Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

وثقت يوميات ولاية ترمب الرئاسية لكنه يهوي الآن

يبدو أن الرئيس الأميركي يفقد السيطرة في أسوأ وقت ممكن

استراتيجيات دونالد ترمب في 2016 تتكرر في 2020، فهل ستكون مجدية؟ (رويترز)

لا أحد يحبّ مدّعي المعرفة. فهو حاضر للإجابة عن كل سؤال مهما بلغ جهله بالموضوع المطروح. وهو يفهم كلّ شيء تحت الشمس- حتّى إن خالفت الوقائع التي لا تناسبه ما يتفوّه به. ما عليكم سوى سؤاله عن ذلك. 

كلّنا نعرف مثل هذه الشخصية. تطرح كل رأي بقوّة وبعض التعالي. وتنهي كلّ جملة، كما قال الفيلسوف الأميركي آيس كيوب سابقاً، "بنقطة" (علامة توقف).

إيّاكم والتشكيك في ما يقوله مدّعي المعرفة. لكن إن فعلتم، فاحرصوا على تفرّغكم لبعض الوقت من أجل الاستماع إلى محاضرة- بل عظة- عن كلّ الأسباب التي تجعلكم أنتم مخطئين وجاهلين للغاية.

لو أحسستم أنّ هذه الشخصية مألوفة بالنسبة إليكم، فهي كذلك. لأن دونالد ترمب يذكّرنا جميعاً مرة أو مرّتين يومياً بالعادة بأنه يمتلك كل الإجابات ويفهم كل شيء تقريباً.

وهو ببساطة مدّعي المعرفة الأكبر. لكن كل استطلاع للآراء في إطار السباق الرئاسي للعام 2020 تقريباً يشير إلى ازدياد أعداد الأميركيين الذين يضيقون ذرعاً بتصرفات ترمب المتغطرسة وتصريحاته الجريئة وتوقعاته المبتذلة وقراراته التي تتجاهل الوقائع.

ما هي الرسالة التي تودّ أن ترسلها يا سيدي إلى سكّان الولايات التي تتزايد فيها بوتيرة قياسية أعداد إصابات فيروس كورونا ومعدلات الإدخال إلى المستشفيات بسببه؟ كأنّه نبيّ في الطبّ، يزعجه كما يبدو أن يقلق أيّ شخص بشأن الإصابة بالمرض، فيقول بكل استخفاف إنّ الفيروس "سيختفي ببساطة" وإنّ "99 في المئة" من إصابات كوفيد-19 "لا تخلّف أذى"  لأنّ معدل الوفيّات الوطني تراجع.

ولكن الفيروس ليس في طور التبدّد. بل على العكس تماماً. لكن مدّعي المعرفة الأكبر في البلاد يعتقد أنه لو واصل التصريح بأنه سيختفي، فربّما- ربّما- يصدّقه ما يكفي من الناس لكي يفوز بولاية رئاسية ثانية.

سيدي الرئيس، ماذا تقول للسود الذين يشعرون بأنهم تعرّضوا لسوء معاملة على يد عناصر الشرطة؟ يحمرّ وجه ترمب فيما يومئ باتجاه محاورٍ ويصرّح بأنّ المحتجّين على غياب المساواة هم "مخربون فوضويون" و"بلطجية" و"مجرمون".

ماذا عن إعادة فتح أبواب المدارس في الخريف، بينما تعجّ ولايات حزام الشمس الجنوبية والجنوبية الغربية بإصابات فيروس كورونا؟ "الكلّ يريدها. الأمهات يردنها والآباء يريدونها والأطفال يريدونها. حان الوقت لفعلها". هذا ما قاله ترمب يوم الثلاثاء. عندما تعرف كل شيء، هذا ما سيحدث. أقلّه داخل رأسك. وماذا عن الإحاطات الاستخباراتية بشأن مواضيع مثل عرض الروس مكافآت لقوات حركة طالبان مقابل قتلها جنوداً أميركيين في أفغانستان؟ مَن يحتاجها؟ هذا رأي الرئيس إجمالاً. ففي النهاية، هو أعلم بالأمور.

 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن كلّما تبع ترمب حدسه، يبدو أنّه يسقط أكثر بعد. سبق له أن تعثّر خلال ولايته. لكن بعد مراقبة كلّ يوم من ولايته منذ أدائه اليمين الدستوري ذاك اليوم الغائم من يناير (كانون الثاني) 2017، يرى هذا المراسل (كاتب هذه السطور) رئيساً يسقط سقوطاً حراً. 

لا يملك رسالة يوجهها إلى الناخبين تعطيهم سبباً من أجل إعادة انتخابه لولاية ثانية. وتفاقمت مشاكله القضائية المحتملة أخيراً، حين حكمت المحكمة العليا بأنّ منصبه لا يمنحه تلقائياً حصانة ضد تلقّي مذكّرة من مكتب المدّعي العام في مانهاتن تطالبه بالحصول على سجلاته الضريبية والمالية. أمّا معدلات شعبيته في استطلاعات الرأي فقاتمة. والفيروس، من جهته، ينتشر كالنار في الهشيم.  

في قضايا مثل ارتداء الكمّامة للحماية من الرذاذ الذي يحمل فيروس كوفيد وينشره إخواننا من بني البشر، أو رفع علم الكونفيدرالية وحتّى في موضوع التساؤل إن كان فيروس كورونا بهذه الخطورة حقاً كما في مسألة وضع سوق العقارات في ظلّ الاقتصاد المكبّل بالفيروس، تزيد عزلة ترمب جرّاء مقاربته للحياة من مبدأ أنه يعلم كل شيء.

والمشهد رهيب بالنسبة إلى رئيس حالي يواجه غريماً محبوباً ومعروفاً، فما بالك برئيس حالي يصارع جائحة يعتقد معظم الأميركيين أنه استجاب لها ببطء وضعف.

ببساطة، لم نرَ دونالد ترمب هذا قبلاً، لذلك لا يسعنا أن نتنبأ بشأن قدرته على وقف سقوطه الحرّ. لكن وفقاً لابنة شقيقه، ماري ترمب، جعبته خاوية من نهج مختلف عن نهج العارف بكل شيء.

وفي كتابها الذي يُتوقع إصداره قريبا، تقول ماري إنّ الرئيس ترمب تظهر عليه إشارات الشخصية النرجسية كافة. 

وتزعم أنه "في الواقع، إنّ أمراض دونالد بالغة التعقيد ولا يمكن تفسير تصرفاته في أغلب الأحيان ولذلك، فالتوصّل إلى تشخيص دقيق وشامل له يتطلّب سلسلة كاملة من الاختبارات النفسية والعصبية والجسدية التي لن يقبل أبداً بالخضوع لها". 

وتتابع "قضى دونالد معظم سنوات الرشد داخل مؤسسة" في إشارة إلى ما يبدو إلى طريقة عيش الرئيس داخل فقاعة صنعها بنفسه "لذلك فلا يمكن أن نعرف كيف سينمو أو يواصل الحياة حتى، وحده في العالم الحقيقي". 

لا يعتقد الناخبون أنّ جو بايدن يعرف أكثر من الرئيس. لكنهم يعتقدون فعلياً اليوم، قبل حلول يوم الانتخاب بأربعة أشهر، أنّ نائب الرئيس السابق مدرك لواقع العالم الحقيقي أكثر بكثير من ترمب.

© The Independent

المزيد من آراء