Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

منى طايع: نشأت في بيئة تقليدية وفرضت نفسي بالقوة

نصوصها تميزت بوعي واقعي وترى ان الانتاج لا يجعل من الدراما المشتركة لبنانية

الكاتبة الدرامية منى طايع (اندبندنت عربية)

انتهت الكاتبة منى طايع من كتابة مسلسلها الجديد، الذي سيعرض تحت عنوان مبدئي هو "أغرب من الخيال"، وهي تقوم حالياً بإجراء اللمسات الأخيرة فيه.

حبكة المسلسل تقوم على خطوط عدة ومتشابكة، وتركز فكرته الأساسية على قصة حقيقية لشاب يعيش في أميركا يقرر العودة إلى لبنان بحثاً عن والده، ولكنه يكتشف أن جده من رجال المافيا. وهناك أيضاً خط موسيقي لفنان بوهيمي تدخل مديرة أعماله إلى حياته وتنظمها، وتخلصه من تعاطي المخدرات، وتصالحه مع نفسه ومع والده، وخط ثالث لصاحبة مكتب محاماة، عاشت ماضياً قبيحاً مع رجل صاحب شخصية مثيرة للجدل، لكنه لا يلبث أن يدخل حياتها، ولا نعرف طوال عرض المسلسل ما إذا كان شريراً أم لا. وتم الاتفاق مع طوني بارود، للعب هذه الشخصية الجدلية، وتلعب روان طحطوح دور البطولة المطلقة، وهي ممثلة جيدة "لكنها تتعرض للظلم ربما لأنني خالتها،  تقول منى، وهي أثبتت نفسها ونحن بحاجة إلى ممثلات بعمرها ويشارك في المسلسل سينتيا مكرزل التي شاركت بـ"حبيبي اللدود" وبدرو طايع، أما دورالأم فليس مؤكداً حتى الآن من هي الممثلة التي يمكن تلعبه، ربما رلى حمادة أو كارمن لبس أو ورد الخال.

إلتقينا منى طايع، الممثلة القديرة التي انتقلت من التمثيل إلى الكتابة وحققت نجاحاً عبر الأعمال الدرامية التي كتبتها، وساهمت في ملء الفراغ الذي يشهده النص الدرامي في لبنان، بعدما دخل ميدانه متطفلون لا علاقة لهم بهذا الفن. منى خريجة معهد الفنون، وصاحبة خبرة عميقة وطويلة في حقل المسرح، ممثلة ومخرجة وكاتبة، رافقت أهم المسرحيين الطليعيين في لبنان وعملت معهم. وما يميز نصوصها أنها مكتوبة بعين تدرك أسرار الفن والتمثيل والإخراج، إضافة إلى عدم تغربها أو تقليدها النموذج الدرامي المستورد والمعمم الذي يقع كتّاب كثيرون في فخه.

لم تختر منى كما تقول، حتى الآن، اسم المغني الذي سوف يشارك في العمل، ويبدو أنها قررت مجدداً الرهان على اسم فنان معروف، بهدف تسويقه عربياً، كما فعلت مع رامي عياش بطل مسلسلها "أمير الليل"، مع أنها لم تحقق وقتها ما كانت تصبو إليه. وفي هذا الإطار تقول: "هناك مشكلة في التسويق مع أن رامي عياش نجم عربي، وباستثناء "الصبّاح" و"إيغل فيلمز"، لا يستطيع أي منتج آخر، بيع أعماله في الأسواق العربية. المسلسل لبناني، وربما يؤدي الدور المغني رامي عياش أو فادي أندراوس أو اسم ثالث، وهو يتناول مواضيع مختلفة كالفساد والرشاوى والمافيا".

هروب ومجتمع ذكوري

وعما إذا كانت ترى أن الدراما اللبنانية نجحت بالإضاءة على الواقع بشكل جدّي أم أنها تناولته بسطحية، تقول: "الأحداث التي تحصل في لبنان تسبقنا، وإذا كتبت مسلسلاً عن الواقع اللبناني لا أعرف كيف يمكن أن تكون نهايته، لذا نحن نهرب إلى الاجتماعي. مسلسل "بالقلب" طرح مجموعة قصص ومشكلات اجتماعية وكان أقرب إلى الواقع، وأيضاً "بردانة أنا". حتى مسلسلاتي التي فيها لمسة رومانسية كانت تطرح دائماً مشكلة اجتماعية عن المرأة. لست مع الأعمال المقتبسة من تركيا وإسبانيا وفنزويلا".

وتؤكد طايع أن الأعمال التي كتبتها عن المرأة تحكي عن تجربتها الشخصية، لكونها عانت من القمع في مجتمع ذكوري: "كلنا نعيش في مجتمع ذكوري. نشأت في بيئة تقليدية وفرضت نفسي بالقوة، ودفعت ثمن خياراتي في الحياة. منذ أن وعيت على الحياة، كنت أسأل: لماذا أخي وليس أنا ولماذا هناك أمور مفروضة عليّ في الحياة! عشت صراعاً مع والدي، وهو حاول استيعابي ولكن الأمر لم يكن سهلاً. حتى الفتيات المتعلمات في لبنان لسن واثقات من أنفسهن ويعتبرن أن الفتاة بحاجة إلى حماية الرجل. المجتمع الذكوري يسيطر حتى على عقلية  الإناث وهذا الأمر يعود إلى تربية الأمهات".

طايع التي هربت من البيت بعمر المراهقة، تتحدث عن الأثمان التي دفعتها قائلة: "دفعت ثمناً باهظاً في الحياة من خلال صراعي مع أهلي وفي علاقتي مع الرجل، فهو كان يمثّل أنه يتقبل تفكيري على أساس أنه مثقف لكن تبيّن أنه تقليدي ورجعي ومتخلّف. الرجل هو أيضاً ضحية تربية المجتمع المتخلف والذكوري، كما رواسب تقاليد قديمة لا يمكن التخلص منها بسهولة".

مشكلة وجودية

إلى ذلك، توضح أن عزوفها عن الزواج  وعدم الإنجاب كانا خيارين في حياتها، نتيجة مشكلة وجودية وصراع داخلي ويحث مستمر عن الحقيقة.

تصف طايع الزواج بالمؤسسة الفاشلة جداً التي يسيطر عليها الملل والروتين والواجبات الاجتماعية وتعقب: "حب الرجل أجمل ما في الحياة، ولكن ما فائدة الزواج إذا كنت قد قررت عدم الإنجاب. لكنني لا أنصح صديقاتي بعدم الزواج، لأنني أعتبر أن كل شخص حرّ باختيار الحياة التي يحب أن يعيشها". وفي المقابل، تؤكد أنها لم تجرب المساكنة، لأنها تحب أن تعيش وحدها وأن تتمتع بحريتها واستقلاليتها وأن تستقبل متى تريد الرجل والأصحاب.

من جهة أخرى، ورداً على سؤال حول ما إذا كانت الدراما اللبنانية قادرة على المنافسة عربياً، قالت: "مسلسل "أولاد آدم"  كان الأفضل في الموسم الرمضاني وكذلك "بالقلب"، لكن كيف يكون "أولاد آدم" دراما لبنانية طالما أن المخرج والكاتب سوريان، ويلعب بطولته ممثلان سوريان وممثلتان لبنانيتان. هو ليس حتى دراما مشتركة، بل دراما بمشاركة لبنانية. لست ضد المشترك إذا كان في وقته ومكانه، ولكني لا يمكن أن أصنف هذا العمل بأنه دراما لبنانية لمجرد أن الإنتاج لبناني. أما الأعمال المحلية، فهي متفاوتة، وأعمالي يمكن أن تنافس عربياً مثل "وأشرقت الشمس" و"أمير الليل" وحتى "حبيبي اللدود"، والأخير كان جيداً جداً ولكنه لم ينل حقه، لأنه عُرض في نهاية الموسم الدرامي، وبعد مرور 20 يوماً على متابعة الجمهور للأعمال الأخرى، عدا عن أنه تم الترويج له قبل 4 أيام من عرضه، مع أنه أول عمل درامي يتناول الحرب الأهلية، وطرح قضية مهمة جداً في وقتنا الحالي وفيها توعية للجيل الشاب. إلى ذلك، هناك مسلسلات لغيري قادرة على المنافسة عربياً وآخرها "بالقلب"، كما تلفتني كتابات كارين رزق الله، ولكن الدراما السورية توغل في الواقعية كـ"الولادة من الخاصرة" و"حتى نلتقي". وهذه الواقعية غير موجودة في الدراما اللبنانية، ربما لأننا لم نكن نعاني من مشكلات اقتصادية كبيرة ولا من مشكلة العشوائيات. مشكلاتنا تختلف عن مشكلات السوريين والمصريين، لكننا نعاني مشكلات اجتماعية، مثل قانون الأحوال الشخصية والمجتمع الذكوري والفوارق الاجتماعية وسواها".

ثغرة في النصوص

وعما إذا كان عملاها الأخيران "أمير الليل" و"حبيبي اللدود" خذلاها ككتابة، هي التي يعرف عنها بأن أعمالها مضمونة النجاح، تجيب: "أنا أعاني من مشكلة تسويقية، ولست أنا من يحضّر الدعاية لعمله، إلى ذلك هناك من قال لي أنه لا يستطيع أن يشاهد "حبيبي اللدود" بسبب معاناته مع الحرب والملاجئ والخطف والموت والقذائف، ولكنه مسلسل جدلي، وكنت أتوقع أن يحقق نجاحاً أكبر. أما "أمير الليل"، فهو تعرض للانتقادات لأنني أعاني من المحاربة. نصوصي لم تنتقد منذ أن كنت صغيرة جداً بل هي كانت محط إعجاب الجميع، ولكن في هذا المسلسل شعرت بالمحاربة منذ اليوم الأول، وطالت الانتقادات الساخرة حتى مشاهده الرائعة، مع أنه شعبياً حظي بنسبة مشاهدة عالية جداً. الحرب عليّ لم تكن من الكتّاب، بل من بعض المحطات والمنتجين، ولكننا ككتّاب متضامنون من أجل رفع مستوى الدراما اللبنانية لكي تتمكن من المنافسة عربياً".

متى تصبح الدراما اللبنانية قادرة على المنافسة عربياً؟ تجيب طايع: "عربياً الأسواق مقفلة في وجهنا، ما عدا "الصباح" و"إيغل فيلمز"، ومع احترامي لهما، فهما لا يثقان بالكاتب اللبناني، بل هما منفتحان على السوري، لكي يدعمهما عربياً، ولا مشكلة في ذلك، ولكن عليهما على الأقل أن يثقا بالنصوص اللبنانية. هما يتعاونان مع أهم المخرجين، ويسخيان على الإنتاج ويشارك في أعمالهما كبار النجوم السوريين واللبنانيين، ولكن هناك ثغرة في النصوص، وهي الأقل مستوى في أعمالهما ويجب أن يكون هناك وعي أكبر لأهمية النص".

المزيد من ثقافة