Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا يغزو كورونا مصانع اللحوم؟

صناعتها لم تتوقف أثناء الجائحة

هل لأن الفيروس نفسه كتلة من البروتينات الجينية، فيسهل عليه البقاء في مصانع اللحوم (آرك2020.إي يو)

وردت تقارير عن حالات تفشٍ لـكورونا في مصانع لحوم عدة حول العالم، من ألمانيا إلى الولايات المتحدة الأميركية، وكان مصنع في مقاطعة "وست يوركشاير" West Yorkshire في المملكة المتحدة البؤرة الأحدث بين المصانع التي انتشر فيها الفيروس.

في وقت سابق من الأسبوع الحالي، قال مسؤولون في مقاطعة في غرب ألمانيا إنّ عدد الإصابات الجديدة المرتبطة بمصنع كبير لتعليب اللحوم ارتفع إلى 657 حالة، وهو رقم يفوق زيادات يومية حديثة عدّة، شهدها البلد بأسره.

كذلك أبلغ مصنعان للحوم في ويلز في المملكة المتحدة أن الفيروس انتشر فيهما الأسبوع الحالي.

وفي الولايات المتحدة، عطّل "كوفيد-19" مصانع عدة للحوم، ورُصدت مئات من الإصابات في صفوف عمّالها.

تقول فرضيات إنّ تفشي كورونا في مصانع اللحوم مرده عمل الموظفين على مقربة شديدة من بعضهم بعضاً، وعقود توظيف مجحفة، فضلاً عن درجات الحرارة المنخفضة، بيد أنّ ممثلين عن الصناعة في المملكة المتحدة يصرّون على أنّ السبب "غامض".

ونقلت "اندبندنت" عن ديفيد ليندارس من "جمعية مصانع اللحوم البريطانية" British Meat Processors Association (BMPA) قوله "لا يوجد دليل علميّ على أنّ مصنع اللحوم يختلف عن مصنع الأغذية المبرّدة الذي يضطلع بأعمال أخرى".

وأردف "لم يُذكر أي شيء من وجهة نظر علمية عن أن بيئة عملنا على وجه الخصوص هي التي تسبِّب أياً من حالات التفشي التي نعرف عنها. إنّ الأسباب غامضة".

وأضاف ليندارس، الذي يتولّى إدارة العمليات الفنية في الهيئة التجارية المذكورة "يجب ألا ننسى أننا لم نتوقف أبداً كصناعة. توقفت صناعة السيارات، وصناعات أخرى كثيرة، لكننا واصلنا العمل، وإلى الآن كان أداؤنا جيداً جداً في توفير الطعام للبلاد، وضمان وجود اللحوم الحمراء على الرفوف لتجار التجزئة، من دون اللجوء إلى عمليات إغلاق شامل حدثت في بلدان أخرى".

بات معلوماً أنّ مصانع رئيسة لإعداد اللحوم في الولايات المتحدة أغلقت أبوابها خلال الجائحة، مثيرةً مخاوف من نقص اللحوم، وجاء ذلك بعدما كشفت فحوص كورونا عن نتائج موجبة (وجود الإصابة) لدى مئات العمال في بعض المصانع.

لكن نقابة "يونايت"  Unite union تقول إنّها حذّرت مراراً من حالات تفش يُرجّح أن تضرب مصانع لحوم في المملكة المتحدة.

ويعتقد خبراء أن انتشار المرض في مصانع اللحوم يمكن أن يُعزى جزئياً إلى الظروف الفريدة السائدة في تلك المنشآت.

من بين هؤلاء رولاند كاو، بروفيسور في الوبائيات البيطرية وعلم البيانات في جامعة إدنبرة الإسكتلندية، وقال في هذا الصدد، "ثبت أن درجات الحرارة المنخفضة تُفضي أيضاً إلى ارتفاع في معدلات انتقال عدوى داء الإنفلونزا في الدراسات التجريبية، وإلى تعزيز فرص بقاء فيروسات أخرى من كورونا مثل "ميرس- كوف" على قيد الحياة. على الرغم من أن ذلك لم يثبت بالنسبة إلى "كوفيد-19"، أنه يمكن أن تنطبق عليه آليات مماثلة".

كذلك أيّد لورانس يونغ، بروفيسور علم الأورام الجزيئي في جامعة "واريك" البريطانية University of Warwick، الرأي القائل إنّ البيئة داخل المصانع والمسالخ ستكون مثالية لتستقرّ فيروسات كورونا وتنتشر.

وقال "يبقى الفيروس حيّاً على الأسطح الباردة، وفي غياب التهوية وأشعة الشمس من المرجح أن تنتشر، وتستقرّ وتبقى حية فيروسات يحملها رذاذ يلفظه أفراد مصابون".

وأضاف البروفيسور كاو "مصانع اللحوم والمسالخ هي أماكن ينخرط فيها الناس  بمستويات عالية من النشاط البدني، وحيث يكون الحفاظ على التباعد الجسديّ في المساحات الداخلية أمراً صعباً، وتتعذّر مراقبته. يمكن أن يفاقم هذان العاملان كلاهما احتمال انتقال العدوى."

تحدّث في هذا الشأن أيضاً البروفيسور جيمس وود، اختصاصي وبائيات الأمراض المعدية في جامعة "كمبريدج" البريطانية، وقال لصحيفة "اندبندنت" إنّه قد يكون من الصعب أيضاً تطبيق مبدأ التباعد الاجتماعيّ "على خط ذبح سريع"، وربما تشكّل "حركة الهواء القويّة الموجودة داخل أو في مختلف أنحاء مسالخ، ومصانع لحوم كثيرة تفسيراً محتملاً آخر".

وأضاف البروفيسور وود: "في ضوء ذلك، اعتمد كثير من مصانع اللحوم الممارسات التي تشتمل على الاستخدام المُعتمَد لأداوت الوقاية الشخصية التي ينبغي أن يجدوا نسبياً سهولة في تعزيزها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 

  قال ليندارس من "جمعية مصانع اللحوم البريطانية" لـ"اندبندنت" "ما إن أُعلنت قيود الإغلاق في نهاية مارس (آذار)، حتى أنفقت صناعتنا بضعة ملايين من الجنيهات في وضع حواجز بلاستيكية شفافة، وشراء مستلزمات إضافية من معدات الوقاية الشخصية، إلخ. كنا سريعين جداً في الاستجابة لمشورة الحكومة".

كذلك ذكر أنّ بعض المصانع "قلّصت من قدرتها وكفاءتها" عبر المباعدة بين ذبائح الأغنام على خط الذبح بغية تسهيل تطبيق التباعد الاجتماعي.

أمّا بيف كلاركسون، وهي موظفة وطنية في "يونايت"، فقالت إنّ ظروف العمل على مسافة قريبة "ليست مبرراً" لتفشي المرض.

وقالت كلاركسون "صحيح أنّ ثمة صعوبات في الحفاظ على التباعد بين الموظفين في مواقع عدة، غير أن ذلك ليس مبرراً- خصوصاً أنّه جرى الإبلاغ عن حالات تفشٍ مماثلة في الولايات المتحدة وبلدان أخرى، على نطاق واسع".

ورأت أن "الأجور المنخفضة" و"عقود العمل التي تتضمّن شروطاً متدنية" يمكن أن يؤديا أيضاً دوراً في حدوث حالات تفشٍ في مصانع تجهيز اللحوم.

أضافت كلاركسون "يرفض كثير من أرباب العمل تقديم أيّ دعم ماليّ لأولئك الذين يشكون أعراضاً، لذا لا مناص من أن بعض الموظفين سيأملون ببساطة أنهم غير مصابين ويقصدون العمل. على أصحاب العمل واجب معاملة موظفيهم بشكل أفضل ووقف انتشار المرض".

بمقتضى القانون، يحصل العمال على بدل مرض قدره 95 جنيهاً إسترلينياً في الأسبوع، وذلك في حالات المرض، أو الاضطرار إلى عزل أنفسهم بسبب فيروس كورونا.

التفشي المتمركز في مصنع "كوبر لتصنيع اللحوم" في وست يوركشاير Kober meat-processing plant in West Yorkshire، أكّدته الشركة المالكة أسدا ASDA بعدما قال مات هانكوك، وزير الصحة البريطاني، في المؤتمر الصحافي في داونينغ ستريت (مقر الحكومة البريطانية) يوم الخميس الماضي إنّ تفشياً محليّاً ضرب منطقة كيركليس Kirklees.

قالت أسدا "بمجرد أن علمنا احتمال إصابة بعض الزملاء في موقع "كوبر" بـ"كوفيد- 19"، استجبنا سريعاً وتعاونا مع السلطة المحلية والصحة العامة في إنجلترا في سبيل خضوع جميع الزملاء للفحوص".

وفق كلام أسدا "لدينا تدابير سلامة صارمة قائمة يُعمل بها في الموقع؛ ولكن مع ذلك كإجراء وقائيّ، أغلقنا الموقع بإرادتنا لحماية الزملاء، ومنع أي انتقال آخر للعدوى. سيتلقى الزملاء الذين يحتاجون إلى عزل ذاتيّ أجراً كاملاً، ونسعى إلى إعادة فتح المنشأة في مطلع الأسبوع المقبل".

(تغطية إضافية من الوكالات)

© The Independent

المزيد من تقارير