Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

وصف ترمب المتظاهرين بـ"الإرهاب" خطوة استبدادية أخرى

كان محامي ترمب السابق جون دود على حق طوال الوقت

لم يتردد الرئيس ترمب في قذف متظاهرين سلميين بمصطلح الإرهاب (غوسكاجيت.كوم)

في اليوم ذاته الذي احتُفي فيه بحياة جورج فلويد بتأبين جليل من قِبل القس آل شاربتون، وغداة علمنا أنّ رجلاً أسود آخر سُحقت عنقه من قِبل ضباط الشرطة في تاكوما، غرّد ترمب برسالة من أحد محاميه السابقين، جون دود، وصف فيها المتظاهرين السلميين أمام البيت الأبيض بـ"الإرهابيين"، وقد حدث ذلك أيضاً في اليوم ذاته الذي علمنا فيه أنّ أحد الرجال الذين طاردوا رجلاً أسود كان يمارس رياضة الركض في أتلانتا، تلفّظ بعبارة عنصرية قبل أن يقتله.

ففي الوقت الذي نعتقد أن رئيسنا بلغ حضيض استبداده الزاحف، نراه يذهب إلى أبعد من ذلك. ويُعتبر ترمب رجلاً حقوداً، وقائمة أحقاده طويلة ومتنوعة. وتمتد من المسلمين إلى المكسيكيين إلى وسائل الإعلام إلى (السيناتورة ليزا) موركوسكي إلى السيناتور (ميت) رومني، والقائمة تطول. لكن وصف المتظاهرين السلميين الذين يمارسون حقوقهم الدستورية بـ"إرهابيين" معارضين، يشكّل صفحة جديدة ومشؤومة كلياً من كتاب قواعد اللعب الاستبدادي.

لنبدأ بمحاولة الرئيس إعادة تأهيل جون دود، الذي كان موجوداً في مكان ما (في دائرة ترمب) بعد مايكل كوهين ومارك كاسوفيتز ودون ماكغان وتي كوب، لكن قبل جولياني وديجينوفا وسيبولون وديرشوفيتز. كان دود هو الرجل الذي صرخ بشأن التحقيق خلال جلسة غداء في ذلك المطعم الفاخر بالقرب من البيت الأبيض. كان هو الرجل الذي استقال (أو ترك بـ"اتفاق متبادل") بعد فترة وجيزة من إبلاغه روبرت مولر عن سبب محاولته إقناع الرئيس بعدم الإدلاء بشهادته. فقد ورد في كتاب بوب ودورد أن دود قال للمحقق مولر، "لن أجلس هناك وادّعه يبدو كالأحمق، ثم ينشر النص لأن كل شيء يُسرّب في واشنطن". وسيقول الناس في الخارج "لقد قُلت لكم إنه أحمق. قُلت لكم إنه غبي لعين. لماذا نتعامل مع هذا الأحمق". وبعدها، أخبر دود ترمب، وفقاً لكتاب ودورد، "لا تدلي بشهادتك. إما هذا أو بدلة برتقالية"، بسبب شهادة الزور.

وردّ ترمب على دود قائلاً "سأكون شاهداً حقيقياً جيداً"، ثم أجابه ودورد "أنت لست شاهداً جيداً"، فغادر منصبه في اليوم التالي.

والآن، يعتبر دود، على حد قول ترمب، "محامياً سوبر ستار"، و"جندياً محترماً من مشاة البحرية". وقد كان دود، وهو نقيب متقاعد، يردّ في رسالته على بيان جيمس ماتيس، الجنرال المتقاعد من فئة أربع نجوم. لكن في عالم ترمب، فإن دود الذي يدعمه، يفوق مرتبة ليس على ماتيس وحده، بل أيضاً مجموعة من الجنرالات من فئة الأربع نجوم، الذين يتحدثون بصراحة عن خوفهم الشديد على استمرار نظامنا الدستوري وإساءة استخدام الجيش في "ساحة المعركة المحلية"، بما معناه استخدامه ضد الشعب الأميركي.

يُعتبر الإرهاب أمراً حقيقياً، وليس مصطلحاً يمكن إلقاؤه باستخفاف. فعندما حطّم 19 خاطفاً طائرات على "مركز التجارة العالمي" والبنتاغون وقتلوا 3000 من الأبرياء، شكّل ذلك إرهاباً. وعندما فجَّر تيموثي ماكفاي "مبنى مورا" في أوكلاهوما سيتي وقتل 168 بريئاً، شكّل ذلك إرهاباً.

والإرهاب معرّف في قانون الولايات المتحدة، وينقسم إلى إرهاب دولي ومحلي. وينطوي الإرهاب المحلي "على أعمال خطيرة على حياة الإنسان، وتشكّل انتهاكاً للقوانين الجنائية للولايات المتحدة أو لأي ولاية، وتبدو على أنها تهدُف إلى تخويف أو إكراه السكان المدنيين، أو التأثير في سياسة حكومة عن طريق التخويف أو الإكراه، أو التأثير في سلوك الحكومة بالدمار الشامل أو الاغتيال أو الاختطاف"، ووفقاً لكل تعريف، لم يكن هناك إرهاب من جانب أولئك المتظاهرين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لم يكن جون دود حاضراً في الاحتجاج السلمي في "حديقة لافاييت"، الاثنين الماضي، لكن يُفترض أنه يستطيع مشاهدتها على شاشة التلفزيون. فقبل بدء حظر التجوّل، أطلقت شرطة الخيّالة وشرطة مكافحة الشغب الغاز المسيّل الدموع، وأخلت المتظاهرين بالقوة من شارع إتش، كي يُفسح المجال (أمام الرئيس) لالتقاط صورة. يمكن للمرء إعادة مشاهدة اللقطات قدر ما يريد. ولا يُعَدُّ انتهاك حظر التجوّل، الذي لم يحدث على كل حال، "تخويفاً أو إكراهاً" عن طريق أعمال خطيرة على حياة الإنسان. كما أنّ الناهبين الذين لم يكونوا جزءاً من تلك التظاهرة بأي شكل، هم عبارة عن مجرمين انتهازيين من دون أجندة، لفرض سياسة معينة. إنّ الإكراه والترهيب الوحيد الذي حدث في ذلك اليوم هو ذلك الذي أمر به المدعي العام ويليام بار ضد المدنيين.

ولحسن الحظ، لم يُصَب أو يُقتل أي من أولئك المتظاهرين السلميين، على الأقل في ذلك اليوم. كما لم يُتّهم أحد بالإرهاب. لكن ثمة سوابق لمساواة الاحتجاج بالإرهاب، وتمثّل سوابق مرعبة.

ففي الأسبوع الماضي، رَفعتُ قضية بموجب "قانون حماية ضحايا التعذيب" نيابة عن متظاهر سلمي في مصر أُطلق عليه النار وتعرّض للتعذيب مدة عامين، بسبب تدوينة إلكترونية كتبها حول مجزرة. وقد رُفعت القضية ضد رئيس الوزراء المصري السابق الذي يعيش الآن في الولايات المتحدة، وهو مسؤول كبير في صندوق النقد الدولي. ما الذي اتُّهم به موكلي في مصر، وحُكم عليه بالسجن مدى الحياة؟ الإرهاب.

وهذا الأسبوع، سيُوقّع الرئيس الفيليبيني دوتيرتي على قانون يسمح بتوجيه تهم الإرهاب إلى المعارضين، لينضمّ بذلك إلى بوتين الذي يحاكم المعارضين اليساريين بانتظام بتهم الانتماء إلى "منظمات إرهابية" غير موجودة، إن لم يقتلهم أولاً. ويعمل أوربان في المجر وأورتيغا في نيكاراغوا وأردوغان في تركيا وآخرون، على مساواة المعارضة بالإرهاب. ومع مرور الوقت، يتعوّد المجتمع المدني على هذه الكذبة الكبيرة، وتمتلئ زنازين التعذيب، كما حدث في الأرجنتين وتشيلي وكمبوديا وأوغندا والاتحاد السوفياتي.

لقد كنتَ يا سيد دود محقاً للمرة الأولى، ذلك أن ترمب لا يستطيع قول الحقيقة، وكلما شاهده العالم أكثر، رأوه غبياً أكثر. وعندما أخلى هو وأتباعه شارع إتش، كانوا يكذبون مرة أخرى. فقد كان العالم يراقب، ولم يكونوا يحاربون الإرهاب.

© The Independent

المزيد من آراء