توصّل "المجلس الوطني الكردي" في سوريا و"أحزاب الوحدة الوطنية" التي يقودها "حزب الاتحاد الديمقراطي" إلى التوقيع على "رؤية سياسية مشتركة" ملزمة وتفاهمات أولية بعد اختتام المرحلة الأولى من مفاوضات "توحيد الصف الكردي" التي جاءت عقب إعلان الجنرال مظلوم عبدي قائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) مبادرته في هذا الخصوص، ورعته الولايات المتحدة عبر مبعوثها في التحالف الدولي السفير وليام روباك.
وجاء إعلان الاتفاق في بيان مشترك قُرأ باللغتين العربية والكردية في مدينة الحسكة بحضور أعضاء وفدي الإطارين الكرديين والجنرال عبدي والسفير روباك باعتبارهما راعيين الاتفاق.
وتطرّق "التفاهم الأوليّ" الذي يَعتبر "اتفاقية دهوك" التي وُقِّعت عام 2014 بين "المجلس الوطني الكردي" و"مجلس غربي كردستان" الذي كان يقوده "حزب الاتحاد الديمقراطي" أيضاً، أساساً له، إلى "الحكم والشراكة في الإدارة والحماية والدفاع ولمواصلة الحوار والمفاوضات الجارية بين الوفدين بهدف الوصول إلى التوقيع على اتفاقية شاملة في المستقبل القريب".
"الوحدة الكردية"
وجاء في البيان أنّ الوفدين أكدا "أهمية التعاون والوحدة الكردية في سوريا"، ورحبا بـ"الإنجاز كخطوة تاريخية مهمة نحو تفاهم أكبر وتعاون عملي، من شأنه أن يفيد الشعب الكردي في سوريا، وكذلك السوريون من كل المكونات".
وأشار الإطاران الكرديان، في بيانهما المشترك، إلى أن "هذه التفاهمات تشكّل خطوة أولى مهمة جرى الوصول إليها برعاية ومساعدة نائب المبعوث الأميركي الخاص للتحالف الدولي السفير ويليام روباك والقائد العام لقوات سوريا الديمقراطية الجنرال مظلوم عبدي".
وأعربا عن شكرهما وتقديرهما للجنرال عبدي على مبادرته للوحدة الكردية في سوريا وللرئيس السابق لإقليم كردستان العراق مسعود البارزاني والرئيس الحالي للإقليم نيجرفان البارزاني لـ"دعمهم وجهودهم من أجل الوحدة الكردية في سوريا". كما شكر المجتمعون في بيان "الولايات المتحدة على رعايتها ودعمها القويّ الوحدة الكردية، ودعمها لتحقيق مستقبل سوريا أكثر ديمقراطية وتعددية، إذ يُجرى احترام حقوق جميع مكوناتها".
وكان القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) مظلوم عبدي أعلن استعداده لرعاية حوار كردي - كردي بين الأطراف الكردية المتخاصمة، لا سيما "المجلس الوطني الكردي" العضو في "الائتلاف السوري المعارض"، والمدعوم من "الحزب الديمقراطي الكردستاني" في العراق، الذي يرأسه مسعود البارزاني، والطرف الآخر "حزب الاتحاد الديمقراطي" أبرز الأحزاب الممثَلة في الإدارة الذاتية لشمالي وشرقي سوريا.
"تقوية المعارضة"
وقال القيادي الكردي البارز آلدار خليل، عضو هيئة الرئاسة المشتركة لـ"حزب الاتحاد الديمقراطي"، "الخطوة جاءت لإنجاح مشروع الإدارة الذاتية، وتقوية جبهة المعارضة الديمقراطية في البلاد، وتوطيد العلاقات بين الأطراف الكردية"، مضيفاً أنه على الرغم من الدور القيادي لحزبه في المرحلة الراهنة فإن لهم شركاء سياسيين منذ تأسيس الإدارة الذاتية عام 2014، ما دفعهم إلى الاشتراك معاً في إطار "أحزاب الوحدة الوطنية"، التي تضم 25 حزباً كرديّاً، ما عدا أحزاب المجلس الوطني الكردي، وفق تعبيره.
وأشار خليل، في حديث خاص إلى "اندبندنت عربية"، إلى أنهم بانتظار تحديد اجتماعات المرحلة الثانية من الحوار الكردي من قِبل الجنرال مظلوم عبدي والمندوب الأميركي روباك، الذي وصفه بـ"المهتم والمتابع المفاوضات"، لافتاً إلى أن الملفات ستتمحور حول ما نصّ عليه "اتفاق دهوك"، الذي يتضمن إنشاء مرجعية سياسية كردية والموقف الكردي من مختلف القضايا السياسية الداخلية والخارجية.
وأضاف، "الهدف النهائي للمرحلة الثانية هو الوصول إلى اتفاق جديد وتطوير اتفاقية دهوك مع الأخذ بالاعتبار التطورات والمستجدات الحاصلة منذ توقيعها عام 2014".
ورفض القيادي الكردي الخوض في تفاصيل انعكاس الوصول إلى اتفاق نهائي على الوضع السياسي للإدارة الذاتية والمحافل الدولية وأطر المعارضة، متمنياً أن ينعكس إيجاباً على العلاقة مع الأطراف المعارضة السورية، وملف التفاوض مع النظام واللجنة الدستورية، وأن تسنح الفرصة للتعريف بحقيقة الإدارة الذاتية، لا سيما للائتلاف السوري المعارض عبر المجلس الوطني الكردي الذي هو عضو فيه.
وشدد خليل على أهمية وجود الجانب الأميركي ورعايته الحوار وإيجابيته في معالجة القضايا الشائكة وتقريب وجهات النظر، وتأثيرها في المواقف الدولية بما فيه الدور التركي، "التي ستتضح في المراحل المقبلة".
واستبعد القيادي في "حزب الاتحاد الديمقراطي" أن ينتهي الاتفاق بين الطرفين الكرديين إلى مشهد سياسي مشابه لإقليم كردستان العراق، حيث يسيطر الحزبان الرئيسان (الديمقراطي الكردستاني، والاتحاد الوطني الكردستاني)، موضحاً أنهم ليسوا بصدد تقاسم السلطة، متمنياً مشاركة المجلس الكردي في الإدارة الذاتية و"تطوير التجربة الديمقراطية في الإدارة الذاتية"، إضافة إلى عدم مساهمتهم في تشكيل قوة عسكرية ثانية مغايرة لقوات سوريا الديمقراطية أو إضعافها.
وختم خليل حديثه بأن "الوصول إلى الاتفاق بين الطرفين الكرديين سيساعد في تطوير مشروع (الأمة الديمقراطية)، إذ تشترك المكونات العرقية والدينية في الإدارة الذاتية لشمالي وشرقي سوريا، وسيكون ذلك عاملاً مساعداً لتطوير الشراكة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ضمان الاتفاق
من جهة أخرى، قال سليمان أوسو، سكرتير حزب "اليكيتي" الكردستاني، عضو المجلس الوطني الكردي، إنه يتمنّى أن تفضي هذه المفاوضات إلى نتائج إيجابية بالوصول إلى اتفاق مشترك "يتضمّن الشراكة الفعلية والمتساوية في كل المجالات الإدارية والعسكرية والأمنية والاقتصادية تخدم شعبنا، وتمدّ جسور الثقة بيننا وبين كل مكونات المجتمع السوري"، مضيفاً "مصلحة سوريا تقتضي توحيد جهود كل أطراف المعارضة مع الجهات الدولية والإقليمية لفرض حل سياسي ينهي معاناة السوريين".
وأشار أوسو، الذي ينتمي إلى "هيئة رئاسة المجلس الكردي"، إلى أن "المفاوضات الحالية برعاية الأميركيين، وهذا عامل مهم، إذ يضمنون تطبيق الاتفاق وهم قادرون إذا رغبوا في ذلك". وأضاف "الاتفاقات السابقة كانت جيدة وبرعاية الرئيس مسعود بارزاني، وفي التطبيق لم يلتزم حزب الاتحاد الديمقراطي، ولم يكن بإمكان الراعي فرضها" في إشارة إلى اتفاقَي هولير (أربيل) واحد واثنين واتفاق دهوك.
وشدد القيادي في المجلس الوطني الكردي على أنه "إذا كانت النيات صادقة وتوافرت الجدية سنتمكّن من الوصول إلى اتفاق"، ذاكراً أهم الصعوبات التي تواجه الوصول إلى اتفاق جديد من وجهة نظره وهي:
أولاً: إلى أي درجة يستطيع الطرف الآخر كفّ يد حزب العمال الكردستاني (ب ك ك) عن التدخل في شؤون الشعب الكردي في سوريا؟
ثانياً: خلال المرحلة السابقة، تشكّلت شريحة فاسدة هيمنت على بعض المفاصل الاقتصادية في الإدارة القائمة، وليس من مصلحتها قبول الشراكة، وستحاول بشتى الوسائل عرقلة هذه المسيرة، مضيفاً أن غالبية المؤيدين الإدارة الذاتية "ضحّوا بحياة أبنائهم لأجل الكرد وحقوق الكرد، والخيّرون هم الغالبية، وقادرون على الوقوف بوجه الانتهازيين والسماسرة". وأشار إلى أن الوصول إلى اتفاق سيساعد "في درء المخاطر الخارجية على شعبنا".
وحول الملفات التي سيطرحها المجلس في المرحلة الثانية، قال أوسو إنهم جاهزون للبدء بها، وينتظرون الطرف الراعي للمباشرة، موضحاً أنهم موعودون من قبل قيادة "قسد" بحل ملفات عالقة، مثل ملف المعتقلين والمفقودين والشراكة العسكرية، إلى جانب "ملف العلاقة مع (ب ك ك) الذي يُعد من الملفات المهمة أيضاً".
وختم سكرتير حزب "اليكيتي" الكردستاني حديثه إلى "اندبندنت عربية"، بالقول "على المتحاورين الاستثمار في جدية الجانب الأميركي الذي يرعى المفاوضات بين الطرفين الكرديين في ظل وجود مصالح متبادلة"، لافتاً إلى أن الأميركيين والغرب "لمسوا الجدية لدى الكرد، في العراق وسوريا، في محاربة (داعش) ورفض المجتمع الكردي قبول الأفكار المتطرفة التي تشكل خطراً على العالم برمته، وإن الكرد حلفاء صادقون يمكنهم التحالف معهم".
ترحيب أميركي
من جهتها، رحّبت سفارة الولايات المتحدة في دمشق بالتفاهم الأوليّ الحاصل بين الطرفين الكرديين، واصفةً إياه بـ"خطوة تاريخية مهمة نحو تفاهم أكبر وتعاون عملي"، وأن "التفاهم سيفيد الشعب الكردي السوري، وكذلك السوريون من كل المكونات".
وأضاف البيان الأميركي، الذي كُتب باللغات الإنجليزية والعربية والكردية، "التفاهم يرمز إلى خطوة أولى مهمة نحو تنسيق سياسي أكبر بين الفصائل السياسية الكردية السورية بدعم من الولايات المتحدة، وسيُسهم في حل سلمي للصراع السوري بموجب قرار الأمم المتحدة رقم 2254 من خلال المساعدة في توحيد جميع السوريين المعارضين نظام (بشار) الأسد".
تهديد تركي
في المقابل، أعلن وزير الخارجية التركي في حديث مع قناة "سي أن أن ترك" الخميس، رفض بلاده للاتفاق الاولي بين الطرفين الكرديين في سوريا، مشدداً على أن "أي طرف يتعاون مع وحدات حماية الشعب (القوة العسكرية الأبرز في قسد) سيصبح هدفاً مشروعاً لتركيا".
وأشار أوغلو الى أنه أبلغ قادة المجلس الوطني الكردي في سوريا في اجتماع في أنقرة في شهر فبراير الماضي، أن تركيا ستغير من شكل تعاملها مع المجلس في حال تعاونوا مع حزب الاتحاد الديمقراطي أو توحدوا معهم في اتفاق.