Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

غيوم المعركة فوق سرت وموقف "أفريكوم" موضع جدل

المحاور العسكرية الليبية هادئة في انتظار نتائج اللقاءات العربية

للأسبوع الثاني على التوالي بقيت عيون الليبيين وعقولهم مركزة نحو العاصمة المصرية القاهرة، التي باتت محور التطورات الرئيسة في أزمتهم، آخرها تحركات جامعة الدول العربية، الرامية إلى خفض التصعيد، بعد التصريحات المصرية الأخيرة حول تدخل عسكري محتمل في ليبيا.

ويأتي هذا، في الوقت الذي تشهد المحاور العسكرية الأبرز هذه الأيام، في سرت وسط ليبيا والجفرة جنوباً، هدوءاً حذراً، وسط حشد من الطرفين يشي باشتعالها في أي لحظة، إذا لم تأت التحركات الدولية والعربية في المسار السياسي بجديد، يغير المعطيات ويدفع باتجاه طاولات الحوار.

"الوفاق" تنسق لهجوم عسكري

وفي الوقت الذي تكشف مصادر مقربة من رئيس حكومة "الوفاق" فايز السراج، كل يوم جديد، عن اجتماعات عسكرية تجمعه بالقادة، في قوات حكومته، قال مصدر عسكري مقرب منه، لـ"اندبندنت عربية"، إن "هذه الاجتماعات تنسق لشن هجوم عسكري موسع ومرتب له بدقة على سرت"، وأكد المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه، أن "حكومة الوفاق مصممة على الوصول إلى الهلال النفطي، شرق سرت مهما كلف الثمن، وتحشد كل قدراتها العسكرية للنجاح في تحقيق هذا الهدف، للوصول إلى مبتغاها، خلال أيام".

وأضاف "أن الهجوم سيتم بغطاء جوي من تركيا، وتنسيق مع غرفة العمليات العسكرية التركية، في ليبيا" بحسب قوله.

وقال عضو شعبة الإعلام الحربي التابعة للجيش، محمد البرغثي لـ"اندبندنت عربية"، إن "القيادة العامة للجيش الوطني، أصدرت تعليمات مشددة لهم، بعد الكشف عن أي تحركات عسكرية جديدة"، مؤكداً في الوقت ذاته، أن "التعبئة العسكرية في الجبهات المشتعلة كافة قد تمّت، وأنهم مستعدون لكل الاحتمالات".

الجامعة العربية تناقش الملف الليبي

وبعد تأجيل ليوم واحد، باشرت الجامعة العربية الثلاثاء 23 يونيو (حزيران)، في مقرها في القاهرة، مناقشة تطورات الملف الليبي، في اجتماع لمجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية، بناء على طلب من مصر، عبر تقنية "الفيديو كونفرانس".

في المقابل، أرسلت مندوبية ليبيا التابعة لحكومة "الوفاق"، مذكرة إلى الأمانة العامة، قالت فيها إنها لم تستشر في مسألة عقد الدورة ولم تستشر في شأن أي وثيقة قد تصدر عن الاجتماع.

مضيفةً أن موضوع ليبيا معقّد ويحتاج إلى تشاور مسبق بين كل الدول الأعضاء للوصول إلى "توافق نسبي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأكد وزير الخارجية الليبي الهادي الحويج، "ترحيبه بانعقاد اجتماع جامعة الدول العربية، ومناقشة العدوان التركي على إحدى الدول الأعضاء بالجامعة"، داعياً إلى "تفعيل الدفاع العربي المشترك، وسحب الاعتراف من حكومة السراج غير الدستورية وغير المعتمدة والمنتهية الصلاحية، وتبني إعلان القاهرة كحل للأزمة الليبية".

قائد الـ"أفريكوم" يقابل السراج

وفي الأثناء، أثارت زيارة مفاجئة، قام بها قائد القوات الأميركية العاملة في إفريقيا "أفريكوم" الجنرال ستيفن تاونسند، إلى مدينة زوارة الليبية على الحدود مع تونس، التقى خلالها السراج، وعدداً من المسؤولين فيها، جدلاً كبيراً في ليبيا، من حيث التوقيت الذي جاءت فيه.

وبحسب موقع الأفريكوم، فقد أوضح تاونسند لرئيس حكومة طرابلس أنّ "جميع الأطراف بحاجة إلى العودة إلى وقف إطلاق النار والمفاوضات السياسية، التي تقودها الأمم المتحدة، لأنّ هذا الصراع المأساوي يحرم جميع الليبيين من مستقبلهم"، مضيفاً أنّ "العنف الحالي يزيد من احتمال عودة تنظيمي (داعش) و(القاعدة) في ليبيا، ويزيد من انقسام البلاد لصالح الأطراف الأجنبية، ويطيل المعاناة الإنسانية"، مطالباً "الجهات الخارجية بالتوقف عن تأجيج الصراع، واحترام حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة، والوفاء بالالتزامات التي قدمتها في قمة برلين".

إلا أن مصادر مقربة من "الوفاق"، كشفت عن مسار آخر للقاء زوارة، بين السراج ووفد الـ"أفريكوم"، ناشرةً معلومات خطيرة عن عمل عسكري محتمل ستقوم به القوات التابعة لها في ليبيا، خلال الفترة المقبلة.

إذ أعلن آمر غرفة عمليات سرت والجفرة إبراهيم بيت المال، أن "نتائج الاجتماع مع الأفريكوم سارت في جانب إكمال العمليات العسكرية ودعم محاربة الإرهاب".

وقال إنه والقيادة العسكرية لـ"الوفاق"، "أكدوا للمجلس الرئاسي في اجتماع فرعي، ضرورة توريد منظومة دفاع جوي لتكملة عملية (دروب النصر) حتى تحقيق أهدافها".

في حين أعلن عضو مجلس النواب الموازي في طرابلس علي بوزعكوك، أن "اجتماع السراج مع قيادة أفريكوم، يأتي لتهيئة دخول مسلحي حكومة الوفاق إلى سرت والجفرة"، على حد تعبيره.

موسكو تنفي إرسال مرتزقة

ووسط كل هذا، نقلت وكالة الإعلام الروسية عن وزارة الخارجية قولها، اليوم الثلاثاء، إن "تقريراً أفاد بوجود عسكري روسي في ليبيا استند إلى مصادر محل شك ومعلومات غير دقيقة وطالبت بالتحقيق فيه".

وكان تقرير للأمم المتحدة قد أشار في مايو (أيار) إلى أن "شركة فاغنر غروب" الروسية الخاصة بالتعاقدات العسكرية، لديها ما يصل إلى 1200 عنصر في ليبيا".

وقال بيتر إيلشيف المسؤول في الخارجية الروسية إنه "من الواضح أن البيانات تعرضت للتزييف وإن مجموعة الخبراء التي نشرت التقرير تسعى إلى تشويه صورة سياسة موسكو في المنطقة".

اجتماعات القاهرة مفصلية

ويقول الناطق السابق باسم الحكومة المؤقتة الليبية، التابعة للبرلمان شرق البلاد، محمد بزازة، إن "نتائج تحركات جامعة الدول العربية ونقاشاتها لملف الأزمة الليبية، مهم جداً للكشف عن المسار الذي قد تمضي فيه الأزمة الليبية، في طريق الحل أو التعقيد".

ويوضح لـ"اندبندنت عربية"، "سيظهر لنا هذا الاجتماع، مستوى الوفاق أو خلاف وجهات النظر العربية، حول تحركات القاهرة في الفترة الأخيرة في الأزمة الليبية، وبالنظر إلى التدخلات المعروفة، من بعض الأطراف العربية وتأثيرها، في أطراف النزاع الليبي، قد نستنتج بعض ما قد يحدث في الفترة المقبلة".

ويستبعد بزازة فرص الحل السياسي الشامل في ليبيا قريباً، قائلاً "حكومة الوفاق لن تقبل بالتهدئة، بعد انتصاراتها العسكرية الإستراتيجية الأخيرة، ووقوف قواتها على مرمى حجر من منابع النفط، وهي مركز الصراع الحقيقي في ليبيا".

ويضيف "قرار السراج مرتهن تماماً لأنقرة، وبالتالي وبالنظر إلى أهداف تركيا المعلنة، من التدخل في ليبيا، أعتقد بأن الأخيرة لن تقبل بالخروج من المشهد الليبي خالية الوفاض، من دون السيطرة على أهم مواقع إنتاج وتصدير النفط والغاز، لذلك أتوقع حدوث التصعيد في أي لحظة".

خيارات جديدة

وقال المستشار السابق في مجلس الدولة الاستشاري في طرابلس صلاح البكوش، إن تصريحات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الأخيرة، تعبّر عن انهيار كامل لما وصفه بـ"مشروع خليفة حفتر"، وإنه لم يعد قادراً على الدفاع حتى عن مدينة في وسط ليبيا"، داعياً "حكومة طرابلس إلى ضرورة استثمار هذا الوضع، من دون النظر إلى المحاولات السياسية لإنقاذه، والاستمرار في خياراتها العسكرية".

وأضاف في تصريحات تلفزيونية الإثنين، أن "حكومة الوفاق عليها أن تستوعب أن دخولها سرت والجفرة، وبسط سيطرتها على كامل الأراضي الليبية، فرصتها لإنهاء الصراع في البلاد".

أما المستشار السياسي لـ"الجيش الوطني الليبي" في بنغازي، أحمد العبود، فيرى "أن الجيش الآن قد أزال كل الأعذار واستجاب للضغوطات الدولية وتعامل معها بإيجابية، وفي حالة لم يفلح المجتمع الدولي في دفع حكومة الوفاق وحليفتها تركيا للاستجابة لدعوات السلام، فإن الجيش بصدد دراسة خيارات جديدة له".

وأضاف لـ"اندبندنت عربية"، "الآن بدأت المواقف الدولية تتبلور من جديد تجاه الملف الدولي، وتدخل مصر كان محورياً في هذا الشأن"، معتبراً "أن الأيام المقبلة ستشهد حالة عزلة دولية لتركيا، بسبب تغولها على مصالح كل من لها مصلحة في ليبيا، خصوصاً في الجانب الاقتصادي".

رفض التدخل


في المقابل، ندّد الرئيس التونسي قيس سعيّد الذي يجري زيارة عمل لفرنسا، الثلاثاء بتدخلات خارجية في تونس، قال إنها تهدف إلى إعادة البلاد إلى الوراء، محذّراً من محاولات تقسيم ليبيا.
وقال سعيّد في مقابلة مع شبكة "فرانس 24" الفرنسية إن "هناك مؤشرات كثيرة حول تدخّلات خارجية في تونس من قبل قوى تحاول إعادة تونس إلى الوراء وهناك مَن أراد أن يتواطأ معها من الداخل".
وأكد الرئيس التونسي أنه يملك معلومات وافرة عن هذا الأمر قائلاً "لدي من المعلومات الكثير وأخفيتها حتى عن المقربين لأنني لا أرغب في أن أزيد الوضع تعقيداً ولكن أعلم الكثير مما يعتقدون أنني لا أعلمه".
ولدى سؤاله عن مساندة حكومة الوفاق من قبل تركيا التي انتقدها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشدة في مؤتمر صحافي مشترك مع نطيره التونسي الإثنين، قال سعيّد "أرفض أي تدخل أجنبي في ليبيا من أي جهة"، مؤكداً أن "الشعب الليبي وحده صاحب السيادة".
واعتبر الرئيس التونسي أن التدخلات الخارجية تفاقم النزاع، مؤكداً أن المسؤولية مشتركة.
وشدد سعيّد على أن "تقسيم ليبيا مرفوض"، مضيفا أنه "قد يؤدي إلى تقسيم دول أخرى وهذا خطر على تونس والجزائر".
وقال "أعمل باستمرار على التنسيق مع الجانب الجزائري حتى يكون لنا موقف واحد". وأضاف "يمكن أن يكون لنا موقف مغاربي مشترك بشأن ليبيا. المبادرة يمكن أن تكون صادرة عن دول المغرب العربي لأنها المعنية بالأساس".
وندد سعيّد بدعم رئيس مجلس النواب التونسي ورئيس حركة النهضة المقرّبة من أنقرة، راشد الغنوشي لحكومة الوفاق في ليبيا. وإذ أكد أن الشرعية الدولية وقرار مجلس الأمن يضفيان شرعية على حكومة فايز السراج، اعتبر الرئيس التونسي أن هذه الشرعية لا بد من أن تحل محلها شرعية شعبية.
وشدد على أن السياسة الخارجية في تونس من اختصاص رئيس الجمهورية، مؤكداً أنه لا يمكن لأي طرف أن يتدخل فيها.

المزيد من العالم العربي