Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"محكمة العدل" لم تحسم خلاف قطر مع جيرانها

الدوحة هللت للحكم والسعودية والإمارات اعتبرتاه "جزئية صغيرة"

لا تفرض "إيكاو"، قواعد ملزمة ولكنها تراقب معايير السلامة والأمن التي تتبعها عادة الدول الأعضاء (رويترز)

اختلفت نظرة الخليجيين للحكم الصادر عن محكمة العدل الدولية بشأن تأييدها اختصاص منظمة الطيران المدني العالمية "إيكاو" في نظر الشكاوى حول حظر المجال الجوي. فبينما طارت به قطر والتيار المؤيد لها في المنطقة، اعتبرته السعودية والإمارات "جزئية صغيرة" لا تمس جوهر الخلاف العميق بين الرباعية العربية والإمارة الصغيرة.

وكانت المحكمة أصدرت أسرع أحكامها منذ قضية مضيق "كورفو" بين ألبانيا والمملكة المتحدة عام 1947، عند إقرار فريقها في وقت وجيز برئاسة الصومالي عبد القوي أحمد يوسف أن المنظمة التابعة للأمم المتحدة "إيكاو" يدخل ضمن صلاحياتها النظر في النزاعات الناشئة بين الدول في ما يتعلق بمجال اختصاصها الجوي.

لكن أستاذ القانون الدولي العام البروفيسور أيمن سلامة، رأى أن قرار المحكمة وإن كان غير قابل للاستئناف إلا أن محامي الدول الأربع بوسعهم طلب "تفسير" من المحكمة الدولية للحكم الصادر عنها. وهي آلية قال إنها متبعة في القانون الدولي، وتفتح أمام الجهات المتنازعة ومحاميها ثغرات عدة يمكن توظيفها في التعامل مع القضية موضع السجال والنقاش.

"إيكاو" لن تحل المشكلة

يأتي ذلك في وقت رحبت قطر بالحكم بوصفه "رفض الاستئنافين المرفوعين أمام المحكمة من قبل دول الحصار، وقضت باختصاص منظمة الطيران "إيكاو" بالنظر في الشكوى القطرية".

في حين قالت السفارة السعودية في لاهاي، إنها لا تنظر إلى الحكم بوصفه حاسماً للخلاف الخليجي مع قطر في جوهره أو حتى في قضية حظر أجوائها على الطيران القطري، وإنما "اقتصر على بيان مدى وجود اختصاص لمجلس منظمة الطيران المدني، وليست له علاقة بالأسس الموضوعية في الشكوى المقدمة من دولة قطر". وأيدتها جارتها في المجموعة الإمارات العربية المتحدة، التي أكدت مبعوثتها هناك أيضاً حصة العتيبة أن "العلاقات لن تعود إلا بالتزام قطر باتفاق الرياض، وأن "إيكاو" لن تحل المشكلة".

وذكرت في حديثها مع قناة "العربية" أن مسائل هامة لم يتطرق إليها قرار محكمة العدل ستعرضها بلادها أمام "إيكاو"، لافتة إلى تطلعها أن يستوعب مجلس المنظمة أن بلادها "فرضت إجراءاتها لمنع الطائرات القطرية من دخول مجالها الجوي، باعتبارها أحد الإجراءات العديدة التي اتبعت من قبل عشر دول عقب إنهاء علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، وقد جاء ذلك نتيجة لدعم قطر الطويل الأمد للجماعات الإرهابية والمتطرفة، ومحاولاتها المستمرة لزعزعة الاستقرار في المنطقة".

ما أثر الحكم؟

وحول إلزامية حكم المنظمة وكذلك المحكمة التي اعتبرها الفريق القطري انتصرت له، فإن العتيبة تعتبر "قرار محكمة العدل تقنياً ويتعلق بمسائل إجرائية". ولفتت إلى أن "إجراءاتنا (دول المقاطعة) كانت متعلقة بحماية الأمن القومي، والتنسيق بين الدول الأربع كامل وصوتها واحد".

وكانت المنظمة قررت في 2018 أنها تملك الصلاحية القانونية للبت في خلاف يتعلق بطلب قطر التي تتهم الدول المجاورة لها بانتهاك اتفاق ينظم حرية عبور الطائرات المدنية في الأجواء الخارجية، وهو القرار الذي استأنفته الدول الأربع أمام محكمة العدل الدولية.

ومع أن الموضوع قانوني بحت إلا أنه أثار نقع السجال الحاد بين أطراف القضية، التي زادتها تسجيلات القذافي المسربة تأجيجاً، إذ يعتقد محللون من الدول المقاطعة أنها كشفت حجم المؤامرة التي كانت الدوحة تحيكها لجيرانها. في وقت لا تزال حتى الآن ترفض الاعتذار عن بعض شكاوى أشقائها على الرغم من سعيها بحسب التقارير الأميركية في إنهاء الخلاف الذي أوقعها في موقف صعب.

في غضون ذلك، استبق وزير الدولة للشؤون الخارجية في الإمارات أنور القرقاش صدور الحكم بالتأكيد على أن الموقف تجاه أزمة قطر "شفاف وواضح وضوح الشمس، فنحن طرف ضمن موقف رباعي موحد اضطر إلى اتخاذ إجراءات رادعة تمنع الضرر عن الدول الأربع وتحمي أمنها. وفي هذا السياق نثق ثقة مطلقة في حكمة المملكة العربية السعودية الشقيقة وحزمها في إدارة هذه الأزمة بما يحقق المصلحة المشتركة". ويُعتقد أنه أراد بذلك الرد على أنباء ترددت بأن المصالحة التي تسعى إليها قطر بوساطة كويتية وحرص أميركي كانت قاب قوسين، لولا أن أبو ظبي رفضتها.

الملف الليبي يسرق الأضواء

ويعتقد قرقاش أنه طال الزمن أو قصر فإنه لا عوض عن مصر والرياض والإمارات لمن أراد الاهتمام بالإقليم، ولذلك قال إنه يستغرب "ممن يجاور العالم العربي تاريخياً وحضارياً وجغرافياً ويدير علاقاته بالعداء لمصر والسعودية والإمارات"، متسائلاً في تغريدة على "تويتر" عن "كيف تستوي سياسة جيرة مع العرب وفي ثناياها الترصد لهذه الدول الأساسية وهدفها التوسع وفرض الوصاية بعيداً من أعراف احترام الجار وعدم التدخل في شؤونه"؟

وينصرف اهتمام الدول الأربع هذه الأيام إلى جانب ملفات قطر واليمن وإيران إلى الملف الليبي الذي اشتعل مجدداً بعد التدخل العسكري التركي، الذي هددت إحدى دول المجموعة مصر بأنه إن تجاوز خطي سرت والجفرة (وسط ليبيا) الأحمرين فإن الجيش المصري سيكون له بالمرصاد، مما سرق كثيراً من الأضواء المسلطة في السابق على ملف الرباعية مع قطر، الذي اشتهر تعبير وصفه أصلاً بأنه "صغير جداً جداً".

وسوى المرافعة أمام المنظمات الدولية حاولت الدوحة توظيف كل أوراق الضغط الممكنة على جيرانها للكف عن مقاطعتها من دون الاستجابة لشروطهم. وكان آخر ذلك أنباء سرت بأن قطر تعتزم الانسحاب من مجلس التعاون لدول الخليج العربية، السعودية والإمارات وعمان والكويت والبحرين وقطر، إلا أن الأخيرة سارعت إلى نفي ذلك.

وكلما اقترب استحقاق تنظيم كأس العالم في 2022 وجدت الإمارة نفسها في ظرف أصعب، خصوصاً بعد أزمة كورونا التي زادت الحرج أكثر، إذ أشغلت العالم أجمع بقضايا الصحة، وكشفت القناع عن واقع مزر لعمال مشاريع كأس العالم، مما أثار استنكار دولهم ومنظمات حقوق الإنسان.

إلى ذلك قال دبلوماسيون ومصادر خليجية لـ"رويترز"، إن الولايات المتحدة تحاول إقناع السعودية وحلفائها بإعادة فتح مجالها الجوي لقطر، لكن جهود الوساطة منذ بداية عام 2020 باءت بالفشل حتى الآن.

ولا تفرض "إيكاو"، ومقرها مونتريال، قواعد ملزمة ولكنها تمارس نفوذاً من خلال معايير السلامة والأمن التي تتبعها عادة الدول الأعضاء فيها والبالغ عددها 193 دولة. وهناك أيضاً آلية لتسوية المنازعات بموجب اتفاقية شيكاغو لعام 1944 والتي تشرف عليها المنظمة.

المزيد من تقارير