Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الحكومة البريطانية تغامر بالمراهنة على تعاف اقتصادي سريع

شكوك متزايدة في عودة الانفاق الاستهلاكي والاستثمار المؤسساتي

أسواق المال هبطت بسرعة هائلة إثر جائحة كورونا، لكن صعودها بسرعة مماثلة ليس مضموناً (أ ف ب)

المصائب لا تأتي فرادى. وجاءت ضربة مزدوجة من الأخبار الاقتصادية السيئة للحكومة الثلاثاء الماضي. وقد جاء أولها من أرقام الناتج المحلي الإجمالي المخيبة للآمال في مايو (أيار) المنصرم، وثانيها من التوقعات الجديدة المتشائمة الصادرة عن "مكتب مسؤولية الموازنة".

إذ تمثّل الأمل الكبير للاقتصاد في الأشهر الأخيرة في التعافي  "على شكل الحرف "في" V" [ أي ارتفاع بعد هبوط]. ونعرف أن انهيار النشاط في مارس (آذار) وأبريل (نيسان) اتّخذ أبعاداً تاريخية بسبب الإغلاق والأزمة الصحية. في المقابل، أشارت علامات من مصادر جديدة للبيانات كأدوات متابعة الحركة ومعاملات المستهلكين وبعض استطلاعات الرأي المخصصة للشركات، إلى أن الانتعاش سيكون مثيراً للإعجاب بالقوة نفسها [التي رافقت الهبوط].

ومن المؤسف إن أحدث البيانات "الصلبة" من "مكتب الإحصاءات الوطنية" Office for National Statistics عن نشاط الاقتصاد في مايو مع بداية تخفيف الإغلاق [الحجر]، تتعارض مع الانطباع بقيامة ظافرة تشبه قيامة طائر الفينيق [طائر أسطوري ينهض من رماد موته محلقاً] لاقتصاد المملكة المتحدة.

ففي أي شهر عادي، سيمثّل التوسع بـ1.8 في المئة في النشاط الإجمالي في مجرد أربعة أسابيع أداءً هائلاً. لكن، في أعقاب الانخفاض الذي شهده أبريل (نيسان) بـ20 في المئة، يبدو المجموع الإجمالي للنشاط الاقتصادي ضئيلاً. وفي وقت سابق، عقد عديد من المحللين الأمل على تحقيق قفزة بنسبة خمسة في المئة، مع تحسّن أكبر في يونيو (حزيران).

سيكون من السابق لأوانه التخلي عن الأمل في انتعاش قوي. في المقابل، من المؤكد أن الانتعاش لا يمكن اعتباره أمراً مسلماً به الآن.

وإذ تشكّل البيانات الرسمية مؤشراً فعلياً عن حقيقة الأمور، في نظر الذين أولوا كثيراً من الثقة مؤشرات النشاط الجديدة التي لم تُختَبَرْ بعد.

وعلى نحوٍ مماثل، ربما كانت الحكومة تأمل في أن تتلقى بعض الأخبار الإيجابية من "مكتب مسؤولية الميزانية" OBR هذا الأسبوع، نظراً إلى أن الإغلاق خُفِّف في وقت أقرب مما افترضه المكتب المتخصص بالتوقع عندما رسم "السيناريو" الخاص بأبريل.

واستطراداً، اشتبه عديد من المحللين في أن المكتب بالغ عندما توقع انهياراً بنسبة 35 في المئة في النشاط في الربع الثاني من 2020.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقد قلّص "مكتب مسؤولية الميزانية" OBR هذه النسبة الثلاثاء الماضي. ومع ذلك، كانت الرسالة التي بعث بها ذلك المكتب المستقل المتخصص بالتوقع والمراقبة لمصلحة وزارة المالية، أكثر تشاؤماً مما كانت عليه قبل ثلاثة أشهر، وليس أقل تشاؤماً.

ويظهر السيناريو الأساسي الجديد الذي كشف عنه المكتب، انتعاشاً أبطأ مما كان عليه سابقاً، مع "ندوب" دائمة سيعانيها العمال والشركات بسبب الأزمة.

وفي حين أن "مكتب مسؤولية الميزانية" توقع أساساً حدوث انتعاش كامل على شكل الحرف "في" V في أبريل، يبدو الحرف "في" V كأنه مكوّنٌ من ذراعين يفتقران كثيراً إلى التساوي. إذ لا يزال مستوى الناتج الاقتصادي المتوقع في نهاية هذا العام أقل بـ10 في المئة بالمقارنة مع يناير (كانون الثاني) 2020.

والواقع أن التوقعات الأساسية لـ"مكتب مسؤولية الميزانية" لا تزال أقل بما يزيد على ثلاثة في المئة من مستوى الناتج المحلي الإجمالي، بالمقارنة مع المسار المتوقع قبل الأزمة وصولاً إلى عام 2024.

في المقابل، تتلخص الذريعة الوحيدة في أن ذلك المكتب امتنع عن خفض تقديراته للاتجاه الأساسي لمعدل النمو في المملكة المتحدة، أكثر من ذلك.

ومع ذلك، يعنى ضعف نمو الناتج المحلي الإجمالي المحقق في السنوات المقبلة، زيادة الاقتراض العام وزيادة رصيد الدين العام.

ويفيد المكتب بأن العجز هذا العام قد يخترق حاجز 20 في المئة من إجمالي الناتج المحلي اذا تعثر الانتعاش، ما سيكون بسهولة أسوأ عجز في الاقتصاد العام منذ الحرب العالمية الثانية.

في ذلك الصدد، يتمثّل الأمر الأكثر إثارة للقلق في أن "مكتب مسؤولية الميزانية" بات يتوقع ارتفاع عدد العاطلين من العمل إلى 3.5 مليون شخص، أو حوالى 12 في المئة من القوة العاملة، في وقت لاحق من هذا العام، مع بدء تخفيف برنامج الإجازات [الذي يشمل دفع أموال لمن توقفوا عن العمل بسبب إجراءات كورونا، كأنهم في إجازات مدفوعة]. ومن شأن ذلك أن يؤدي إلى ارتفاع معدلات البطالة إلى أعلى مستوياتها منذ ثمانينيات القرن العشرين.

وفي الأسبوع الماضي، أصر وزير المالية ريتشي سوناك على أنه لن يتعامل أبداً مع البطالة الجماعية كأمر "لا يمكن تجنبه". في المقابل، باتت البطالة الجماعية على وجه التحديد تشكل الآن ما يترقبه المتخصصون في التوقعات.

وتبقى التوقعات، بالطبع، توقعات. ويشدد "مكتب مسؤولية الميزانية" على أن شكوكاً هائلة تكتنف المسار الذي سيتخذه الاقتصاد. وقد بالغ المتخصصون في التوقعات في تقدير ارتفاع معدل البطالة بعد الانهيار المالي قبل عقد من الزمن.

من جهة اخرى، ستشكّل الأرقام الجديدة من دون شك عامل تنبيه للحكومة، عن وجه حق.

وكخلاصة، مثّلت القرارات الأخيرة في مجال السياسات، وقد شملت التخفيف الكامل لبرنامج الإجازات بحلول أكتوبر (تشرين الأول)، وإجراءات التحفيز الاقتصادي المتواضعة نسبياً التي كُشِف عنها في الأسبوع الماضي، رهاناً في الأساس على انتعاش على شكل الحرف "في" V يعود فيه الإنفاق الاستهلاكي والاستثمار المؤسسي بقوة، مع أخذ القطاع الخاص على نحو سلس عصا سباق البدل من القطاع العام في مجال توفير فرص العمل والنمو.

تلك المقامرة تبدو الآن أقل عقلانية مما كانت عليه حتى قبل بضعة أيام.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد