Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الشرطة تجاهلت تحذيرات تتعلق بالاستخدام غير المتناسب للتوقيف والتفتيش

بعد احتجاجات حملة "حياة السود مهمة" الشرطة الوطنية تعلن عن "خطة عمل" لمعالجة عدم المساواة العرقية في صفوفها

تؤكد تقارير وجود عنصرية مستفحلة ضد ابناء الأقليات والسود في أوساط قيادة الشرطة البريطانية (غيتي) 

كشف تقرير بريطاني صادر عن جهةٍ رفيعة المستوى، أن قوات الشرطة في المملكة المتحدة، كانت قد تلقت قبل نحو عامين تعليماتٍ بوجوب معالجة طريقة استخدامها غير المتناسب لعمليات احتجاز شبان سود وتفتيشهم ، لكنها أخفقت في تلبية التوصيات الرسمية.

وقد شكلت طريقة استخدام الصلاحيات المثيرة للجدل التي أعطيت لوحدات الشرطة والتي شهدت أوجها في مرحلة الإغلاق التي فرضها وباء "كورونا"، مصدر قلق كبيراً خلال تظاهرات الاحتجاج التي نُظمت ضمن حملة "حياة السود تهُم" Black Lives Matter.

وكان "مجلس رؤساء الشرطة الوطنية" NPCC قد أعلن "خطة عمل" لمعالجة وضع عدم المساواة العرقية في البلاد الشهر الماضي، لكن هيئةً رقابية بريطانية نبهت إلى أن المجلس كان قد تلقى تحذيراتٍ في هذا الصدد عام 2018.

وأفاد "التقرير السنوي عن حال حفظ النظام" في المملكة المتحدة، الذي تصدره "مفتشية الشرطة الملكية" HM Inspectorate of Constabulary  بأنه "يتعين على قوى الأمن أن تبذل مزيداً من الجهود للتصدي للاستخدام غير المتناسب للسلطات الممنوحة للشرطة ومعالجته".

ومضى التقرير في توجيه اللوم إلى وحدات الشرطة البريطانية بالقول: "لم تستجب أي قوة استجابةً كاملة لتوصيتنا القانونية الصادرة في عام 2017 بضرورة معالجة الاستخدام غير المتناسب لأعمال التوقيف والتفتيش لأشخاصٍ من ذوي أصول سوداء أو آسيوية أو غيرها من الأقليات العرقية الأخرى BAME. إنه لمن المهم أن تدرك القوى العاملة في مجال حفظ الأمن، الأسباب التي تقف وراء عدم التناسب هذا، وأن تعمل على شرحها للجمهور".

وكان تقرير "مفتشية الشرطة الملكية" الصادر عام 2017 والذي نُشر في يونيو (حزيران) عام 2018، قد أثار مخاوف حيال المبالغة في التعامل بشكلٍ مفرط مع ذوي الأصول الأفريقية، التي ظهرت جليةً في الأرقام المسجلة عن أعمال التوقيف والتفتيش. وأشار في حينه إلى أن معظم قوى الشرطة "لا تستطيع تفسير أسباب ذلك بوضوح كاف".

وبينت تلك الأرقام أنه في تلك الفترة، كان الأفراد السود أكثر عرضةً من البيض لعمليات الاحتجاز والتفتيش بثمانية أضعاف. وقد ارتفع الرقم إلى 9 أضعاف ونصف في الفترة الممتدة ما بين عامي 2018 و2019.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتواصل الارتفاع في معدل استخدام السلطة من جانب وحدات الشرطة بشكل ملحوظ في العام الماضي، بعد تزايد أعمال العنف الخطيرة، ووصولها في شهر أبريل (نيسان) إلى أعلى مستوى شهدته العاصمة لندن منذ نحو سبعة أعوام.

وانتقد ناشطون شاركوا في حملة "حياة السود مهمة" تصرف قوى الأمن خلال فترة الإغلاق التي فرضها تفشي فيروس "كورونا" في المملكة المتحدة، والتي شهدت في هذه المرحلة تراجعاً كبيراً في أعمال العنف وأنواع أخرى من الجرائم، واتهموا الشرطة بترك أفرادٍ من السود وأقلياتٍ عرقية أخرى "تحت حراسةٍ أكبر لكن في ظل وقاية أقل في ما يتعلق بالمرض".

ورأى رئيس مفتشي الشرطة الملكية السير طوماس وينسور، أن "على قوى الشرطة أن تأخذ في الاعتبار الانتقادات الصحيحة المتعلقة بعدم التناسب في التوقيف والتفتيش واستخدام القوة من جانب عناصرها". أضاف "يتعين على أفراد الشرطة أن يستخدموا على الدوام السلطات الخاصة التي يمنحها المجتمع إليهم، وفق أسسٍ قانونية سليمة، وذلك بهدف تعزيز السلامة العامة وعدم استهداف الأقليات العرقية من خلال تنفير وتغريب السكان المحليين".

وذكر السير طوماس بأن "حفظ النظام الذي تقوم به قوى الشرطة في المملكة المتحدة، هو مبنيٌ على موافقة عامة الناس، ويستند إلى دعمهم"، منبهاً إلى أن "الاستياء المبرر من جانب الجمهور يؤدي إلى اندثار تلك القيمة الأساسية الثمينة" على حد تعبيره.

وفي المقابل، اعتبر متحدث باسم "مجلس رؤساء الشرطة الوطنية" في بريطانيا، أن "صلاحية التوقيف والتفتيش هي سلطة مهمة تسمح لأفراد الشرطة بالتصدي للذين يريدون إلحاق الأذى بالمجتمعات المحلية، ولحماية الناس من الوقوع فريسةً للمجرمين".

أضاف "إننا ندرك أن هناك حاجة إلى معالجة المخاوف من استخدام هذه الصلاحية، بحيث تكون شفافة ومفتوحة ما أمكن، من أجل الحفاظ على ثقة المجتمعات المتنوعة التي نعمل على خدمتها". وكشف أن "مجلس رؤساء الشرطة الوطنية يعمل في الوقت الراهن على وضع خطة عمل في مسألة العرق والتنوع، وستراجع هذه الخطة موضوع التوقيف والتفتيش".

وأفاد تقرير "مفتشية الشرطة الملكية" لعام 2019 الذي نُشر يوم الخميس الفائت، بأن تمثيل عناصر الشرطة من السود والأقليات العرقية ما زال غير كاف، لكن قوى الأمن تشهد تحسناً "بطيئاً" في هذا الجانب. أضاف "يتعين من أجل بناء الثقة، أن تعكس قوى الشرطة واقع المجتمعات التي تخدمها".

وفيما يعقد قادة الشرطة في المملكة المتحدة الأمل على أن يساعد تجنيد نحو 20 ألف عنصر إضافي في وحدات الشرطة على مدى ثلاث سنوات في تحسين التنوع، برزت في المقابل تحذيراتٌ من الفشل في الاحتفاظ بأفرادٍ من الأقليات العرقية أو ترقيتهم إلى رتبٍ أعلى.

وكان رئيس "الجمعية الوطنية للشرطة السود"، قد رأى في حديثٍ مع "اندبندنت"، أن "الاحتجاجات الأخيرة أجبرت قوى الشرطة على التعاطي مع قضايا قائمة منذ مدة طويلة تتعلق بطريقة معاملة أفرادها الذين ينتمون إلى أقليات عرقية والجمهور على حد سواء". أضاف الرقيب تولا مانرو: "ربما نكون أمام لحظة فاصلة في ما يتعلق بالشرطة البريطانية".

 

أما رئيس مفتشي الشرطة الملكية السير طوماس وينسور، فاعتبر أنه من أجل تحقيق الزيادة في عدد قوى الشرطة بنحو 20 ألف عنصر، يتوجب تجنيد 54 ألف شخص، بسبب مغادرة أفراد للخدمة ونظراً إلى الحاجة للعدد المناسب من الموظفين لدعم المجندين الجدد.

أضاف وينسور أن "أجهزة إنفاذ القانون لا تحتاج فقط إلى 20 ألف شاب آخر من الوزن الثقيل للتعامل مع مشاجرات الحانات، بل هي في حاجة إلى أشخاص يتمتعون بالمهارات اللازمة للتعامل مع الجريمة العصرية، التي يحدث الكثير منها عبر الإنترنت".

ورداً على سؤال عن العوائق المحتملة التي تحول دون التجنيد، أوضح السير طوماس أنه سيدعم اعتماد بعض التغييرات الدقيقة، من بينها على سبيل المثال أن الأشخاص الذين صدرت في حقهم أحكام أو إدانات بسيطة تتعلق بالمخدرات، لن يتم منعهم تلقائياً من الانضمام إلى صفوف الشرطة.

واعترف بأن هذه المسألة "تشكل عبئاً لدى البعض، فعلى سبيل المثال قد يكون هناك مراهق أعطي تحذيراً بسبب حيازته كميةً صغيرةً من الحشيش، إلا أن ذلك حدث قبل وقت طويل. إن الأمر يجب أن يتوقف في الحقيقة على شدة الجرم وخطورته".

ودعا المسؤول الرقابي إلى اعتماد سلسلةٍ من التغييرات لتحديث عمل أجهزة الشرطة في كل من إنجلترا وويلز، بما فيها تغييرات في بنيتها الراهنة التي تضم ثلاثاً وأربعين قوةً إقليمية.

واعتبر السير طوماس أن هذه البنية "لم تعد تفي بالغرض" في عصر التكنولوجيا، موضحاً أن "الخطوط القائمة على الخريطة التي تحدد مناطق قوى الشرطة، من الممكن أن تتحول إلى حواجز وعقباتٍ أمام تدفق المعلومات والمواد الاستخباراتية، وقد تصبح عوائق تحول دون تحقيق مبدأي الكفاءة والفاعلية".

واقترح في هذا الإطار أن يتم الاحتفاظ بقوى الشرطة الثلاث والأربعين، لكن شرط أن تعمل وفق معايير وطنية جديدة من هدفها تنسيق المشتريات المتعلقة بوسائل التكنولوجيا ومسائل أخرى تساعد في حفظ النظام العام. وكرر كبير المفتشين مطالباته لوزارة الداخلية البريطانية، بأن تمنح أفراد الشرطة من ذوي الكفاءة تسوياتٍ تمويلية لمدة ثلاث سنوات، بدلاً من تقديم حزم سنوية "غير فاعلة".

وفي موازاة تراجع عدد المحاكمات إلى مستوى قياسي في إنجلترا وويلز، حذر السير طوماس من "خطر حقيقي" على حد تعبيره، يتمثل في أن العجز عن حل الجرائم الشائعة كان سبباً في فقدان عامة الناس ثقتهم في قوى الشرطة.

وأشار تقرير مؤسسته إلى هذا التحذير من خلال الكشف عن أن مستوى بعض التحقيقات في الجرائم "قد خُفض إلى ما هو أكثر بقليل من مجرد محادثةٍ هاتفية مع الضحية"، في حين لم يُحل سوى 6 في المئة فقط من قضايا السطو، و3 في المئة من جرائم المركبات، و13 في المئة من الجرائم العنيفة في الفترة الممتدة ما بين عامي 2018 و2019.

وختم رئيس مفتشي الشرطة الملكية قائلاً: "إذا كان الناس يريدون بعض التحسينات المهمة في مجال التحقيق والكشف عن هذه الأنواع من الجرائم، فسيتعين عليهم الإجابة على السؤال الآتي: هل نحن مستعدون لأن ندفع أكثر"؟

© The Independent

المزيد من دوليات