Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خط الدفاع الأول في اليمن ينهار سريعا أمام كورونا

انعدام وسائل الحماية اللازمة للكوادر الصحية وإغلاق المستشفيات أمام المرضى

عندما يفتك فيروس كورونا بخط الدفاع الأول والوحيد في اليمن، الممثل بالأطباء، فهو مؤشر على مستوى الانهيار السريع الذي وصلت إليه المنظومة الصحية التي فشلت في مواجهة أولى طلائع الوباء في البلد الذي أنهكته الحرب.

ومنذ اكتشاف أول حالة إصابة مؤكدة بالفيروس مطلع أبريل (نيسان) الماضي، شهدت البلاد، وفاة حوالى 60 طبيباً وعاملا في المجال الصحي جراء إصابتهم بالفيروس، وهو عدد كبير مقارنة بالأرقام الكُليّة للعاملين في القطاع.

تأتي هذه التبعات المتسارعة في وقت أصبح فيه النظام الصحي شبه منهار، حيث أن نصف المنشآت تضررت إما جزئياً أو دمرت بالكامل بسبب النزاع، بحسب إحصائية لمنظمة اليونيسف، كما لم يتم دفع مرتبات العاملين في مجال الصحة على مدى الأعوام الماضية، فضلاً عن انعدام الأدوية والمعدات الطبية.

الأطباء يستغيثون

وعندما يستغيث الطبيب لإنقاذه من المرض، فهو مؤشر غير مسبوق يؤكد أن القطاع الصحي العامل في اليمن بات يرزح تحت وطأة الوباء القاتل الذي يحصد أرواح الجميع بوحشية مرعبة، بمعدل وفيات مرتفع جداً مقارنة بأعداد المصابين بحسب تأكيدات منظمة الصحة العالمية.
 
وأكد مصدر طبي يمني لـ "اندبندنت عربية" وفاة حوالى 60 شخصاً من الفرق العاملة في المجال الطبي في اليمن بسبب الفيروس الذي يواصل انتشاره السريع في ظل عجز السلطات الصحية ومنظمات الأمم المتحدة عن مواجهته.

وفي ترجمة لهذا الواقع الصعب، أطلقت نقابة الأطباء والصيادلة اليمنيين نداء استغاثة لمنظمات الأمم المتحدة المعنية بالوضع الصحي والإنساني في البلد، لإنقاذها من الموت اليومي الذي بدأ يحصد أرواح العشرات، وطالبت تزويدها بأدوات الوقاية اللازمة حتى يتسنى للعاملين متابعة الحالات المشتبه باصابتها بفيروس كورونا قبل أن ينهار القطاع الصحي، حسب تعبيرها.

وبحسب إحصائية كشفتها النقابة، فإن النسبة الأكبر لعدد وفيات الفرق الطبية تركزت في العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي، جاءت بعدها مدينة عدن (جنوب البلاد) التي يسيطر عليها "المجلس الانتقالي الجنوبي" ثم المدن الأخرى.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

المستشفيات مغلقة

تفوق كورونا أمام "الجيش الأبيض" اليمني، دفع بعدد من المستشفيات إلى إغلاق أبوابها أمام المرضى، الأمر الذي فاقم الكارثة الصحية. وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي الكثير من شكاوى المواطنين جراء إغلاق المستشفيات الحكومية والخاصة أبوابها خشية إصابتهم بالوباء، وهو ما تسبب بوفاة أعداد كبيرة من المرضى على أبواب المستشفيات.

والشهر الماضي، قال المتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، ينس لايركه، إن موظفي الإغاثة في اليمن يضطرون لرفض مساعدة الناس لأنهم لا يملكون ما يكفي من الأوكسجين الطبي أو إمدادات كافية من معدات الوقاية الشخصية.

تعتيم مستمر

وفي صنعاء، ودّع القطاع الصحي عدد من الكوادر الصحية المصابة بالفيروس بعد أيام عصيبة قضتها في مواجهة الوباء. يأتي ذلك فيما تواصل جماعة الحوثي تعتيمها المتعمد على عدد الحالات المصابة وأعداد الوفيات.

ودفعت الممارسات الحوثية مجموعة كبيرة من الناشطين اليمنيين وأطباء لمناشدة العالم بالضغط على الجماعة جراء إدارتهم السيئة للقطاع الصحي في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، لا سيما استمرارهم في التكتم على الحالات المصابة وطريقة دفن الوفيات، وحذر الناشطون أن هذه الإجراءات ستفاقم الكارثة الصحية التي تعصف بالبلد.

وهو ما دفع بعدد كبير من الأطباء إلى إصدار بيان يخلون فيه مسؤوليتهم جراء تداعيات تفشي الوباء. وقالت وزارة الصحة التابعة للحوثيين، في بيان، إنها تواجه الوباء وفق سياسة "لا تهوين ولا تهويل".

يذكر أنّ جماعة الحوثي أعلنت مطلع حزيران (يونيو) الجاري حالة الاستنفار والتعبئة الطبية الشاملة لمواجهة فيروس كورونا. 

وقال وزير الصحة بحكومة الحوثيين، طه المتوكل، إنه سيتم العمل على توفير الحماية الكاملة للكوادر الطبية بكل الإمكانات المتاحة، داعياً رجال الأعمال والمنظمات للقيام بواجبهم في توفير وسائل الحماية الشخصية للكوادر الطبية.

وأعلنت السلطات الصحية الإثنين تسجيل 23 إصابة جديدة بالفيروس ليرتفع العدد الإجمالي إلى 728 إصابة بينها  164 حالة وفاة و53 حالة تعاف، ولا تشمل هذه الإحصائية المناطق الخاضعة للحوثيين الذين لم يكشفوا عن عدد الحالات المصابة في المدن التي يسيطرون عليها.

نخشى على أسرنا

في تفسيره لسقوط هذا العدد الكبير للكوادر الصحية أمام الوباء، أرجع أخصائي أمراض القلب أحمد الربيدي، الأسباب إلى انعدام وسائل الحماية الطبية للكوادر الصحية العاملة في اليمن، وبالتالي إصابة الطبيب بالفيروس من أكثر من مصاب وهو ما فاقم الأعراض المصاحبة للمرض.

ويختتم الربيدي حديثه لـ "اندبندنت عربية" بحسرة قائلاً "نحن نعمل في بيئة غير صحية أبداً، ولم نعد نخشى على أنفسنا بقدر خشيتنا على أسرنا".

وكانت الحكومة اليمنية قد أعلنت عزمها إنشاء مستشفى بسعة 100 سرير لاستقبال حالات الإصابة بفيروس كورونا، دون إبداء المزيد من الإيضاحات حول موعد إنجازه.

من جانبها، قالت الناطق الرسمي باسم اللجنة الوطنية العليا لمواجهة كورونا، إشراق السباعي، إن انعدام وسائل الحماية الطبية اللازمة، هو السبب الأول في موت عدد كبير من الكوادر الطبية اليمنية بوباء كورونا.

وأوضحت السباعي خلال حديثها لـ "اندبندنت عربية" أن مستلزمات الحماية الطبية من ألبسة وعوازل العيون والكمامات ذات المعايير الطبية لا تتوفر لدى الطواقم الطبية، غير المصنّع محلياً وهي وسائل غير كافية تسببت بإصابة عدد كبير من الكوادر الطبية بالوباء.

وبلغة خوف وحسرة، ناشدت السباعي المجتمع الدولي والمنظمات الصحية الإيفاء بوعودها وتخصيص جزء من تعهدات المانحين لدعم جهود القطاع الصحي الذي وصفته بالمنهار، لمواجهة الفيروس القاتل.

وأضافت "نسمع الكثير من الوعود لكننا لم نلمس شيئاً منها حتى اللحظة، وهو ما ينذر بكارثة صحية". وتابعت "في اليمن فقط، يضطر الطبيب لغسل الكمامات والملابس العازلة لإعادة استخدامها، وهو أمر مخالف لمعايير السلامة المهنية".

وتساءلت: "هل ينتظرون منا أن نلجأ لقرصنة المواد الطبية العابرة في المياه الدولية كما فعلت بعض الدول؟".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي