Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حرية التعبير والصحافة في الجزائر بين تضييق السلطة والظروف القاهرة

"الإعلام الذي يكون بيد السلطة لن يؤدي دوره"

فريق صحافي خلال مهمة تغطية إعلامية (بي أكس هير)

تعيب المنظمات الحقوقية الدولية غير الحكومية استمرار التضييق على حرية التعبير والصحافة في الجزائر، على الرغم من سقوط نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وتصدر تقارير دورية تنتقد اعتقال صحافيين ومعاناة آخرين ضمن مؤسساتهم الإعلامية، ما جعل الحكومة الجزائرية في وضعية دفاع في كل مرة، إثر كشفها أسباب الملاحقات القضائية، وإجبارها على طمأنة الصحافيين إلى حل مشكلاتهم الاجتماعية والمهنية.

وفي مناخ من تصعيد القمع في الجزائر، قضت محكمة اليوم الأحد 21 يونيو (حزيران)، بسجن الناشطة السياسية المعارضة أميرة بوراوي سنة نافذة مع إيداعها الحبس فوراً، بحسب ما أفاد احد محاميها.
وأُدينت طبيبة النساء البالغة 44 سنة والأم لطفلين، بست تهم منها "إهانة رئيس الجمهورية" و"التحريض على التجمهر" و"التحريض على كسر الحجر الصحي" المفروض لمواجهة فيروس كورونا.
انتقادات دولية

ودعت منظمة "مراسلون بلا حدود" غير الحكومية، في آخر بيان نشرته السلطات الجزائرية، إلى "وقف توظيف العدالة لتكميم الإعلام". وأشار مدير مكتب شمال أفريقيا في المنظمة، صهيب خياطي، إلى أن "تضاعف الملاحقات بحق الصحافيين الجزائريين مقلق للغاية، ويشير إلى التدهور الصارخ لحرية الصحافة في الجزائر".

كذلك، أوضح فرع منظمة "العفو الدولية" في الجزائر أنه "يجب على السلطات الجزائرية أن توقف بشكل عاجل، الملاحقات القضائية التعسفية الهادفة إلى إسكات أصوات نشطاء وصحافيي الحراك، في خضم تفشي وباء كورونا".

وقالت هبة مرايف، مديرة المكتب الإقليمي لمنظمة العفو، "يجب الإفراج ومن دون قيد أو شرط عن كل النشطاء السلميين المحتجزين لمجرد التعبير عن آرائهم عبر الإنترنت وخارج الإنترنت، أو لأنهم ينادون بتغيير ديمقراطي"، مضيفةً، "الصحافيون يواجهون مضايقات بسبب ما أجروه من مقابلات، أو ما كتبوا من مقالات، أو ما قاموا به من تغطية إعلامية حول احتجاجات".

فشل الحكومة في ترقية الإعلام

في المقابل، اعتبر مدير تكنولوجيا الإعلام والاتصال في "أكاديمية آرشر" في لندن، صادق أمين، أنه "لا يمكن لعاقل على دراية بأجندات بعض المنظمات غير الحكومية، أن يقبل إدانة منظمة (مراسلون بلا حدود) لما تسميه تدهور حرية الصحافة في الجزائر، نظراً إلى ارتباطها بالإدارة الفرنسية المعادية أي تغيير في الجزائر لا يضمن هيمنة فرنسا على القرارات السياسية والاقتصادية والثقافية".

وتابع، في حديث إلى "اندبندنت عربية"، "هذه المنظمة وغيرها من الإعلام الغربي وحتى بعض العربي لا ينظر إلى الجزائر إلا من زاوية المعارضة الراديكالية، التي تتخذ من لندن وباريس مقرَين لها، وتمتلك من إعلام البروباغاندا المموَّل من دول تعادي مصالح الجزائر وجيشها".

ولفت أمين إلى أن "حرية الصحافة والإعلام لا تعني نشر الإشاعات والأخبار الكاذبة من أجل إثارة الفوضى وإسقاط دول، مثل ما حدث في العراق وليبيا"، مشيراً إلى أنه "حتى الساعة لم تضع السلطة الجديدة في الجزائر استراتيجية إعلامية ترقى إلى مستوى تطلعات الشعب وحراكه، وهو ما يعتبر فشلاً كبيراً لسلطة الرئيس عبد المجيد تبون". وأضاف "على الرغم من عدم رضا جزائريين كثر عن أداء بعض المسؤولين، فإن الغالبية تتفهم الظروف الاقتصادية والصحية الصعبة والتوترات الإقليمية التي تزامنت مع بداية حكم الرئيس تبون".

وأوضح "لا يمكن اعتبار بعض الناشطين الذين يريدون فرض منطِقهم من خلال الخروج في تظاهرات في زمن الحجر الصحي، معتقلي رأي، نظراً إلى ما تحمله مثل هذه التجمعات الشعبية من مخاطر تعريض البلاد لموجة ثانية من وباء كورونا تكون نتائجها وخيمة على صحة المواطنين والاقتصاد الهشّ". وختم "هذا التصرف غير المسؤول لا علاقة له بحرية التعبير، بل يضع أصحابه تحت طائلة قانون العزل الصحي المطبق في البلاد على غرار معظم دول العالم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


تفاخر

وفي وقت تفاخر السلطة بوجود انفتاح إعلامي، وتوسّع دائرة حرية التعبير، خصوصاً بعد "العادة" التي أقرّها تبون منذ تسلّمه منصبه، بتنظيم لقاءات دورية مع الإعلاميين لتناول مختلف القضايا والانشغالات المحلية والدولية، على عكس الرؤساء السابقين، إضافة إلى خروج الناطق الرسمي باسم الرئاسة محند أوسعيد ووزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة عمار بلحيمر، بشكل منتظم للتواصل مع الصحافيين على غير ما دأب عليه هؤلاء، لا تزال منظمات حقوقية دولية تجد "هفوات" لانتقاد الوضعية الكارثية التي يعانيها الصحافيون وتدهور حرية التعبير.
امتعاض جزائري

في السياق، رأى رئيس "مجلس الصحافيين الجزائريين" رياض بوخدشة، في تصريح إلى "اندبندنت عربية"، أن "وضعية الصحافة والصحافيين هي بالدرجة الأولى قضية داخلية، ولا يمكن لأي جهة خارجية أن تمنحنا حلولاً سحرية لما نريد الوصول إليه، سواء في ما تعلق بظروف العمل أو بتعزيز الحريات".

وأوضح، "مجلس الصحافيين الجزائريين باعتباره منظمة مهنية، يأمل من المنظمات غير الحكومية في العالم أن تلعب دوراً إيجابياً وعقلانياً مبنياً على المعطيات الحقيقية في الميدان، وعدم استغلال أوضاع الصحافيين الحقيقية في إثارة موضوعات ليست هي الأساس، وليست هي المطلوب التركيز عليها".

وزاد بوخدشة، "المجلس لا يجد مبرراً للاهتمام المركَّز لبعض المنظمات غير الحكومية على الجزائر، سوى محاولة خدمة أهداف تخصّها، لأن حلول القضايا المختلفة المطروحة في المشهد الإعلامي أو حتى على الساحة السياسية والحياة العامة، موجودة في الجزائر وبين الجزائريين"، مضيفاً "ما نطلبه من المنظمات الدولية هو حوار موسّع يفضي إلى صياغة مدوّنة مطالب يسري تطبيقها على كل دول العالم، لأن الوضع متشابه أو يكاد يتشابه في معظم الدول، ولا يوجد بلد خالٍ من النقائص، ويعيش تحت شمس ديمقراطية مكتملة الإشراق وبلا غيوم".
إعلام عمومي وليس حكوميّاً

بين التفاؤل والتشاؤم، قدّم الصحافي الجزائري في التلفزيون الألماني، رشدي شياحي، اقتراحات للنهوض بالإعلام في الجزائر، فشدد على أهمية تطبيق النموذج الألماني الذي يفصل الإعلام عن السلطة وتجاذبات السياسة، إضافة إلى إلغاء وزارة الإعلام.

وقال، في حديث إلى "اندبندنت عربية"، "الناظر إلى وضعية الإعلام في الجزائر لا يخفى عليه التخبط الذي يعانيه قطاع كان يُفترض أن يكون حرّاً في ممارسة مهماته النقدية والرقابية والتوعوية بكل حيادية"، مضيفاً "الإعلام الذي يكون بيد السلطة لن يؤدي دوره، ومن هذا المنطلق يجب أن يكون الإعلام في الجزائر ذا طابع عمومي، وليس حكوميّاً يخضع لرقابة آليات ليس للسلطة ولا الساسة دخل فيها".

المزيد من العالم العربي