في السادس من يوليو (تموز) الجاري، أعلن دومينيك راب عزم الحكومة فرض عقوبات بشكل مستقل، من دون دعم الاتحاد الأوروبي، على الأفراد، والدول المُدانة بانتهاكات لحقوق الإنسان.
وعلى الرغم من صدور البيان بدافع إنساني على ما يبدو، إلا أنه قرار لن يؤدي إلى تحقيق النتائج المقترحة. وكذلك جاء في توقيت سيئ بعد بريكست وفي خضم "كوفيد-19". لذا، يجب أن يركز بوريس جونسون اهتمامه على إعادة بناء بلادنا وترك البلطجة لدونالد ترمب.
تاريخياً، كانت المملكة المتحدة تتشارك مع الاتحاد الأوروبي في فرض عقوبات على الدول. وستكون هذه محاولة مستقلة أولى لتجميد أصول أفراد، ومنظمات، وحظر دخولهم إلى حدودنا. لكن رائحة العقلية الاستعمارية تفوح من كون أحد الإجراءات الأولى التي تتخذها المملكة المتحدة بعد استقلالها، اتّخذ هيئة التدخل في شؤون بلدان أخرى، بدلاً من الالتفات إلى شؤونها الخاصة. في المقابل، بعد بريكست وفيروس كورونا، أصبحت المملكة المتحدة في موقف ضعيف. فنحن لسنا في موقع يسمح بالمساومة مع البلدان الأخرى بعد أن خسرنا أوراقنا كلها.
من ناحية أخرى، انهارت المعنويات إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق مع بدئنا في التعافي من مضاعفات الجائحة. إذ فقد عشرات الآلاف من الأشخاص أرواحهم منذ مارس (آذار)، تاركين خلفهم أعداداً أكبر ممن فقدوا أحباءَهم. فنحن نشعر بالانكسار والصدمة، ولسنا على استعداد لمواجهة أفراد "قد" يشكلون تهديداً لبلدانهم.
ومع إعادة فتح المتاجر، والحانات، والشركات هذا الأسبوع، نتطلع بفارغ الصبر إلى أخبارٍ حول اقتصادنا، وإذا كنا سنرى ضوءاً في نهاية هذا النفق المظلم المستمر منذ أربعة أشهر. فقد تهاوى اقتصادنا في 2020، وانكمش بـ2.2 في المئة، في أكبر انخفاض له منذ 41 عاماً. لذا، لن تخشى دول كثيرة من تهديداتنا بتجميد أصولها. فنحن لسنا بالضرورة مثالاً للنجاح المالي في الوقت الراهن.
لقد أصبحت المملكة المتحدة أضحوكة بالنسبة إلى عدد من البلدان التي تراقب محاولاتنا الهزيلة لإبرام صفقة مع الاتحاد الأوروبي. يكاد يكون من المضحك مشاهدة جونسون محاولاً المقايضة مع المسؤولين الأوروبيين، بعد أن تخلى عن علاقة المملكة المتحدة معهم. وحاضراً، يلوّح بإصبعه مهدداً بالعقوبات، لا يمكن للمرء سوى أن يعتقد بأننا نبدو مثل نملة تحاول تخويف دب.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
إذاً، ليس الوقت مناسباً لفرض العقوبات، وتحتاج المملكة المتحدة تركيز اهتمامها على استعادة القوة وإعادة التجميع والتعافي. ويجب معالجة الصحة النفسية لمواطنينا. كما يحتاج اقتصادنا إلى إعادة بناء تدريجي مع عودة المستهلكين إلى التسوّق، وتناول الطعام والشراب في الشوارع الرئيسة. ونحتاج إلى تسوية موضوع بريكست كي نمضي قدماً. وكذلك تبدو بلادنا ممزقة بحرب الجائحة والخروج من الاتحاد الأوروبي، والآن ليس الوقت المناسب لتأكيد الهيمنة في الخارج.
لكن لسوء الحظ، لا يبدو أن رئيس وزرائنا يفكر بهذه الطريقة. وعوضاً عن ذلك، يعمل على تقليد صديقه ترمب، متجوّلاً في جميع أنحاء العالم بنوايا سياسية تغلفها مقاصد خيرية. وفي المقابل، تملك الولايات المتحدة تاريخاً من فرض العقوبات على الدول التي لا ترحب بوجودها، ولا تمنحها امتيازات اقتصادية. لكن نادراً ما تؤدي هذه العقوبات إلى النتائج الإنسانية التي يجري الترويج لها. وبدلاً من ذلك، تترك [العقوبات] المواطنين في البلدان المستهدفة قيد معاناة ارتفاع أسعار المعيشة، وسوء الرعاية الصحية، وخطر التعرض لمزيد من الأذى من القادة، أو المنظمات التي تُفرض ضدها العقوبات.
وكخلاصة، يحتاج جونسون إلى التخلص من تصوره الاستعماري عن بريطانيا باعتبارها زعيمة عالمية، ومواجهة وقائع التدهور الاقتصادي، وتدهور الصحة العقلية الوطنية، وبلد ينقلب بسرعة على مؤسّساته السياسية.
© The Independent