Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نواب يقرون بترسخ العنصرية في عمل الشرطة البريطانية

المملكة المتحدة تأكدت من تغلغل التمييز في مؤسسات إنفاذ القانون منذ أكثر من عقدين

عنصرية الشرطة البريطانية مرض قديم جديد (غيتي)

استمع نوّاب في مجلس العموم البريطاني إلى جزءٍ من تحقيق برلماني تناول الطريقة التي يُعامل بها السكّان من أصول إفريقية، وغيرهم من الأقليّات العرقية في المملكة المتّحدة. جاء في خلاصته أن روح العنصرية لا تزال "حيّة، لا بل ناشطة" في نهج عمل الشرطة في بريطانيا.

وقد أعلنت لجنة الشؤون الداخلية في مجلس النوّاب نتائج تحقيقها وسط احتجاجات حركة "حياة السود تهم" Black Lives Matter، التي أحيت الدعوات إلى إعادة النظر في الإجراءات المتعلّقة بعدم التناسب في المعاملة مع السكّان في المملكة المتحدة.

وكان قد مرّ 21 عاماً على صدور تقرير شهير عن مقتل المراهق الأسود ستيفن لورانس، خلص إلى أن العنصرية قائمة على مستوى مؤسّسة شرطة العاصمة، وغيرها من قوى الأمن البريطانية الأخرى.

وتحدّث نيك غلين الضابط رفيع المستوى الذي تقاعد من الشرطة في إفادته أمام أعضاء البرلمان، أنه قبل مغادرة الخدمة في العام 2015، تم استهدافه من جانب أحد زملائه بـ"افتراءٍ عنصري".

ورأى غلين أن "العنصرية ما زالت على قيد الحياة، لا بل ناشطة ضمن عمل الشرطة". وأوضح أن "هذه الأمور تحدث بشكلٍ يومي، ونحن نكذب على أنفسنا إذا كنّا نعتقد أننا أحرزنا تقدّماً هائلاً نحو إزالة العنصرية منذ صدور توصيات تقرير ستيفن لورانس".

 التقى بن بولينغ أستاذ علم الجريمة في "جامعة كينغز كوليدج لندن" مع غلين في القول، إنه بعد أكثر من عقدين من الزمن، "ما زالت الشرطة البريطانية عنصريةً من الناحية المؤسّسية".

واتّهم بولينغ الشرطة في بريطانيا بالفشل في الوفاء بوعودها بالقضاء على العنصرية، "من خلال السماح للسلوكيات المتحيّزة، وعدم مراعاة الآخر، والنمطية العنصرية"، وبالمضي في نهج عدم المساواة في المعاملة". وأشار إلى أن "السود، وأفراد الأقليّات العرقية الأخرى، ما زالوا عرضةً لمراقبة مفرطة من قوى الشرطة في وقتٍ لا يحظون فيه بالحماية الكافية".

وقد سعى قادة الشرطة البريطانية منذ وفاة الأميركي جورج فلويد، إلى تمييز نموذجهم القائم على "حفظ الأمن والنظام العام بالتوافق" عن النموذج المطبّق في الولايات المتحدة، وقالوا إن طريقة قتله قد "روّعتهم".

لكن كاترينا فرانش الرئيسة التنفيذية لمجموعة StopWatch التي تضمّ منظّمات من المجتمع المدني وناشطين، وجماعات حقوق الإنسان، وأكاديميّين، اعتبرت أن على المملكة المتّحدة أن تعترف بقضاياها الخاصّة المرتبطة بالاستخدام غير المتناسب للقوّة، وأعمال التوقيف، والتفتيش، ومسدّسات الصعق الكهربائي، إضافةً إلى الوفيات في الاحتجاز.

وأفادت فرانش في حديثها أمام نوّاب مجلس العموم خلال جلسة تقديم الأدلّة الأربعاء الماضي، بأن "عشرات الأشخاص لقوا حتفهم في بريطانيا، لذا يتعيّن علينا ألا نشتّت انتباهنا بما يحدث في الولايات المتّحدة، بل أن نتصرف بناءً على التوصيات التي كانت قد صدرت خلال الأعوام الثلاثين، أو الأربعين الأخيرة".

 حسب الناشطة في مجال حقوق المجتمع والأفراد، فقد ارتفعت في إبريل (نيسان) الماضي، نسبة أعمال التوقيف في لندن والتفتيش، إلى أعلى مستوى لها منذ نحو 7 أعوام. وتساءلت في المقابل، عمّا إذا كانت تلك الأعمال "متناسبةً" أثناء الإغلاق الذي فرضه تفشّي فيروس "كورونا".

وأوضحت أنها تلقّت تقارير عن توقيف عاملين أساسيّين من السود، والأقليّات العرقية الأخرى، لا سيما منهم سائقو سيّارات إسعاف ومعلّمون، "لاستجوابهم عن سبب خروجهم من المنازل مطالبين إياهم تقديم تبريراتهم".

وأضافت كاترينا فرانش قائلةً "ما شهدناه هو استهداف قامت به الشرطة لأناس يُصنّفون عمّالاً أساسيّين، كانوا يؤدّون واجباتهم، ويدعمون مجتمعاتهم المحلّية وعائلاتهم، وبعض أكثر الفئات ضعفاً في مجتمعنا. إننا نعتقد بقوّة أن السبب في هذا الاستهداف هو لون بشرتهم، والأفكار المسبقة بأن هؤلاء الناس لا يصلحون لشيء، بدلاً من اعتبارهم مواطنين يحترمون القانون".

وأيّدت الرئيسة التنفيذية لمجموعة StopWatch، النداءات المطالبة بإجراء "مراجعةٍ عاجلة" للغرامات المرتبطة بالإغلاق الذي فرضه فيروس "كورونا"، بعدما أظهرت بيانات الشرطة أنها تُعطى بشكلٍ غير متناسب للسود والآسيويّين. وأعربت عن اعتقادها بأن "المسألة لا تقتصر فقط على الأرقام، بل تشمل أيضاً تلك الوجوه، والتجارب الحياتية التي هي وراء إصدار هذه الغرامات. وقد شعر هؤلاء الناس أنه حتى في ظلّ أزمة وباءٍ عالمي، ما زال يُنظر إليهم بعين الشك، ولا يمكنهم مواصلة حياتهم اليومية".

"مجلس رؤساء الشرطة الوطنية" في المملكة المتّحدة، وعد بأنه سينشر تحليلاً للبيانات المتعلّقة بالعرقية التي قامت بجمعها 43 وحدةً من قوى الشرطة في إنجلترا وويلز، وذلك عند اكتمالها.

 أشار بن بولينغ أستاذ علم الجريمة في "جامعة كينغز كوليدج لندن" في المقابل، إلى أن تطبيق القوانين المتعلّقة بمواجهة انتشار فيروس "كورونا"، يبدو أنه "يتّبع نمطاً ظهر جلياً في مجالاتٍ أخرى من عمل الشرطة على مدى أعوامٍ عدّة، وقد أثّر بشكلٍ غير متناسب على مجتمعات السود، والأقليّات العرقية الأخرى". ووصف المناورات التي تقوم بها الشرطة عن طريق التوافق بـ "الطموحة"، وقد تم تطبيقها في المجتمعات الريفية والضواحي، لكن ليس في المدن، والتجمّعات الكبرى حيث أعداد الطبقة العاملة والأقليّات العرقية مرتفعة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وحين سُئل البروفيسور بولينغ عن السبب في فرض غراماتٍ أكثر على الأشخاص غير البيض لانتهاكهم قيود الإغلاق، قال إن قوى الشرطة في المناطق الريفية التي أصدرت معظم الغرامات قد تنظر إليهم على أنهم خارج إطارهم بحيث "لا ينتمون إلى المكان الذي يوجدون فيه"، وذلك بسبب الصور النمطية العنصرية المتنامية لدى الأفراد.

وأكد في المقابل، أن "الأدلّة المتعلّقة بالقوى الأخرى من الشرطة تشير إلى أن التمييز العنصري يكون في أعلى درجاته، حيث تكون السلطة التقديرية أوسع نطاقاً". وأضاف أن "عنصرية الشرطة هي التي أسهمت على مدى أعوامٍ عدّة في تشكيل أنماط العمل التي يعتمدها أفرادها في تحديد الأشخاص الذين يمكن أن يكونوا موضع شبهة، ويبدو أن هذا مؤشّر على ذلك".

وتحدّث نيك غلين الضابط المتقاعد من الشرطة عن وجود عدم مساواة أيضاً في أعمال التوقيف والتفتيش، وفي زيادة استعمال الشرطة لأسلحة الصعق الكهربائي، واستخدام القوة.

 ردّاً على سؤال عن ادّعاء وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل أخيراً بأن "الشرطة البريطانية هي محطّ أنظار العالم لأن عناصرها يعملون مع المجتمعات المحلّية وليس ضدّها"، أجاب "ينبغي ألا نؤخذ بالشعور القائل بأن الشرطة البريطانية هي الأفضل في العالم. أعتقد أننا نضحك على أنفسنا في هذا الصدد".

غلين الذي يعمل الآن مسؤولاً رفيع المستوى عن برنامج "مؤسّسات المجتمع المفتوح"Open Society Foundations التي أسّسها الملياردير جورج سوروس، كان في السابق كبير مفتّشي الشرطة في ليسترشير، وتولّى كذلك قيادة وحدات الأسلحة النارية، وعمل في مجال إصلاح ممارسات التوقيف والتفتيش التي تقوم بها أجهزة الشرطة. 

أما مارتن هيويت رئيس "مجلس رؤساء الشرطة الوطنية" فأعرب في مؤتمر صحافي عقده الأسبوع الماضي، عن "صدمة عناصر الشرطة بوفاة جورج فلويد في الولايات المتّحدة، مؤكّداً تعهّدهم بالتصدّي للعنصرية في المملكة المتّحدة.

واعترف هيويت بالواقع القائم قائلاً "نعلم أن هناك المزيد ممّا يتعيّن علينا القيام به، ونحن ما زلنا لا نعكس المجتمعات المحليّة كما نريد، ولا يزال هناك عدم تناسب في بعض أساليب الشرطة، والنتائج في جميع مفاصل نظام العدالة الجنائية البريطانية".

وأشار إلى "وجود مجموعة معقّدة من العوامل التي تقف وراء كلّ هذا التفاوت، وكثير من تلك العوامل يقع خارج نطاق الشرطة. إنها ليست مسائل يسهل حلّها، لكننا نريد أن نكون جزءًا من التغيير الذي يودّ الناس أن يروه في ما يتعلّق بموضوع الأعراق في المملكة المتّحدة، لذا نحن نصغي بشكلٍ جيّد، ونفكر مليّاً في ما يمكننا القيام به، وفي ما يمكن أن نفعله بسرعةٍ أكبر".

 كانت الحكومة البريطانية قد تعرّضت لانتقاداتٍ شديدة لإنشائها لجنةً جديدة معنية بمسألة عدم المساواة العرقية في البلاد، بدلاً من العمل بناءً على التوصيات التي قدّمتها مراجعاتٌ سابقة بما في ذلك "تقرير لامي" الصادر في عام 2017.

ويرى ديفيد لامي النائب عن حزب "العمّال" المعارض الذي أجرى المراجعة، وهو الآن وزير العدل في حكومة الظل، أن الخطط الهادفة إلى تهدئة الاحتجاجات المناهضة للعنصرية هي "مكتوبة وواضحة للعيان".

تبقى الإشارة أخيراً إلى أن التحقيق في الأدلّة الذي تجريه لجنة الشؤون الداخلية التابعة لمجلس العموم البريطاني، سيستمر مع تقديم قادة أجهزة الشرطة أدلّتهم الأسبوع المقبل.

© The Independent

المزيد من دوليات