شهد العالم ضغوطاً نفسية شديدة خلال فترة جائحة كوفيد-19 لاسيما أسر الأطفال بعد أن قرر العديد من الدول تعليق العام الدراسي وإيقاف جميع الأنشطة الترفيهية لهم ضمن الاجراءات الاحترازية ضد انتشار هذا الفيروس.
ومنذ اللحظات الأولى لتعليق الدراسة وتوقف الأنشطة بشكل عام عمات الأمهات على تداول تجاربهنّ مع بقاء الأطفال في المنازل بين متابعة التعليم وتنظيم برنامجهنّ اليومي، وعلى الطرف الآخر، بدأ الأطفال منذ الساعات الأولى لتعليق المدارس بترديد كلمات التململ والضيق والمعاناة بسبب وقت الفراغ الزائد وجميعهم يتساءلون متى سنعود إلى المدارس مرة أخرى؟ إضافة إلى مشاعر القلق التي تنتابهم خلال اليوم لشعورهم بالخوف من الإصابة بالفيروس، وحاجتهم إلى وضع تخطيط روتين يومي وبرنامج لإدارة وقتهم في المنزل وتنفيذ ممارسات يومية تجعلهم في حالة اطمئنان مستمرة.
من ناحية أخرى، لجأت بعض الأسر إلى حبس صغارها في المنزل، فلا يسمح لهم بالخروج إلا في ما ندر، ما يثير حفيظة الصغار ويصيبهم بالذعر، بخاصة أنه ليس هناك أفق محدد لانتهاء الأزمة وانحسار الفيروس والقضاء على خطره.
الاستعداد النفسي
وأعطى العديد من المتخصصات في الأنشطة البدنية مساحة للأطفال للتخلص من الطاقة السلبية والتشارك معهم بشكل أسبوعي في الصالة الرياضية الافتراضية وتقديم رياضات راقصة بإيقاعات موسيقية تمنح الفتيات الصغيرات الإيجابية في في المنزل ضد كثرة الأخبار والتطورات الخاصة بفيروس كورونا والتي تؤثر سلباً في الصحة النفسية وتزيل عنهنّ الاكتئاب، كما تساعدهنّ على الاستعداد النفسي الكافي للتعامل مع الضغط النفسي الناجم عن الخوف من الفيروس.
رقصة الباليه كانت أحد الأنشطة البدنية التي ساعدت الفتيات الصغيرات خلال فترة الحجر الصحي في الحفاظ على الصحة النفسية والمعنويات العالية والروح الإيجابية ومحاربة الضغط النفسي في هذه المرحلة الصعبة على الجميع.
"اندبندنت عربية" حاورت معلمة البالية والموسيقى الأميركية ماري فرانسس التي شاركت في تدريب الصغيرات خلال فترة الحجر المنزلي لتتقاسم معهنّ أوقات الفرح والمرح، وهو الأمر الذي يبعث على شعورهنّ بالرضا فضلاً عن أنه مؤشر إيجابي بحد ذاته تقول ماري "منذ أشهر بدأ الحجر المنزلي وكان من الضروري أن نتواصل مع طالباتنا في دروس البالية والبيانو من خلال برنامج زوم، وكما نعرف أنه ليس فقط من فوائد الباليه منح الأناقة والاستقامة، بل إن العزف على البيانو والبالية يعتبر من المظاهر الرسمية مع تدريبات الباليه التي تعطي المزيد من الثقة في النفس، والمتعة والسعادة، ما تمنحهنّ نظرة إيجابية للحياة" وأضافت "إن حصصنا مكّنت مدرِّباتنا من التحليق في أفق أبعد خلال تواصلهنّ وترابطهنّ مع طالباتهنّ منذ بداية جائحة كوفيد-19 بحيث نزودهنّ بالحب والدعم، والصحة النفسية المناسبة لفترة الحجر، كما أننا نمكنهنّ من الشعور بالفخر والثقة لنجاحاتهنّ وإنجازاتهنّ وأدائهنّ"، وتؤكد "أن كل هذه التدريبات تؤدي إلى ابتعاد الصغيرات عن التوتر وتقوي الجهاز المناعي لديهنّ".
حصص افتراضية
وتحدثت مدرّبة الباليه السعودية رنا توتنجي عن التحديات التي واجهت التدريبات في الحصص الافتراضية". إذ في الصيف يبدأ الأطفال بتنمية مواهبهم ويتعرفون على مهارات جديدة، ونحن حرصنا وسط ظروف الجائحة على تقديم تدريبات وحصص افتراضية ما منح الأطفال الخجولين الثقة بالنفس كما خففت عبء المواصلات على أسرهم، مع تكرار التمارين والتدريبات بشكل مكثف والاستمتاع بالرياضة البدنية بعيداً من الألعاب الإلكترونية، لكنها في الوقت ذاته لم تخلُ هذه من السلبيات، وأهمها أننا كمدربات لا نتمكن من التركيز على كل الأطفال ومتابعة أدائهم الحركات بشكل دقيق".
الفتيات الصغيرات بدورهنّ شاركن "اندبندنت عربية" مشاعرهنّ وتدريباتهنّ الراقصة. الطفلة لينا القرشي تصف مشاعرها وحبها للبالية وتقول" إنها حين تصاب بالملل تسارع لفتح برنامج زوم وتشارك مدربتها وصديقتها عروض الباليه "وعن سبب حبها هذا الفن" تضيف "أن الباليه فن يعلمها حركات وإيقاعات جديدة بمشاركة صديقاتها" وتشاركها الرأي الطفلة وتين العتيبي إذ ترى أن "الباليه فن يجمعها بصديقاتها بخاصة صديقتها لينا ولأنها تحب الرقص تجد ضالتها في هذه الاستعراضات".
وتنصح المدربة جمانا خالد الأمهات "بأهمية إتاحة الفرص للأطفال بممارسة الأنشطة الاستعراضية والفنون الموسيقية التي تساعدهم على الانسجام مع الحياة الطبيعية، ومنحهم وقتاً للتعبير عن مشاعر الخوف والاستماع لهم وطمأنتهم، وتعزيز الطاقة الإيجابية لديهم لتخطي هذه المرحلة ومتابعة العيش بطريقة صحية سليمة مع الاستمتاع بكل الفنون الرياضية والموسيقية"، وتؤكد "أهمية إحلال البدائل المنزلية محل النشاطات الخارجية عبر ممارسة هذه الأنشطة الترفيهية والرياضية وتجنب عزلهم بقدر الإمكان".