Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مسرحيون مصريون ينقسمون حول جدوى عروض الأونلاين

مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي يخضع لاشتراطات كورونا ويعقد دورته المقبلة عبر الإنترنت

مسرحية "المقام العالي" المعروضة أونلاين (اندبندنت عربية)

استأنف المسرح المصري، وإن على استحياء، في ظل أزمة كورونا، فانطلقت بعض عروضه على المسارح المفتوحة، تمهيداً للعودة كاملة بدءاً من أول أغسطس (آب) المقبل، بثلاثين عرضاً تقدم على مدار 84 ليلة، وبنسبة حضور لا تتجاوز 25 في المئة. قرار عودة النشاط المسرحي لم يكد يهنأ به المسرحيون، حتى أعلنت إدارة مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي أن دورته المقبلة، والمفترض لها أن تنطلق في الأول من سبتمبر (أيلول)  المقبل، ستكون "أونلاين". وجاء في بيان الإدارة أن: "في ظل إجراءات احترازية تطوق معظم دول العالم، تعلن إدارة مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي عن إطلاق دورته الجديدة "أون لاين"، للمرة الأولي في تاريخه، كي لا تغيب التظاهرة المسرحية الأهم في الشرق الأوسط، مع مراعاة أمان وسلامة المسرحيين في الوقت نفسه".

رئيس المهرجان الدكتورعلاء عبدالعزيز سليمان قال إن فعاليات الدورة السابعة والعشرين ستقام من 1 الي 11 سبتمبر المقبل، على أن يكون الاثنين 10 أغسطس 2020 موعداً نهائياً لتلقي استمارات المشاركة. وأكدت إدارة المهرجان، الذي تنظمه وزارة الثقافة المصرية، أن جائحة كورونا وما استتبعها من إجراءات شكَّلت تحدياً أمام الممارسة المسرحية؛ سواء الإنتاج أو التلقي. لكن هذا التحدي تحوَّل إلي دافع للمضي في التجهيز للمهرجان وإقامته، إيماناً بأن "تطويع الشكل للظرف أفضل من التوقف".

وتأتي عروض الدورة الجديدة ضمن سياقين؛ الأول مسابقة "مسرح الحظر"، والثاني مسابقة "العروض المسرحية المصورة"، في وقت انقسم المسرحيون المصريون حول تجربة "الأونلاين" التي قدمتها فرقة "مسرح المواجهة" التابعة لوزارة الثقافة، وتضمنت أربعة عروض مأخوذة عن قصص تشيخوف، ما بين مرحب بالتجربة، ومعارض لها.

الاهتمام بالدراما

وقال الناقد المسرحي أحمد خميس لـ"اندبندت عربية": "عندما أتاحت بعض المؤسسات الأوروبية متاحفها ومسارحها ومكتباتها (أونلاين) سمح هذا لشرائح عريضة بالدخول إلى منصات عروض مهمة. شخصياً سعدت بمشاهدة بعضها، ومنها "شبح الأوبرا" على سبيل المثال، ولاحظتُ أن عدد مشاهدي العرض نفسه في اليوم الذي تابعته فيه تجاوز 35 ألف مشاهد، ما يوضح مدى شغف المتلقي بالتجربة الجمالية الفريدة التي تجمع الغناء والاستعراض والتكنولوجيا وسحر السينوغرافيا في نسيج واحد". ومن هنا يرى خميس أن "التجربة فريدة، وجاءت في كثير من الدول مرضية تماماً". ولاحظ أن كثيراً من المؤسسات الثقافية بالدول العربية ومنها السعودية والمغرب، فعلت الشئ نفسه.

ويرى خميس أن تحربة "مسرح المواجهة" مهمة للغاية، وتستحق الالتفاف حولها والبحث عن سبل نجاحها، عبر اهتمام أكبر بالدراما وأثرها الجمالي: "لقد لاحظتُ أن العروض التي شاهدتُها هي مِن إعداد مخرجيها، وأن الاهتمام بالميديا ودورها جاء على حساب العرض المسرحي، الأمرالذي أصاب التجارب بالخفة المفرطة، كما لاحظتُ أن عدد المشاهدين للعرض الواحد قليل للغاية رغم أن عدد المشتركين في قناة وزارة الثقافة على يوتيوب، تجاوز مئة ألف وأن هناك إرتباكاً فى طرق الإعلان والتسويق، وكل ما أرجوه هو أن نراجع مشروعنا المهم وندعمه جمالياً بالقدر الذي يسمح له بالإنتشار والتأثير".

التفاعل الحي

ويرى الكاتب والناقد المسرحي مجدي الحمزاوي أن مسرح "الأون لاين" هو التعامل الأسهل مع أزمة كورونا، مع عدم إغفال أنه كانت هناك بعض النوايا الطيبة في ما اقترحه أو قدمه البعض، "ولكن الطريق لجهنم مفروش بالنوايا الحسنة" .

إن تفريغ المسرح من شرطه الأساسي، وهو التفاعل الحي مع الجمهور، يقتل الفكرة المسرحية ذاتها، كما يرى الحمزاوي، "لذلك فإن المبادرة حققت نجاحاً فقط على صفحات التواصل الاجتماعي، ولا أعتقد أن هناك مَن يجزم بأن هذه التجربة قد شاهدها أكثر من ألف شخص على أقصى تقدير"، حسب قوله لـ"اندبندت عربية". الحل الصعب، في نظر الحمزاوي، كان يتمثل في تقديم بعض العروض المسرحية في أماكن مفتوحة، وهو ما لجأت إليه وزارة الثقافة أخيراً، وكذلك البحث عمَّن يكتب أو يستحضر نصوصاً لا تلزمها كثرة مِن المؤدين، ومن الممكن أن تتم الاستعانة بالشاشات لتقديم بعض اللقطات الضرورية .

ومن جانبه يرى المخرج المسرحي محمد طايع أن أكثر القطاعات التي تضررت من أزمة كورونا كان قطاع "المسرحجية"؛ لأن غلق المسارح كان مؤثراً على عدد كبير من العاملين في مجال المسرح، وشكَّلت عروض" الأونلاين" التي قدمتها "فرقة المواجهة" متنفساً لهم. ويعتبر طايع أن "الأونلاين" فكرة ايجابية ويجب أن تستمر لخلق سوق جديد لفن المسرح من خلال جمهور السوشيال ميديا، الكبير جداً، فضلاً عن أنها تخلق فرص عمل لجموع الفنانين الذين تأثروا سلباً بغلق المسارح. ولا يخشى طايع من تأثير عروض "الأونلاين" على ارتياد المسارح، بل بالعكس يرى أنها ستستقطب قطاعاً واسعاً من جمهور الإنترنت للذهاب إلى المسارح، والدليل على ذلك أن مسرح التلفزيون قديماً، والذى تربينا عليه جميعاً، كان سبباً في حبنا وممارستنا لفن المسرح، كما كان سبباً فى ذهاب الجمهور الى المسارح وليس العكس .

نوع مختلف

ويؤكد الكاتب المسرحي سامح عثمان أن عروض "مسرح المواجهة"، أدت دورها، وهو مواجهة وضع إغلاق المسارح بفعل فني، وهو مسرح مصوَّر، نجح بعضه في الوصول إلى الناس بشكل جيد، "التجربة في ذاتها طموحة، وأتمنى أن تستمر حتي بعد فتح المسارح، لكن لا بد من دخول مخرجين سينمائيين على الخط؛ لأن المصنَّف هنا لم يعد مصنفاً مسرحياً مطلقاً، بل هو نوع مختلف، يعتمد تقنيات التصوير بجانب تقنيات الخشبة. وربما لا بد من مراعاة ذلك مِن البداية ليجمع النص المسرحي بين التقنيتين، فافتراض التصوير يضع في الحسبان جماليات أخرى".

ويرى المخرج السعيد منسي أن المسرح لا يسد فراغه إلا المسرح، وعنصر أساسي في المسرح هو الجمهور والتلقي المباشر، وهذا ما يحقق المتعة سواء للفنان أو للمتلقي. ورغم ذلك يرى منسي أن تجربة "مسرح المواجهة" كانت جيدة في إطار مواصلة العمل في ظل الظروف التي تحيط بنا، "ولا أظن أنها سوف تتسبب في انصراف الناس عن المسرح الحي؛ لأن عاشق المسرح سيسعى للذهاب إلى دار العرض المسرحي رغم وجود تجارب مسرحية على الإنترنت".

ويرى المخرج سعيد سليمان أن تجربة "الأونلاين" لا يمكن أن تسد فراغ المسرح الحي، ولكنها كانت محاولة لسد الفراغ، وتنشيط الحركة الفنية، عبر تقديم كنوز التراث المسرحي، وهو ما لم يحدث للأسف. أما بالنسبة لـ"مسرح المواجهة"، فيرى  سليمان أنها جاءت "في حدود ذاتية وليست موضوعية، هدفها ليس الجمهور وليس دراسة علمية لما ينبغي عمله، ولكن مجرد فرقعة إعلامية".

المزيد من ثقافة