Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بطريرك الموارنة يدعو إلى "تحرير الشرعية" اللبنانية من خاطفيها

مصدر دبلوماسي لـ"اندبندنت عربية": هناك مطالبات خارجية بأن يتولى الراعي طرح الأمور الشائكة

لجنة متابعة مؤتمرات الأزهر ستبحث مع الراعي طرق المساعدة لمبادرته (دالاتي ونهرا)

بكلام مباشر وواضح وصريح، وصّف بطريرك الموارنة بشارة بطرس الراعي في عظة الأحد الفائت، حقيقة ما يعاني منه لبنان، مقدماً في الوقت نفسه الوصفة الوحيدة للحل.

بصيغ مختلفة وبكلام متعدد، عمد البطريرك الراعي في الأسابيع الثلاثة الأخيرة إلى إطلاق صرخة إنقاذ للبلد، وفي رسالته الأخيرة تقصّد مناشدة رئيس الجمهورية ميشال عون وتحميله مسؤولية تنفيذ الحل الوحيد المتبقي أمام لبنان، والذي حدده الراعي بفك الحصار عن الشرعية والقرار الوطني الحر، طالباً من الأمم المتحدة العمل على إعادة تثبيت استقلال لبنان ووحدته وتطبيق القرارات الدولية وإعلان حياده.

أن يخرج البطريرك الراعي عن صمته، ويعود إلى لعب الدور السياسي الوطني، بعد انكفاء فرضته عودة الزعماء المسيحيين إلى الحكم من المنفى أو السجن، وأن تعود بكركي لتتصدر الشأن الوطني عبر خطاب سياسي، يعني أن خطورة الوضع لم تعد تحتمل السكوت. 

لا حل إلا بتحرير الشرعية اللبنانية

في كلام البطريرك العالي السقف أكثر من رسالة في المضمون والتوقيت معاً. في إشارته إلى فكّ الحصار عن الشرعية اللبنانية، يؤكد البطريرك أن الشرعية المتمثلة بالسلطة السياسية الحاكمة هي اليوم أسيرة قوى تمارس عليها الضغط، وما توكيله مهمة تحريرها إلى رئيس الجمهورية، بحسب النائب السابق فارس سعيد، سوى اتهام مباشر لـ"حزب الله"، حليف الرئيس عون، بخطف قرار الشرعية.

والبطريرك في كلامه طالب بالعمل على حياد لبنان، في إشارة إلى تخوّفه من انعكاسات الصراع الإقليمي الحاصل في المنطقة على صيغة لبنان النموذجية، بجناحيه المسلم والمسيحي، معتبراً أن الحياد قد يجنّبه مشاريع تقسيمية ستبدّل "لبنان الرسالة"، كما وصفه البابا يوحنا بولس الثاني.

الفاتيكان تشجع كلام الراعي

هل يمكن أن يكون كلام البطريرك الراعي نابعاً من قراءة شخصية أم هي أيضاً قراءة للدول الصديقة التي تمنّى عليها الراعي التدخل لمساعدة لبنان؟

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إذا كانت مواقف البطريرك قد لفتت انتباه دوائر القرار العربي، بدليل الزيارة الملفتة التي قام بها سفير السعودية وليد البخاري إلى الديمان، المقر الصيفي للبطريركية المارونية، مشيداً بكلام البطريرك الذي صوّب الأمور، كما قال، خصوصاً لجهة حياد لبنان والنأي بالنفس، فإنه من الصعب فصل موقف بكركي عن موقف بابا روما أو استبعاد فرضية التنسيق بينهما لما للكنيستين من رابط تاريخي بدأ منذ القرن الثاني عشر ولا يزال.

وفي السياق، تكشف مصادر دبلوماسية لـ"اندبندنت عربية"، أن كلام الراعي لم يأتِ من فراغ وأن هناك مطالبات خارجية وصلت إلى بكركي دعت إلى أن تتولى الكنيسة المارونية طرح المواضيع الشائكة، ومنها تحرير الشرعية والعودة إلى الدولة الوطنية.

ويكشف مطلعون على السياسة الخارجية للفاتيكان، أن عاصمة الكاثوليك في العالم، الحريصة دائماً على الحوار والعيش المشترك في لبنان وعلى حرية المعتقد والحرية الفكرية، نصحت بكركي بالاستماع إلى مطالب الناس وهمومهم، وهي شجعت منذ انطلاق ثورة 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2019 الكنيسة المارونية على الوقوف إلى جانب المتظاهرين ومطالبهم المحقة. وعندما استشعرت بكركي الخطر المحدق بلبنان جراء الدخول في لعبة المحاور والارتهان إلى الخارج على حساب المصلحة الوطنية، رفعت الصوت عالياً.

اتجاه معارض

يعتبر كثيرون أن كلام الراعي يوازي في أهميته، وربما في نتائجه، نداء مجلس المطارنة الموارنة عام 2000، الذي طالب بانسحاب الجيش السوري من لبنان. فهل يؤسّس كلام الراعي إلى حركة سياسية، مسيحية أو وطنية، تحصّن الدعوة إلى تحرير الشرعية اللبنانية، فيكون مطلباً وطنياً جامعاً، على غرار لقاء قرنة شهوان في زمن البطريرك الراحل نصر الله بطرس صفير، الذي بدأ مسيحياً وتطوّر ليصبح وطنياً تحت مسمى لقاء البريستول؟

وكان الراعي استقبل، الثلاثاء، وفداً نيابياً من حزب القوات اللبنانية، دعم موقفه الداعي إلى حياد لبنان. وغداً الخميس سيتوجه إلى الديمان رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة مع لجنة المتابعة لمؤتمرات الأزهر للقاء الراعي، في زيارة ستكون مخصّصة للبحث في المبادرة التي أطلقها البطريرك، وفق ما كشف لـ "اندبندنت عربية" أحد أعضاء اللجنة، الكاتب والمفكر رضوان السيد، الذي أكد أن الوفد سيسأل الراعي عن التصوّر العملي الأنسب لتحويل مبادرته عملاً وطنياً جامعاً، وسيتبادل معه الأفكار في كيفية تحقيق ذلك وكيف يمكن للجنة المتابعة لمؤتمرات الأزهر أن تساعد في الوصول إلى هذا الهدف.

ووفق السيد، فإن مطلب فكّ الحصار عن الشرعية الذي أطلقه البطريرك الراعي هو مطلب وطني، خصوصاً أن الحالة التي نعيشها لا فرق فيها بين مواطن وآخر من حيث انتهاك الحقوق وانتهاك العيش المشترك.

ويقول "بين مبادرة حسن نصرالله الداعية إلى الخضوع والجوع أو الانتحار ومبادرة بعض السياسيين المهلّلة للانكفاء، برزت مبادرة إيجابية ووطنية لبكركي ستكون أساساً لتشكيل معارضة سياسية تنقذ لبنان".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي