Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا ترفض العدالة استدعاء بوتفليقة إلى المحكمة؟

ثمة توجه نحو مقايضة حرية الموجودين في السجن بإعادة الأموال المنهوبة بعد أن تهدأ الأوضاع ويتراجع الحراك

طالب الحراك بمحاكمة كل رموز العصابة فهل يحقق تبون تطلعات الشعب؟ (اندبندنت عربية)

يزداد الضغط يوماً بعد يوم على العدالة الجزائرية مع توسّع دائرة المطالبين بضرورة استدعاء الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة إلى المحكمة سواء كشاهد أو متهم، وفتح الوزراء المتهمين بالفساد أبواب التساؤل على مصراعيها حول أسباب عدم مثوله أمام القضاء على الرغم من أن اسمه ورد في عدد من التحقيقات والمحاكمات.

ومع استمرار محاكمة رموز نظام بوتفليقة، يتصاعد النقاش بشأن استدعاء الرئيس السابق للمثول أمام المحكمة من عدمه، بعدما غيّر المتهمون خطابهم من الدفاع عن أنفسهم إلى اتهام الرئيس السابق، عبر تصريحهم خلال المحاكمات "كنا نطبّق برنامج الرئيس"، و"كل الصفقات تمت تطبيقاً لتعليمات بوتفليقة". وبينما تلتزم العدالة الصمت، يختلف دفاع المتهمين بين ضرورة الاستماع إلى الرئيس السابق كشاهد ووجوب محاكمته كمتّهم.

هذه أسباب عدم استدعاء بوتفليقة إلى المحكمة

يعتقد المحامي المعتمد لدى المحكمة العليا ومجلس الدولة، اسماعيل معراف في حديث لـ"اندبندنت عربية"، أن عدم استدعاء بوتفليقة إلى المحكمة، يرجع إلى "أن الأخير موجود على فراش الموت، وبحسب علمي يخضع لتنفّس صناعي".

أما السبب الثاني، فهو أن قضية المحاكمات كلها مفبركة وهي عملية انتقامية من عصبة ضد عصبة وكلاهما ينتمي إلى العصابة ذاتها التي ترعاها باريس بالدرجة الأولى، وثالثاً "أن بوتفليقة لم يكن رئيساً منذ 2013، إذ كان شقيقه سعيد ورئيس الحكومة أويحيى من يتصرفا في شؤون الدولة، بالتالي لا حاجة على الأقل في هذه الفترة إلى فتح هذا الملف".

ويرى معراف أن هناك توجّهاً نحو مقايضة حرية الموجودين في السجن بإعادة الأموال المنهوبة، غير أن كل ذلك سيتحقّق بعد أن تهدأ الأوضاع ويتراجع الحراك، مضيفاً أنها ليست محاكمات قضائية بالمعايير المتعارف عليها، بل محاكمات سياسية بامتياز قامت بها سلطة الأمر الواقع ضد طرف سعى إلى تغيير موازين القوى لخدمة مصالحه لا غير، وموضحاً أن الذين طالبوا بإحضار بوتفليقة يعرفون جيداً أن هذا الإجراء لن يفيدهم ولا يؤثر في صاحب القرار.

الدستور لا يقرّ مثوله كمتهم

استدعاء بوتفليقة كمتّهم، أمر لا يقرّه الدستور، لأن المادة 177 صريحة وتنصّ على أن رئيس الجمهورية يحاكَم أمام محكمة عليا للدولة عن الأفعال التي يمكن وصفها بـ"الخيانة العظمى"، ويحاكَم الوزير الأول عن الجنايات والجنح التي يرتكبها خلال أدائه مهماته. أما أن يُستدعى كشاهد، فالخطوة ممكنة قانوناً، ويبقى أمر شهادته عبر الحضور إلى المحكمة أو الانتقال إليه، نظراً إلى حالته الصحية، متروكاً للمحكمة.

وأثار المحامون في محاكمات الوزراء ورجال الأعمال المتّهمين بالفساد، قضية استدعاء الرئيس السابق وشقيقه سعيد، للإدلاء بشهادتهما، بعد ذكرهما من قبل جميع المتهمين تقريباً، على الرغم من ردّ وكيل الجمهورية أن طلب استقدامهما يكون في بداية المحاكمة، وأنه "لم تتقدموا كدفاع بطلب استدعائهما كشاهدين أمام المحكمة".

غير أن التفاؤل بمثول سعيد بوتفليقة أمام المحكمة يبقى قائماً في ظل الوضع الصحي لشقيقه عبد العزيز، بخاصة بعد تأكيد المحامي خالد برغل، عضو هيئة الدفاع عن رئيس الحكومة الأسبق أحمد أويحيى، أنه "لم نطلب حضور الرئيس بوتفليقة ومتابعته، لأنه لم يرتكب أي جريمة، بل هناك سياسة طُبّقت والبرلمان وافق عليها".

العائق الصحي وعلامة استفهام

في السياق ذاته، يرجّح الإعلامي المهتم بالشأن السياسي عبد الرحيم خلدون، في حديث لـ"اندبندنت عربية"، أن الوضع الصحي للرئيس السابق لا يسمح باستدعائه كشاهد أو متّهم في مختلف قضايا الفساد التي باشرت العدالة الجزائرية النظر فيها.

وقال "نتذكر تصريحات المسؤولين السياسيين والأمنيين بعد استقالة بوتفليقة وانقلاب موازين الحكم، حين أكدوا استحواذ العصابة وعلى رأسها سعيد، شقيق الرئيس على مقاليد الحكم وختم الرئاسة"، وهو الأمر الذي يكشف أن الرئيس السابق لم يكن في كامل قواه الجسدية ولا العقلية، وعليه فالعائق الصحي سبّب عدم استدعائه إلى المحكمة، مشيراً إلى أنه من واجب العدالة توضيح الأسباب للرأي العام. وختم أن عدم مثوله أمام المحكمة يطرح علامة استفهام.

وفي حين تعتقد فئة من الشعب أن عدم مثول بوتفليقة أمام القضاء يجعل تصفية تركة الفساد التي وقعت خلال عقدين من حكمه غير مكتملة، يرى طرف آخر أن عدم استدعائه قد تكون له علاقة بـ"صفقة" عُقدت قبل مغادرته قصر الرئاسة، ما يجعل فترة حكم بوتفليقة يكتنفها الغموض، والنبش فيها سيكشف عن مفاجأة يصعب التكهّن بثقلها على الجزائر والجزائريين.

المزيد من العالم العربي