Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

4 يوليو: ماذا تعرف عن أبرز يوم وطني في الولايات المتّحدة؟

عروض ألعاب نارية سنوية، لقاءات عائليّة، ومباريات "بايس بول" للاحتفال بذكرى توقيع إعلان الاستقلال. فهل يتأثّر كلّ ذلك هذا العام بسبب كورونا؟

يحتفل الأميركيّون كلّ سنة بيوم الرابع من يوليو (تمّوز)، وتصادف هذا العام 2020 الذكرى السنويّة الـ 244 لتأسيس الولايات المتّحدة الأميركيّة. وهذه مناسبة يُحتفى بها في العادة عبر الاحتفالات، والنزهات في الطبيعة، وحفلات الشواء في المتنزّهات، والألعاب الناريّة، إذ إنّها تمثّل ذكرى اليوم الوطني الأهم وفق التقويم الأميركي، وستحل هذا العام في ظلّ تدابير المباعدة الاجتماعيّة، ومظاهر إلغاء المناسبات العامّة، مع خروج البلاد من أشهُر الإغلاق إثر جائحة كورونا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 تأتي أسابيع من الاضطرابات التي انتشرت في الولايات المتّحدة، وشهدت أعمال شغب ونهب وتحطيم نصب وتماثيل، لتُلقي بظلها وتأثيرها المجهول على ما يُعد تقليديّاً التعبير الأميركي الأشمل عن مشاعر الاعتزاز الوطني. بيد أنّه، وعلى الرغم من أعراض الحرارة المرتفعة التي تعاني منها البلاد كما مرضى كوفيد 19، فإنّ تحليقات سلاح الجوّ الوطني، وعروض الألعاب الناريّة، ما زالت ضمن البرنامج المنتظر الذي ستشهده أجواء البيت الأبيض وسماؤه.

ولغير الملمّين بالموضوع، هنا عرض لأهمّ محطّات المناسبة.

ما هي هذه الذكرى؟

تحيي المناسبة ذكرى توقيع إعلان الاستقلال الأميركي على يد الآباء المؤسسين في 4 يوليو 1776. إذ بتوقيعهم تلك الوثيقة قام ممثلو الولايات الـ 56 آنذاك – من بينهم توماس جيفرسون، وبنيامين فرانكلين – بالانفصال من الإمبراطوريّة البريطانيّة، وبإعلان المستعمرات الأميركيّة الشماليّة ولايات حرّة. وقد ولدت على الأثر قوّة عالمية عظمى.

ما هي خلفيّة القصّة؟

بسطت الإمبراطوريّة البريطانيّة نفوذاً قويّاً ومهيمناً في العالم الجديد منذ أن قاد السير والتر رالي Sir Walter Raleigh المحاولات الأولى لتأسيس مستعمراتٍ على الساحل الشرقي لأميركا الشماليّة في أواخر حقبة الملكة إليزابيث. وبحلول القرن الثامن عشر كانت أميركا الشماليّة تُحكم من لندن، وتضمّ ثلاث عشرة مستعمرة، هي ديلاوير، وبنسيلفانيا، ونيو جيرسي، وجورجيا، وكونيكتيكت، وخليج ماساتشوستس، وماريلاند، وكارولينا الجنوبيّة، ونيوهامشير، وفيرجينيا، ونيويورك، وكارولينا الشماليّة، ورود آيلاند، ومزارع بروفيدانس Providence Plantations.

كانت تلك المستعمرات الثلاث عشرة في الأساس أراضٍ زراعيّة استثمرها حكّامها الإمبرياليّون لأهميّة مصادرها، خصوصاً في مناطق محاصيل التبغ المربحة. وإذ كانت العلاقات بين التاج البريطاني والمستعمرين وديّة في البداية، إلّا أنّها راحت تسوء مع الوقت وبدأت التوتّرات تتصاعد في حقبة الملك جورج الثالث، وتمثّل أهمها برفض المستعمرين فرض القوانين البريطانية ونظم ضرائبها، وتحديداً القانون المعروف بـ"قانون الطوابع" Stamp Act.

وسرعان ما انتشرت إثر تلك التوتّرات، في أوساط المولودين في المستعمرات، روح وطنيّة ناشئة. وبدأ الأميركيّون مع حلول العام 1765 يطالبون بإنهاء فرض "الضرائب من دون تمثيل"، داعين لسماع أصواتهم في مجلسي البرلمان. ثمّ ما لبثوا وأن شرعوا في تنفيذ حركات الاعتراض والتمرّد، التي كان أبرزها "حفلة شاي بوسطن" Boston Tea Party عام 1773. ومثّلت هذه الأخيرة حركة اعتراضيّة على "قانون الشاي" الذي منح "شركة الهند الشرقيّة" (البريطانيّة) حقّاً تجاريّاً احتكاريّاً. وشهدت "حفلة شاي بوسطن" قيام مجموعة تعرف باسم "أبناء الحريّة"  Sons of Liberty يرتدي أفرادها زيّ السكان الأصليين الأميركيين بإتلاف حمولة سفينة كاملة من أوراق الشاي البريطاني المستورد، ورميها في مياه مرفأ مدينة بوسطن. وقد جاءت تلك الحركة لتعبّر بتهكّم احتفالي عن سخطها على تعلّق السلطة الحاكمة بشرابها الوطنيّ التقليدي، ولتدعو، في الوقت عينه، إلى امتشاق السلاح ضدّ تعفّن الإمبراطوريّة وانحطاطها.

كيف جرى توقيع إعلان الاستقلال؟

اشتدت مشاعر الغضب وتصاعدت مع ما عرف بالـ "القوانين القسريّة" Coercive Acts، التي سميت أيضاً "القوانين التي لا تطاق" Intolerable Acts في أوساط الوطنيين الأميركيين، التي قضت بالعودة عن امتياز "شبه الاستقلال" في ماساتشوسيتس كعقابٍ لإهانة التاج البريطاني في حركة "حفل الشاي". وقد جرى على الأثر انعقاد مجلسي شيوخ قاريين Continental Congresses وضمّا ممثلين عن المستعمرات الثلاث عشرة لتنسيق المقاومة. وفي الاجتماع الثاني للمجلسين القاريين في فيلاديلفيا عام 1775، جرى توقيع إعلان الاستقلال وأُعلنت حرب الاستقلال الأميركي، تزامناً مع اندلاع معركة مفتوحة في كونكورد، ماساتشوسيتس في شهر أبريل (نيسان) من ذاك العام. واستمرّ النزاع طوال ثمانية أعوام، إلى أن جرى توقيع معاهدة باريس في العام 1783.

وصاغت نصّ إعلان الاستقلال "اللجنة الخماسيّة"، أو "هيئة الخمسة"، المؤلّفة من جيفرسون، وفرانكلين، وجون آدامس، وروجير شيرمان، وروبيرت ليفينغستون. وأسّس ذاك الإعلان حقوق المواطنين الأميركيين "غير القابلة للتصرّف"، كما أشار إلى أنّ "جميع الناس خلقوا متساوين"، وكرّس حقّ الأفراد في "الحياة، والحريّة، والسعي لتحقيق السعادة". وقُدمت صيغة الإعلان إلى الكونغرس الأميركي في 28 يونيو (حزيران) 1776، فصوت الكونغرس عليها كي تغدو قانوناً في 2 يوليو، وصُدّقت رسميًّا في 4 يوليو، اليوم الذي يحتفل فيه الوطنيّون الأميركيّون منذ ذلك التاريخ. وقد نشر "إعلان الاستقلال" لأوّل مرّة بعد يومين من التصديق عليه، في صحيفة "ذا بينسيلفانيا إيفنينغ بوست".

كيف احتفل بهذه الذكرى على مرّ التاريخ؟

أوّل قراءات لنصّ إعلان الاستقلال جرت في ساحات فيلاديلفيا، وقوبلت بالألعاب النارية الاحتفاليّة، وبقرع الأجراس. وفي العام 1777 احتفلت مدينة بريستول، في رود آيلاند، بذلك اليوم فأطلقت ثلاث عشرة طلقة ناريّة في الصباح والمساء، فمثّل هذا أوّل احتفال رسمي في الولايات المتّحدة بيوم 4 يوليو، وهو ما تفتخر فيه بريستول إلى اليوم، وتُحيي مسيرة استعراضيّة سنويّة في المناسبة منذ العام 1785.

كان جورج واشنطن في العام 1778، حين كان جنرالًا في جيش الثورة الأميركيّة، منح جنوده حصصاً من مشروب الروم للاحتفاء بالمناسبة. وأوّل موسيقى مُسجّلة تحتفل بالاستقلال هي "مزمور الفرح" Psalm of Joy التي ألّفها جوهان فريدريك بيتر في مدينة سالم، في كارولينا الشماليّة، عام 1783. وكان الكونجرس في العام 1870 أعلن يوم الرابع من يوليو يوم عطلة وطنيّة غير مدفوعة للعمال الفيدراليين، بيد أنّه عاد وعدّل الأمر، وجعلها عطلة مدفوعة منذ العام 1938.

كيف يحتفل الناس بهذه الذكرى اليوم؟

تحتفل جميع المدن الرئيسة في الولايات المتّحدة بيوم الاستقلال تقليدياً عبر احتفالات وعروض ألعاب ناريّة ضخمة، بيد أن جائحة كورونا، وما يرافقها من تدابير فرضت إلغاء عدد من الاحتفالات، أو إعادة تصميمها وهيكلتها، أو استبدالها ببدائل أصغر حجماً، وذلك تماشياً مع ما أصدره المركز الأميركي لمكافحة الأوبئة CDC من إرشادات تتعلّق بالتجمّعات العامة. أمّا بالنسبة إلى الحكومة الفيدراليّة، فالرئيس دونالد ترمب ينوي حضور عرض ألعاب نارية يقام في جبل راشمور مساء 3 يوليو، فيما أكّد البيت الأبيض إقامة احتفاله الثاني تحت عنوان "تحيّة لأميركا 2020" في العاصمة الأميركيّة، يتضمّن "احتفالات موسيقيّة، وعروض عسكريّة وتحليق استعراضي للطائرات الحربيّة"تسبق الخطاب الرئاسي، وعروض الألعاب الناريّة في سماء الـ"ناشيونال مول". أمّا على صعيد الأفراد فمن المرجّح أن تؤثّر ظروف التدابير المتّخذة لمواجهة كوفيد 19 على هذه المناسبة الوطنيّة التي يُحتفى بها في العادة عبر النزهات في الطبيعة، واللقاءات العائليّة الجامعة، وحفلات الشواء، والإجازات، ومباريات الـ"بايس بول"، والمسيرات، وفرق العزف على الأبواق التي تلعب ألحان "راية النجم اللامع" (النشيد الوطني الأميركي).  

© The Independent

المزيد من تحقيقات ومطولات