Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تركيا مستمرة في البحث عن موطئ قدم عسكري في ليبيا

تخوف أوروبي من قواعد لأنقرة قبالة الشواطئ الجنوبية للقارة

على الرغم من تعالي الأصوات الدولية المحذرة والمنددة بالسياسات التركية في سياق الأزمة الليبية وتمددها السياسي والعسكري والاقتصادي في غرب البلاد، إلا أن أنقرة تبدو عازمةً على المضي في تنفيذ خططها في ليبيا، غير آبهة باعتراضات تزايدت وتيرتها وحدّتها في الأيام الماضية، من القارة العجوز، على وجه الخصوص.
آخر التحركات التركية المثيرة للجدل في ليبيا، تمثلت باتخاذها خطوات متسارعة، لتنفيذ خططها الرامية، لإقامة قواعد عسكرية، في غرب البلاد، مستفيدةً من الاتفاقية الأمنية، التي وقعتها نهاية العام الماضي، مع "حكومة الوفاق" التي تسيطر على العاصمة طرابلس، فاتحةً باب الأسئلة، حول تداعيات هذا الأمر على مستقبل الأزمة الليبية ووحدة البلاد، وتعزيز فرص الصدام مع الاتحاد الأوروبي، التي تضع هذه القواعد على المحك.
جاء ذلك في ظل استمرار حكومة الوفاق وتركيا، بالتمسك بالخيار العسكري في مناطق التوتر الليبية الأبرز حالياً، في الجفرة وسرت، التي كشفت عنها، محاولات تقدم أرتال عسكرية متكررة نحوهما، أفشلتها جميعاً ضربات جوية، من قبل الجيش الوطني الليبي.
 

مساعٍ تركية لإنشاء قواعد عسكرية

وكشفت معلومات متطابقة، نشرتها صحف تركية مقربة من النظام و"حزب العدالة والتنمية" الحاكم، الذي يقوده الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، معلومات خطيرة حول زيارة قائد القوات البحرية التركية، الأميرال "عدنان أوزبال" إلى طرابلس. وذكرت صحيفتا "ياني شفق" و"ميبا نيوز" المقربتين من الحكومة التركية، أن "قائد القوات البحرية التركية الأميرال عدنان أوزبال، وصل طرابلس الثلاثاء 30 يونيو (حزيران)، على نحو مفاجئ، في زيارة لم يعلن عنها مسبقاً".
أشارت هاتان الصحيفتان إلى أن "أوزبال أجرى محادثات مع المسؤولين العسكريين في حكومة فايز السراج، كما زار القاعدة البحرية في أبو ستة، حيث تم تكريمه ومنحه درعاً من قبل أركان قوات الوفاق".
وتُعتبر قاعدة أبو ستة، في العاصمة طرابلس، أكبر قاعدة بحرية ليبية، وتتميز بموقع استراتيجي مهم، حيث تقع على مسافة قريبة من الشواطئ الأوروبية، بخاصة إيطاليا ومالطا وفرنسا.
وفي السياق ذاته، نشرت صحيفة "ياني شفق"، لقطات لاستقبال الجنرال أوزبال في طرابلس، تصاحبها أنشودة شهيرة، تتغنى بتاريخ البحرية التركية، في فترة السلطنة العثمانية، ما أثار غضب ناشطين ليبيين على مواقع التواصل، إذ رأوا في ذلك إشارة رمزية إلى مساعٍ تركية لإحياء تراث الاستعمار العثماني لليبيا.
وكشفت صحيفة "ميبا نيوز"، تفاصيل مهمة عن الزيارة، قائلةً إن "الأميرال "أوزبال" شارك في محادثات حول القواعد العسكرية التركية المزمع افتتاحها، في غرب ليبيا، مع قادة سياسيين وعسكريين في حكومة الوفاق"، مشيرةً إلى "سعي تركيا للبدء في استخدام قاعدة الوطية الجوية، جنوب طرابلس، وقاعدة بحرية في مصراتة".


رفض من الداخل

وفي وقت حاولت "اندبندنت عربية" التواصل مع حكومة الوفاق، للرد على هذه التصريحات، من دون أن تلقى جواباً، بدأ التمدد التركي غرب البلاد، عسكرياً وسياسياً واقتصادياً، يجد أصواتاً معارِضة له، حتى في صفوف حكومة السراج والمقربين منها، حيث صرح عضو مجلس الدولة، عبد الرحمن الشاطر إن "ليبيا ملك لشعبها الذي لا يقبل بشريك إلا في حدود الاستثمار وفق القوانين المعمول بها".
وأشار الشاطر في تدوينة على مواقع التواصل، إلى أن الشراكة التي يقبل بها هي التي تدعم الاستفتاء على مشروع الدستور والذهاب إلى انتخابات، مؤكداً أن "أي محاولة للتدخل الأجنبي من أي طرف مرفوضة".


تنديد من "الجيش الوطني"

رداً على التحركات التركية المتسارعة لتثبيت أقدامها عسكرياً في ليبيا عبر إنشاء قواعد عسكرية، غرب البلاد، قال آمر إدارة التوجية المعنوي بالجيش الوطني الليبي، اللواء خالد المحجوب، إن "ما تقوم به تركيا، دليل لا يحتاج إلى التفسير، حول أهدافها من التدخل في ليبيا، بشكل استفز العالم كله وليس الليبيين فقط".
وشدد المحجوب على أن "الشعب الليبي، يتقدمه جيشه، سيواصل الكفاح لافشال مخططات الاستعمار التركي، على الصعيدين السياسي والعسكري، ولن نقبل أبداً أن تعود عصور الظلام العثمانية إلى ليبيا". وأضاف أن "المساعي التركية لاستعمار ليبيا عسكرياً، تسير جنباً إلى جنب حالياً، مع تحركاتها لاحتلال منابع النفط"، مؤكداً أن "الجيش الوطني أفشل خلال الأيام الثلاثة الماضية، تحركات عدة لأرتال عسكرية نحو سرت والجفرة، بقصفها منطقة السدادة، شرق مصراتة، والشويرف جنوب ليبيا وشرق الجفرة، حيث تم تدمير رتل كامل".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


خيار "حكومة الوفاق" عسكري

في السياق، توعد وكيل وزارة الدفاع، التابعة لحكومة الوفاق، العقيد صلاح النمروش بـ"عدم السماح باحتلال المرتزقة والعصابات الإجرامية لقوت الليبيين"، في إشارة إلى إصرار حكومته على التمسك بالخيار العسكري، والتوجه نحو مدينتي الجفرة وسرت، بوابتَي الحقول النفطية، جنوب ليبيا ووسطها.
وأوضح النمروش أن "مصادر الطاقة والحقول والموانئ النفطية ومنابع المياه، وغيرها من الموارد الطبيعية، هي لكل الليبيين"، مشدداً على أن حكومة الوفاق "لن تسمح بجعل تلك الموارد، مصدر استغلال أو ابتزاز وأنهم سيبعدون عنها أيادي العابثين".

تمدد خطير

"مساعي تركيا، لإقامة قواعد عسكرية في ليبيا، المعلنة صراحةً، مع وجود قائد البحرية التركية في مصراتة اليوم الأربعاء 1 يوليو (تموز)، لتدشين قاعدة بحرية هناك، تشكل تهديداً لسيادة البلد، وتزيد من حدة الصراع فيه وتقوّض أمنه. كما تشكل المساعي التركية تهديداً أمنياً واقتصادياً، لمنطقتي شمال أفريقيا والبحر المتوسط"، وفق الباحث الليبي، مرعي الهرام.

واعتبر أن "الوجود العسكري التركي قرب الشواطئ الأوروبية الجنوبية، على الضفة الأخرى للمتوسط يزيد من خطر الاستحواذ التركي، على مصادر الطاقة في شرق المتوسط، بخاصة بعد اتفاقية ترسيم الحدود، التي وقِعت بين أردوغان والسراج"،  مشيراً إلى "أهداف اقتصادية أيضاً، للتمدد التركي في ليبيا، أبرزها استحواذ تركيا على النصيب الأكبر من عقود الطاقة، ومزاحمة الشركات الأوروبية بشكل كبير، بخاصة الإيطالية والفرنسية، حيث تعمل أكبر شركاتها إيني وتوتال. كما تريد تركيا حماية مصالحها الاقتصادية، بأذرع عسكرية تنشئها في ليبيا، تمثلها هذه القواعد".

وقال الهرام إنه "سيكون بإمكان تركيا من خلال هذه القواعد العسكرية، تهديد بلدان الاتحاد الأوروبي، باستخدام ورقة المهاجرين، كما فعلت في سوريا من قبل، حيث أعلنت أنها لن تمنع أي مهاجر، يريد العبور عبر أراضيها إلى القارة العجوز".

المزيد من العالم العربي