Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

دراسة أميركية: قمع الإعلام التركي خلق نقاط ضعف جديدة لأردوغان

يرى 70 في المئة من الأتراك بينهم الناخبون المؤيدون للحكومة أن وسائل الإعلام ليست حرة

أردوغان أعلن في خطاب عن ضرورة إغلاق منصات التواصل الاجتماعي والسيطرة عليها عن طريق عرض مشروع قانون على البرلمان (أ ف ب)

يعتزم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان فرض إجراءات خانقة على منصات التواصل الاجتماعي مهدداً بشكل صريح، خلال خطاب لحزبه الأربعاء الماضي، بغلقها قائلاً، "هذه المنصات لا تناسب هذه الأمة. نريد إغلاقها والسيطرة عليها عن طريق عرض مشروع قانون على البرلمان في أقرب وقت ممكن".

وجاء غضب أردوغان بعد انتقادات لاحقت ابنته وصهره، وزير المالية بيرات ألبيرق، ما أسفر عن اعتقال الشرطة التركية لـ 11من مستخدمي موقع تويتر بزعم إهانة عائلة الرئيس.

تهديد أردوغان لوسائل التواصل الاجتماعي يأتي كجزء من استراتيجية خانقة أوسع للسيطرة على الإعلام في تركيا. ونشر مركز التقدم الأميركي "أميركان بروغرس"، دراسة تسلط الضوء على العديد من التطورات المقلقة لدى المشهد الإعلامي في تركيا وكيفية تعزيز الرئيس التركي قبضته على وسائل الإعلام، ما تسبب في انعدام ثقة الأتراك بإعلام بلادهم، الأمر الذي أدى إلى توسيع الانقسامات الحزبية والاختلافات بين الأجيال في الطرق التي يحصلون بها على المعلومات المتعلقة بالسياسة.

تراجع الثقة في إعلام أردوغان

الدراسة التي أعدها ثلاثة باحثون متخصصون بالشأن التركي، من خلال تحليل بيانات تم جمعها عبر استطلاع في تركيا أجرته شركة "ميتروبول" المتخصصة بالاستطلاعات، وشمل مقابلات مباشرة مع 2534 شخصاً في 28 مقاطعة بالفترة من 24 مايو (أيار) حتى 4 يونيو (حزيران) 2018، تقول إن عدم الثقة في وسائل الإعلام التركية وصل إلى حالة الأزمة، حيث رأى 70 في المئة من الأتراك، بينهم الناخبون المؤيدون للحكومة، أن وسائل الإعلام متحيزة وغير نزيهة. وشكّلت هذه الشكوك خلفية للتحولات السريعة في كيفية حصول الأتراك على الأخبار والمعلومات السياسية، حيث يتجه المواطنون إلى منافذ الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي الأكثر استقلالية عن سيطرة الحكومة.

ولفت مركز الدراسات الأميركي، الذي أسسه جون بوديستا، كبير موظفي البيت الأبيض في إدارة بيل كلينتون، ورئيس الحملة الانتخابية لهيلاري كلينتون في 2016، إلى توثيق العديد من التقارير الحقوقية لممارسات الحكومة التركية لتكميم الصحافة، سواء من خلال سجن الصحافيين، أو غلق وسائل إعلام، أو الإشراف على شراء وسائل الإعلام الكبرى من قبل التكتلات الموالية للحكومة.

وتقول منظمة مراقبة مراسلون بلا حدود، إن النظام التركي يشدد الخناق على القليل المتبقي من التعددية، وتشير إلى أن تركيا الآن "أكبر سجن للصحافيين في العالم".

ومن بين النتائج التي أظهرتها الدراسة، أن العديد من مؤيدي حزب العدالة والتنمية الحاكم، يدركون أن النظام يعمل على تكميم الصحافة ويتدخل في الأخبار التي تنشر يومياً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

فبحسب بيانات الدراسة، فإن 31 في المئة ممن صوتوا للحزب الحاكم في نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، يتفقون على أن وسائل الإعلام تخضع لسيطرة الحكومة، ويتفق 53 في المئة من مؤيدي حزب الحركة القومية، الحليف اليميني المتطرف لحزب العدالة والتنمية، على أن وسائل الإعلام التركية تخضع للرقابة وليست حرة. وتشير هذه البيانات إلى أن العديد من مؤيدي حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية يعرفون أنهم لا يحصلون على الصورة الكاملة من وسائل الإعلام.

وتؤكد استطلاعات الرأي الأخيرة عدم الثقة في مصادر الأخبار بين شريحة واسعة من الجمهور التركي. ففي استطلاع أجرته شركة "إبيسوس" عام 2019، قال 55 في المئة من الأتراك المشاركين في الاستطلاع، إن ثقتهم تراجعت بمصداقية الأخبار المذاعة على التلفزيون والراديو على مدار السنوات الخمس الماضية، وقال 48 في المئة الشيء نفسه بشأن مواقع الإنترنت الإخبارية. كما وجد استطلاع أجراه معهد رويترز لدراسة الصحافة عام 2019 أن 63 في المئة من الأتراك أعربوا عن "قلقهم" بشأن المعلومات الخاطئة على الإنترنت.

نتائج عكسية

هذه الرقابة الشديدة، أسفرت عن تقويض محاولات أردوغان للسيطرة على المشهد الإعلامي، وزيادة عدم الثقة تجاه وسائل الإعلام وزيادة التشرذم في الطرق التي يحصل بها الأتراك على أخبارهم. وكان تفشي وباء كورونا في تركيا أحد أبرز الأمثلة على هذه الديناميكيات. إذ قابل العديد من الأتراك التغطية الوردية لاستجابة الحكومة للوباء بالتشكيك، وتحولوا بدلاً من ذلك إلى وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على معلوماتهم.

وتقول دراسة مركز التقدم الأميركي، إن إعادة تشكيل الفضاء الإعلامي في تركيا وأنماط تعاطي الجمهور مع وسائل الإعلام، تترك آثاراً حاسمة على السياسة الداخلية للبلاد وسياستها الخارجية والمستقبل السياسي لأردوغان. فالاتجاهات الحالية عبر الإنترنت والإعلام التقليدي تزيد من نشر المعلومات الخاطئة وتزيد من الاستقطاب الداخلي وضعف المساءلة السياسية. وعلى صعيد السياسة الخارجية، أدى تلاعب الحكومة بوسائل الإعلام إلى الحد من التدقيق العام وعزز القرارات المحفوفة بالمخاطر.

ويتوقع القائمون على الدراسة أن يؤثر تحول المشهد الإعلامي في قدرة أردوغان وحزبه بالحصول، ولو بالإكراه، على أغلبية بالانتخابات المقبلة. وأوضحوا أن حزب العدالة والتنمية فاز ببعض الأصوات من خلال رقابته المشددة، ما دفع الأتراك نحو منافذ الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، وخلق نقاط ضعف سياسية متزايدة.

ويحذر المركز الأميركي من الانعكاسات السياسية لهذه الاتجاهات على تركيا كحليف للغرب. ويخلص إلى أن تكميم الحكومة التركية لوسائل الإعلام أضر بأمن البلاد من خلال إضعاف الرقابة العامة على صنع القرار في السياسة الخارجية وخلق أرضية خصبة لعمليات النفوذ الروسية. في الوقت نفسه، قد يكون لهذا القمع الإعلامي عواقب وخيمة على ميزان القوى المحلي في تركيا، حيث دفع العديد من المواطنين نحو عالم أكثر انفتاحاً لوسائل التواصل الاجتماعي.

دعم إعلام مستقل

وقدمت الدراسة عدة توصيات لدعم وسائل الإعلام التركية ومواجهة ما يتم بثه من دعاية زائفة، بينها العمل مع النقابات ومنظمات المجتمع المدني المحلية لتقديم الدعم القانوني للصحافيين وربط المراسلين المحليين بوسائل إعلام محلية مستقلة. والتعاون بين الفاعلين الأتراك والدوليين لمواجهة المعلومات الزائفة دون فتح الباب لمزيد من الرقابة الحكومية، فعلى سبيل المثال يمكن توفير تمويل مخصص لقصص التحقق من المعلومات حول القضايا ذات الأولوية، مثل اللاجئين وتغير المناخ أو السياسة الخارجية التركية. فعلى سبيل المثال فإن الأكاذيب المثيرة للعداء حول اللاجئين السوريين شائعة بشكل خاص، وقد ظهرت حتى على الصفحات الأولى للصحف التركية.

كما دعت الدراسة الجهات الدولية الداعمة لحرية التعبير إلى ضخ التمويل في عمليات صنع القصص والتقارير الإخبارية وعمل المراسلين المحليين أكثر من مقالات الرأي والتعليق السياسي. وعلى سبيل المثال، هناك حاجة لدعم التقارير غير الحزبية أو المتحيزة حول القضية الكردية.

ولفتت إلى أنه بينما يمكن أن يكون التمويل الأجنبي للصحافة سيفاً ذا حدين، حيث يمكن مهاجمة هذا الدعم من قبل الشعبويين المحليين والقوميين، الذين ينتقدون المنظمات ذات الصلة بالممولين الدوليين، فإن هذه المخاوف تتضاءل مقارنة بالحاجة إلى السماح للمؤسسات الإخبارية بتسليط الضوء على القضايا المهمة والحفاظ على استقلاليتها. مشددة على الحاجة للضغط ضد الرقابة الحكومية.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات