Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

 قانون الأمن القومي الصيني يهدد الديمقراطية في هونغ كونغ

يذهب النّص الكامل للتشريع الجديد إلى ما هو أبعد من مسودته المقلقة التي سبقت إقراره

احتجّ النّاشطون طوال الشّهر الماضي على قانون الأمن الصّيني الجديد الذي سيضع، برأيهم، حدّاً لوجود هونغ كونغ كما عهدناها. وبعد الاطلاع على كامل نص التّشريع يوم الأربعاء، قال أحد السّياسيين المعارضين في المدينة إنّهم كانوا يجرون مراسم "الدّفن" على الاستقلال الذاتي في هونغ كونغ.

 وخرجت الحكومة البريطانية عن تحفّظها وندّدت بالقانون على اعتبار أنّه "انتهاك صارخ وخطير" لالتزامات بيكين تجاه هونغ كونغ بموجب اتفاق "التسليم" عام 1997.

والسّبب الذي يحمل المعترضين على القانون الجديد إلى رفع زخم انتقاداتهم هو نسخته النهائية التي خرجت إلى العلن مؤخراً وتخطّت بأشواط نسخته الأولية المقتضبة التي كانت قد قُدمت إلى البرلمان الصّيني أواخر مايو (أيار)، وليس فحسب واقع مصادقة شي جينبينغ، الرئيس الصيني، عليه.

وبالاستناد إلى نصّ مشروع القانون، علمنا أنّ التشريع الجديد يحدد أعمال "التّخريب" و"الدّعوة إلى الانفصال" و"الإرهاب" و"التّواطؤ" مع القوى الأجنبية في هونغ كونغ ويحظرها. ولكننا ندرك الآن أنّ تعريفاته هذه عمومية نسبياً، لاسيما المتعلّقة منها بمفهوم "الإرهاب"، حيث أنّها تتماشى مع استخدام وسائط الإعلام الحكوميّة الصينية للمصطلح في معرض حديثها عن بعض احتجاجات العام الفائت التي اتّسمت بالعنف.

إلى ذلك، يكشف نص الوثيقة أنّ عقوبة الخروقات "الخطيرة" للقانون قد تنطوي على حكم بالسّجن المؤبد. أما القضايا العامة، فقد تقود إلى الحكم بالسجن مدة لا تقلّ عن ثلاث سنوات.

ويلحظ الجزء السّادس من "نطاق القانون" أنّ الأحكام الجديدة ستُطّبق على كلّ من يرتكب جرماً داخل هونغ كونغ، سواء كان مقيماً أو مواطناً صينياً، على حد سواء. كما ستُطبق على سكان هونغ كونغ الذين يرتكبون الجرائم خارج المدينة – الأمر الذي يزيد من احتمال الاقتصاص من أصوات منتقدة للصين ومنعها من العودة إلى البر الصيني من منفاها الحاليّ في هونغ كونغ.

واللافت أنّ المادة 38 من القانون تؤكد سريان مفعوله على "الجنح التي تُرتكب بحقّ "منطقة هونغ كونغ الإدارية الخاصة" والتي يرتكبها شخص من خارجها وليس مقيماً دائماً فيها". وتأتي هذه المادة بمثابة تحذير للمتواجدين في البرّ الصيني الرئيسي، ويتجرأون على إبداء التضامن مع الحراك الدّيمقراطي في هونغ كونغ. ولكن ليس في هذه المادة ما يمنع الصين من الادعاء بجريمة ارتكبها أي شخص في أي مكان في العالم بموجب القانون، لو تبين لها أنّ هذه الجريمة تضرّ بمصالح هونغ كونغ.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقبل إقرار القانون، أعربت المملكة المتحدة عن قلقها العميق إزاء الإشارة إلى أنه يملي على هونغ كونغ رفع تقارير إلى بكين عن التقدم الذي أحرزته وتحرزه في مجال تعليم الأطفال في المدارس عن أهمية الأمن القومي الصّيني. ووصف وزير الخارجية البريطانية، دومينيك راب هذا الأمر، بـ"الخطوة الخطيرة".

وبالنسبة إلى المادتين التاسعة والعاشرة من القانون، فتنصّان على أنّه من واجب حكومة هونغ كونغ "الترويج" للأمن القومي الصيني ليس في المدارس فحسب، بل وفي "الجامعات والمنظمات الاجتماعية ووسائل الإعلام والإنترنت كذلك".

وفي هذا الصّدد، تلفت "صحيفة هونغ كونغ الحرة" (HKFP) إلى أنّ "عدداً لا يُستهان به من أساتذة المدارس الرّسمية قد خضعوا إما لإجراءات تأديبية أو للوقف عن العمل أو للتسريح بسبب دعمهم الواضح لاحتجاجات العام الفائت. ولذا، يُتوقع أن تُحكم الحكومة قبضتها أكثر على المناهج المدرسية في المدينة".

وكانت الاحتجاجات قد اندلعت قبل عام على أثر محاولة حكومة هونغ كونغ تمرير مشروع قانون يُسهّل عملية تسليم المطلوبين في بعض الدّعاوى الجنائية إلى البرّ الصّيني الرّئيسي.

وبعد مساع حثيثة وكثيرة لإطاحة هذا المشروع، يأتي القانون الجديد ليسمح لهونغ كونغ ضمناً بتسليم مطلوبين في بعض القضايا، كالتي تواجه فيها الصين "تهديدات واقعيّة خطيرة". وبموجب القانون هذا، يُحاكم هؤلاء أمام "محكمة مختصة" تُعيّنها "محكمة الشعب العليا" في بكين، في خطوةٍ تُعتبر على نطاق واسع أنّها شكل من أشكال الإحالة على المحاكم القائمة في البرّ الصيني.

وفي نهاية المطاف، قد يتعذر على سكان هونغ كونغ الثقة في عدالة الجهاز القضائي حتى في القضايا التي يُنظر فيها داخل المدينة. فالقانون الجديد يُحدّد أحكاماً يفرض بموجبها إجراء محاكمات قضايا الأمن القومي خلف أبوابٍ موصدة، تماشياً مع النظام القانوني المرعي الإجراء في البر الصيني لا مع نظام المدينة.

أما المادة 41، فتقضي عموماً بضرورة إجراء المحاكمات "في محكمة مفتوحة". لكن "في حالة نشوء ظروف استثنائية كالمحاكمات المتصلة بأسرار الدولة أو النظام العام، فلا بدّ من حجب المحاكمة أو جزء منها على الأقلّ عن الإعلام والرأي العام".

وبموجب القانون الجديد، يُعهد قرار اعتبار إحدى القضايا مسألة أمن قومي أو أسرار دولة، إلى الرئيس التنفيذي في هونغ كونغ، على أن "يسري قراره على كلّ المحاكم"، عوض أن يعود القرار إليها.

وينصّ القانون هذا من غير لبس على أن كفة قانون الأمن القومي الذي أقرّته بكين سترجّح على دستور هونغ كونع المصغر ويتجاوزه في حال وجود تضارب من أيّ نوع.

ولاحظ المحللون أنّ القانون الجديد لا يُجيز منح حق الكفالة للمشتبه فيهم جنائياً ما لم يكن بحوزة القاضي "أدلة مقنعة" تثبت له عدم استمرارهم في الإساءة، وهذا يتعارض بشدّة مع القوانين الخاصة بهونغ كونغ والتي تسمح بالكفالة من منطلق المبدأ الأوسع بافتراض البراءة حتى إثبات الإدانة.

وعلى المنوال هذا، أكد القانون القومي هيمنته، ووجه رسالة إلى من يعقدون الآمال على الإدارة الذاتية في هونغ كونغ أو حتى استقلالها مفادها، أنّ بكين هي الآمرة النّاهية.

© The Independent

المزيد من تحلیل