Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

111 صورة فضائية تثبت تفشي كورونا في ووهان منذ أكتوبر الماضي

الخارجية الصينية تهاجم دراسة أعدها باحثو جامعتي هارفرد وبوسطن وتصفها بـ"المضللة والمليئة بـالنواقص"

أمام أحد المستشفيات في ووهان (غيتي) 

وجد فريق من الباحثين من جامعتَيْ هارفارد وبوسطن، عاينوا حتى الآن أكثر من 111 صورة فضائية للمرافق الطبية في المكان الذي بدأت فيه جائحة فيروس كورونا، أدلة جديدة حول فترة ظهور الفيروس. وتظهر صور لأقمار صناعية ازدحاماً أكثر من المعتاد في المرافق الطبية في مستشفيات ووهان في أغسطس (آب) من العام الماضي، حيث أحصى الباحثون 171 سيارة متوقفة في مستشفى ووهان تيانيو في أحد الأيام في أكتوبر (تشرين الأول) 2018، وبالمقارنة مع اليوم ذاته عام 2019، كانت هناك 285 سيارة، أي بزيادة قدرها 67 في المئة. وقد نُشر هذا الاستنتاج في موقع "علم الأوبئة الرقمي" هذا الأسبوع ، مِمّا زاد الشكوك في أن الفيروس تفشّى بين الأفراد في وقت أبكر مِمّا كان يُعتقد سابقاً، بحسب ما أوردته صحيفة "الديلي ميل" البريطانية.

وزارة الخارجية الصينية سارعت إلى مهاجمة الدراسة ووصفتها بأنها "مليئة بالنواقص" و"ملفّقة بشكل فادح" كجزء من مؤامرة أميركية لخلق ونشر معلومات مضلّلة عمداً ضد الصين.

من المعروف، أن بكين أُبلغت رسميا عن أول مجموعة من الحالات عشية رأس السنة الجديدة. وأخبرت منظمة الصحة العالمية لاحقاً أن الأعراض الأولى لهؤلاء المرضى تعود إلى تاريخ 8 ديسمبر (كانون الأول) 2019.

بدأ المرض ينتشر في الخارج في منتصف يناير (كانون الثاني)، وفقًا لتقارير إخبارية، مع الحالات المسجلة في الولايات المتحدة في 21 من الشهر ذاته وفرنسا في الـ24 منه وإيطاليا في 31 يناير.

كان هذا أيضاً هو اليوم الذي ظهر فيه اثنان من المواطنين الصينيين سجّلوا إصابات مؤكدة بالفيروس في يورك، (ما جعلهم من بين الحالات الأولى المؤكدة في المملكة المتحدة (على الرغم من أنهم أُصيبوا بالفيروس في الخارج)، فقد حُدّدت الحالة الأولى البريطانية الفريدة من نوعها لستيف والش، من برايتون، في 6 فبراير (شباط). وسُجّلت أول حالة انتقال مؤكدة في المملكة المتحدة في مدينة سري في 28 فبراير.

ومع ذلك، هناك ادّعاءات متزايدة - لا تقتصر على دراسة الأقمار الصناعية - بأنه ربما قد يكون فيروس كورونا قد تفشّى في وقت أبكر بكثير. ويظهر العلماء في بلدان أخرى أدلّة جديدة على أن كوفيد-19 ظهر على شواطئهم في وقت أبكر مِمّا كان يُعتقد.

صيف ووهان

حدّد "علماء الأوبئة الرقمية" من جامعتي هارفارد وبوسطن، ارتفاعاً واضحاً في حركة المركبات خارج المستشفيات في المدينة الصينية، ابتداء في أواخر أغسطس من العام الماضي.

ويقول الباحثون إن الأمور بلغت ذروتها في منتصف ديسمبر، عندما كان التفشّي المحلي في ذروته. وتزامن الازدحام المتزايد في مواقف السيارات بالمستشفيات في هذه الفترة مع ارتفاع ملحوظ في عدد مستخدمي الإنترنت المحليين الذين يستعملون محرك البحث Baidu للبحث عن مصطلحَيْ "السعال" و"الإسهال".

استعان الباحثون بـ"علم الأوبئة الرقمي" ووجدوا أن  171 سيارة توقفت في مستشفى ووهان تيانيو في أكتوبر 2018 وفي اليوم ذاته عام 2019 كانت هناك 285 سيارة بزيادة قدرها 67 في المئة

رياضيون زاروا ووهان أصيبو بأعراض الوباء

في دراسة نُشرت هذا الأسبوع، يجادل الفريق الأميركي بأن النتائج التي توصّلوا إليها "تؤكد الفرضية القائلة بأنّ الفيروس ظهر بشكل طبيعي في جنوب الصين وكان من المحتمل أن يكون منتشراً بالفعل في مدينة ووهان التي تفشّى فيها الوباء في رأس السنة الصينية".

وتقول "الديلي ميل" أنه من الواضح إن هناك مستوى من الاضطراب الاجتماعي حدث قبل فترة وجيزة مِمّا تم تحديده سابقاً على أنه بداية جائحة فيروس كورونا.

لا يتّفق الجميع مع هذا الاستنتاج، ولكن نتائج الدراسة لم تُراجَع من قبل آخرين، وعلى الرغم من أن الفريق تمكّن من دراسة 111 صورة فضائية، كان من المستحيل إجراء مقارنات في بعض الأيام بسبب الغطاء السحابي.

ويعتقد منتقدون لهذه الشكوك بأن نوع المرافق الطبية الموضَحة في بعض الصور قد يقوّض هذه الأطروحة، إذ كان عددٌ كبيرٌ منها يعود إلى مستشفيات للأطفال. وكما يشير كيث نيل، أستاذ الأمراض المعدية الفخري في جامعة نوتنغهام، فإنّ "الشباب ببساطة لا يتم إدخالهم إلى المستشفى بسبب الفيروس".

لكن من المرجح أن يؤدي الوباء المتزايد إلى نقل المرضى من أماكن إلى أخرى، ما يزيد الضغط على جميع أجزاء النظام الطبي.

في الخريف الماضي وصل حوالى 10000 رياضي من أكثر من 100 دولة إلى ووهان لمدة تسعة أيام للتنافس في دورة الألعاب العسكرية العالمية، وهي نوع من الألعاب الأولمبية. وعقب تفشّي الوباء بعد أشهر، تذكّر كثرٌ منهم كيف أُصيبوا بالمرض خلال هذا الحدث في أكتوبر (تشرين الأول)، وعانوا من أعراض تشبه تلك التي ترافق الإنفلونزا ومماثلة لتلك المرتبطة بفيروس كورونا.

وكشفت وزارة الدفاع الإسبانية عن أن أربعة على الأقل من وفدها أُصيبوا بمرض خطير للغاية في ووهان. وقال أحدهم لصحيفة "إل موندو": "لقد أخذت السلطات الأمر على أنه التهاب في الحلق أو إنفلونزا وعاملونا كما لو كنّا قد شُفينا بالفعل". ثم قدّم بعض أعضاء الفريق الفرنسي تقارير مماثلة.

وصرّحت إلودي كلوفيل، بطلة العالم الخماسية، في مقابلة تلفزيونية: "كنّا في ووهان في نهاية أكتوبر وبعد ذلك مرضنا جميعاً. فيما غاب فالنتين (زميل لها) عن التدريب لمدة ثلاثة أيام، كان مريضاً أيضاً... أعتقد أنه كان فيروس كورونا".

وتذكّرت لاعبة الكرة الطائرة الألمانية جاكلين بروك: "مرض بعض الرياضيين من فريقي. مرضتُ في اليومين الماضيين. لم أشعر أبداً بالمرض الشديد - إما كان البرد سيّئاً جداً أو كوفيد-19".

وأجرى المبارز الإيطالي ماتيو تاجلياريول، مقابلة زعم فيها أن جميع سكان شقته الرسمية الستة في المدينة أُصيبوا بأعراض "تبدو مثل أعراض الفيروس".

وبعد ستة أسابيع من تقديم الرياضيين ادّعاءاتهم للمرّة الأولى، يبدو أن أيّاً منهم لم يثبت وجود أضداد إيجابية للأجسام المضادة التي يُتوقّع العثور عليها في أحد الناجين الحقيقيين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

القضايا "التي تم تأكيدها" بعد يوم واحد

كشفت بكين عن الأزمة في ليلة رأس السنة الصينية، وتصرّ على أن أقرب تاريخ للحالات المسجلة بدأ في 8 ديسمبر.

لكن بيانات حكومية سرّية تسرّبت إلى صحيفة "ساوث تشاينا مورنينغ بوست" في هونغ كونغ تشير إلى أن تفشّي المرض بدأ قبل شهر تقريباً.

وتفيد الوثائق التي شاهدتها الصحيفة بأنّ الحالة الأولى المؤكدة يمكن تتبّعها حتى 17 نوفمبر (تشرين الثاني)، بعد أقل من أسبوع من "يوم العزّاب"، وهو عطلة عامة عندما يخرج الشباب والشابات عادةً بحثاً عن شريك.

أشعة سينية مشبوهة

في غضون ذلك، توصّل علماء فرنسيون، أثناء بحثهم عَمّا يُسمى في بلدهم "المريض صفر"، إلى دليل على أن الفيروس ربما وصل إلى أوروبا في الوقت الذي بدأ ينتشر في هوبي.

ويقود الدكتور ميشال شميت، من مستشفى ألبرت شفايتزر في كولمار، شمال شرقي فرنسا، فريقاً من الباحثين الذين يفحصون آلاف الأشعة السينية على الصدر التي التُقطت في أواخر عام 2019. وقد تمكّنوا حتى الآن من تحديد فحصين "متّسقين" مع أعراض كوفيد-19 يعودان إلى منتصف نوفمبر.

وأفادت الصحيفة في مارس (آذار) بأن شخصا يبلغ 55 سنة من مقاطعة هوبي (المنطقة التي تحتوي على ووهان) ربما كان أول شخص أُصيب بالفيروس.

منذ ذلك التاريخ فصاعداً، كان يُبلّغ عن حالة واحدة إلى خمس حالات جديدة كل يوم. وبحلول 15 كانون الأول (ديسمبر)، أصبح إجمالي عدد الإصابات 27 حالة. ثمّ أُفيد عن أول ارتفاع يومي من رقمين في 17 ديسمبر، وبحلول 20 ديسمبر، بلغ العدد الإجمالي للحالات المؤكدة 60 حالة.

وقال التقرير إن ما لا يقلّ عن 266 شخصاً أُصيبوا بحلول نهاية ديسمبر، مؤكداً أن الحالات التسع الأولى التي حُدّدت في نوفمبر - أربعة رجال وخمس نساء تتراوح أعمارهم بين 39 و79 سنة - لم يتم تصنيف أي حالة على أنها "المريض صفر"... لذا من الممكن أن تعود الحالات الأخرى غير المحدّدة حتى الآن إلى أبعد من ذلك.

حتى لو كان هذا صحيحاً، لا يعني بالضرورة أنه تمت تغطية تفشي المرض في نوفمبر، على الرغم من أن المرض ربما كان يتمدد في ذلك الوقت، إلّا أنّ عددا من الأعضاء في المجتمع الطبي الصيني يقولون إن الأطباء أدركوا فقط أنهم يتعاملون مع مرض جديد في منتصف ديسمبر.

وأوضح الدكتور ميشال شميت في بيان صحافي أن الحالة الأولى لوحظت في مركزنا يوم 16 نوفمبر. وأُخذت الحالة الأخرى بعد يومين. وباستخدام الطريقة ذاتها، حدّد فريق شميت أيضاً 12 حالة محتملة للفيروس في ديسمبر و16 في يناير.

أُعلنت النتائج التي توصّل إليها الفريق في مايو (أيار)، بعد وقت قصير من كشف طبيب فرنسي آخر، الدكتور إيف كوهين، رئيس طب الطوارئ في مستشفيين بالقرب من باريس، أنه وجد اختباراً إيجابياً للفيروس التاجي هناك في 27 ديسمبر.

أعاد فريق الدكتور كوهين اختبار عيّنات الدم من 24 مريضاً يُشتبه في إصابتهم بالإنفلونزا. ويبدو أن النتائج التي توصّل إليها تؤكد أن الفيروس كان في فرنسا قبل أسابيع من الإبلاغ عنه رسمياً في 24 يناير.

يُفهم من دول أوروبية أخرى الآن أنها تفحص أدلّة مماثلة، وسط الشك في أن تفشّي المرض في إيطاليا، على وجه الخصوص، بدأ في وقت أبكر بكثير مِمّا كان يُعتقد أصلاً.

إصابة أول بريطاني بالوباء

كان كونور ريد، البالغ من العمر 25 سنة من لاندودنو في شمال ويلز، أول بريطاني تتأكد إصابته بفيروس كورونا .

تذكّر المعلم الوافد، الذي كان يعمل في مدرسة في ووهان، مرضه يوم 25 نوفمبر عندما استيقظ وهو يشعر بالسوء حقاً. "كنت أسعل كثيراً وفقدت صوتي".

في البداية، ردّ أعراضه إلى نزلة برد قاسية. ولكن خلال الأيام التي تلت ذلك، تطوّر الأمر إلى ما بدا أنها إنفلونزا شديدة واضطُرّ للتوقف عن العمل بحلول أوائل ديسمبر. ثم تحوّل مرضه إلى التهاب رئوي، جنباً إلى جنب مع أعراض كوفيد -19 الكلاسيكية الأخرى.

بعدما تعافى في وقت لاحق من ذلك الشهر، يقول ريد إن أطباءه أكدوا أنه يعاني من فيروس كورونا. من الناحية النظرية، هذا يعني أنه أصيب بالمرض قبل وقت طويل من قبول السلطات الصينية أن تفشّي المرض بدأ. ولكن من المحتمل أنه عانى نزلة برد قبل أسبوعين من الإصابة بالفيروس.

بريطاني آخر ربما يكون قد أُصيب في ووهان في الوقت ذاته تقريباً هو آندي جيل، عازف الغيتار الرئيس لفرقة Gang Of Four، الذي توفي في فبراير (شباط) بعد زيارة المدينة خلال جولة له  في آسيا في نوفمبر.

زعمت أرملته ماير ماير، في مدوّنة على الإنترنت، أن جيل أُدخل إلى المستشفى في المملكة المتحدة في يناير بعد أن أُصيب "بمرض تنفسي"، مع ذكر سبب الوفاة رسمياً على أنه التهاب رئوي وفشل في الأعضاء.

وكتبت ماير على موقعها على الإنترنت أن جيل "عانى من عددٍ من أعراض كوفيد-19، بما في ذلك انخفاض الأوكسجين والخمول وتناقص الشهية"، فيما قال أحد أطباء آندي جيل إن هناك "احتمالاً حقيقياً لإصابته بالسارس- كوف -2".

وأوضح الاختصاصي أنه على الرغم من أن الاختبارات عادت بشكل سلبي، إلّا أنّها لم تكن كذلك. وكتب "بحلول موعد دخول آندي إلى المستشفى، كان مريضاً لأسابيع". "كان من الممكن أن يكون الفيروس قد غادر جسده بالفعل ولكنه تسبّب في مضاعفات مناعية".

ديسمبر - الضحية الأميركي في المستشفى

أُعلنت أول حالة أميركية لكوفيد- 19في 21 يناير في مقاطعة سنوهوميش، شمال سياتل مباشرة، عندما مرض رجل سافر أخيراً إلى ووهان.

ومع ذلك، فقد اتّضح حديثاً أن شخصين محليين آخرين، أُصيبا بالمرض في ديسمبر، أظهرا أيضاً نتائج إيجابية لأجسام كوفيد- 19، مِمّا يشير إلى أن المرض ربما وصل إلى أميركا قبل شهر من الموعد السابق.

إحدى الحالتين، امرأة حُدّدت فقط باسمها الأوسط، جان، أخبرت "سياتل تايمز" أنها أصبحت على ما يرام بعد عيد الميلاد مع سعال جاف وحمى وأوجاع في الجسم. قصدت الطبيب مرتين ولم تكن على ما يرام، فتلقّت أشعة سينية على الصدر ووصفة طبية لأدوية مستنشقة. في ذلك الوقت، لم يتم اكتشاف وباء كورونا أو تسميته رسمياً، لذلك لم يتم اختبارها. كما أن نتيجة اختبار الأجسام المضادة الإيجابية الأحدث لها ليست دليلاً قاطعاً على إصابتها بكوفيد- 19 في ديسمبر لأنه لا يظهر متى أُصيبت. لكن المسؤولين يقولون إن شخصاً محلياً ثانياً أبلغ عن أعراض مشابهة في ذلك الوقت كان أيضاً إيجابياً.

وقال دكتور آرت رينغولد، عالم الأوبئة في الصحة العامة بجامعة كاليفورنيا في بيركلي للصحافيين أن "حجم السفر جواً إلى ووهان والخروج منها هائل، ربما الآلاف والآلاف من الأفراد وكان ذلك في ديسمبر".

أما البروفيسور سيباستيان جونستون، خبير في طب الجهاز التنفسي في إمبريال كوليدج لندن التي قامت شركتها Virtus Respiratory Research بتطوير اختبار الأجسام المضادة للوباء بكمية حساسة للغاية، فقال إنه استخدمه حتى الآن على حوالى 12 شخصاً لديهم أعراضا متناسقة مع الوباء من يناير حتى ديسمبر، وكانت لديهم فكرة أنهم ربما مصابون بالفيروس.

ولا يعتقد جونستون أن الفيروس كان يتفشى في المملكة المتحدة في وقت أبكر بكثير مِمّا تظهره البيانات الرسمية. ويوضح: "الوفاة الأولى هي علامة على أنها وصلت إلى انتقال واسع النطاق للمجتمع، وفي المملكة المتحدة لم يكن الأمر على ذلك النحو حتى 5 مارس".

يبقى إن تاريخ أول حالة مؤكدة في المملكة المتحدة في 31 يناير 2020.

المزيد من تحقيقات ومطولات