Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

استقالات تهز "حركة النهضة" وأصوات تطالب برحيل الغنوشي

اتهامات إلى رئيسها لتفرده بالقرار و"تضخم الأنا"

الغنوشي حلّ المكتب السياسي لـ"حركة النهضة" في مايو 2020 وحوّله إلى مكتب تصريف أعمال (رويترز)

دخلت "حركة النهضة الإسلامية" إلى نادي الأحزاب التي تعاني نزيفاً من خلال الاستقالات والانشقاقات، بعدما احتفت بكونها الكيان السياسي الأكثر تماسكاً في تونس، ما بعد 2011.

وتتعالى الأصوات الاعتراضية داخل الحركة، تطالب بإبعاد رئيسها راشد الغنوشي، لتغوّله في إدارة الشأن الداخلي للحركة، وضرب الديمقراطية الحقيقية في تسيير شؤونها، وتقدم جيل جديد إلى الصفوف القيادية في الحزب، الذي يعاني محنة الحكم والغضب الداخلي.

تنامي موجة الغضب وتوالي الاستقالات هل يهدّدا تماسك "حركة النهضة"؟ وهل سيجبر هذا الوضع الطارئ زعيمَ الحركة على التخلي عن الرئاسة حفاظاً على رصيده الرمزي الذي اكتسبه خلال تاريخ الحزب في مختلف المراحل التي مرّ بها؟ وهل سيتم تكوين جبهة جديدة معارِضة للغنوشي؟

"حزب الرئيس وتضخم الأنا"

أعلن القيادي في الحركة عبد الرزاق حسين استقالته التي نشرها على "فيسبوك"، ووجّه فيها اتهامات عدة إلى الغنوشي، تتعلّق بـ"التفرّد في القرار داخل الحركة، وتضخّم الأنا والتوريث"، مشيراً إلى أن الحزب يتّجه إلى أن يكون "حزب الرّئيس"، وهو ما تسبّب في "تهميش مؤسّسات الحزب وإرساء ديمقراطية صورية" أنتجت فئة من "الأعضاء متماهية مع الرئيس تتخذ من الانتهازية أداة لتحقيق مآربها الذاتية".

وفيما توقّع القيادي المستقيل أن يفرز هذا الوضع "ديكتاتوريّة مقدّسة"، شدّد على توجّه الحزب نحو تصنيف كلّ من يعارض الزعيم (الغنوشي) ضمن المناوئين له".

ولم تعلّق "النهضة" على هذه الاستقالة. واتّصلت "اندبندنت عربية" بعدد من قادتها لتوضيح الموقف إلا أننا لم نحصل على إجابة.

ضمن الإسلام السياسي

يعتقد الصّحافي يوسف الوسلاتي، "بناءً على تاريخ الحركة، بأن الاستقالات فرديّة، وليست جماعيّة، وأنّ المستقيلين يبقون دائماً تحت غطاء الإسلام السياسي، وإمكانية عودتهم إلى الحركة تبقى محتملة، وبالتالي فهم في نهاية الأمر داخل المشروع نفسه، سواء كانوا داخل هياكل الحزب أو خارجه".

ويعتبر الوسلاتي، في حديث إلى "اندبندنت عربية"، بأنّ "ما يحدث في الحركة هي أصوات غاضبة ومتفاوتة الوزن، فاستقالة القيادي البارز عبد الحميد الجلاصي في مارس (آذار) الماضي، هي استقالة من الحجم الثقيل في الحركة، وكذلك الأمر بالنسبة إلى استقالة القيادي زياد العذاري، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019. ويتوقف عند استقالة زبير الشّهودي في سبتمبر (أيلول) 2019 وعودته إلى الحركة في مايو (أيار) 2020.

ويشدّد الوسلاتي على أنّ رئيس الحركة "يشفع له ثقله ورصيده الرمزي، الذي يميزه عن بقية قادة الحزب، ولا يمكن مثل هذه الأصوات الغاضبة أن تنجح في ثني الغنوشي على الاستمرار في تسيير الحركة، نظراً إلى قوة علاقاته الخارجيّة وخصوصاً في ما يتعلّق بالتمويل"، مشيراً إلى أنّ "حركات الاتجاه الإسلامي هي من أكبر التجمّعات المالية في العالم، والمال عنصر محدّد ومهم في الحركة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويلاحظ الوسلاتي أن الديمقراطية داخل الحركة صورية لا تختلف كثيراً عمّا كان يُسوِّقه الرئيس السابق زين العابدين بن علي، عن نظامه الذي يعتبره ديمقراطياً.

ويذكّر بأنّ الغنوشي حلّ المكتب السياسي في مايو الماضي وحوّله إلى مكتب تصريف أعمال، مبقياً على عدد من القيادات الموالية له. والغنوشي هو الحاكم بأمره في الحركة داخلها أو خارجها".

استقالات فردية

ويقلّل الكاتب صلاح الدين الجورشي، في تصريح إلى "اندبندنت عربية"، من أهمية الاستقالات في "حركة النهضة"، معتبراً أنها "استقالات فرديّة لا تؤثر في تماسك الحركة".

ويشير إلى "وجود قلق يسيطر على عدد من أبناء الحركة وإطاراتها، وهو أمر طبيعي في حركة عمرها نحو 50 سنة، ومرّت بظروف متغيرة، إلا أن الظرف الحالي استثنائي، لأن النهضة لم تعد في المعارضة بل في السلطة، وهي تحتاج إلى كل إطاراتها".

ويقرأ في "تعدّد الاستقالات إشارات إلى وجود أزمة تنظيمية وفكرية، لا بد من تحديدها واستخلاص الدّروس منها".

ويتوقّع الجورشي أن يشهد المؤتمر المقبل للحركة تجاذبات بين شقّ يرى ضرروة استمرار الغنوشي، وهو تيار في تزايد ويسعى إلى تعديل القانون الأساسي كي يبقى الغنوشي داخل الحركة، وشق يستند إلى القانون الذي ينصّ على ضرورة أن يفرز المؤتمر قيادة جديدة.

ويرى الجورشي أنه "في حال إجراء ذاك التعديل الذي يُبقي الغنوشي في رئاسة الحركة، يجعل النهضة تناقض نفسها وشعار الديمقراطية الذي ترفعه".

ويشدّد محدثنا على أنّ حركة النهضة، أصبحت كغيرها من الأحزاب، تشهد استقالات وتعيش محاولات يومية من أجل استعادة المستقيلين منها، معتبراً أنها استقالات فردية لن تمسّ بتماسك الحركة.

يُذكر أن مجموعة من أعضاء في الحركة أصدرت بياناً تحت اسم "الوحدة والتجديد" وطالبت الغنوشي بالتنحّي قبل نهاية العام الحالي. ودعت المجموعة إلى ضرورة عقد مؤتمر الحركة في موعده القانوني، قبل نهاية 2020، وإلى ضمان التداول القيادي بما يسمح بتجديد نُخبها، وذلك في إطار تجديد عميق للحركة استجابة لمتطلّبات الواقع وحاجات البلاد.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي