"من المستحيلات السبعة أن نكون سوريا، ولن نسمح لأحد أن يخرب بلادنا كالعراق"، هي وجهة نظر طالبة جزائرية، مشاركة في مسيرة للطلاب في الجزائر العاصمة، بالتزامن مع إحياء الجزائر عيد النصر في 19 مارس (آذار).
رانية ذات الـ 21 ربيعاً، تعتقد أن الجزائريين عموماً، والطلاب خصوصاً خرجوا إلى الشارع بأهداف معينة، هي رفض تمديد حكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة و"العصابة"، وفق تعبيرها، التي تختفي وراءه من أجل الاستمرار في الوضع القائم.
ترفض رانية التحذير من تكرار السيناريو العراقي أو السوري في الجزائر. تعجب لهذا الكلام: "هذا مستحيل. العقليات لا تتشابه. نحن نعرف ماذا نفعل بالضبط. لماذا لا نصبح كماليزيا أو كبلدان استطاعت التطور في ظرف وجيز. نريد أن نكون مثل العواصم الأوروبية في التطور، وهم من يقارنون أنفسهم بنا لا العكس".
وتأبى أن تختم كلامها إلا بأن تخاطب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قائلة "لا تتدخل في شؤوننا الداخلية".
بالمرصاد
كثر من الجزائريين مثل رانية، تثير حفيظتهم تدخلات الغرب في الحراك الشعبي. شليط عبد المالك، (19 سنة)، واحد من هؤلاء الطلاب الذين يهتفون بأعلى الصوت "جزائر حرة ديمقراطية".
تحذير عبد الملك من نوع آخر، فهو يحذر من خروج الجزائريين في مسيرات ليلية لاعتقاده أنها ستكون ذات تأثير سلبي في الحراك، فيقول "سنبقى نخرج في مسيرات سلمية كل يوم جمعة، حتى تنحي الحكومة وكل الأشخاص الذين نرغب في رحيلهم".
أما في خصوص التخويف من تكرار سيناريوات بلدان الربيع العربي في الجزائر، فيعتقد عبد المالك أن "الشعب الجزائري واع ويعرف ماذا يفعل. نخرج منذ 22 فبراير في مسيرات سلمية ولم يحصل أي شيء. أما الذين يريدون التدخلات الأجنبية فسنكون لهم بالمرصاد. مطلبنا الأول هو رحيلهم جميعاً".
فرص عمل
سمية ذات الـ21 سنة، طالبة في جامعة الحقوق بالجزائر العاصمة تقول لـ"اندبندنت عربية"، رداً على الدبلوماسي الأخضر الإبراهيمي وتخويفاته من تكرار السيناريو العراقي أو السوري في حال إصرار الجزائريين على "إسقاط النظام كلّه"، فتقول "خرجنا إلى الشارع من أجل المطالبة برحيل بوتفليقة وحتى الآن مطالبنا لم تتحقق والسلطة الحالية لم تظهر نواياها بعد لكننا مصممون على الاحتجاج السلمي ولن نقع في فخ الفوضى".
تضيف بخصوص التدخل الخارجي في الجزائر "لن نقبل بذلك. مسيراتنا سلمية وديمقراطية ولن نحيد عن هذا الخط. نعلم أن نظام بوتفليقة دام 20 سنة ومن السهل أن يقبل بالتغيير. الأكيد أننا لن نكرر الأخطاء التي وقعت في بلدان آخرى كالعراق وسوريا".
تبستم وهي تعبر عن طموحاتها "أنا طالبة حقوق. والأكيد أنني في الشارع اليوم لأنني أريد انتزاع حقوق أساسية في مقدمها الحصول على فرصة عمل بعد تخرجي، لأنها من الأساسات، إضافة إلى الحق في السكن والعيش الكريم".
ويعاني غالبية الشباب الجزائري المتخرج من الجامعات من صعوبة في الحصول على فرص عمل في اختصاصاتهم، إذ يقدر معدل البطالة في الجزائر 11.7 في المئة، وفق أرقام رسمية للديوان الوطني للإحصاءات (حكومي).
لا هجرة
تردد كثيراً قبل الحديث معنا. كان جالساً برفقة صديقيه يتبادلون الحديث. أمين تونسي (21 سنة) خجول لكن طموحاته كبيرة، يقول "نريد أن نعيش في الجزائر ونشتغل ونؤسس حياتنا لا غير. لا نريد أن نهاجر ونترك أمهاتنا. طلبنا هو رحيل النظام وليس تغيير وجوه بوجوه أخرى".
ففي السنوات الماضية، ارتفعت نسبة الهجرة غير الشرعية أو كما يصطلح عليها محلياً بـ"الحرقة" في أوساط الشباب الجزائري، هرباً من الوضع القائم في البلاد وغياب الأفق وفرص العمل، لكن منذ بداية الحراك الشعبي، لم تسجل الجزائر أي حالة هجرة سراً عبر البحر الأبيض المتوسط.
وتشهد الجزائر منذ 22 فبراير تظاهرات حاشدة تطالب برحيل النظام، بما فيه الرئيس بوتفليقة، الذي يحكم البلاد منذ 20 عاماً.