Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

1000 معتقل في سجون "حماس" بعد مشاركتهم في حراك "بدنا نعيش"

منظمو الحراك يدعون إلى إضراب شامل الأربعاء والخميس في قطاع غزة ويتعهدون بالاستمرار وعدم تراجع

شبّان غزيون في مخيم دير البلح يشاركون في حراك "بدنا نعيش" احتجاجاً على غلاء المعيشة (محمود تمراز)

حمل إبراهيم "طنجرة" طهي الطعام، وسار إلى ميدان "الترنس" وسط مخيم جباليا شمال قطاع غزة، هاتفاً "بدنا نعيش". كررها مراراً قبل أن تهاجمه أجهزة أمن حركة حماس، وتضربه على رأسه وقدميه ويديه، ثم تقتاده إلى مركز للشرطة، للتحقيق معه على خلفية مشاركته في الحراك الشبابي المناهض للغلاء المعيشي في غزة.

إبراهيم واحد من عشرات الآلاف الذين تعرضوا للاعتداء والضرب أثناء مشاركتهم في حراك "بدنا نعيش" الذي أكد القائمون عليه أنهم غير تابعين لأي فصيل سياسي، ولا يطالبون برحيل "حماس" ويرفضون المساس بسلاح "كتائب القسام" (الجناح العسكري لحماس)، وأن مطالبهم تقتصر على شعار "حرية - عيش – كرامة"، في ظل الغلاء المعيشي الذي يشهده القطاع.

أمّا محمد، فلم يشارك في الحراك، لكنه كتب عبر صفحته على "تويتر" تغريدة طالب فيها بوقف الانتهاكات بحق المتظاهرين، ليفاجأ ببلاغ يطلب منه الحضور إلى مركز الشرطة.

في المقابل، يختلف حال أسامة عن سابقيه، فهو صحافي، نزل إلى مكان التظاهر ليرصد مطالب الناس، ويلتقط صوراً لـ "ثورة الجياع"، لكنه اعتُقل من بيته من دون إذنٍ قانوني، أو مذكرة استدعاء، وقبع في زنازين "حماس" ثلاث ليالٍ، وتعرضت أسرته للضرب المبرح، وتكسرت معداته.

وبدأ الناس في النزول إلى الشارع في غزة منذ 14 مارس (آذار) الحالي، في تجمعات سلمية تدعو إلى تحسين الظروف المعيشية، ورفض فرض ضرائب جديدة على السلع التموينية، لكن أجهزة أمن "حماس" قابلت هذا الحراك بالقمع.

 


انتهاكات بالجملة

ورصدت "اندبندنت عربية" اعتداء قوات أمن "حماس" على المتظاهرين بإطلاق النار عليهم وإصابة بعضهم، إضافة إلى ضربهم بالعصي والهراوات، من دون تمييز على أساس الجنس أو الفئة العمرية.

ووفق شهادات عائلات المشاركين في الحراك فإن أجهزة الأمن أطلقت النار مباشرة على منازلهم، واقتحمت حرمة البيوت من دون استئذان ومن دون إذن قانوني، وبقوة السلاح. وتعرضت النساء في البيوت للضرب والشتم، وتوجيه التهم.

اعتداء على قياديين

من ناحية أخرى، قال عضو المكتب السياسي لـ "حزب الشعب" وليد العوض أن عناصر "حماس" اعتقلت القيادي في الحزب حسن الدرباشي. وذكرت مصادر لـ"اندبندنت عربية" أن الحركة أرسلت تحذيراً لعدد من قياديي حركة "فتح"، وفرضت الإقامة على مسؤولي الحركة في غزة، واعتقلت عضو المجلس الثوري لحركة فتح سليم الزريعي.

وتستمر أجهزة أمن "حماس" في الاعتداء على المواطنين، على الرغم من عدم نزول المتظاهرين إلى شوارع القطاع. وبررت وزارة الداخلية التابعة لـ "حماس" ذلك باتخاذ إجراءات لضبط الأوضاع الأمنية في غزة، وأن المشاركين في الحراك قاموا بأعمال شغب ضد الشرطة.

وتعرض المتحدث باسم حركة فتح في غزة عاطف أبو سيف لاعتداء من قبل مجهولين، ضربوه بالسلاح والعصي، ثم نُقل إلى مستشفى بعد إصابته بكسور في قدمه اليسرى. في المقابل، استنكرت الفصائل الفلسطينية بما فيها "حركة حماس" ووزارة الداخلية الحادث، وقالت إنها فتحت تحقيقاً للقبض على المعتدي على أبو سيف.

وقال مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان عمار دويك إن الأجهزة الأمنية في غزة فضّت التجمعات السلمية باستخدام القوة المفرطة، من دون مراعاة المعايير والضوابط القانونية التي تنظم الحق في التجمع السلمي، وطاولت الاعتداءات حرية المواطنين والصحافيين والحقوقيين والناشطين وأمنهم. وأضاف دويك "استُخدمت القوّة المفرطة في عملية تفريق 25 تجمعاً للحراك في مختلف محافظات القطاع، قامت بها عناصر الأجهزة الأمنية بالزي المدني والزي الرسمي، مدججةً بالسلاح والهراوات والعصي وكان بينهم ملثمون تساندهم عناصر مدنية محسوبة على حماس. وأطلقت تلك العناصر خلال عملية القمع الرصاص وغاز الفلفل. ورصدت الهيئة إصابات عدة بين صفوف المواطنين، من بينها كسور في الأطراف السفلية والعلوية، وإصابات بعيار ناري في الساق".

ورفضت وزارة الصحة تزويد مراسل "اندبندنت عربية" بأي معلومات حول عدد الإصابات. وقال المتحدث باسم الوزارة أشرف القدرة إن الموضوع في يد وزارة الداخلية، المخوّلة بالإدلاء بالمعلومات والأعداد.


​​​​​​​مواطنون وصحافيون

أما دويك فبيّن أن الهيئة رصدت اعتقال أكثر من 1000 شخص، على خلفية الحراك، ودهمت قوات الأمن منازل مواطنين وروّعت النساء والأطفال وكبار السن، وكسرت الأبواب وبعض الأثاث وصادرت هواتف محمولة استُخدِمت في تصوير ما يحدث من قمعٍ وفضٍ للتجمعات واعتداء على المتظاهرين.

وأوضح دويك أن حوالي 300 معتقل لا يزالون في سجون حماس، وأن قوات الأمن اقتادتهم إلى مركز تابع للشرطة العسكرية، ما يشكل انتهاكاً للمعايير القانونية التي تحدد أماكن الاحتجاز المعلن عنها من قبل وزارة الداخلية، وفق القانون الفلسطيني.

ولفت دويك إلى أن أجهزة الأمن حقّقت مع خمسة باحثين ميدانيين من مراكز ومؤسسات حقوقية. كما رصدت الهيئة احتجاز واستدعاء وتوقيف 23 صحافياً على خلفية تغطيتهم مجريات الحراك، سواء ميدانياً أم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وصودِرت هواتفهم النقالة ومعداتهم.

يُشار إلى أنّ الشرطة أفرجت في وقت لاحق عن الصحافيين باستثناء أربعة.

ورأى دويك أن الاعتداءات التي مارستها الأجهزة الأمنية تشكل انتهاكاً لنصوص القانون الأساس الفلسطيني، وخرقاً للمادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق

المدنية والسياسية، والمادة 21 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي كفلت الحق في التجمع السلمي.

واعتبر دويك محاكمة معتقلي الحراك الشعبي أمام القضاء العسكري أمراً منافيا ًللقانون ويُعدّ جرماً ارتكبته الحكومة، مطالباً النائب العام بمنع مشاركة رجال الأمن الذين لا يرتدون الزي الرسمي في التعامل مع التجمعات والمسيرات، وبضرورة فتح تحقيق رسمي وجدي ومستقل في الانتهاكات.

وأعلن القائمون على حراك "بدنا نعيش" أن يومي الأربعاء والخميس المقبلين سيشهدان إضراباً شاملاً في قطاع غزة، وأن "الحراك مستمر من دون تراجع، حتى الاستجابة للمطالب العادلة"، وأن "على المواطنين التجمع في كل مناطق القطاع والهتاف والطرق على الأواني والأنابيب، في الساعة الثامنة مساء من كل يوم".

المزيد من الشرق الأوسط