تزايدت التقديرات الأمنية الإسرائيلية بدخول الجبهة الجنوبية في تصعيد عسكري قد يكون مفتوحاً، بخاصة أنّ الأوضاع في قطاع غزّة باتت قابلة للانفجار. إذ أجرت حركة "حماس" في الفترة الأخيرة سلسلة تجارب على عتادها العسكري، وأطلقت صوب البحر صواريخ تجريبية وذلك ضمن محاولة تحسين قدراتها العسكرية.
في اجتماع مع وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، قدّرت قيادات عسكرية بأنّ الوضع في غزّة قابل جداً للانفجار، ومن الممكن أن يتطور إلى إطلاق صواريخ، وعودة المسيرات الشعبية بالقرب من السياج الحدودي الفاصل مع القطاع، ويأتي ذلك ضمن معارضة قرار ضم مستوطنات الضفة إلى الأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل، وعدم التزام تل أبيب تنفيذ بنود التفاهمات التي جرت بينها، و"حماس" بوساطة مصرية وأممية.
توتر واستعداد
وفقاً للتقديرات الإسرائيلية، فإنّ ضم المستوطنات في الضفة الغربية سيوقف مسار التسوية مع الحركة، التي ستجد صعوبة في إكمال المفاوضات، ما سيدفع إلى تصعيدٍ عسكري مع قطاع غزّة.
وبالفعل، انعكست هذه التقديرات على الميدان. ففي 15 يونيو (حزيران)، أطلق من قطاع غزّة صاروخ واحد على الأقل صوب مستوطنات غلاف غزّة، ورد الجيش الإسرائيلي على ذلك بقصف بنية تحتية تستخدم لنشاطات تحت الأرض تابعة لحركة "حماس". وتأتي هذه التطورات، بعد فترة وجيزة من قصف ثلاثة مواقع عسكرية للحركة، وفقاً للمتحدث باسم الجيش. ولم يقتصر التوتر في غزّة على ذلك، بل لم تغادر طائرات الاستطلاع الإسرائيلية سماء القطاع منذ ثلاثة أيّام أيضاً.
يقول القيادي في "حماس" حماد الرقب إن "التهديدات الإسرائيلية لم تتوقف ضد الفلسطينيين، بخاصة الفصائل المسلحة، ويعد ذلك ضمن الحرب الإعلامية، والتهديد الحقيقي لقطاع غزّة، ونحن نأخذ هذه التهديدات على محمل الجد، والفصائل جاهزة للرد على أيّ تصعيد عسكري مقبل، وإسرائيل لن تنعم بالهدوء طالما تقوم بجرائم في غزّة وتستمر في تهويد القدس، وتحاول ضم المستوطنات في الضفة الغربية إلى الأراضي التي تسيطر عليها".
تطور عسكري
في النطاق نفسه، أطلقت "حماس" سلسلة صواريخ تجريبية من قطاع غزّة باتجاه البحر، وذلك ضمن محاولات جناحها العسكري، كتائب القسام، إلى تحسين قدراته العسكرية. وترى الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أن تجارب الحركة الصاروخية تهدف إلى رفع كفاءتها، وقدرتها العسكرية، وتحسين مداها.
بحسب الجيش الإسرائيلي، فإنّ القيادة السياسية في تل أبيب هي التي منحت "حماس" فرصة لتطوير عتادها العسكري، حينما دخلت معها في مسار التسوية من خلال التفاهمات التي جرت أخيراً، ووفرت الهدوء للقطاع مقابل الهدوء في غلاف غزّة. لكن مصدراً في الجيش قال، في رده على ذلك، إن التفاهمات تنص على توقف الحركة عن بناء قدراتها العسكرية.
في المقابل، يقول الرقب "لن نأخذ إذناً من أحد لتطوير منظومة السلاح لدينا، وليس سراً على الإطلاق أن بناء القدرات العسكرية لحماس لن يتوقف لثانية واحدة".
ويوضح الرقب بأنّ السلاح الذي تطوره الحركة يهدف إلى تحرير فلسطين، لكن يمكن استخدامه في حال حصول تصعيد عسكري.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتقر "حماس" بأنّها طوّرت كثيراً قدراتها الصاروخية منذ انتهاء العدوان الأخير على قطاع غزّة عام 2014، وجاء ذلك على لسان رئيس الحركة يحيى السنوار في حديثه لوسائل الإعلام المحلية.
كانت حماس قد صنعت أوّل صاروخ محليّ عام 2001، واستمرت في تطويره حتى أصبح لديها ترسانة من الصواريخ، تقدرها إسرائيل بحوالي 30 ألف صاروخ، فيما رصدت إسرائيل أوّل تجربة صاروخية للحركة باتجاه البحر في 3 نوفمبر (تشرين الثاني) 2009، وقد وصل مدى الصاروخ حينها إلى 60 كيلومتراً.
لذلك، تعتقد إسرائيل أنّه في حال استمرار إطلاق صواريخ من غزّة صوب مستوطناتها أو البحر، فإنّها ستذهب حتماً إلى قرار قصف غزّة بالطائرات، أو الدخول في مواجهة عسكرية من أجل تدمير ترسانة سلاح "حماس". ويرى المحللون السياسيون الإسرائيليون بأنّ المواجهة مع غزّة باتت قريبة جداً.
الأطراف غير معنية بالتصعيد
لكن الباحث في الشأن الأمني والعسكري رامي أبو زبيدة يقول إنّ أطراف الصراع لن ترغب في الذهاب إلى مواجهة عسكرية، أو عمليات تصعيد وإطلاق صواريخ، فإسرائيل ترغب في استمرار الهدوء من أجل تنفيذ مشروعها في ضم المستوطنات، وكذلك "حماس" لا تريد المزيد من الخسائر لأهالي القطاع، بل تطمح إلى تحسين أوضاعهم المعيشية.
حول استمرار إطلاق صواريخ تجريبية صوب البحر، يرى أبو زبيدة بأنّ في ذلك رسائل إلى قيادة إسرائيل السياسية، بأن استمرار الضغط على غزّة يمكن أن ينقل المشهد إلى جولات عسكرية جديدة.
يشير أبو زبيدة إلى أنّ "حماس" طورت قدراتها الصاروخية من خلال اتساع مدى وصول الصاروخ، بالإضافة إلى زيادة قوة انفجاره، وتأثيره، ما جعل القبة الحديدية التي تصد الصواريخ غير قادرة على رصدها.
يتوقع أبو زبيدة أن لا تكون الحركة، من خلال قدراتها الصاروخية، قادرة على ردع عمليات الجيش الإسرائيلي، بل ستحتاج إلى السلاح المسير، ومنظومة الأنفاق البرية والبحرية.