Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مصر تلوح بخياراتها العسكرية وحكومة الوفاق تعتبرها تهديدا خطيرا

الرئيس المصري يعتبر تدخل بلاده المباشر في الجارة الغربية تتوافر له "الشرعية الدولية" ويعلن خطوطه الحمراء

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال تفقده الوحدات المقاتلة بالمنطقة الغربية العسكرية (متحدث رئاسة الجمهورية)

في مشهدٍ حمل بين طياته كثيراً من الرسائل العسكرية على المستوى الإقليمي، وفق توصيف متخصصين عسكريين، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في كلمة له اليوم السبت، بثّها التلفزيون المصري في أثناء تفقده وحدات الجيش المصري بالمنطقة العسكرية الغربية، إنّ تدخل مصر المباشر في ليبيا "بات تتوافر له الشرعية الدولية، وينطوي على أهداف"، مطالباً القوات المسلحة المصرية بـ"ضرورة الاستعداد لتنفيذ أي مهام داخل حدود البلاد أو خارجها إذا تطلب الأمر".

وتأتي تصريحات السيسي في وقت تواجه مصر تحديات على المستوى الإقليمي، يصفها متخصصون بـ"المصيرية للأمن القومي للبلاد"، لا سيما من جهة الغرب، حيث تحديات التدخل العسكري التركي في ليبيا دعماً لحكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج، ومن الجنوب حيث تعقّد مفاوضات القاهرة مع أديس أبابا حول سُبل ملء خزانات سد النهضة، وإصرار إثيوبيا على المُضي قدماً في إنهاء الملء، بغض النظر عن التوصّل إلى اتفاق من عدمه مع دولتي مصب نهر النيل (مصر والسودان).

في المقابل، رفضت حكومة الوفاق الليبية "بشدة" تلويح الرئيس السيسي بـ"تدخل عسكري مباشر" في ليبيا إذا واصلت قوات الحكومة المذكورة التي تعترف بها الأمم المتحدة التقدم نحو مدينة سرت الاستراتيجية والتي تسيطر عليها قوات المشير خليفة حفتر.

واعتبر عضو المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق محمد عماري زايد "كلمة السيسي استمراراً في الحرب على الشعب الليبي والتدخّل في شؤونه، وتهديداً خطيراً للأمن القومي الليبي وانتهاكاً صارخاً للأعراف والمواثيق الدولية".

الاستعداد لتنفيذ أي مهام

وخلال استعراض عسكري في الجهة الغربية للبلاد، أشاد الرئيس المصري بالحالة القتالية والقدرات العالية، التي أصبح يتمتّع بها جيش بلاده، الذي بات من أقوى جيوش المنطقة، حسب قوله.

وقال السيسي، "يوجد كثيرٌ من النشاطات تُجرى، ولا أحد يعرف عنها شيئاً بالمنطقة الغربية على كامل الحدود مع الدولة الشقيقة ليبيا. هناك نحو 1200 كيلومتر تؤمَّن منذ أكثر من سبع سنوات بالقوات الجوية والخاصة وحرس الحدود وقوات كثيرة أخرى"، مؤكداً أن جيش بلاده "رشيد، يحمي ولا يهدد، يُؤمِّن ولا يعتدي على أحد"، لافتاً إلى أنّ هذه هي "استراتيجية الجيش، وعقيدته التي لا تتغير"، على حد وصفه.

رسائل في الملف الليبي

وفي معرض حديثه عن الملف الليبي، أضاف الرئيس المصري، "أيّ تدخل مباشر من الدولة المصرية في ليبيا بات تتوافر له الشرعية الدولية، سواء في إطار ميثاق الأمم المتحدة، أو بناءً على السلطة الشرعية الوحيدة (مجلس النواب)، وستكون أهدافه الأولى حماية وتأمين الحدود الغربية من تهديدات المرتزقة وحقن دماء الشعب الليبي".

وأتت تصريحات السيسي غداة تلقي الأمانة العامة لجامعة الدول العربية طلباً من مصر، لعقد اجتماع افتراضي طارئ على مستوى وزراء الخارجية، من أجل بحث تطورات الأوضاع في ليبيا. ومن المتوقّع أن يُعقد الاجتماع خلال الأسبوع المقبل، وفق دبلوماسيين بالجامعة العربية.

 

وحسب السيسي فإنّ القاهرة "تقف اليوم أمام مرحلة فارقة تتأسس على حدودنا، حيث تهديدات مباشرة تتطلب منا التكاتف والتعاون ليس في ما بيننا فقط، لكن مع أشقائنا من الشعب الليبي والقوى الصديقة، للحماية والدفاع عن بلدينا ومقدرات شعوبنا من العدوان الذي تشنّه الميليشيات الإرهابية بدعم كامل من قوى تعتمد على الأدوات العسكرية، لتحقيق طموحاتها التوسعية على حساب الأمن القومي العربي، تحت رؤية كاملة من المجتمع الدولي". في إشارة إلى التدخل التركي في ليبيا.

وتدعم القاهرة قوات الجيش الوطني الليبي برئاسة المشير خليفة حفتر، الذي مُنيت قواته بعدة انتكاسات في نزاعها مع حكومة الوفاق الوطني التي تدعمها تركيا.

وأكد الرئيس المصري استعداد بلاده الكامل لتقديم الدعم للشعب الليبي، قائلاً "نحن في مصر نكنّ لكم احتراماً وتقديراً كبيرين، ولم نتدخّل في شؤونكم، ودائماً مستعدون لتقديم الدعم من أجل استقرار ليبيا، وليس لنا مصلحة سوى أمنكم واستقراركم"، معتبراً أن "تجاوز سرت والجفرة خط أحمر (حيث تدور معارك بين طرفي النزاع الليبي)، ولن يدافع عن ليبيا إلا أهل ليبيا، ومستعدون أن نساعد ونساند هذا".

وتابع، "يخطئ من يظن أو يعتقد أن صبرنا ضعف أو تردد، بل هو من أجل استجلاء الموقف، وإيضاح الحقائق، ويخطئ من يظن أو يعتقد أن عدم تدخلنا في شؤون الدول الأخرى انعزال أو انكفاء، بل نحن رأينا خلال السنوات الماضية أن التدخل في شؤون الدول قد يكون له تأثير سلبي في أمن واستقرار هذه الدول". مضيفاً: "عندما يتعلق الأمر الآن بالتطورات التي تحدث في ليبيا، ويعتقد البعض أنه يستطيع بقوة السلاح حسم المعركة في سرت والجفرة فهذا خط أحمر بالنسبة إلينا".

 

ومن جانبه، أكد قائد المنطقة الغربية العسكرية المصرية، أن رجال القوات المسلحة لديهم العزيمة والإصرار في هذه الفترة المهمة والحاسمة من تاريخ الوطن على تنفيذ جميع المهام التدريبية والعملياتية بكفاءة عالية، قائلاً "جاهزون لردع كل من تسوّل له نفسه مساس أمن مصر القومي".

وأضاف، "في إطار تفهمنا متطلبات الأمن القومي المصري والعربي ودور قواتنا المسلحة الرائد في تحقيقه، كنا وسنظل دوماً طليعة هذه الأمة في تحقيق أمنها القومي، في ظل الثقة العالية التي يضعها الشعب المصري في قواته المسلحة".

ومنذ سقوط نظام معمر القذافي في 2011 تشهد ليبيا حالة من الفوضى. ومنذ 2015 تتنازع سلطتان الحكم: حكومة الوفاق الوطني التي يرأسها فايز السرّاج ومقرها طرابلس (غرب)، وحكومة موازية يدعمها المشير خليفة حفتر بشرقي البلاد.

ولا يعترف حفتر بشرعية حكومة السراج التي تشكّلت بموجب اتفاق الصخيرات في المغرب، بإشراف الأمم المتحدة ديسمبر (كانون الأول) 2015، وشنّت قواته هجوماً في أبريل (نيسان) 2019، بهدف السيطرة على طرابلس.

وانتهى الهجوم باستعادة حكومة الوفاق، بمساعدة تركيا، غرب ليبيا بالكامل مطلع يونيو (حزيران) الحالي، واضطرار قوات حفتر إلى التراجع. وفي الأسبوع الأول من الشهر الحالي، وافق حفتر على مبادرة لحل الأزمة في ليبيا أعلنها الرئيس المصري، وتضمّنت وقفاً لإطلاق النار.

القاهرة تتمسّك بخياراتها الدبلوماسية مع إثيوبيا

وعن أزمة سد النهضة، إذ وصلت المناقشات بين القاهرة وأديس أبابا والخرطوم إلى طريق مسدود، قال الرئيس المصري، "أرى الشعب قلقاً من مسار المفاوضات، لكننا خلال سنوات طويلة جدّاً كنّا حريصين على التعامل مع هذا الموضوع من خلال التفاهم والتفاوض، وما زلنا متحرِّكين في هذا الاتجاه".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف، "عندما تحرّكنا إلى مجلس الأمن لإعطائه ملف سد النهضة فذلك بدافع الحرص منا أن نأخذ دائماً المسارين الدبلوماسي والسياسي إلى نهايتهما"، موجّهاً رسالته إلى إثيوبيا "أؤكد للشعب الإثيوبي، تحدثتُ معكم في البرلمان منذ خمس سنوات، وقلتُ نحن نقدّر التنمية في إثيوبيا، وأيضاً يجب أن تقدّروا الحياة في مصر، ووضعنا أساساً (لا ضرر ولا ضرار لبعضنا بعضاً). أرجو الرسالة تصل إلى كل الشعب الإثيوبي والقيادة الإثيوبية".

وتابع، "نحتاج إلى أن نتحرّك بقوة من أجل نهاية المفاوضات، والوصول إلى اتفاق من أجل إبراز إمكاناتنا باعتبارنا دولاً عاقلة ورشيدة في التعامل مع أزماتها، والوصول إلى حلّ يحقق المصلحة للجميع".

وأمس الجمعة، دعت مصر مجلس الأمن الدولي إلى التدخل من أجل استئناف المباحثات حول سد النهضة الذي تشيّده إثيوبيا على النيل الأزرق قرب الحدود مع السودان. وذلك بعد أن توقفت المفاوضات بشأن السد مرة أخرى الأسبوع الماضي، وذلك قبل أسبوعين من بدء تشغيله المتوقع.

وقالت وزارة الخارجية، في بيان، "اتخذت مصر هذا القرار في ضوء تعثّر المفاوضات التي جرت أخيراً حول سد النهضة، نتيجة للمواقف الإثيوبية غير الإيجابية".

وعقدت أحدث جولة من المباحثات في التاسع من يونيو (حزيران) عبر الفيديو، وجاءت بعد عقد جولة سابقة من المفاوضات في واشنطن انتهت من دون اتفاق في فبراير (شباط).

وتعتمد مصر بشكل شبه كامل على النيل في الحصول على ما يلزمها من المياه العذبة، وترى أن السد يمثل تهديداً وجودياً محتملاً، وتحرص على التوصّل إلى اتفاق ملزم قانوناً، يضمن الحد الأدنى من تدفق مياه النيل، وآلية لحل النزاعات، قبل أن يبدأ تشغيل السد. ويمثل المشروع الذي تبلغ تكلفته أربعة مليارات دولار محور مساعي إثيوبيا، كي تصبح أكبر مصدر للكهرباء بأفريقيا.

المزيد من متابعات