Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الرؤساء اللبنانيون يجتمعون لمعالجة أزمة هبوط العملة الوطنية

الحكومة تقرر ملاحقة من يتسبب بزعزعة الثقة في متانة نقد الدولة

عقدت الحكومة اللبنانية، الجمعة 12 يونيو (حزيران)، جلستين طارئتين، خصّصتهما لبحث الأوضاع النقدية، بعدما أثار هبوط سعر صرف الليرة غير المسبوق موجة احتجاجات وقطع طرق جديدة في أنحاء البلاد التي تعيش في دوامة انهيار اقتصادي متسارع.

ونقلت الوكالة الوطنية للإعلام عن رئيس االجمهورية ميشال عون، في بداية جلسة للحكومة، أن مصرف لبنان المركزي سيبدأ ضخ دولارات في السوق اعتباراً من يوم الاثنين بهدف تعزيز الليرة اللبنانية، عقب تراجع سريع للعملة في الأيام القليلة الماضية.

وقال عون إن الخسائر الضخمة في النظام المالي يجب ألّا يتحمّلها المودعون بل الحكومة والبنك المركزي والبنوك التجارية.

واعتبر عون أن "ما حصل بالأمس (ليل الخميس الجمعة) نتيجة ارتفاع سعر الدولار من دون أي مبرر، يجعلنا نتساءل عما إذا كان الرقم الذي أعطي لسعر الدولار هو شائعة تم تعميمها لينزل الناس إلى الشوارع وتقع المواجهات؟ وهل هي لعبة سياسية أم مصرفية أم شيء آخر؟".

أضاف: "الخبراء الماليون أكدوا أنه لا يمكن للدولار أو أي عملة أخرى أن تقفز خلال ساعات إلى هذا الحد. وهذا ما يبعد صفة العفوية عن كل ما حصل، ويؤشر إلى مخطط مرسوم نحن مدعوون إلى التكاتف لمواجهته".

وما بين جلستي مجلس الوزراء، التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري، الرئيس عون بحضور رئيس الحكومة حسان دياب. وأعلن بري أنه "تم الاتفاق مع الرئيسين عون ودياب على تخفيض سعر صرف الدولار مقابل الليرة ابتداء من اليوم إلى تحت 4000 ليرة وصولاً إلى 3200، لكن ذلك لن يتبين فعلياً قبل يوم الاثنين".

وعن إقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، قال بري "نحن بحاجة إلى كل الناس ولسنا بحاجة إلى الاستغناء عنهم".

فيما غرد رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع على "تويتر"، "‏طالما أن حزب الله والوزير جبران باسيل وحلفاءهما موجودون في السلطة تحضّروا لخبر سيّء وتدهور جديد مع كل إشراقة شمس".

وقرّرت الحكومة تكليف وزيرة العدل الطلب من النائب العام التمييزي إجراء التعقبات بشأن ما أُثير ويُثار من وقائع ملفّقة أو مزاعم كاذبة لإحداث التدني في أوراق النقد الوطني، الذي أدى إلى زعزعة الثقة في متانة نقد الدولة وغيرها من الأفعال الجرمية".

وأعلنت وزيرة الإعلام منال عبد الصمد أنه "لا بد من اتّخاذ إجراءات تشمل ضبط العمليات والتجاوزات غير الشرعية لعدم فسح المجال أمام تهريب العملة أو إساءة التصرف بها".

تدهور

ونزل مئات اللبنانيين إلى الشوارع ليل الخميس الجمعة في طرابلس وعكار شمالاً، وصيدا وصور جنوباً وفي البقاع شرقاً وفي بيروت. وأحرقوا إطارات ومستوعبات نفايات وقطعوا طرقات رئيسة وفرعية، وهتفوا ضد الحكومة برئاسة حسان دياب وضد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.

ويأتي تدهور سعر صرف الليرة في وقتٍ تعقد السلطات اجتماعات متلاحقة مع صندوق النقد الدولي، أملاً في الحصول على دعم مالي يضع حدّاً للأزمة المتمادية، في حين تقترب الليرة من خسارة نحو 70 في المئة من قيمتها منذ الخريف.

وبدأت الحكومة جلستها الطارئة لمعالجة الأوضاع النقدية برئاسة دياب، وبحضور سلامة والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم.

سعر الصرف

أفاد صرافون وكالة الصحافة الفرنسية، ظهر الخميس، بملامسة سعر الصرف عتبة الخمسة آلاف ليرة مقابل الدولار، فيما نقلت وسائل إعلام محلية ليلاً أن السعر تجاوز الستة آلاف. وجاء ذلك على الرغم من تحديد نقابة الصرافين سعر الصرف اليومي بنحو أربعة آلاف، وفيما يبقى السعر الرسمي مثبتاً على 1507 ليرات.

وفي بيان صدر ليل الخميس، قال سلامة إنّ المعلومات التي يتمّ تداولها عن سعر الصرف "بعيدة من الواقع ما يضلّل المواطنين".

ويشهد لبنان أسوأ انهيار اقتصادي منذ عقود، يتزامن مع أزمة سيولة وتوقّف المصارف عن تزويد المودعين أموالهم بالدولار. وتسبّبت الأزمة بارتفاع معدّل التضخّم وجعلت قرابة نصف السكّان تحت خط الفقر، كما خسر عشرات الآلاف جزءًا من رواتبهم أو وظائفهم. وأقفلت مؤسسات وفنادق عريقة أبوابها.

الاحتجاجات

دفع الانهيار الاقتصادي مئات الآلاف من اللبنانيين للخروج إلى الشارع منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2019، ناقمين على الطبقة السياسية التي يتهمونها بالفساد والمحسوبية. وأسقطت التحركات آنذاك الحكومة برئاسة سعد الحريري. وتشكّلت مطلع العام حكومة جديدة قدّمت على أنها "تكنوقراط"، لكنها حظيت بدعم واضح من "حزب الله"، القوة السياسية والعسكرية النافذة في البلاد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتراجعت وتيرة التحركات بعد إعلان حالة الإقفال العام لمواجهة وباء كورونا، منذ منتصف مارس (آذار)، لتعود منذ أيام.

وتوقف محللون وصحافيون ومستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي عند مشاركة عددٍ كبيرٍ من الشبان الآتين من مناطق سيطرة "حزب الله" في بيروت في التحركات الشعبية الليلة الماضية، مطلقين هتافات ضد الطائفية. بينما كان تحرّك لـ"إعادة إطلاق الثورة" السبت الماضي، شهد خروج شبان من المناطق ذاتها ذكرت تقارير أنهم أطلقوا هتافات طائفية ضد السنّة ومناصِرة لـ"حزب الله" وضد المتظاهرين. كما لم تتدخل القوى الأمنية لإجبار المتظاهرين على فتح الطرقات كما تفعل إجمالاً.

ويتواصل اليوم الجمعة قطع طرق رئيسة في مناطق عدّة.

الخلاف حول سلامة

منذ مساء الخميس، برزت معلومات صحافية عن نية رئيس الحكومة إقالة حاكم مصرف لبنان، وأن أطراف الحكومة منقسمون بشأن هذا القرار.

ومنذ تشكيلها، تبدو الحكومة عاجزة عن احتواء الأزمة والحدّ من انعكاساتها الاجتماعية والمعيشية. ويتهمها متظاهرون وناشطون وقوى معارضة بمواصلة اتّباع سياسة المحسوبيات في القرارات والتعيينات بخلاف ما تعهّدت به.

وسبق للحكومة الحالية أن اشتبكت خلال أبريل (نيسان) مع سلامة. وحمّله دياب حينها مسؤولية وصول سعر الصرف إلى أربعة آلاف ليرة مقابل الدولار.

وردّ سلامة بالتأكيد أن "البنك المركزي موّل الدولة ولكنه لم يصرف الأموال".

وكان يُنظر إلى سلامة طيلة عقود على أنه عرّاب استقرار الليرة في مرحلة ما بعد الحرب الأهلية (1975-1990)، لكن قوى سياسية عدّة تعتبره "عرّاب" سياسة الاستدانة التي اتّبعتها الحكومات المتعاقبة.

وتأمل الحكومة في الحصول من صندوق النقد على أكثر من 20 مليار دولار كدعم خارجي، بينها 11 ملياراً أقرّها مؤتمر سيدر في باريس عام 2018، مشترطاً إجراء إصلاحات لم تبصر النور.

اقرأ المزيد

المزيد من الشرق الأوسط