Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الليث حجو : مشكلة الدراما التركيز على النجم بينما الفن هو الغاية

 المخرج السوري يوافق على التدخلات إذا كان المنتج صاحب خبرة ورؤية فنية

المخرج السوري الليث حجو (اندبندنت عربية)

 

برع المخرج الليث حجو في مسلسل "أولاد آدم" الذي كان هناك إجماع على أنه كان أفضل الأعمال التي عرضت في الموسم الرمضاني الفائت. حجو الذي يُعرف عنه تريثه في إخراج الدراما المشتركة، يتحدث بداية عن الأسباب التي شجعته على القبول بـ "أولاد آدم"، قائلاً: "لا يوجد عندي أي تحفظ على ما يسمى الدراما المشتركة، وأنا ضد هذه التصنيفات. العمل الجيد لا جنسية له والفن عموماً هو لغة إنسانية مشتركة تتجاوز كل الحدود، على الرغم من الاختلاف الكبير بين الجمهور واختلاف أعمارهم وثقافاتهم ولغاتهم، يبقى الفن سفيراً  للبشرية وهنا نتحدث عن الفن كمنَتجٍ إنساني وليس الفنان كإنسان، وأعتقد أن المشكلة في بعض الآليات التي تقوم عليها هذه الصناعة، سواء كانت مشتركة أم محلية. فعندما تقوم بعض هذه الأعمال على تفصيل النص على مقاس النجم، مكرسةً بذلك جميع أدواتها لصالح شخص الممثل لاستثمار حضوره وجماهيريته بهدف تحقيق حجم مشاهدة كبير، عندها فقط يصبح النجم هو الهدف وليس الموضوع، والفنان هو الغاية وليس الفن. ولكن عندما يتوفر النص الذي يحترم هدفه والظرف الإنتاجي المريح والمتفهم فلن أتردد بالقبول وهذا ما حدث في مسلسل "أولاد آدم".

المنتج المغامر

وعن التفاصيل التي يدخل فيها قبل إنجاز هذا المسلسل، سواء على مستوى النص أو غيره من التفاصيل الأخرى،  يجيب: "لم أتدخل إلا في ما تطلبه مهمتي كمخرج! فمن الطبيعي جداً أن يتدخل المخرج في معالجة النص واختيار الممثلين ومواقع التصوير والفنيين وآلية عملهم وجميع العمليات الفنية الأخيرة للعمل بما فيها الموسيقى. ولكن هذا لا يلغي على الإطلاق دور كل عنصر من هذه العناصر كجزء إبداعي يساهم في ظهور النتيجة النهائية ولا يعني احتكار النتيجة لصالح فرد من هذه المجموعة حتى ولو كان المخرج، فالمخرج يشبه قائد الفرقة الموسيقية، وظيفته ضبط التناغم بين جميع الآلات الموسيقية المبدعة لكي تظهر النتيجة بأفضل حال".

وما هي الحدود التي يسمح أو لا يسمح بها كمخرج للمنتِج بتجاوزها في زمن يسيطر فيه الثاني على تفاصيل العمل الدرامي؟ يجيب: "عندما يكون المنتج الفني صاحب خبرة ورؤيا فنية عميقة، عندها أكون منفتحاً على جميع التدخلات، لا بل أسعى لمشاركته بجميع التفاصيل والاستفادة من خبرته في التصور النهائي للعمل، فالمُنتج الفني، وأنا أؤكد المُنتج الفني وهو مصطلح متعارف عليه، هو شريك مهم للمخرج وعين المراقب الأول لمادة فنية متكاملة عندما يكون المخرج غارقاً في التفاصيل، لذلك أنا أسعى غالباً للتعاون مع المنتج صاحب هذه الرؤيا الفنية".

ورداً على سؤال حول عدد المنتجين الفنانين في العالم العربي، وعما إذا كان المنتج هو  من يتحمل مسؤولية تراجع الدراما، أم الممثل والمخرج اللذان يجدان نفسيهما مضطريْن للتنازل من أجل تأمين مورد رزقهما، يوضح حجو: "بالتأكيد يوجد الكثير من هؤلاء المنتجين، وهم لا ينحصرون بالأعمال الرمضانية التي تعرض على المحطات المعروفة، بل أصبحت هناك منصات عرض رقمية جديدة غير تقليدية، تسعى لتقديم محتوى منافس أو على الأقل هي تقارب الإنتاجات العالمية من حيث الميزانيات وشروط الإنتاج السخية والمنفتحة لكل الخيارات الفنية. صحيح أنها ما زالت محاولات قليلة ولكنها بداية للانعتاق من الشرط التلفزيوني الرمضاني ذات الثلاثين حلقة. وهنا يجب الإشارة إلى أن المنتج الفني لا يتحمل وحده تراجع الدراما، فهو يعمل بشروط تسويقية مجحفة تخضع لطلبات المحطات ضمن مقاييس تفرضها بما يتناسب مع سياساتها التسويقية، وعلى الأقل هو يسعى لتقديم أفضل ما يمكن ضمن هذه الشروط، ومثله الممثل والمخرج. فمن قال إن جميع هؤلاء راضون عما يقدمون؟ والاختلاف يكمن فقط في قدرة كل منهم على أن يقدم أفضل ما يمكن ضمن هذه الشروط. وبالطبع الدراما تراهن، بين فترة وأخرى، على منتج مغامر قادر على كسر جميع القوالب الجاهزة وتحمل عبء الخسارة فيما لو لم يسوّق العمل. وبالفعل، هناك الكثير من الأعمال الخالدة والمهمة لم تكن رابحة بحسب الميزان التجاري، وهؤلاء بدأوا يتقلصون في ظل ظروف اقتصادية ضاغطة".

فنان ونجم   

هل يرى أن هناك إنصافاً في مهنة الفن، أم أن لا أمان لها كما يجمع الكثيرون؟ يجيب: "الفن مثل أي مهنة أخرى بحاجة للكثير من الاجتهاد الدائم والبحث عن التميز والاختلاف، وقد يحمّل الكثير من الفنانين الطموحين، سوء الظروف الإنتاجية، المسؤولية في عدم وصولهم إلى ما يطمحون إليه وهذا ممكن في كثير من الأحيان عندما لا تتوفر الفرص الكافية للجميع. ولكن أيضاً من يبحث عن المشروع الفني يمكن أن يصنعه ضمن أصعب الظروف وبكل الطرق، وهذا أمر مختلف عن مشروع النجومية، وعلينا أن لا نخلط بين الفنان والنجم، فمن يسعى للمشروع الفني سيصل حتماً ومشروعه الفني هو الأمان الذي سوف يخلده".ويرى حجو "أن سبب إصرار الدراما العربية على التعامل مع الوجوه نفسها يعود أحياناً إلى عدم القدرة على المغامرة وضيق الأفق، وفي أحيان أخرى إلى صفقات التسويق التي تُفرض على المنتج، لذا لا يتحمل المنتج وحده هذا الخلل". 

صارم، جدّي، حازم، دقيق وصاحب هيبة، هي صفات تحدث عنها بعض الممثلين المشاركين في "أولاد آدم"، فهل هذه الصفات ملازمة لشخصيته أم أنه يخلعها عند إنتهاء العمل؟ يجيب حجو: "أعتقد أنها صفات موجودة أساساً ولكنها تظهر بقوة وبشكل واضح خلال العمل. أنا لا أفتعلها ولكن ربما قلقي الدائم وإحساسي بحجم المسؤولية هو ما يجعلني أكثر قلقاً وحرصاً على إدارة العمل من موقعي كمخرج. فالمطلوب من المخرج إدارة فريق عمل كبير باختلاف مهامهم ومواقعهم وتحمل مسؤوليته في اتخاذ القرار السليم في الوقت المناسب والحفاظ على حسن سير العمل بأفضل الشروط المناسبة إنسانياً ونفسياً وضمن أعراف وتقاليد هذه المهنة والتي لم توضع عبثاً. ولكن لقناعتي الكاملة بأن ما يدور خلف الكاميرا لا بد أن يظهر على الشاشة عند من ينعم النظر". 

"أولاد آدم"

وعما إذا كان يعتبر أنه أعاد اكتشاف الفنانة دانييلا رحمة، التي حظي أداؤها في "أولاد آدم" بالكثير من الأصداء الإيجابية، يقول: "دانييلا ممثلة مجتهدة جداً وتسعى بكل ما تستطيع لتحقيق هدفها كفنانة محترفة، شغفها التمثيل لا النجومية، بدأت بخطوات ثابتة وكان من حظها أن بدأت مع مخرج  صاحب إحساس مرهف هو المخرج والممثل رامي حنا وبالشراكة مع أحد أهم الممثلين الذين يمتلكون قدرات فنية عالية مثل الفنان باسل خياط. هي تسعى دائماً إلى التعلم وهذا ما سيجعلها دائمة التطور. أنا لم أعد اكتشافها، بل عملت جاهداً فقط، لأضعها بأفضل الشروط الفنية والخيارات المناسبة للشخصية والبحث معها بأبعاد الشخصية النفسية والمادية وتهيئة الظرف المناسب لاستخراج أفضل ما لديها لهذه الشخصية، وأعتقد بأنها تملك الكثير أيضاً".  حجو الذي لم يتابع أي أعمال سورية عرضت في رمضان الفائت، كما قال، لأنه انتهى من تصوير "أولاد آدم" في وقت متأخر، رفض إبداء رأيه بالأعمال التي تم عرضها قبل انتهاء تصويرها، والتي يرى البعض أنها "حرقت" نجومها، كما حصل مع عابد فهد في "الساحر" وباسل خياط في "النحات"، مشيراً إلى "أنه يفضل عدم تقييم أعمال الزملاء، وبخاصة التي صوّرت في ظروف غير مناسبة في التصوير".

وفي النهاية يؤكد حجو أن مشروعه الفني المقبل، غير واضح حتى اللحظة.         

المزيد من ثقافة