Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المحكمة الأوروبية تتهم أنقرة بممارسة القمع وانتهاك حقوق الإنسان

نائب وزير الخارجية التركي: الانتقادات غير مقبولة وهناك أطراف ترغب في إبعادنا عن "الاتحاد"

المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان (رويترز)

كشفت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ارتفاع عدد شكاوى الشعب التركي من مدنيين وعسكريين بحق حكومتهم إلى أرقام قياسية. فخلال العامين الماضيين بلغ عدد السجناء 360 ألفاً، وزاد عدد مجموعهم في الزنزانة الواحدة من 6 عام 2002 إلى 35 سجيناً حالياً، حسب بيانات حصلت عليها المحكمة الأوروبية من منظمات حقوقية تركية مستقلة.

وتعكف وزارة العدل التركية على إقامة 193 سجناً جديداً، لينضم إلى 580 أخرى في الوقت الحالي بالبلاد. وخلال الفترة بين عامي 2006 و2019 افتتحت السلطات التركية 166 سجناً جديداً. ومن المنتظر أن يتم الانتهاء من كل هذه السجون بحلول عام 2021 على أن تصل تكلفتها إلى 4 مليارات و59 مليون ليرة  ما يقارب ( 700 مليون دولار أميركي).

رفض تركي

ارتفاع شكاوى الأتراك بحق حكومتهم شمل كافة أبناء الشعب التركي من مدنيين وعسكريين، ما دفع المنظمات والمؤسسات الدولية الأخرى مثل المجلس الدولي لحقوق الإنسان، ومنظمتي هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية، إلى إصدار تقارير أكدت فيها الانتهاكات التي ترتكبها تركيا بشأن مواطنيها، وضمت إليهم مواطني الشعب الكردي شرق سوريا.

إلا أن نائب وزير الخارجية التركي قاروق قايمجي رفض الانتقادات التي وجهها تقرير صادر عن الاتحاد الأوروبي لأوضاع حقوق الإنسان واستقلال القضاء بالبلاد، مؤكداً أن الاتحاد الأوروبي لم يتمكن من تقييم الوضع القائم في أنقرة.

وقال نائب وزير الخارجية التركي، في مؤتمر صحافي عقد أخيراً، إن "انتقادات الاتحاد الأوروبي لتركيا غير مقبولة، وأنه لم يتمكن من تقييم الوضع القائم في البلاد. وهناك أطراف ترغب في إبعاده عن تركيا". وأشار إلى أن الاتحاد الأوروبي بعيد كل البعد عن فهم أسباب التدابير الأمنية التي تتخذها تركيا، مشدداً على أن بلاده تبذل جهداً من أجل الحرية والأمن.

انتهاكات حقوق الإنسان

وأشارت معلومات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إلى أنها منذ إنشائها نظرت في 66251 دعوى لانتهاكات حقوق الإنسان، تحتل تركيا المرتبة الأولى فى عدد الدعاوى المنظورة لدولة واحدة بنسبة 16 في المئة قياساً على نظيرتها من الدول، وتمثل 10638 دعوى، وجدت فيها المحكمة الأوروبية انتهاكا من جانب النظام التركي في 7255 قضية بنسبة 68 في المئة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وذكرت أن تركيا تحتل المرتبة الأولى أيضاً فى الدعاوى القضائية المنظورة أمام المحكمة الأوروبية التى تنتهك حرية التعبير والرأي، بواقع 1300 دعوى، حيث وجدت فيها المحكمة انتهاكا للمادة 10 (الخاصة بحرية الرأي والتعبير) فى 1072 دعوى منها، بنسبة 82 في المئة. وهو ما يخالف الأعراف والمواثيق الدولية، بخاصة المادة 19 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.

ووصل عدد الصحافيين المحبوسين في السجون التركية حتى آخر أغسطس (آب) 2019 إلى 88 صحافياً، وذكر التقرير الصادر عن المحكمة الأوروبية انتهاك تركيا المادتين السادسة، والعاشرة من مواد حقوق الإنسان المتعلقة بالاتفاقيات والتعهدات التركية بشأن حقوق الإنسان حيث قتل أكثر من 1320 سجيناً داخل سجونها خلال 2019 بسبب الإهمال المتعمد من السلطات التركية.

الأطفال في السجون

وكشفت تقارير صادرة عن لجنة حقوق الإنسان في البرلمان الأوروبي أن 25 طفلاً تعرضوا للضرب داخل سجن سينجان للأطفال، بالإضافة إلى وفاة 3 أطفال في سجن بوزانتي، و4 أطفال في سجني أزمير وأنطاليا خلال العام الماضي.

 وتشير معلومات المحكمة الأوروبية إلى أن سجن سيليفري أصبح يعاني حالة ازدحام  شديد بعد أن وصل أعداد السجناء 39 في غرفة تتسع لـ5 أفراد، وتبلغ مساحتها 3 أمتار فقط في ظروف قاسية، دون اعتبار لحقوق السجناء.

وأوضحت أن هذه الحقائق أكدها ودعمها شهادات عدد من السجناء الذين خرجوا من السجون تحت ضغوط دولية مثل القس الشهير أندرو برونسون، الذي كشف في تصريحات صحافية عقب خروجه من السجن أنه كان محتجزاً في زنزانة بها 28 سجيناً في غرفة بسعة 6 أشخاص. الأمر الذي أدى إلى تلطيخ صورة تركيا على المستوى الدولي وباتت دولة منبوذة ومرفوضة من دول الاتحاد الأوروبي حيث لا يمكن بعد كل هذه الانتهاكات أن تفكر تركيا في دخول النادي الأوروبي، بخاصة بعد رفض الأولى الإفراج عن زعماء المعارضة، وآخرهم رجل الأعمال التركي البارز عثمان كافالا، الذي وصفت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان ظروف اعتقاله بأنها تمهد للقتل.

كل ما سبق دفع البرلمان الأوروبي إلى فرض عقوبات على الدائرة المقربة من الرئيس أردوغان الذي يتهمه البرلمان الأوروبي بالعمل ضد حقوق الإنسان، بالإضافة إلى عقوبات اقتصادية منها منع البنك المركزي الأوربي منح قروض لتركيا حتى يتغير سجلها الشائن بحقوق الإنسان.

جرائم ضد الأكراد

 ولم يكتف النظام التركي بسجن وتعذيب الآلاف من الشعب التركي، لكنه ارتكب مجازر وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الأكراد في شمال وشمال شرق سوريا. الأمر الذي دفع المحكمة الأوروبية بالمطالبة بتحقيق كامل ومستقل في هذه الجرائم، بخاصة عمليات التهجير القسري لسكان مناطق تل أبيض ورأس عيسى وإحلال سكان آخرين من مناطق أخرى بدلاً منهم، وهي جريمة من جرائم الحرب تنظرها حالياً المحكمة الأوروبية.

ويعلق هادي اليامي، الرئيس السابق للجنة حقوق الإنسان العربية بجامعة الدول العربية حول الأمر، بقوله، "إن تركيا أصبحت أكثر الدول انتهاكاً لحقوق الإنسان، وأن أنقرة تبتعد كل يوم عن المعايير الأوروبية، والرئيس التركي لا يعير أي اهتمام لمعاناة مواطنيه، وحكومته تمارس القمع بكل ما تعنيه الكلمة بحق مواطنيها".

مجرد ادعاءات

وفي السياق ذاته، ردت وزارة الخارجية التركية، على تقرير أصدرته الولايات المتحدة الأميركية بشأن حقوق الإنسان في أنقرة، بقولها، "إن ما يتردد مجرد ادعاءات ومزاعم واتهامات لا أساس لها من الصحة".

وذكرت تركيا حول تقرير لوزارة الخارجية الأميركية حول حقوق الإنسان بأنقرة، ضمن تقارير بهذا الشأن لأكثر من 190 دولة في 11 مارس (آذار) 2020، وكشف أن أنقرة استهدفت المدنيين في عملية "نبع السلام" شرق الفرات في 9  أكتوبر (تشرين الأول) عام 2019، كما برأ التقرير الأميركي ساحة تنظيم "غولن" من صبغة الإرهاب، في تجاهل واضح لكل الانتهاكات التي تمارس سواء من هذا التنظيم أو غيره من التنظيمات الإرهابية التي تحاربها تركيا.

وأوضحت الخارجية التركية أن الإشارة إلى أن تنظيم غولن مرتكب محاولة الانقلاب الفاشل في 15 يوليو (تموز) عام 2016، على أنه مدني بريء في حين أنه يشكل تهديداً وجودياً ومصيرياً لتركيا، يظهر أن أميركا لا تزال تقوم بتجاهل الأدلة التي كُشفت بحق هذا التنظيم، وتتجاهل بذلك أبسط حقوق الإنسان، وهو حق الحياة لمئات المواطنين الذين استشهدوا على يد التنظيم.

وأشارت الخارجية التركية إلى أن الادعاءات بأن المدنيين والبنية التحتية المدنية هي المستهدفة من خلال تنفيذ عملية "نبع السلام" التركية في شمال سوريا، التي تم تضمينها بالتقرير، لا علاقة لها بالحقائق ولا يوجد أي تفسير لإدراج مثل هذه الادعاءات.

عملية نبع السلام

وأكدت أن العملية نفذت من أجل مكافحة الإرهاب، بخاصة مكافحة تنظيم داعش في سوريا، ولحماية المدنيين والبنية التحتية بها. مضيفة أنه حتى قوى التحالف الدولي ضد داعش في سوريا اعترفت بأن ما لا يقل عن 1370 مدنياً سورياً قتلوا نتيجة الضربات الجوية التي نفذت في 2019.

وقالت الخارجية التركية، "إن التقرير تم إعداده بدوافع سياسية وتضمن مزاعم غامضة واتهامات لا أساس لها، وبعيدة كل البعد عن الموضوعية".

وأوضحت، أن تركيا اتخذت خطوات مهمة لتعزيز وحماية حقوق الإنسان في تركيا، منها الاستراتيجية الجديدة للإصلاح القضائي، وخطة عمل حقوق الإنسان، والديمقراطية وسيادة القانون، وهي أكثر الأمثلة الملموسة كأساس للجهود التركية لتحقيق الإصلاح المستديم.

وختمت وزارة الخارجية التركية بالقول، إن الولايات المتحدة لم تشمل في تقريرها، تقريراً نًشر في أكتوبر 2019، في إطار الجولة الثالثة من آلية المراجعة الدورية الشاملة للأمم المتحدة. ويعد أشمل عملية تحقيق دولية في مجال حقوق الإنسان والبيانات الملموسة التي تشاركها تركيا مع العالم، ومع هذا لم يؤخذ في اعتبار نظيره الصادر عن الولايات المتحدة.

المزيد من تقارير