Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سحب "هواوي" من الشبكة البريطانية للجيل الخامس كان شبه حتمي

كيم سنغوبتا يكتب قائلاً إن العقوبات الأميركية تميل كفة الميزان ضد مصلحة الشركة الصينية

يرى خبراء أن الإجراءات الأميركية ضد شركة "هواوي"، قوضت قدرتها على أداء دور المورد الموثوق به إلى بريطانيا (رويترز) 

لا يمثل الإعلان عن أن "هواوي" ستُمنَع من المشاركة في الشبكة البريطانية للجيل الخامس في السنوات المقبلة مفاجأة كبيرة. فذلك كان النتيجة المتوقعة على نطاق واسع فور الأمر بإجراء تحقيق في أثر العقوبات الأميركية المفروضة على الشركة الصينية للاتصالات.

ولم تملك حكومة بوريس جونسون خياراً في مسألة إنهاء مشاركة "هواوي" بعد المعارضة المستمرة من الحلفاء، لا سيما الولايات المتحدة، وتغير الموقف الجيوسياسي الدولي من الصين بعد جائحة فيروس كورونا والتمرّد المتزايد في صفوف نواب حزب المحافظين.

لكن هل الموقف هذا انقلاب رأساً على عقب مثل تلك المواقف التي أصبحت حكومة بوريس جونسون تُشتهَر بها، مع التذرّع بتقرير العقوبات؟ أو هل جعلت الإجراءات الأميركية حضور شركة "هواوي" محفوفاً بالخطر إلى درجة وجب معها التخلّص منه؟ وفي حال وجود هذا الكم من القلق الآن في شأن الأمن القومي، لماذا تبقى الشركة في شبكة الجيل الخامس لسبع سنوات أخرى وفي شبكة كل من الجيلين الثالث والرابع لمدة أطول حتى؟

في يناير (كانون الثاني)، قررت الحكومة البريطانية السماح لـ"هواوي" بالمشاركة في شبكة الجيل الخامس، لكنها حدّدت سقف المشاركة بـ35 في المئة. وجرى ذلك على الرغم من تحذيرات أطلقتها إدارة دونالد ترمب من أن الخطوة هذه تهدّد التعاون الاستخباري الأميركي البريطاني وقرار عدد من الحلفاء، بما في ذلك أستراليا، القاضي بحظر الشركة الصينية المتعددة الجنسيات من المشاركة في بنيتها التحتية.

لكن الضغط استمرّ مع تحذير بعض السياسيين الأميركيين من أن تجاهل مخاوف واشنطن حول الأمن قد يثير مشكلات للاتفاق التجاري بين البلدين، وهو، الاتفاق، من المكافآت المفترضة لبريكست. في غضون ذلك، برز نفور من الحكومة الصينية في صفوف النواب وصنّاع الرأي، في بريطانيا وسواها، بسبب مزاعم مفادها بأنّ بيجينغ أخفت عمداً معلومات عن الانتشار المبكر لفيروس كورونا.

ثم جاءت عقوبات واشنطن على استخدام مكونات أميركية في معدات "هواوي". وأمر مكتب رئيس الوزراء بسرعة المركز القومي البريطاني للأمن السيبراني بإجراء مراجعة طارئة، وبدأت الإحاطات تشير إلى أن بوريس جونسون أراد إخراج "هواوي" تماماً من الشبكة البريطانية بحلول عام 2023. وهذه مهلة اعتبرتها الأوساط الصناعية والأمنية غير واقعية والغاية من إعلانها العلاقات العامة في شكل رئيس.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واستنتج المركز القومي للأمن السيبراني أن الإجراءات الأميركية جعلت "هواوي" غير مأمونة. وحاول المدير التقني للمركز أيان ليفي أن يشرح: "تنصّ القاعدة [الأميركية] المعدّلة على أن أحداً، في أي مكان في العالم، لا يستطيع أن يرسل إلى هواوي رقائق صمّمتها هواوي إذا كانت ثمة تكنولوجيا أميركية مستخدمة في أدوات التصميم أو عمليات التصنيع".

وأضاف "هذا لا يعني فقط أن هواوي لا تستطيع استخدام أدوات تصميم تتضمّن تكنولوجيا أميركية. هو يعني أيضاً أن أي أحد آخر لا يستطيع أن يأخذ تصميماً من هواوي ويحوّله إلى تعليمات لتصنيع رقائق باستخدام أدوات تتضمّن تكنولوجيا أميركية".

ويقول السيد ليفي إن مخالفة ذلك ستعني أن الشركة تنتهك القوانين الأميركية وتصنّع الرقائق على أي حال: وهكذا على "هواوي" أن تستبدل الرقائق التي لم تصمّمها الشركة بمكونّات أميركية، أو على جهة ما صنع أدوات جديدة ووضع عمليات تصميم جديدة للرقائق من دون استخدام تكنولوجيا أميركية. ويضيف أن هذه الخيارات ليست مجدية لأسباب قانونية أو تقنية أو أمنية.

لكن عدداً من المحللين السيبرانيين يقولون إن الاستغناء عن "هواوي" لا يعود إلى أسباب أمنية، كما تزعم الحكومة، بل لأن الإجراء الأميركي حرم الشركة من القدرة على العمل كمورّد موثوق به.

وكتب رئيس البحوث السيبرانية في المعهد الملكي للخدمات الموحدة جيمس سوليفان والزميل المميز في المؤسسة البحثية ذاتها، كونراد برنس، في ورقة صدرت بعد القرار الذي أُعلِن الثلاثاء يقولان: "قد تعني الاستراتيجية الأميركية الحازمة المتمثّلة في جعل هواوي غير مجدية عملياً أن الشركة لا يمكن اعتبارها مورّداً يُعتَمَد عليه بشكل كاف في الأجل المتوسط إلى الأجل البعيد".

وأضافا: "بالنسبة إلى المملكة المتحدة، يتعلّق الأمر بقدرة هواوي على توريد مكوّنات جرى التحّقق منها أو إجراء صيانة، بدلاً من أي كشوف مهمة جديدة في مجال الأمن السيبراني. لكن إذا وضعنا أثر العقوبات جانباً، وابتعدنا حتى عن الدور الصغير نسبياً المتصور لهواوي في الشبكة البريطانية للجيل الخامس، من غير المرجح أن يجعل هذا التغيير في السياسات الشبكة أكثر أمناً على الصعيد المادي".

وقالا: "يعتمد الغرب على الصين في شكل واضح، وليست شبكات الجيل الخامس سوى وجه واحد وصغير نسبياً من وجوه هذا الاعتماد. وإذا كانت غاية النهج الجديد للمملكة المتحدة الانفكاك التكنولوجي عن الصين، فستحتاج البلاد إلى جهد جدّي ومتماسك تبذله الحكومات الغربية والصناعة الغربية في سبيل ذلك".

والواقع أن عدداً من الدول، ليس فقط في الغرب بل في أماكن أخرى، تنظر إلى الانفكاك عن الصين وتدرس الجانب الأمني للاستثمار الصيني في الصناعات الاستراتيجية، بما في ذلك الرعاية الصحية، في أعقاب جائحة فيروس كورونا.

واتّخذت كندا وأستراليا والهند وإسبانيا وفرنسا إجراءات في هذا الصدد. واقترحت المسؤولة عن السياسات الخاصة بالمنافسة في الاتحاد الأوروبي مارغريت فيستاغر، أن تنظر الدول في امتلاك حصص في شركات مهدّدة بالاستحواذ، لا سيما من قبل شركات صينية.

لكن المملكة المتحدة ستواجه صعوبة أكبر في هذا الأمر مقارنة بعددٍ كبيرٍ من البلدان الأخرى لأن الحكومات المتعاقبة، لا سيما حكومة ديفيد كاميرون، حاولت جاهدة رعاية التجارة الصينية، وهي عملية أصبحت أكثر إلحاحاً مع الأحوال الاقتصادية غير المستقرة الناجمة عن بريكست.

© The Independent

المزيد من تقارير