Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سأقبض كل ما لديك: هكذا هددني القاضي الإيراني المقتول في رومانيا

وفاة غامضة لرجل الدين غلام رضا منصوري بعد هروبه إلى خارج البلاد

القاضي الإيراني غلام رضا منصوري توفي جراء سقوطه من الطابق الخامس في الفندق الذي كان يقيم فيه في بوخارست (ايران اينترنشنال)

هروب القاضي الإيراني غلام رضا منصوري من البلاد بعد اتهامه بتلقّي رشى تحوّل خلال الأسبوع الماضي إلى حديث الساعة في الداخل والخارج، إذ تحرّك النظام لاستعادته بواسطة الشرطة الدولية وتحرّك الناشطون بالتزامن في الخارج لتشكيل ملف ضده، ذلك لأنه كان رئيساً لمحكمة الصحافة وأصدر أحكاماً وُصفت بـ"القاسية" ضد عددٍ كبيرٍ من الصحافيين ونشطاء اضطُروا إلى الخروج من البلاد بسبب تلك المواجهات.
لكنّ فصول ملاحقة القاضي منصوري لم تدُم طويلاً، إذ أُعلنت وفاته في 19 يونيو (حزيران) في الفندق الذي كان يقيم فيه في بوخارست، عاصمة رومانيا بعد سقوطه أو إسقاطه من الطابق الخامس في باحة الفندق. ويجري حالياً تحقيق للكشف عن حيثيات القضية.
في هذه الأثناء، تداول معتقلون كثيرون تجارب محاكمتهم بواسطة القاضي الراحل منصوري، منهم الناشطة أعظم جنكروي التي قالت في مقابلة مع إذاعة "فردا" (الغد) الأميركية إنه على الرغم من وفاته، لكنه حيّ بالنسبة لي وإلى  كُثُرٍ من ضحايا التعذيب في إيران.

وكانت أعظم ضمن المشاركات في الحملة ضد الحجاب الإجباري في البلاد، إذ بدأت الحملة في ديسمبر (كانون الأول) 2017 بعدما أقدمت بعض الناشطات على نزع الحجاب والتلويح به أمام المارّة في شارع انقلاب، وسط العاصمة طهران. وأظهرت صور من تلك الحملة عدداً من النساء يعتلين أشياء مختلفة في الشوارع، منها صناديق البريد ويلوّحن بالحجاب أمام الجميع للتعبير عن احتجاجهن.

 

 


 

وتقول الناشطة الإيرانية: "اعتقلوني بعدما اعتليتُ منصّة في شارع وصال في طهران. كان ذلك بعد يومين من حركة مماثلة للناشطة ويدا موحد ونرجس حسيني. فوضعتُ حجابي على عصا ولوّحت به أمام المارّة للتعبير عن احتجاجي.

اعتُقلتُ بعدها بلحظات وزجّوا بي في الزنزانة الانفرادية وبقيتُ هناك أربعة أيام، في حين أن فترة الاعتقال المؤقت طبقاً للقانون، يجب ألّا تتعدّى اليومين.

قبل لقاء القاضي منصوري، جاء المفتش وقال لي: "أنتِ جاسوسة! إنك عميلة لإسرائيل وأميركا! اكتبي التماساً وأوضحي أنك نادمة!".
وأجبتُه: ما أقدمتُ عليه هو للاحتجاج على القانون الظالم الذي يرغمنا على ارتداء الحجاب، ما علاقة هذا بالتجسّس؟ وكرّر "اكتبي أنك جاسوسة! بخلاف ذلك، ستُسجنين!". لم أقبل، فأمر المفتش الشاب الشرطية المرافقة لي بوضع الأصفاد في يدَيّ.

وقبل خروجه من الغرفة، همس في أذني: "التزمي الصمت خلال حضورك أمام القاضي منصوري" وأوصتني الشرطية أثناء انتقالي الى المكتب الخاص بمنصوري بالأمر ذاته: "سيحيلك إلى السجن بجرّة قلم إذا ما تحدثت أمامه".

لم ترافقني الشرطية الشابة لدى دخولي إلى مكتبه. دخلتُ بمفردي وجلستُ على كرسي في زاوية المكتب.

بعد لحظات، دخل رجل دين بدين يهرول في الغرفة وقبل جلوسه، خاطبني القاضي منصوري بقوله: "هنا ليس بيت خالتك، لا يحقّ لك الجلوس على الكرسي".

فوقفتُ لأستمع إلى ما يقول: "أيتها الـ"م... س" هل كنتِ تبحثين عن زوج عندما اعتليتِ منصة؟ أيتها المجنونة لماذا خلعتِ حجابك؟ سأقبض حياتك كلها"، وكرّر أنه سيأخذ كل ما لدي!

وبينما كنتُ خائفة وخنقتني العبرة، كان القاضي يقلّب أوراق ملفي: "لديك شهادة سياقة؟ لديك سيارة؟ انتهى كل شيء من اليوم. لا يحقّ لك السياقة". تحقّق تهديده في ما بعد إذ احتجزوا سيارتي لمدة ثلاثة أشهر.

ثم صرخ في وجهي: "لا يحقّ لك العمل، لأنك مجنونة!" تحقّق تهديده في ما بعد، إذ استدعى الأمن رئيسة مؤسسة أبحاث ودراسات المرأة أكرم مصوري منش وأبلغها ضرورة التخلّي عني. سُرّحتُ من العمل ولم أستلم حتى راتب آخر شهر عملتُ فيه بالمؤسسة.

ثم خاطبني منصوري بقوله: "تدرسين في الجامعة؟ لا يحقّ لك مواصلة الدراسة، لستِ مؤهلة للدراسة". وتحقّق ذلك أيضاً، إذ أبلغتني الجامعة أنه لا يحقّ لي مواصلة الدراسة ومُنعتُ من تقديم أطروحتي للحصول على ماجستير في "الذكاء الصناعي".

في هذه الأثناء، دخل رجل إلى الغرفة، فتغيّر سلوك القاضي منصوري وقال لي: تفضلي بالجلوس هناك حتى أتحدث قليلاً مع هذا الرجل.

استغربتُ من سلوكه. لكن لم يَدُمْ ذلك الشعور طويلاً، إذ بدأ تهديده الأساسي: "إنك مجنونة! لا يحقّ لك حضانة ابنتك! نأخذها ونسلّمها إلى دار رعاية الأطفال".

وتوضح أعظم أنها كانت قد انفصلت عن زوجها قبل سنوات وحكمت المحكمة بمنحها حضانة ابنتها، وتتابع سرد تجربتها: "لكن منصوري كان يريد سلب هذا الحقّ مني. وبعد نقلي إلى السجن، فتح منصوري ملفين لي، أحدهما يتعلّق بخلع الحجاب، إذ أصدر حكماً بالحبس ثلاث سنوات بحقي، كما تشكّلت محكمة للنظر في موضوع حضانة ابنتي. وفي هذه المحكمة التي التأمت بعد ساعة من المحاكمة الأولى، أبلغوني أن الوثائق التي قدمتُها للطلاق ليست كاملة، لذلك تمنح المحكمة الحضانة لوالد الطفلة".

وتشرح الناشطة الإيرانية أنها تابعت هذه المسألة في المحكمة التي منحتها حقّ الحضانة، لكنها لم تتعاون معها وأبلغوها أنهم لا يملكون سجلاً لطلاقها.
بعد أيام، أبلغتها المحكمة أن أمامها عشرة أيام لتسليم الطفلة إلى أبيها. وتقول أعظم إنها غادرت البلاد قبل يوم من انتهاء تلك المهلة لتقضي فترة صعبة في تركيا قبل لجوئها إلى إحدى الدول الغربية.

 

المزيد من تقارير