Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"مناعة القطيع" مرتفعة أصلا في بريطانيا فتمنع تجدد كورونا

ملامستها الـ20 في المئة تكفي وفق نماذج الكمبيوتر

تعاني بريطانيا سنوياً ضربات الإنفلونزا الشبيهة بكورونا وقد تكون لديها مناعة ضد موجة ثانية من الفيروس (ماركتووتش.كوم)

تبيّن أنّ مستويات ما يُسمّى "مناعة القطيع" herd immunity  (المناعة الجماعية) لدى سكان المملكة المتحدة ربما تكون أصلاً مرتفعة بما يكفي لمنع موجة ثانية من فيروس كورونا، بحسب دراسة حديثة أعدّها علماء في جامعة "أكسفورد" البريطانية، إذ يعتقد باحثون أنّ بعض سكان المملكة المتحدة ربما يحظون فعلياً بمستوى مرتفع من المناعة ضدّ "كوفيد-19" من دون أن يكونوا قد أُصيبوا به أبداً.

في ورقة بحثية لم تخضع بعد للتقييم من علماء نظراء، يشير أولئك الباحثون إلى أدلة تفيد بأنّ التعرّض لفيروسات كورونا الموسميّة، كالزكام والإنفلونزا، ربما زوّدت بعض السكان مسبقاً بدرجة من الحصانة ضدّ الفيروس، ويذكرون أنّ البعض الآخر يُحتمل أن يكون أكثر قدرة على مقاومة العدوى بشكل طبيعي. واستطراداً، يُشار إلى أن فيروس "كورونا المستجدّ" الذي تنتج منه جائحة عالمية حاضراً، ينتمي إلى عائلة كورونا الفيروسات ذاتها التي تسبّب الإنفلونزا الموسمية سنويّاً.

وباستخدام نماذج حوسبة افتراضية على الكمبيوتر، جرت دراسة كيفية تأثير المستويات المختلفة من مناعة الأفراد المُسبقة (الآتية من تعرضهم لفيروسات عائلة كورونا)، وتبين أنها تلامس الحدّ الأدنى الإجمالي المطلوب لمنع عودة ظهور الفيروس. واستطراداً، وجد الباحثون أنّ ذلك المستوى ربما ينخفض إلى 20 في المئة من إجمالي السكان.

"ثمة اعتقاد شائع بأنّ الحدّ الأدنى المطلوب للحصول على مناعة القطيع تكفي كي تكبح تجدّد موجة "سارس كوف 2" (تسمية أخرى لفيروس "كورونا المستجدّ") يزيد على 50 في المئة بالنسبة إلى كل البيئات الوبائية"، وفق ما كتب البحّاثة هوزيه لورينكو وفرانشيسكو بينوتي وكريغ تومسون وسونترا غوبتا، الذين يعملون في جامعة "أكسفورد".

ومن ناحية أخرى، "في هذه الدراسة، نُثبت أنّ الحدّ الأدنى لمناعة القطيع يمكن خفضه إلى درجة كبيرة إذا توقّف جزءٌ ضئيلٌ من السكان عن نقل عدوى الفيروس بفضل وجود مقاومة فطرية أو مناعة شاملة لديه، من جراء التعرّض لفيروسات كورونا الموسمية"، بحسب أولئك الباحثين.

وأضافوا، "تساعد هذه النتائج في تفسير الدرجة الكبيرة من التباين الإقليمي الذي لوحِظ في "الانتشار المصلي" seroprevalence  (عدد الأشخاص الذين ثَبُتت إصابتهم بمرض ما في وقت وبلد معيَّنَيْن اعتماداً على تحليل عيّنات الدم) والوفيات التراكمية، وتشير إلى أنّ ما يكفي من مناعة القطيع ربما يكون موجوداً أصلاً ليخفِّف بدرجة كبيرة من موجة ثانية محتملة". وعلى المنوال ذاته، حدّدت عمليات حسابية مماثلة أجرتها غابرييلا غومز، أستاذة الرياضيات والإحصاءات في جامعة "ستراثكلايد"  Strathclyde University في بريطانيا، الحدّ الأدنى اللازم لمناعة القطيع عند مستوى أقل من 20 في المئة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتذكيراً، بالنسبة إلى الأمراض التي تتوفّر لها لقاحات، غالباً ما تُحتَسَب مناعة القطيع مع افتراض أنّ الجميع يحظى بالمستوى ذاته من المناعة، ويُعرف ذلك باسم "النموذج المتجانس". ولكن، على غرار بقية المشاركين في البحث من علماء "أكسفورد"، انكبّت الدكتورة غومز على دراسة ما يُعرف بـ"النماذج غير المتجانسة" التي تعمل على أساس وجود مستويات شديدة التفاوت من المناعة بين السكان.

واستطراداً، يكون ممكناً أن يعطي النموذجان نتائج مختلفة جداً. في هذا الصدد، صرّحت الدكتورة غومز إلى صحيفة "أتلانتيك" The Atlantic الأميركية الصادرة الأسبوع الماضي، أن "لا حاجة إلى وجود تباين كبير بين السكان كي تتباطأ سرعة انتشار الأوبئة بدرجة عالية". وأردفت "تبدو حالات التفشّي متشابهة في البداية. وفي المقابل، مع وجود مستويات متباينة في مستوى المناعة لدى السكان، لا يُصاب الأفراد بصورة اعتباطية". ووفق غومز، "إنّ الأشخاص الأكثر قابلية لالتقاط العدوى يتعرضون للإصابة قبل غيرهم. نتيجةً لذلك، ينخفض متوسط القابلية للعدوى مع مرور الوقت"، مضيفةً "نعيد إجراء النماذج، وما زالت تعطينا نتيجة أقل من 20 في المئة. إنّه أمر مدهش للغاية".

في وقت سابق من الأسبوع الحالي، أفادت دراسة أجرتها جامعة "كينغز كوليدج لندن" King’s College London  بأنّ المناعة ضدّ "كوفيد-19" تختفي في غضون أشهر، ما يشير إلى أنّ كورونا قد يتحوّل إلى فيروس متوطّن. وفي تلك الدراسة، وجد الباحثون أنّ 60 في المئة من الأشخاص احتفظوا بمستوى "قويّ" من الأجسام المناعية المضادّة اللازمة لمقاومة حالات العدوى المستقبلية في الأسبوعين الأولين من ظهور الأعراض عليهم. ولكن تلك النسبة انخفضت إلى أقل من 17 في المئة بعد الأشهر الثلاثة التي تلت إصابتهم بالعدوى. وفي هذا الصدد، ذكر البروفيسور جوناثان هيني، عالم فيروسات في جامعة "كامبريدج"، إنّ تلك النتائج وضعت "مسماراً آخر في نعش المفهوم الخطير لمناعة القطيع".

وتذكيراً، إنّ مفهوم مناعة القطيع، الذي يشكّل مصطلحاً تخصّصياً متروكاً لعالم علماء الأوبئة، أصبح مسيّساً في المملكة المتحدة بعدما كشف رئيس الوزراء بوريس جونسون عن أنّ "داونينغ ستريت" (مقر رئاسة الحكومة) قد ارتأى ترك البلاد تتحمّل وطأة الفيروس "بشجاعة" عوض فرض تدابير إغلاق صارمة. وبينما حاول وزراء الحكومة إنكار أنّه قد نُظر إلى الاعتماد على "مناعة القطيع" كتكتيك محتمل، دافع باتريك فالانس (كبير المستشارين العلميّين) عن محاولة "توسيع ذروة التفشّي" في سبيل "تكوين نوع من مناعة القطيع"، خلال 10 أيام حاسمة قبل فرض بريطانيا قيود الإغلاق. يومذاك، ذكر باتريك إنّ ذلك سيعني أنّ "أناساً كثيرين سيكونون محصّنين ضدّ هذا المرض، وأنّنا نخفّض من انتقال العدوى، وفي الوقت ذاته نحمي أولئك الأكثر عرضة للإصابة به. أغلب الظن، في اعتقادي، أن يصبح كورونا فيروساً سنوياً وعدوى موسمية سنوية".

ولكن في يونيو (حزيران) الماضي، أوضح البروفيسور نيل فيرغسون الذي ساعدت النماذج التي وضعها في صياغة استراتيجية الاستجابة لفيروس كورونا، أنّ دخول البلاد في إغلاق قبل أسبوع واحد من بدء تطبيق إجراءات العزل كان ليؤدي إلى خفض عدد الوفيات الناجمة عن الإصابة بالفيروس في المملكة المتحدة بمقدار النصف. وقد بلغت تلك الوفيات وفق أرقام الحكومة 45 ألفاً و119 وفاة.

© The Independent

المزيد من صحة