Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حركة دبلوماسية أميركية – روسية في الخرطوم على وقع تواصل الحراك الشعبي

البشير يعتزم امتصاص غضب الشارع بالدعوة إلى فتح حوار مع معارضيه

جانب من الوقفة الاحتجاجية لأسر المعتقلين في السجون السودانية الأحد 17 مارس (آذار) (صفحة تجمّع المهنيين)

 

استجاب آلاف الشباب يوم الأحد 17 مارس (آذار) الحالي دعوات المعارضة السودانية إلى الخروج في تظاهرات تحت عنوان "مواكب الخريجين والعاطلين عن العمل". وتزامنت تلك الاحتجاجات مع حراك دبلوماسي كثيف شهدته الخرطوم الأحد، إذ أجرى وفد دبلوماسي أميركي لقاءات مع مسؤولين سودانيين، كما التقى المبعوث الخاص للرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالنائب الأول للرئيس السوداني عمر البشير.
وشهدت أحياء متفرقة من الخرطوم احتجاجات مطالبة بتنحي البشير، استجابةً لدعوة تجمع "المهنيين السودانيين" وتحالفات المعارضة. وأوضح شهود أن "المحتجين خرجوا في تظاهرات بأسواق في الخرطوم ومدينتَي بحري وأم درمان، وهذا ما دفع الشرطة إلى إطلاق الغاز المسيل للدموع لتفريقهم".
ويشهد السودان منذ نحو ثلاثة أشهر احتجاجات مطالبةً بتنحي البشير، هي الأكبر من نوعها وأسفرت حتى الآن عن سقوط 32 قتيلاً وفق آخر إحصاء حكومي، و51 وفق منظمة العفو الدولية.
 

 

 
البشير يقود الحوار
 
قال وزير الإعلام السوداني، حسن إسماعيل، الناطق باسم الحكومة، إن الرئيس السوداني سيدعو إلى فتح حوار مع القوى السياسية والحركات المسلحة الرافضة للحوار خلال الأسابيع المقبلة. وأضاف أن "البشير سيدعو الجمعية العامة للحوار الوطني إلى الانعقاد خلال الأسابيع المقبلة من أجل تقويم مقررات الحوار الوطني، وفتح الباب من جديد للقوى الممانعة والرافضة للحوار".
وأعلن إسماعيل التواصل مع الحركات الرافضة للحوار في إقليم دارفور، وولايتَي النيل الأزرق وجنوب كردفان، من أجل التوصل إلى تفاهمات تحقق الاستقرار والسلام. وأكد أن "التحديات الاقتصادية والسياسية التي تواجه الحكومة الحالية يمكن التغلب عليها بالمعالجات المباشرة، التي تحدث نتائج إيجابية في معاش المواطن واستقراره".
ويشهد إقليم دارفور غرب البلاد منذ عام 2003 نزاعاً مسلحاً بين القوات الحكومية وحركات متمردة، أودى بحياة حوالي 300 ألف، وشرّد نحو 2.5 مليون، وفق الأمم المتحدة، إضافةً إلى نزاع في ولايتَي جنوب كردفان والنيل الأزرق منذ عام 2011، أضرّ بنحو 1.2 مليون شخص، وفق إحصاءات دولية.
 
مأزق الحكومة الجديدة
 
على الرغم من الآمال الكبيرة التي دفع بها الرئيس السوداني، ورئيس وزرائه محمد طاهر ايلا، في أن تخلق الحكومة الجديدة توافقاً سياسياً وتسهم في حل الأزمات السياسة والاقتصادية التي تشهدها البلاد، فإنها جاءت مكرِّسة لحالة من الاستقطاب الحاد الذي تشهده في البلاد.
يدعم ذلك التوجه إعلان القيادي في حزب المؤتمر الوطني الحاكم، صلاح كرار، عضو المجلس العسكري أيام ولاية البشير الأولى، خروجه من الحزب واستقالته من مجلس الولايات (الغرفة الثانية للبرلمان).
تبعت ذلك تصريحات منتقِدة للحزب الحاكم، من قبل حلفائه في "الحوار الوطني" الذي أفضى إلى تشكيل حكومة الوفاق في العام 2016، إذ قال الأمين العام للحزب الاتحادي الديمقراطي أحمد بلال، إن "حزب المؤتمر الوطني يستخدم لغة تعالٍ وامتنان بالمناصب والوزارات والتوظيف تجاه شركائه".
من جهته، قال الصحافي عبد الواحد إبراهيم "التشكيل الحكومي والإجراءات التي اتخذها البشير بإعلان حالة الطوارئ قد يدفعان أحزاباً لا تزال تتمسك بالحوار، إلى اتخاذ موقف أكثر جدية يباعد بينها وبين الحكومة، مثل حزب المؤتمر الشعبي، حليف البشير الأساسي، في حال استمرار الاحتجاجات ومواجهتها من قبل الحكومة بالقمع والعنف". وأضاف "كل ذلك مرهون بتطورات الأوضاع في الفترة المقبلة، كما أن ما قد يحفز أحزاباً أخرى إلى ترك الحكومة مرهون بتقديمها حلولاً اقتصادية في غضون وقت قصير".
 

 

 
دعم روسي للبشير
 
أما على الجانب الدبلوماسي فأكد ميخائيل بوغدانوف مبعوث الرئيس الروسي، خلال لقائه النائب الأول للبشير، وزير الدفاع، الفريق أول ركن عوض بن عوف الأحد، موقف بلاده الداعم للسودان من أجل تجاوز المرحلة الحالية. وقال "انطلاقاً من الصداقة التي تجمعنا بالسودان سنقف إلى جانب الشعب السوداني وقيادته الممثلة بالرئيس عمر البشير، لتجاوز المرحلة الحالية".
وشدد بوغدانوف على "وجود إرادة سياسية قوية لدى روسيا لتعزيز علاقاتها مع السودان، بخاصة في المجالات الاقتصادية والسياسية والعسكرية. وأضاف "جرى نقاش سبل تقوية التنسيق السياسي بين البلدين على المستوى الدولي، والعمل معاً لتطوير مستوى التعاون التجاري والاقتصادي". ووعد بوغدانوف "بالعمل على تعزيز القدرات الدفاعية للسودان، وتدريب الكوادر العسكرية إلى جانب الكوادر المدنية المهنية".
بدوره أكد وزير الدولة في الخارجية السودانية أسامة فيصل أهمية زيارة الوفد الروسي، مشيراً إلى أنها "فرصةً مهمة للتشاور بين البلدين في ملفات ثنائية وقضايا ذات اهتمام مشترك".
 
مطالب أميركية
 
في المقابل، قال رئيس وفد الكونغرس الأميركي، غوس بيليراكس، الذي يزور السودان حالياً، إن المرحلة الثانية من الحوار بين الخرطوم وواشنطن، تقتضي إبداء حسن النية من الجانب السوداني، في ما يتعلق بتعويضات في ادعاءات وأحكام عالقة متعلقة بالإرهاب، رفعها ضحايا الإرهاب، أبرزها أحكام محكمة أميركية تتعلق بتفجيرات سفارات في العام 1998 في مدينة دار السلام التنزانية، ونيروبي الكينية، إضافة إلى الهجوم الذي وقع في العام 2000 على المدمرة الأميركية "كول" في ميناء عدن في اليمن.
وأوضح بيليراكس في بيان أن "تلك القضايا مهمة للجانب الأميركي ويجب حلها". وأكد أنه سيستمر في البحث عن تعويض عادل للضحايا من مواطني بلاده في الحادثتين".
وأعلنت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب في أكتوبر (تشرين الأول) 2017، رفع عقوبات اقتصادية وحظراً تجارياً كان مفروضاً على السودان، منذ العام 1997، إلا أنها أبقت عليه ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب، المدرج عليها منذ العام 1993، بسبب استضافته زعيم تنظيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن.
 
لقاءات ووعود
 
وكان الجانب الأميركي في الخرطوم أكثر تحركاً من نظيره الروسي، إذ التقى وفد الكونغرس صحافيين سودانيين ومنظمات مجتمع مدني ورجال أعمال وقادة معارضين ومدافعين عن حقوق الإنسان ومعتقلين. وقال رئيس وفد الكونغرس إن "كل مَن التقاهم يدركون أن أفضل طريقة للمضي قدماً بالنسبة إلى السودان هي عملية انتقال يتم التفاوض عليها بين الشعب وأحزاب المعارضة والحكومة، ويجب أن يلتزم أي سلام يجري التفاوض عليه عن كثب رغبات الشعب ويحمي حقوق الإنسان وفق ما هو مقبول عالمياً، وعلى كل جانب أن يقدم نقاط انطلاق واقعية لبدء هذا الحوار".
وطالب بيليراكس "بإطلاق سراح السجناء السياسيين ومن بينهم المواطن الأميركي من أصل سوداني الوليد علي أحمد إبراهيم"، مندداً بـ "تقييد حرية تكوين الجمعيات وحرية التعبير".
 
السودان يؤكد دعم الحريات
 
بدوره قال رئيس البرلمان السوداني إبراهيم أحمد عمر إنه ناقش مع الوفد الأميركي قضية وجود السودان ضمن قائمة الدول الراعية للإرهاب ودور الكونغرس فيها. وأضاف أنه "أخطر الوفد بوجود حريات سياسية ودينية في السودان، وأن التظاهرات التي تشهدها البلاد بدأت سلمية لكن هنالك جهات غيّرت مسارها".
تابع "أكدنا لعضو الكونغرس ضرورة استقرار السودان واستعداده لاستضافة مزيد من الوفود الأميركية للاطلاع على الأوضاع عن كثب، فضلاً عن ضرورة الذهاب في مسار توافقي لإزالة سوء الفهم بين الشعوب".
في المقابل، قال رئيس حزب المؤتمر السوداني المعارض، عمر الدقير، خلال لقائه المسؤول الأميركي "ما يجري في شوارع السودان هو تعبير عن إرادة السودانيين المطالِبة برحيل النظام الحاكم لمصلحة سلطة انتقالية تقود الوطن بإرادة جميع السودانيين نحو السلام والتحول الديموقراطي".
وختم "من الأفضل للمجتمع الدولي والاقليمي أن يقف مع رغبات الشعب. لأن هذا الشعب باقٍ وهو مصدر شرعية الحكم، والأنظمة زائلة".

المزيد من العالم العربي