Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إيران تتحول إلى لاعب مركزي في المعركة الانتخابية الإسرائيلية

ألغى نتنياهو وغانتس المحرمات واقتحما الملف الأمني من أجل الحصول على كرسي الرئاسة

المرشح إلى الانتخابات الإسرائيلية بيني غانتس في لقاء مع أعضاء حزبه "أبيض أزرق" (أ.ف.ب)

مع بداية العد التنازلي واحتدام المعركة الانتخابية في إسرائيل ونشر نتائج استطلاعات تشير إلى أن مكانة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو باتت في خطر، شحذ رجاله السكاكين واستلّوا كل ما لديهم من أسلحة فتاكة وألغوا المحرمات، وقادوا المنافسة إلى أدنى مستوى في تاريخ السياسة الإسرائيلية، باستغلال المسائل الأمنية. مع العلم أن المتنافسَين هما حزب رئيس الحكومة وكبار الوزراء، الليكود، وحزب الجنرالات، بزعامة بيني غانتس، "حزب أبيض أزرق"، الذي يضم ثلاثة رؤساء أركان سابقين للجيش ووزير أمن.

الملف الأمني حساس جداً في السياسة الإسرائيلية، ولطالما استخدمه القادة الإسرائيليون في حملات التبجح بـ "عظمة القوة الإسرائيلية أمام الأعداء". لكنهم هذه المرة تلاعبوا به بطريقة جعلت "الأعداء" يفركون أيديهم فرحاً بإنجازاتهم. فأظهروا إسرائيل في أضعف صورها الاستخبارية، مكشوفة ومخترقة لمصلحة التجسس الإيراني. هكذا، نجحت إيران، من دون أن تقصد، في أن تغدو لاعباً في المعركة الانتخابية الإسرائيلية.

استهلك نتنياهو مساحة كبيرة من صفحاته على شبكات التواصل الاجتماعي لدعايات انتخابية تشكل إيران فيها عاملاً مركزياً. لكن هذه المرة ليس من خلال أنه القائد الوحيد القادر على مواجهتها أمنياً، كما اعتاد عليه الإسرائيليون، بل للتحريض على منافسه الأقوى، غانتس، إلى حد اتهامه بأنه بات عنصراً مهماً لدى إيران ومدعوماً منها من أجل إسقاط نتنياهو.

هذه الحملة العدائية بدأت لدى تسريب معلومات بأن إيران اخترقت هاتف غانتس، وتنصّتت عليه وحصلت على معلومات أمنية حساسة. هكذا، بدأت الكرة الإيرانية تتدحرج بين الأحزاب الإسرائيلية ليأتي الرد على ما ورد عن غانتس بأن إيران اخترقت هاتفَي زوجة رئيس الحكومة سارة نتنياهو وابنه يائير، لتطلع على تفاصيل بيته وعائلته.

هذه التطورات أظهرت في شكل لا يقبل التأويل أن هذه الانتخابات جعلت كل شيء مباحاً لدى القيادة الإسرائيلية، لما اعتبرته القيادات السياسية والأمنية والعسكرية كافة بقرة مقدسة لا يمكن المساس بها. فالحرب المتبادلة بين نتنياهو وغانتس حول التنصّت الإيراني اعتبرها كثيرون مساً خطيراً بأمن إسرائيل، الذي أعقبته قضايا لا تقلّ خطورة، بينها الغواصات الألمانية.

غانتس حاول التخفيف من أبعاد هذه القضية واعتبرها هامشية للغاية، قائلاً "لا يمكن أن أتأثر بسبب ذلك. لا يوجد شيء قد يوجب التدخل في أدائي كموظف مسؤول. إذا كان الناس يسعون إلى استقالتي، فهم مخطئون". وأضاف "زوجتي تدعمني من هنا وحتى إشعار آخر"، في إشارة على ما يبدو إلى إشاعات بأن الهاتف يحتوي على مواد جنسية، كما حلّل البعض.

في حرب المتنافسين على هذه القضية رد حزب نتنياهو بالقول إن "غانتس لن يكون قادراً على محاربة إيران، لأن الجمهورية الإسلامية لديها معلومات حساسة عنه. فالرجل الذي يكون لدى عدو إسرائيل الأول، إيران، معلومات حساسة عنه ويرفض الكشف عنها لشركائه السياسيين والمواطنين الإسرائيليين، سيكون عرضة للابتزاز ولا يمكنه مواجهة التهديد الإيراني".

غواصات ألمانية إلى مصر

قبل أن تهدأ حرب التنصّت الإيراني على الهواتف، أشعلت المنافسة بين نتنياهو من جهة، وغانتس ومرشّحي حزبه الذين شغلوا مهامّ عسكرية وأمنية سابقة، غابي أشكنازي، موشيه يعالون وغيرهما، جانباً أمنياً آخر يتعلّق بالغواصات، التي لطالما تفاخرت إسرائيل بحيازتها، من أجل الحفاظ على أمنها ومواجهة أخطر السيناريوات المتوقعة، خصوصاً من إيران. إذ اختار غانتس مواجهة ما تعرض له من تهم بتوجيه تهمتي الاختلاس والفساد إلى نتنياهو في أكثر القضايا الأمنية حساسية لدى إسرائيل، وهي الغواصات التي حصلت عليها من ألمانيا. وعقد مؤتمراً صحافياً، بمشاركة يعالون وأشكنازي ويائير لبيد، ليرفع الثلاثة حملة التحريض على نتنياهو إلى ذروتها، موجهين إليه تهمة الاختلاس واتخاذ قرارات فردية من دون العودة إلى الأجهزة الأمنية، وبذلك أرادوا تبرئة أنفسهم، إذ كانوا في تلك الفترة يشغلون مناصب مهمة في رئاسة الأركان ووزارة الدفاع.

وفق غانتس، فإن نتنياهو أخفى أنه تلقى 16 مليون شيكل من الصفقة، معتبراً ذلك "أزمة ثقة خطيرة جداً". أما يعالون فوصف الغواصات التي اقتنتها إسرائيل من ألمانيا بـ "أداة إستراتيجية من الدرجة الأولى"، مشيراً إلى أن الجهات الأمنية وذات الشأن، قرّرت أنه لا توجد حاجة لشراء أكثر من خمس غواصات لضمان أمن إسرائيل، غير أن نتنياهو قرر زيادتها إلى تسع غواصات، خلافاً لموقف الأجهزة الأمنية ومن دون استشارتها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

اعتبر غانتس هذه القضية أكبر قضية فساد متعلقة بالأمن في تاريخ إسرائيل، داعياً إلى تشكيل لجنة رسمية للتحقيق في دور نتنياهو في "قضية الغواصات"، أو المعروفة بملفات الفساد، التي يُحقّق معه ومع آخرين في شأنها، بـ "القضية 3000".

أما أشكنازي فقال إنه تلقى تعليمات بشراء غواصة سادسة، من دون أن يعرف من أين وصلت هذه التعليمات، ومن دون أن تعرف الأجهزة الأمنية أن رئيس الحكومة متورّط ويملك أسهماً في الشركة التي تعقد صفقات مع حوض السفن الألماني، المعروفة باسم شركة "تيسنكروب".

وخلال هذه التصريحات اتّسع النقاش الإسرائيلي حول الغواصات الإسرائيلية إلى الغواصات التي حصلت عليها مصر من ألمانيا. فهذه العملية تمت في فترة تولي أشكنازي رئاسة أركان الجيش، الذي قال خلال حديثه عن ملف الغواصات إن نتنياهو صادقَ على أن تبيع ألمانيا غواصات متطوّرة لمصر من دون علم الأجهزة الأمنية.

هذه التصريحات وضعت ملف الغواصات المصرية على رأس أجندة الأجهزة الأمنية. واعتبرت مصادر أن حصول مصر على الغواصات الألمانية يشكل تحدياً للجيش الإسرائيلي في المستقبل، خصوصاً لسلاح البحرية الإسرائيلي.

فتح ملف "3000"

لم يتوقّف تدحرج كرة الغواصات عند الحديث على التحديات الأمنية. إذ حفزت من جديد المطالبة بفتح ملف التحقيق فيها. وكتبت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية تحت عنوان "ليفتح ملف 3000 من جديد"، "كشف مكتب مراقب الدولة، أخيراً، أن نتنياهو لم يقل الحقيقة. فرئيس الوزراء وشريكه في الملف، ميليكوبسكي، لم يتحدثا عن الصفقات فقط، بل كانا شريكين في مصنع صلب بِيع إلى شركة غرفتيك، موردة تيسنكروب. أما الأسهم فاشتراها نتنياهو عندما كان رئيساً للمعارضة. يتبين أن نتنياهو أجرى خروجاً جميلاً بمقدار 16 مليون شيكل بعد بيع أسهمه في نوفمبر (تشرين الثاني) 2010، في إطار دمج المصنع في أعمال الشركة التجارية، عندما كان رئيس الوزراء".

ووفق "هآرتس"، الحقائق الجديدة تخلق ظاهراً صلة تجارية بين نتنياهو و"تيسنكروب"، على الأقل منذ بداية البحث في شراء الغواصة السادسة من الشركة. ويحتمل أن يكون هذا حتى نهاية العام 2015، ذروة أحداث قضية الغواصات. ذلك أن ميليكوبسكي واصل حيازة الأسهم في الشركة حتى أغسطس (آب) من تلك السنة.

ودعت الصحيفة إلى إعادة فتح الملف والتحقيق مع نتنياهو، مؤكدة أنه "يُحظر أن تبقى سحابة سوداء تحوم فوق هذه القضية الخطيرة، التي تلوثت فيها المصلحة الأمنية لمواطني إسرائيل لقاء جشع المال".

لكن نتنياهو لا يتأثر كثيراً بهذه المطالب. فهو يبني معركته الانتخابية على سيناريو هزم منافسيه في الانتخابات. فعندما يفوز، يتولى مهمة طمس هذه القضايا، بواسطة سن قوانين جديدة تمنع محاكمة رئيس الحكومة خلال أدائه منصبه. والاستطلاعات تشير إلى أن الجمهور يؤيده في هذا أكثر من تأييد غانتس، إذ إن شعبية الأخير آخذة في التراجع بينما شعبية نتنياهو آخذة في الارتفاع.

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات