Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عطلة نهاية الأسبوع... المصريون يديرون ظهورهم للترفيه عن النفس

الزحام يحيل بين أفراد الأسرة... ودعوات السوشيال ميديا تجدد البهجة

التجمعات العائلية في عطلات نهاية الأسبوع بدأت تتآكل. (حسام علي. إندبندنت عربية)

بين من "يخرج بالعيال ساعتين" متوجهاً إلى كورنيش النيل على ظهر موتوسيكل، وبين من يقلع بالسيارة ليلهو صغاره على رمال العين السخنة شتاءً، وشاطئ الساحل الشمالي صيفاً منظومة واحدة اسمها عطلة نهاية الأسبوع أو"الويك إند"، التي لم يعد المصريون يلقون لها بالا.

الـ"ويك إند" في مصر ليس كأي عطلة نهاية أسبوع أخرى في العالم، فإذا كانت العطلة الأسبوعية هي للراحة والفسحة، وقليل من الخروج مع بعض الترفيه، فإنها في مصر كثيرًا ما تتحول إلى مجرد وعود لا تتم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

النوايا وحدها لا تكفي

تقول منال، أم لأربعة أبناء في مراحل التعليم الابتدائي والإعدادي، وزوجة لرجل يعمل موظفا بالنهار وسائقا بالليل: "في كل أسبوع نستعد والأولاد لفسحة يعدنا بها أبو الأولاد، ونظرا لانشغاله الدائم تظل الفسحة مجرد حلم، ويظل الاشتياق لفسحة دائما، فلم تعد النية تغني عنها بعد مرور ما يزيد على ثمانية أشهر من تأجيل الخروج بعطلة نهاية الأسبوع".

نهاية الأسبوع تمثل الكثير للجميع؛ فبين أماني الاستيقاظ دون منغصات المنبه، ومكدرات الطريق، والعمل الذي لا ينتهي، وترقب ملهوف للقاء الأصدقاء، أو الانطلاق في الصحراء حيث رحلة سفاري أو الانغماس في العين السخنة حيث جولة غطس وغوص، تأتي عطلة نهاية الأسبوع التي لا تفرق كثيراً عن باقي أيام الأسبوع، وعلى هذا النحو تدور منظومة "الويك إند" في مصر.

المنظومة ذاتها عجيبة في بعض أركانها، وغريبة في العديد من مكوناتها. ويمكن القول إن الركن الوحيد شبه الثابت فيها هو يوم الجمعة. فباستثناء بعض المهن والأعمال التي لا يفرق طبيعة عملها بين يوم جمعة أو غيره، بينها مهن مثل الشرطة والجيش وهيئات الإسعاف وطوارئ المياه والغاز والكهرباء، يعرف الجميع أن نكهة يوم الجمعة في الأجواء منذ ليل الخميس الذي صاحبه سهر وصخب وزحام؛ إنه مساء الخميس وليلة الجمعة.

أما صباح الجمعة يوم العطلة المتفق عليه بإجماع شبه كلي، فلا آثار تذكر له، إلا القليل النادر. لكن في القليل النادر مزيدا من التفاصيل، التي تلقي الضوء على موقف المصريين من منظومة العطلة الأسبوعية.

في القاهرة، تشهد مناطق مثل كورنيش نهر النيل، وعدد من الحدائق المفتوحة للجمهور دون مقابل أو بتذاكر رخيصة نسبياً مظاهر خروج لبعض العائلات ومجموعات من الشباب والفتيات. لكنها تظل محدودة.

عطلة كلاسيكية

سليمان محمود، موظف الأمن، أعلن عن حنينه إلى عطلة نهاية الأسبوع التي فَقدت رونقها، فقد كانت موجودة تحت مسمى مختلف هو "يوم الجمعة". كما كان يتم الاحتفاء بها، ولكن في داخل البيوت، وتحديداً عبر تجمعات الأسر الممتدة. كان الطبيعي أن يتجمع الخالات والعمات والجدود والأبناء والأحفاد في بيت أحدهم في كل يوم جمعة.

لكن "يوم الجمعة" تغير وتبدل. تقول كاميليا مصطفى (55 عامًا) إنها لا تتذكر متى توقفت عادة التجمعات الأسرية؟، لكنها لا تستطيع تحديد آخر مرة حضرت أحد هذه التجمعات.

تضيف كاميليا: "جيل الآباء والأمهات بدأ يتآكل. والأبناء والبنات تزوجوا، ولدى كل منهم جبل ثقيل من المسؤوليات والمهام والمشكلات، ناهيك بالطبع عن تمدد القاهرة وتوسعها، حتى أصبح البعض يسكن في داخل القاهرة الكبرى، ولكن على بعد عشرات الكيلومترات وهو ما يعني ساعات مرورية كثيرة بفعل الازدحام والاختناق. لذلك نفضل قضاء الويك إند في البيت".

"قضاء الويك إند في البيت أسرع طريق للأمراض النفسية والمشكلات الأسرية والمزيد من الضغوط الحياتية. ويخطئ البعض الذي يعتقد أن الفسحة في عطلة نهاية الأسبوع تفاهة أو رفاهية، بل العكس هو الصحيح. هي علاج ووقاية من الأمراض". هكذا يدق أستاذ الطب النفسي الدكتور خليل فاضل جرس الإنذار أمام كل غافل لعطلة نهاية الأسبوع وسط أسرته.

 يقول فاضل: "أنصح مرضاي بالمشي على الكورنيش، لست ساحراً وهم ليسوا مجانين (مختلين)، هم في حاجة إلى ترفيه للنفس يقيهم شرور الجسد".

ويضيف فاضل: "الناس تحتاج مفرحات النفوس؛ تخرج، تمشي، تتنفس. أنصح مرضاي بالمشي على كورنيش النيل، وأن تسر عيونهم برؤية المراكب الشراعية، والبهجة التي تسري بين الجموع".

ورغم المقاومة العاتية التي يبديها المترددون على العيادة النفسية كلما طلب الطبيب المعالج أن يروِّحوا عن أنفسهم وأسرهم في عطلة نهاية الأسبوع، ونعت الكثيرين منهم هذا العلاج بـ"التافه"، فإن فاضل لا يكل من وصيته هذه لهم.

يتابع فاضل: "أواجه المترددين على عيادتي بأن القعدة على القهوة ما هي إلا هروب من البيت. وليست وسيلة لتمضية عطلة نهاية الأسبوع. في عطلة نهاية الأسبوع يجب أن يخرج الناس إلى الهواء الطلق، الناس في مصر لديهم مقاومة شديدة للتغيير وكأنهم يستخسرون الفرحة أو يقلقون من البهجة".

البهجة آتية لا محالة

في السنوات القليلة الماضية، بزغت ظاهرة جديدة وضعت رؤية جمالية لعطلة الأسبوع في مصر، مجموعات عديدة على "واتسآب" بالإضافة إلى صفحات يتم تدشينها على "فيسبوك" حيث يتجمع أصحاب العقول والقلوب المتناغمة. فهذه مجموعة تستكشف القاهرة في كل يوم جمعة؛ مرة القاهرة الإسلامية، ومرة القبطية،  ومرة الحدائق العامة، ومرة ما تبقى من أسبلة، وهلم جرا. وهذه صفحة تجمع هواة التصوير الفوتوغرافي. وتلك تجمع هواة قيادة الدراجات الهوائية، والمجموعات تتزايد والصفحات تتصاعد، وأعداد المستمتعين بعطلات نهاية الأسبوع تتضاعف.

يقول دكتور خليل فاضل أن التنوير قد يأتي عبر مجموعات صغيرة، سواء في الأحياء التي ما تزال تتمسك بطابعها الاجتماعي المتناغم المتقارب، أو عبر مجموعات افتراضية تجمع أصحاب الميول المتقاربة. ويختم حديثه: "ما أحوجنا إلى التنوير، ولتكن البداية من الترفيه. يكفي أن عطلة نهاية الأسبوع أشبه بترموتر لقياس درجة الصحة النفسية للشعوب".

المزيد من منوعات