Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

150 عاماً من التصنيع أبطلت 6 آلاف عام من اعتدال المناخ

غازات الدفيئة الناتجة من الاقتصادات الصناعية رفعت حرارة الكوكب درجة مئوية فوق مستويات منتصف القرن التاسع عشر

انتقلت البشرية من الزراعة والرعي إلى الصناعة ودخان آلالاتها فدفع الهواء والمناخ الثمن باهظاً (هيستوري.كوم)

خلال 150 عاماً ونيف، أبطل البشر نسقاً من التبريد العالمي عمره ستة آلاف عام، حسبما وجدت دراسة رئيسة لدرجات الحرارة عبر التاريخ.

وضع فريق من البحاثة نموذجاً يحاكي المتوسط العالمي لدرجة الحرارة خلال العصر "الهولوسيني" Holocene Epoch، أي قبل 12 ألف سنة من تاريخ الأرض منذ العصر الجليدي الأخير.

في النتائج، يظهر أنّ التبريد العالمي بدأ منذ حوالي 6500 عام مضت، عندما بلغ المتوسط العالمي لدرجة الحرارة الطويل الأجل نحو 0.7 درجة مئوية فوق مستويات الحرارة في منتصف القرن التاسع عشر، في نفس الوقت الذي راحت فيه الثورة الصناعية، (وكانت بريطانيا منبعها)، تترسّخ عبر أوروبا وأميركا.

وجدت الدراسة أنّ الفترة الزمنية التي سبقت النمو الصناعي مثّلت درجات الحرارة العالمية الأدنى التي شهدتها الأرض منذ العصر الجليدي الأخير، وبلغت ذروتها في ما يسمى "العصر الجليدي الصغير" little ice age في القرون الأخيرة.

منذ ذلك الحين، أدّت مستويات انبعاثات غازات الاحتباس الحراري المتزايدة الصادرة عن الاقتصادات الصناعية إلى ارتفاع متوسط درجات الحرارة العالمية درجة مئوية واحدة، فوق مستويات منتصف القرن التاسع عشر.

في الحقيقة، "قبل الاحترار العالمي، كان هناك تبريد عالمي"،  كما قال داريل كوفمان، الأستاذ العضو في الهيئة الإدارية بكلية "علوم الأرض والاستدامة" في جامعة "شمال أريزونا"، وهو الباحث الرئيس في الدراسة.

أردف قائلا "أثبتت أعمال سابقة على نحو مقنع أنّ درجات الحرارة في العالم انخفضت بشكل طبيعي وبطيء الوتيرة لمدة لا تقل عن 1000 عام قبل منتصف القرن التاسع عشر، عندما عكس المتوسط العالمي لدرجات الحرارة مساره مع تراكم غازات الاحتباس الحراري. هذه الدراسة، التي تستند إلى تجميع جديد ضخم لبيانات عن المناخ القديم منشورة سابقاً، إلى جانب تحليلات إحصائية حديثة، تظهر بثقة أكبر من أي وقت مضى أنّ التبريد العالمي المقدَّر بآلاف السنين بدأ منذ 6500 عام تقريباً".

في وقت سابق من العام الحالي، نشرت مجموعة دولية تضمّ 93 عالماً من علماء المناخ القديم من 23 بلداً بقيادة البروفيسور كوفمان وفريقه، بيانات المناخ الأكثر شمولاً على الإطلاق التي جرى تجميعها خلال الـ 12000 عام الماضية، ملخِّصين بذلك 1319 سجلاً من البيانات، وذلك استناداً إلى عينات مأخوذة من 679 موقعاً على مستوى العالم.

في كل موقع، حلّل الباحثون أدلة بيئية وجيوكيماوية وبيوفيزيائية من محفوظات بحرية وبرية على حد سواء على غرار رواسب من بحيرات، وترسبات بحرية، وتربة خُث وجليد ثلجي، بغية تحديد التغيرات التي طرأت على درجات الحرارة في الماضي. واللافت أنّ عدداً لا يحصى من العلماء، الذين يعملون في شتى أنحاء العالم على مدى عقود عدة، نهضوا بالبحث الأساسي الذي أسهم في وضع قاعدة البيانات العالمية.

قال البروفيسور المساعد في البحث مايكل إيرب، الذي حلّل عملية محاكاة درجات الحرارة "كان معدل التبريد الذي أعقب ذروة الدفء غير ملحوظ، فلم يبلغ سوى حوالي 0.1 درجة مئوية لكل 1000 عام. يبدو أنّ هذا التبريد مدفوع بدورات بطيئة في مدار الأرض، ما قلّل من كمية ضوء الشمس الصيفي في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، التي بلغت ذروتها في "العصر الجليدي الصغير"، في القرون الأخيرة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 

ارتفع متوسط درجة الحرارة العالمية بما يزيد قليلاً على درجة 1 مئوية (2 فهرنهايت) منذ عام 1880، ما يشير إلى أن متوسط درجة الحرارة العالمية في العقد الأخير (بين 2010 و2019) كان أكثر دفئاً من أي وقت خلال فترة ما بعد العصر الجليدي. وأشار الباحث المشارك في الدراسة، البروفيسور المساعد نيكولاس ماكاي، إلى أنّ ثمة عقوداً لم تخضع للتحليل في عملية إعادة تمثيل درجة الحرارة على مدى 12000 عام، من ثم كان من الصعب مقارنتها مع أيّ عقد حديث.

وقال "من ناحية أخرى، كان العقد الماضي على الأرجح أكثر برودة مما سيكون عليه متوسط درجات الحرارة لبقية القرن الحالي وما يليه، الذي سيظلّ على الأرجح أعلى من درجة مئوية واحدة فوق مستوى ما قبل العصر الصناعي".

وأضاف البروفيسور كوفمان "يُحتمل أنّ المرة الأخيرة التي بلغ فيها المتوسط العالمي المستمر لدرجات الحرارة درجة 1 مئوية فوق مستوى القرن التاسع عشر سبقت العصر الجليدي الأخير، أي قبل حوالي 125 ألف سنة عندما كان مستوى سطح البحر أعلى بنحو 20 قدماً مما هو عليه اليوم".

وقال البروفيسور كودي روتسون إنّ الدراسة تساعد العلماء في تحديد حجم العمليات التي تتسبّب في أزمة المناخ.

أردف "تساعدنا دراسة أنساق التغيّرات في درجات الحرارة الطبيعية عبر المكان والزمان في معرفة العمليات التي تسبِّب تغيّر المناخ وقياس حجمها، وهو أمر مهم، ونحن نستعدّ لمجموعة كاملة من التغيّرات المناخية المستقبلية الناشئة عن أسباب بشرية وطبيعية".

وفق كلام روتسون "سيعتمد مناخنا المستقبلي إلى حد كبير على التأثير الذي تخلّفه العوامل البشرية خصوصاً تراكم غازات الاحتباس الحراري. ولكن، سوف يتأثر المناخ الذي سيشهده المستقبل أيضاً بعوامل طبيعية، وسوف يتعقّد من جراء التغيرات الطبيعية التي يتخلّلها النظام المناخي. ستتحسّن التوقعات المستقبلية لتغيّر المناخ من خلال الاعتبار بشكل أفضل للعوامل البشرية والطبيعية على حد سواء".

نُشر البحث في مجلة "ساينتفيك داتا" Scientific Data الصادرة عن "ساينس ريسيرتش"

© The Independent

المزيد من بيئة