في إطار وقف انهيار الريال، يواصل البنك المركزي الإيراني تحرّكه لدعم العملة المحلية مقابل الدولار الأميركي الذي يسجل في الوقت الحالي مستويات قياسية وتاريخية مقابل خسائر أكثر من عنيفة لعملة البلاد.
وقال محافظ البنك المركزي عبد الناصر همتي، إنه ضخّ ملايين الدولارات للمحافظة على استقرار سوق العملات وذلك بعدما تراجع الريال الإيراني إلى مستويات تاريخية الأسبوع الماضي. وأوضح في منشور على "إنستغرام"، أنه "خلال الأيام القليلة الماضية، دخلت مئات الملايين من الدولارات السوق من خلال وسطاء (مرتبطين بالبنك المركزي) وأُحبط عددٌ كبيرٌ من خطط أولئك الذين يحاولون زعزعة استقرار سوق الصرف الأجنبي".
وهوى الريال إلى أدنى مستوى على الإطلاق في تعاملات يوم الثلاثاء الماضي، قبل أن يتعافى قليلاً، بخاصة أنه يتعرّض لضغوط من العقوبات الأميركية وأزمة فيروس كورونا.
وبعدما أعلن يوم الجمعة، أن البنك المركزي "لن يبعثر موارده في السوق"، أوضح همتي أنه لم يقصد أن البنك سيتراجع عن دعم الريال المتعثر. وأضاف "تدخلنا في السوق سيكون حذراً وموجّهاً نحو الهدف".
"خامنئي" و"روحاني" يعترفان بأزمة خانقة
وقال مسؤولون إيرانيون من قبل إن الحكومة تخلّت إلى حدّ كبير عن سياسة ضخّ كميات ضخمة من العملة الصعبة بهدف دعم الريال منذ عام 2018 عندما خسر أكثر من 75 في المئة من قيمته مقابل الورقة الأميركية الخضراء، عقب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الدولي وقرارها التالي بإعادة فرض عقوبات على طهران.
وذكرت مواقع متخصّصة في أسعار الصرف ومنها "بونباست دوت كوم"، أنه جرى تداول الريال الإيراني أمس السبت بنحو 200 ألف مقابل الدولار الأميركي في السوق غير الرسمية. وكان الريال قد ارتفع بشكل طفيف أمام الدولار وسجّل نحو 192 ألفاً في تعاملات الجمعة الماضية، بعدما تراجع إلى مستوى منخفض تاريخي عند 205 آلاف يوم الثلاثاء. ويبلغ السعر الرسمي أمام الدولار 42 ألف ريال ويُستخدم معظمه لواردات الغذاء والدواء المدعومة من الدولة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفيما اعترف المرشد الإيراني على خامنئي بأن اقتصاد بلاده سيتعرّض للأسوأ خلال الفترة المقبلة وسط تفشٍّ جديد لفيروس كورونا وانهيار كامل للعملة المحلية الريال، قال الرئيس حسن روحاني في خطاب بثه التلفزيون الرسمي، إن بلاده تشهد أصعب عام يمرّ عليها بسبب العقوبات الأميركية التي ترافقت مع جائحة كوفيد-19. وأضاف: "إنه العام الأكثر صعوبة بسبب الضغط الاقتصادي من العدو والوباء". وقال إن "الضغط الاقتصادي الذي بدأ في 2018 تزايد واليوم يشكّل أشد ضغط على بلدنا العزيز".
وفي الوقت الذي ترتفع حدّة انتشار فيروس كورونا، اضطُرت إيران وتحت ضغوط الأزمة الاقتصادية الخانقة، إلى رفع القيود واستئناف عمل وحدات الإنتاج والأنشطة التجارية، على الرغم من النصائح التي قدمها اختصاصيّو الصحة من أن ذلك يسهم في انتقال عدوى الفيروس بشكل أوسع، لا سيما أن المرض يسجل يومياً مئات الإصابات وعشرات الوفيات بشكل متواتر.
استغاثة بصندوق النقد الدولي
ومنتصف مارس (آذار) الماضي، وللمرّة الأولى منذ عام 1962، طلبت إيران من صندوق النقد الدولي السماح لها فوراً بالحصول على مساعدة مالية تتيح لها مواجهة فيروس كورونا المستجدّ.
وكتب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف على تويتر أن مديرة الصندوق كريستينا جورجيفا "قالت إن الدول المتأثرة (بوباء كوفيد-19) ستحظى بالدعم عبر أداة التمويل السريع" في منظمتها. وأضاف: "طلب مصرفنا المركزي إتاحة الوصول الفوري إلى هذه الأداة". ولم تحصل طهران على مساعدة من صندوق النقد منذ نيلها على "قرض دعم" بين عامَيْ 1960 و1962. وتابع: "يجب على مجلس إدارة صندوق النقد الدولي الالتزام بتفويض الصندوق (...) والتصرف بمسؤولية".
ويُفترض أن يوافق مجلس إدارة الصندوق على القروض التي يمكن أن تمنحها الهيئة وعملياً لا يمكن اتّخاذ أي قرار ضد إرادة الولايات المتحدة، علماً أن واشنطن تمارس حالياً سياسة "الضغوط القصوى" التي تهدف إلى استنزاف الموارد المالية للدولة الإيرانية والرئيس الأميركي دونالد ترمب لم يُظهر أي نيّة بالتراجع عن ذلك.
وأكد حاكم المصرف المركزي عبد الناصر همتي في منشور على حسابه على موقع "إنستغرام"، نشرته وكالة أنباء "إرنا" الإيرانية، أنه طلب رسمياً عبر رسالة في السادس من آذار (مارس) الماضي، إتاحة الوصول إلى أداة التمويل السريع. وأضاف: "نظراً إلى التفشّي الواسع النطاق لفيروس كورونا المستجدّ في بلادنا وإلى ضرورة مواصلة اتّخاذ تدابير قوية بهدف الوقاية والشفاء من هذا المرض ولمواجهة تداعياته الاقتصادية، تطلب إيران مساعدة قدرها 5 مليارات دولار تقريباً من صندوق النقد الدولي".