أن القائم بالانتقام أو مَن يحاول أخذ حقه بيده، خارج عن القانون ويعاقب.

وأجمعت المؤسسات الحقوقية العاملة في الأراضي الفلسطينية على تجريم القتل تحت أي ظرف كان، ويؤكد عبد العاطي ضرورة احترام مبدأ سيادة القانون، واللجوء إليه للفصل في قضايا النزاع، وتجنيب المجتمع ويلات الانجرار إلى ردود الأفعال التي يدفع ثمنها المواطنون الأبرياء.

تفاصيل الحادثة الأخيرة

وفي تفاصيل جريمة قتل العقيد جبر القيق، اعترضت دراجة نارية يستقلها شخصان طريق القيق الذي كان يسير في شوارع غزّة، وترجل باتجاهه أحدهم وأطلق عليه النار من مسافة قريبة، وأصابه بطلقات عدة مباشرة في مختلف أنحاء جسده، ثم أمسك الآخر بسكين، وطعنه طعنات متتالية في رقبته بطريقة أقرب للذبح. والقتيل القيق أسير سابق قضى أكثر من 15 عاماً في السجون الإسرائيلية، وكان أحد أعضاء القيادة الموحدة للانتفاضة الأولى (تشكل إلى حدّ ما السلطة الحاكمة قبل قيام السلطة الفلسطينية عام 1994)، وكان عنصراً في مجموعات "النسر الأحمر" التابعة للجبهة الشعبية (توكل إليها مهمة التحقيق مع المتخابرين وإعدام من تثبت عليه الأدلة).

وكان القيق قبل حوالى 32 عاماً عندما كان يعمل في مجموعات "النسر الأحمر"، قد حقق من مواطن من عائلة الصوفي وأثبت عليه بالأدلة التخابر مع إسرائيل ونفذ بحقه حكم الإعدام، والقضية لم ينسها أولاد المقتول، وأصروا على الأخذ بالثأر، وقتل القيق للصوفي واحدة من بين مئات العمليات المماثلة، والظاهر أن أصحابها لم ينسوها على الرغم من مرور السنين.

رفع الغطاء العشائري

وأثارت هذه القضية مخاوف لدى الفصائل الفلسطينية والمواطنين، من عودة ظاهرة الانتقام العشائري على خلفية قضايا الأخذ بالثأر، ما دفع الفصائل إلى التحرك السريع، والمطالبة برفع الغطاء العشائري، خوفاً من تحول ذلك إلى فتنة داخلية وإثارة حالة من انعدام الأمن في غزّة.

وبحسب الفصائل الفلسطينية، فإن ملفات الإعدام والتحقيق مع المتخابرين التي قادتها الأجنحة الضاربة التابعة لها في الانتفاضة الأولى، هي ملفات وطنية وخط أحمر لا يجوز استحضاره في الوقت الحالي، ومحاولة فتح هذا الملف الخطير الذي تم الإجماع على إغلاقه، أمر مرفوض وطنياً.

وخوفاً من عودة هذه الظاهرة، تسعى حركة "حماس"، في إطار الجهود التي تبذلها لجنة المصالحة المجتمعية، لتسوية ملفات ضحايا الاقتتال الفلسطيني عام 2006، من خلال إغلاق ملفات الثأر السياسية والعائلية وتعمل على ذلك منذ ثلاث سنوات تقريباً، ونجحت في إغلاق حوالى 200 ملف، وحصلت على أوراق براءة والتزام بعدم الأخذ بالثأر من عائلات المقتولين، حرصاً على الأمن والسلم المجتمعي وتطبيقاً للقانون وحماية للمواطنين.

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات