Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الملتقى الجامع رهان الأمم المتحدة في ليبيا... هل يفضي إلى حل نهائي؟

التحدّي الأكبر الذي يواجه البعثة الأممية يتمثّل في تدخّل الأطراف الدولية على خط الملتقى ومدى جدّية الأطراف بالتزام مخرجاته التي ستشكل خريطة طريق نهائية توصل البلاد إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية

غسان سلامة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى ليبيا ورئيس بعثة دعم الأمم المتحدة في ليبيا يستعد لعقد الملتقى الوطني لتهيئة الظروف الملائمة لإجراء انتخابات عامة وفق دستور دائم في البلاد (أ.ف.ب)

تستعد البعثة الأممية في ليبيا لعقد الملتقى الوطني، أحد مراحل خريطتها الرامية إلى حل الأزمة في البلاد والمناط بها، وفق بنود الخريطة، لتهيئة الظروف الملائمة لإجراء انتخابات عامة وفق دستور دائم في البلاد لإنهاء المراحل الانتقالية والانقسام السياسي من خلال جمع أوسع قدر ممكن من الشرائح الليبية الرسمية وغير الرسمية لإشراكها في صوغ الحل.

قرب موعد انعقاده

فتصريحات رئيس البعثة غسان سلامة المتوالية تؤكد "قرب موعد انعقاده" لكن تصريحاته تلك المقتضبة والتي يغلب عليها طابع العمومية لم تحدد موعده ولا آلية التمثيل فيه حتى، وعلى الرغم من الغموض الذي لا يزال يلف ظروف انعقاد الملتقى وزمنه، إلا أن اسئلة بدأ صداها عالياً في المشهد الليبي في شأن الضمانات التي توصلت إليها البعثة لقبول كل الأطراف بنتائج الملتقى في ظل تخمة جهودِ السلام بالمبادرات واللقاءات الدولية من باريس إلى باليرمو الإيطالية، والتي لم تتمكن من فرض نتائجها على أرض الواقع.

لكن الواقع على الأرض لجهة جهود البعثة يختلف، ما يشير إلى إمكان نجاحها في الوصول إلى نتائج ملموسة عبر المرحلة الحالية من خريطتها، وتحديداً من خلال الملتقى الجامع، بالنظر إلى نجاحها في نزع فتيل الحرب بين الميليشيات العديدة التي دخلت في حرب مفتوحة في العاصمة طرابلس في أكتوبر (تشرين الأول) من العام الفائت ويناير (كانون الثاني) من هذا العام، إذ تمكنت من إرغامها على التوقيع على اتفاق لوقف إطلاق النار وتحجيم نفوذها من خلال خطة الترتيبات الأمنية التي ترعاها حكومة الوفاق، بالتزامن مع نجاحها في دعم الحكومة في إطلاق حزمة من الإصلاحات الاقتصادية أسهمت في شكل ملحوظ في حل الكثير من أعباء الاقتصاد الليبي الذي كان يقف على حافة الانهيار.

فرص نجاح الملتقى

وقد يضاف إلى هذه النجاحات الأممية فرصة التغيرات التي شهدتها ليبيا في الآونة الأخيرة لتصب في فرص نجاح الملتقى، فإشرافها على تنظيم لقاء بين رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فايز السراج والقائد العام للجيش المشير خليفة حفتر في أبو ظبي نهاية الشهر الماضي، يشير إلى نجاحها في تقليص الأطراف المؤثرة في المشهد بعد أن كان يمثلها أربعة من القادة كما في لقاءَي باريس وباليرمو الماضيين.

وعلاوة على تغير المعطيات على الأرض بعد نجاح قوات الجيش في فرض سيطرتها الكلية على الجنوب الليبي بعد حملته التي أطلقها منتصف يناير الماضي، وبالتالي أصبحت مساحة ثلثي البلاد في قبضة الجيش في مقابل تراجع كبير لسلطة المجاميع المسلحة التي تستخدمها تيارات الإسلام السياسي، لا سيما في الجنوب، والتي استهدفت موانئ النفط في منطقة الهلال النفطي مرات عدة آخرها في يونيو (حزيران) العام الماضي، ما يعني انحسار حيز تأثير التيارات الإسلامية التي شكلت عائقاً، طيلة الفترات الماضية، أمام أيّ تفاهم أو تقارب لصنع تسويات للأزمة لا تصب في صالحها، ما أشارت إليه أخيراً تصريحات رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، المنتمي إلى تيار جماعة الإخوان المسلمين والمسيطر على قرار المجلس، التي تعكس في شكل واضح انزعاجه مما وصفه بـ "تهميش الاتفاق السياسي" وقلقه من إمكان أن تتجاوز مخرجات الملتقى المرتقب الاتفاق السياسي الذي طالما وفر لمجلسه مركزاً قوياً في عمليات التفاوض مع مجلس النواب طيلة السنين الماضية.

إطلاق الملتقى؟

لكن حتى الآن، وعلى الرغم مما سبق، لا يبدو أن البعثة في طور استعدادها لإطلاق أعمال الملتقى، فوفق مصادر ليبية عالية المستوى، لم تتمكن البعثة الأممية من تحديد مكان انعقاد الملتقى وزمنه عازية الأسباب إلى احتياجها إلى العمل أكثر مع بعض الأطراف المحلية والدولية لتشكيل حد أدنى من التوافق وإيضاح الرؤية والتصور لمختلف الأطراف، ولذا فهي تتحاشى التصريحات الواضحة مخافة انعكاسها سلباً على نجاح الملتقى وجدواه.

المصادر كشفت أيضاً عن سعي البعثة إلى حشد أكبر دعم للملتقى عربياً ودولياً لضمان عدم التشويش على مخرجاته ولتوظيف هذا الدعم كضاغط على الأطراف المحلية للقبول بنتائجه، ما يعني أن البعثة غير مكترثة بتحديد مكان الملتقى وزمنه بمقدار اكتراثها بضمان نجاحه.

إنتاج حكومة وحدة

في مقابل كمّ التسريبات التي تحفل بها وسائل الإعلام المحلية عن أجندات الملتقى كـ "إعادة تشكيل حكومة الوفاق" و"اشتراك المشير حفتر وفايز السراج في عضوية مجلس عسكري يكون القائد الأعلى للجيش" لا يبدو أن تصريحات قادة مجلس النواب ومجلس الدولة النافية لوصول أي توضيح رسمي من قبل البعثة في شأن تلك الأجندة، تؤكد صحة ما جرى تسريبه، لكن مما لا شك فيه أن الملتقى يهدف، وفق خريطة البعثة الأممية المعلن عنها في سبتمبر (أيلول) العام 2017، هو "إنتاج حكومة وحدة وطنية وتوحيد مؤسسات الدولة".

وخلال بيانات سلامة السابقة، أكد أن الملتقى سيعتمد على بوتقة واسعة من المداخلات، منها ما جاء في اجتماعات مجلسي النواب والدولة ومبادرات ولقاءات أبو ظبي وباريس وباليرمو وغيرها من الاجتماعات، إضافة إلى مبادرات الأحزاب والفئات والمدن الليبية لتغذية أجندة الملتقى إلى جانب خطة العمل الأممية التي سيحوّلها المشاركون في الملتقى إلى وثيقة اتفاق.

لكن التحدّي الأكبر الذي يواجه البعثة يتمثّل في تدخل الأطراف الدولية على خط الملتقى ومدى جدية الأطراف كافة في التزام مخرجاته التي ستشكل خريطة طريق نهائية ستوصل البلاد إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية كخاتمة لمشهد صراع سياسي دام سنوات في ليبيا.

المزيد من العالم العربي