يزداد الضغط على السلطة في الجزائر بعد رفض نقابات عمالية دعوة الوزير الأول لأجراء مشاورات حول تشكيل حكومة جديدة، وبات الرئيس عبد العزيز بوتفليقة يواجه عزلة مع مرور الأيام. فبعد انقلاب قيادات الحزب الحاكم وحليفه، وجد نفسه في مواجهة صعوبات إقناع تشكيل ممثليه نور الدين بدوي، ورمطان لعمامرة، والأخضر الإبراهيمي، مختلف فئات الشعب للجلوس على طاولة التشاور من أجل تشكيل طاقم حكومي شبابي تكنوقراطي وغير متحزّب.
نقابات ترفض دعوة الوزارة الأولى إلى تشكيل الحكومة
الوزير الأول الجزائري نور الدين بدوي، في وضعية تهدد استمراره في المهمة التي كلفه بها الرئيس بوتفليقة، بعد رفض 16 نقابة عمالية دعوته إلى التشاور لتشكيل حكومة كفاءات، وبعد تجاهل أحزاب معارضة المشاركة في المشاورات، تضاف صعوبة التواصل مع الحراك الشعبي الذي يعيشه الشارع، بسبب غياب ممثلين عنه، الأمر الذي جعل عمل الوزير الأول المكلف يزداد صعوبة وتعقيداً، وقد لا يحقق مبتغاه، والفشل النتيجة الأقرب إلى الواقع خصوصاً في ظل ارتفاع سقف مطالب المحتجين بضرورة ذهاب كل الوجوه القديمة قبل الحديث عن أي خطوة.
شرعية الوزير الأول؟
وبررت النقابات رفضها الدعوة، بعدم شرعية عمل الوزير الأول، نور الدين بدوي، واتهمت السلطات بتجاهل أصوات الملايين من الشعب الجزائري التي تخرج في مسيرات، وأوضح الناطق الرسمي باسم التكتل المستقل لنقابات التعليم، مسعود بوذيبة لـ "اندبندنت عربية" أن الفضاء التشاوري غير دستوري، وهو مرفوض من طرف الجزائريين، لذا لا يمكن التكتل النقابي قبول دعوة الوزير الأول.
كما أشارت نقابة المجلس المستقل لأساتذة التعليم العالي والبحث العلمي، في بيان، إلى أن شروط الحوار وظروفه غير متوافرة حالياً، وهي التبريرات ذاتها التي كشفت عنها أيضاً نقابات الصحة التي أعلنت انحيازها إلى الشارع ورفضها القفز على مطالب الشعب.
النقابات: "نرفض استعمالنا ورقة لضرب وحدة الجزائريين"
وأعلن الأمين العام لنقابة مجلس ثانويات الجزائر إيدير عاشور أن نقابات قطاع التربية، تلقت دعوة من الوزارة الأولى للمشاركة في جلسة مشاورات كانت مقررة الأحد 17 مارس (آذار)، وتابع أن التكتل يرفض لعب دور ممثل الحراك الشعبي، كما يرفض محاولات الوزير الأول تضليل الرأي العام من طريق استدعاء النقابات والترويج لانطلاق الحوار، كما رفض رئيس النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية الياس مرابط جلسة تشاور كانت مقررة الاثنين 18 مارس، وقال إن السلطة فقدت أوراقها وصدقيتها واستنزفت قواها، وهي تحاول اليوم استعمال أطراف أخرى لتنظيف صورتها من خلال النقابات، لذا رفضت النقابة استعمالها كورقة لضرب وحدة الشعب وتماسكه.
مناقشة انسحاب بوتفليقة أو تطبيق المادة 102 من الدستور
المحلّل السياسي عبد العالي رزاقي أكد أن رفض النقابات دعوات رئاسة الوزراء أحدث ارتباكاً كبيراً لدى النظام، وتأكد مرة أخرى أن من يمثله في الواجهة محل رفض شعبيّ واسع، وقال إن شعار الشارع واضح هو رحيل النظام، ومن يمثله حالياً مرفوض لدى الملايين التي تخرج للتظاهر. وقال المحلل شريف رزقي من جهته، "لا أظن أنهم سيجدون من الشرفاء من يدخل الحكومة"، مبرزاً أن النظام في حالة تهالك، والحراك يطالب بذهاب الرئيس أولاً، ثم النظام ثانياً، وعليه فالحكومة عبارة عن تفاصيل".
ضربة قاسية للنظام
واعتبرت أطراف عدة أن رفض النقابات الاستجابة لدعوة الوزير الأول نور الدين بدوي، ضربة قاسية لنظام عبد العزيز بوتفليقة، الذي راهن محيطه على تهدئة الشارع من خلال خريطة الطريق المقدمة، غير أن الواقع كشف عن توجه الرئيس بوتفليقة إلى الانسحاب من المشهد في الأيام القريبة، وهو ما أكده قيادي في التجمع الوطني الديمقراطي، لزعيمه رئيس الحكومة المستقيل أحمد أويحيى، حليف الحزب الحاكم، في تصريحات إلى "اندبندنت عربية"، بأنه تجري داخل كواليس السلطة، مناقشة انسحاب الرئيس بوتفليقة، أو تطبيق المادة 102 من الدستور.
لعبة السلطة
حاول الأخضر الإبراهيمي، جذب قادة سياسيين قريبين من الحراك الشعبي، بغرض ضمهم إلى مسعى تشكيل حكومة، لكنه فشل، وبرّأ رئيس حركة مجتمع السلم، عبد الرزاق مقري، حزبه من كل الاتهامات التي طاولته بخصوص قبوله دعوة السلطة إلى مشاورات تشكيل الحكومة التوافقية، كما أعلن رئيس الوزراء الأسبق، علي بن فليس، أنه لن يشارك في "لعبة السلطة"، ونفت الأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون، الأخبار التي تحدثت عن لقائها بالأخضر الإبراهيمي، وقالت إن حزبها لا يحتاج إلى التذكير بمواقفه التاريخية في اللحظات الحساسة، والمحطات الفارقة من تاريخ الجزائر.