Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"حلبة صراع" في مجلس الأمن على الملف الليبي

تبادل إيطاليا وتركيا وفرنسا وروسيا الاتهامات بتعقيد المشهد المحلي

مطالبة بالبحث عن قنوات بديلة قادرة على مقاربة الحلول للأزمة الليبية (رويترز)

عاد الملف الليبي إلى طاولة النقاش، داخل مجلس الأمن الدولي، في جلسة جديدة أمس الأربعاء (8-7-2020) عبر تقنية الفيديو، ضمن سلسلة الجلسات الدورية، التي تكرّرت على مدار العقد الماضي، لبحث تطورات أزمة ليبيا، من دون الخروج بنتائج واتفاقيات حقيقية، تقود إلى حل ناجع ونهائي.

ولم تخرج المواقف، التي عبّرت عنها الدول المعنية بالأزمة الليبية، عن سياقها المعتاد، حيث حذّرت جميعاً، من تداعيات الأزمة على الجوار الليبي ومحيطها الإقليمي، مطالبة بوقف التدخلات الدولية وتدفق السلاح والمرتزقة إلى ليبيا، والعودة السريعة إلى المسار السياسي التفاوضي، من دون الاتفاق على آليات مشتركة، لتطبيق كل ذلك.

كلمة غوتيريش

بدأت الجلسة، بكلمة للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، دعا فيها إلى "وقف التصعيد العسكري في ليبيا ودعم جهود التسوية السياسية عبر استئناف الحوار".

وقال إن "الوقت ليس في صالح الجميع، بخاصة بعد تحول النزاع في ليبيا، إلى مرحلة جديدة نتيجة دخول مرتزقة إلى القتال في البلاد".

مواقف لافتة

ولم تخلُ الجلسة، من بعض المواقف اللافتة، التي غرّدت خارج سرب المواقف التقليدية، الداعية الى التهدئة والحوار السياسي، بخاصة في الكلمتين اللتين ألقاهما، ممثلا مصر وتركيا، وجاءتا في سياق الخلافات والتصعيد، بين الطرفين، حول ملف الأزمة الليبية، الذي ينذر بصدام حقيقي، على أبواب مدينتي سرت والجفرة الليبيتين.

وأوضح وزير الخارجية المصري سامح شكري، أن "ثمة تهديدات تمثل خطراً حقيقياً على مصر، ولن نتهاون في التعامل معها"، مشيراً إلى أن "هناك مساحات كبيرة من غرب ليبيا، باتت موطئ قدم للتطرّف، وملاذاً آمناً للمنظمات الإرهابية".

وبيّن أن "مصر انخرطت بالعملية السياسية حول ليبيا وسهّلت الاتصالات بين الأطراف الليبية"، متهماً بشكل ضمني، تركيا، بالتسبب في التصعيد وتعقيد المشهد الليبي.

في المقابل، رد نائب وزير الخارجية التركي، سادات أونال على الهجوم المصري، باتهام حليفها المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الليبي، بالتسبب في الأزمة الحالية، قائلاً إن "انقلابه على الحكومة الشرعية في ليبيا، تسبب في الأوضاع التي آلت إليها البلاد"، معتبراً أن "العملية السياسية يمكن الدفع بها، عندما نصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، في ليبيا".

وفي السياق ذاته، مالت المواقف الروسية والإيطالية، عبر كلمات ممثليهما في الجلسة، إلى الجانب المصري، بدعوتهما للعودة إلى المسار السياسي، وإشادتهما بالمبادرة المصرية، التي اعتبراها، خريطة طريق مناسبة للحل، يمكن الاعتماد عليها، في الوقت الحالي.

نقد فرنسي لموسكو وأنقرة

الموقف الفرنسي، الذي صرح به ممثل باريس لدى مجلس الأمن نيكولا دي ريفيير، كان أيضاً مثيراً للانتباه، والذي حدد فيه سياسات بلاده في الأزمة الليبية، بالتركيز على أولويتين "وقف إطلاق النار ووقف تدفّق الأسحلة".

واللافت في كلمة الممثل الفرنسي، النقد الصريح لممارسات أنقرة وموسكو، في ليبيا، "تركيا وروسيا، انتهكتا قرارات مجلس الأمن، المتعلقة بمنع تزويد أطراف النزاع بالأسلحة والمرتزقة".

واتهم دي ريفيير، بعض الأطراف الداخلية والخارجية الفاعلة في المشهد الليبي، بمحاولة إفشال الحوار الليبي - الليبي.

ركض خلف السراب الأممي

من جهة ثانية، يعتبر الصحافي الليبي أحمد سالم، في حديث إلى "اندبندنت عربية"، أن "جلسة مجلس الأمن، كانت مخيبة كسابقاتها، وكشفت مجدداً حجم الخلافات الدولية حول الملف الليبي، ومساهمة هذه الخلافات، في التعقيد لا الحل".

وطالب سالم بالبحث عن قنوات بديلة، قادرة على مقاربة الحلول للأزمة الليبية، مشيراً إلى أنه "يجب على الجامعة العربية توسيع دورها في الملف الليبي، لأن لعبة الأمم التي تمارس في ليبيا، هدفها إطالة أمد الأزمة وليس إنهاءها، وتوقع حل يأتي من مجلس الأمن، المنقسم على نفسه، بفعل الصراعات الدولية، التي تخوضها القوى الكبرى، في كل ملف يناقشه المجلس، هو ركض خلف السراب".

ووصف جلسة الأمس بأنها "عبارة عن جلسة لتبادل الاتهامات وتبرئة الذمم واللوم، بين الفرقاء الدوليين والإقليميين في ملف الأزمة الليبية".

الجيش ينفي وجود "الفاغنر"

في السياق ذاته، نفى المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي، أحمد المسماري، ما تحدث عنه رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط، مصطفى صنع الله، وعدد من مندوبي الدول، في جلسة مجلس الأمن، حول وجود مرتزقة روس، من فرقة "الفاغنر"، في ميناء السدرة وحقل الشرارة النفطي.
وقال المسماري، في مؤتمر صحافي إن "المنشآت والحقول النفطية، يحميها جهاز حرس المنشآت، ولا يسمح لعناصر هذا الجهاز، بالدخول إليها، فكيف يمكن وجود جنود أجانب، داخل المنشآت النفطية الليبية"، مضيفاً أن هذه "دعاية مدفوعة الأجر، من رئيس المؤسسة، للضغط على القيادة العامة للقوات المسلحة والشعب الليبي".
واعتبر أن كل "هذا الجدل حول إغلاق النفط، جاء لأن تركيا تريد المال"، قائلاً إن "مليارات من الأموال الليبية، نُهبت وسُرقت وهُرّبت إلى أنقرة ".

استفزاز تركي في مياه المتوسط

أعلنت القوات البحرية التركية، عن مناورات بحرية مرتقبة، وصفتها بالضخمة، قبالة السواحل الليبية، خلال الفترة المقبلة، في خطوة وصفتها أطراف ليبية، شرق البلاد، بـ "الاستفزازية"، ليس لطرف داخل ليبيا فقط، بل لأطراف خارجية، تعارض الممارسات التركية في ليبيا، والمياه الدولية، في البحر المتوسط، على رأسها مصر واليونان وقبرص وفرنسا.   

وقال سلاح البحرية التركي، في بيان، إن "المناورات المرتقبة، سيطلق عليها اسم "نافتيكس"، وستجري قبالة السواحل الليبية، في ثلاث مناطق مختلفة، وسيحمل كل منها اسماً خاصاً، وهي "بربروس" و"درغوت رئيس" و"تشاكا باي".

وحملت هذه الأسماء الثلاثة أيضاً، دلالات أثارت مشاعر غضب، لدى كثير من الليبيين، كونها أسماء لقادة بحريين عثمانيين، قادوا غزوات "الأستانة"، على دول شمال أفريقيا ومن بينها ليبيا، قبل قرون عدة.

ومع هذه التطوّرات، يبقى الترقّب سيد المشهد الليبي، المعلّق من دون حل، مع تنامي التكهّنات، بصدام عسكري قريب، بين قوات الوفاق الآتية من غرب البلاد، بدعم تركي، ومعسكر الجيش المرابط شرقاً، بإسناد مصري.

المزيد من العالم العربي